ولقد أرسلنا إلى قبيلة عاد أخاهم هودا حين عبدوا الأوثان من دون الله، فقال لهم: اعبدوا الله وحده، ليس لكم من إله يستحق العبادة غيره جل وعلا فأخلصوا له العبادة أفلا تتقون عذاب الله وسخطه عليكم؟
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«و» أرسلنا «إلى عاد