يا أيها النبي إن الله كافيك، وكافي الذين معك من المؤمنين شرَّ أعدائكم.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«يا أيها النبي حسبُك اللهُ و» حسبك «من اتبعك من المؤمنين».
﴿ تفسير السعدي ﴾
ثم قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ أي: كافيك وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أي: وكافي أتباعك من المؤمنين،.وهذا وعد من اللّه لعباده المؤمنين المتبعين لرسوله، بالكفاية والنصرة على الأعداء. فإذا أتوا بالسبب الذي هو الإيمان والاتباع، فلابد أن يكفيهم ما أهمهم من أمور الدين والدنيا، وإنما تتخلف الكفاية بتخلف شرطها.
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله تعالى : ( يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ) قال سعيد بن جبير : أسلم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة وثلاثون رجلا وست نسوة ، ثم أسلم عمر بن الخطاب فتم به الأربعون ، فنزلت هذه الآية .واختلفوا في محل " من " فقال أكثر المفسرين محله خفض ، عطفا على الكاف في قوله : " حسبك الله " وحسب من اتبعك ، وقال بعضهم : هو رفع عطفا على اسم الله معناه : حسبك الله ومتبعوك من المؤمنين .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
قال الفخر الرازي: اعلم أنه- تعالى- لما وعده بالنصر عند مخادعة الأعداء، وعده بالنصر والظفر في هذه الآية مطلقا على جميع التقديرات، وعلى هذا الوجه لا يلزم حصول التكرار لأن المعنى في الآية الأولى: إن أرادوا خداعك كفاك الله أمرهم.والمعنى في هذه الآية عام في كل ما يحتاج إليه في الدين والدنيا.وهذه الآية نزلت بالبيداء في غزوة بدر قبل القتال ... ».وقوله: حَسْبُكَ صفة مشبهة بمعنى اسم الفاعل، والكاف في محل جر.والواو في قوله وَمَنِ اتَّبَعَكَ بمعنى مع، ومَنِ في محل نصب عطفا على الموضع، فإن قوله حَسْبُكَ بمعنى كافيك في جميع أمورك.والمعنى: يا أيها النبي كافيك الله وكافى متبعيك من المؤمنين فهو- سبحانه- ناصركم ومؤيدكم على أعدائكم وإن كثر عددهم وقل عددكم، وما دام الأمر كذلك، فاعتمدوا عليه وحده، وأطيعوه في السر والعلن لكي يديم عليكم عونه وتأييده ونصره.قال بعض العلماء: قال ابن القيم عند تفسيره لهذه الآية: أى: الله وحده كافيك وكافى أتباعك فلا يحتاجون معه إلى أحد. ثم قال: وهاهنا تقديران:أحدهما: أن تكون الواو عاطفة للفظ «من» على الكاف المجرورة..والثاني: أن تكون الواو بمعنى «مع» وتكون «من» في محل نصب عطفا على الموضع، فإن «حسبك» في معنى كافيك أى: الله يكفيك ويكفى من اتبعك، كما يقول العرب: حسبك وزيدا درهم، قال الشاعر:وإذا كانت الهيجاء وانشقت العصا ... فحسبك والضحاك سيف مهند وهذا أصح التقديرين. وفيها تقدير ثالث أن تكون «من» في موضع رفع بالابتداء: أى ومن اتبعك من المؤمنين فحسبهم الله.وفيها تقدير رابع وهو خطأ من جهة المعنى، وهو أن يكون «من» في موضع رفع عطفا على اسم الله. ويكون المعنى: حسبك الله وأتباعك.هذا وإن قال به بعض الناس فهو خطأ محض، لا يجوز حمل الآية عليه، فإن الحسب والكفاية لله وحده، كالتوكل والتقوى والعبادة ... » .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
حرض تعالى نبيه - صلوات الله وسلامه عليه - والمؤمنين على القتال ومناجزة الأعداء ومبارزة الأقران ، ويخبرهم أنه حسبهم ، أي : كافيهم وناصرهم ومؤيدهم على عدوهم ، وإن كثرت أعدادهم وترادفت أمدادهم ، ولو قل عدد المؤمنين .قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، أنبأنا سفيان ، عن شوذب عن الشعبي في قوله : ( يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ) قال : حسبك الله ، وحسب من شهد معك .قال : وروي عن عطاء الخراساني ، وعبد الرحمن بن زيد [ بن أسلم ] مثله .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى ياأيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنينليس هذا تكريرا ، فإنه قال فيما سبق وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله وهذه كفاية خاصة . وفي قوله ياأيها النبي حسبك الله أراد التعميم ، أي حسبك الله في كل حال وقال ابن عباس : نزلت في إسلام عمر فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان أسلم معه ثلاثة وثلاثون رجلا وست نسوة ، فأسلم عمر وصاروا أربعين . والآية مكية ، كتبت بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في سورة مدنية ، ذكره القشيري .قلت : ما ذكره من إسلام عمر رضي الله عنه عن ابن عباس ، فقد وقع في السيرة خلافه . عن عبد الله بن مسعود قال : ما كنا نقدر على أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر ، فلما أسلم قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة وصلينا معه . وكان إسلام عمر بعد خروج من خرج من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحبشة . قال ابن إسحاق : وكان جميع من لحق بأرض الحبشة وهاجر إليها من المسلمين ، سوى أبنائهم الذين خرجوا بهم صغارا أو ولدوا بها ، ثلاثة وثمانين رجلا ، إن كان عمار بن ياسر منهم . وهو يشك فيه . وقال الكلبي : نزلت الآية بالبيداء في غزوة بدر قبل القتال .قوله تعالى ومن اتبعك من المؤمنين قيل : المعنى حسبك الله ، وحسبك المهاجرون والأنصار . وقيل : المعنى كافيك الله ، وكافي من تبعك ، قاله الشعبي وابن زيد . والأول عن الحسن . واختاره النحاس وغيره . ف " من " على القول الأول في موضع رفع ، عطفا على اسم الله تعالى . على معنى : فإن حسبك الله وأتباعك من المؤمنين . وعلى الثاني على إضمار . ومثله قوله صلى الله عليه وسلم : يكفينيه الله وأبناء قيلة . وقيل : يجوز أن يكون المعنى ومن اتبعك من المؤمنين حسبهم الله ، فيضمر الخبر . ويجوز أن يكون من في موضع نصب ، على معنى : يكفيك الله ويكفي من اتبعك .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (يا أيها النبي حسبك الله), وحسب من اتبعك من المؤمنين، الله. يقول لهم جل ثناؤه: ناهضوا عدوكم, فإن الله كافيكم أمرهم, ولا يهولنكم كثرة عددهم وقلة عددكم, فإن الله مؤيدكم بنصره. (20)* * *وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:16265- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال، حدثنا سفيان, عن شوذب أبي معاذ، عن الشعبي في قوله: (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين)، قال: حسبك الله وحسب من اتبعك من المؤمنين، الله. (21)16266- حدثني أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي قال، حدثنا عبيد الله بن موسى قال، أخبرنا سفيان, عن شوذب, عن الشعبي في قوله: (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين)، قال: حسبك الله، وحسب من معك.16267- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد الله, عن سفيان, عن شوذب, عن عامر, بنحوه =إلا أنه قال: حسبك الله، وحسب من شهد معك.16268- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب, عن ابن زيد في قوله: (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين)، قال: يا أيها النبي حسبك الله، وحسب من اتبعك من المؤمنين, إنّ حسبك أنت وهم، الله.* * *ف " منْ" قوله: (ومن اتبعك من المؤمنين)، على هذا التأويل الذي ذكرناه عن الشعبي، نصب، عطفا على معنى " الكاف " في قوله: (حسبك الله) لا على لفظه, لأنها في محل خفض في الظاهر، وفي محل نصب في المعنى, لأن معنى الكلام: يكفيك الله, ويكفي من اتبعك من المؤمنين.* * *وقد قال بعض أهل العربية في " من "، أنها في موضع رفع على العطف على اسم " الله ", كأنه قال: حسبك الله ومتبعوك إلى جهاد العدو من المؤمنين، دون القاعدين عنك منهم. واستشهد على صحة قوله ذلك بقوله: حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ . (22)--------------------الهوامش :(20) انظر تفسير " حسب " فيما سلف ص : 44 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .(21) الأثر : 16265 - " شوذب ، أبو معاذ " ، ويقال : " أبو عثمان " ، مولى البراء بن عازب . قال سفيان ، عن شوذب : " كنت تياسًا ، فنهاني البراء بن عازب عن عسب الفحل " روى عنه سفيان الثوري ، وشعبة . مترجم في الكبير 2 2 261 ، وابن أبي حاتم 2 1 377 ، وكان في المطبوعة: "شوذب بن معاذ" وهو خطأ، صوابه في المخطوطة.وسيأتي في الإسنادين التاليين .(22) هو الفراء في معاني القرآن 1 : 417 .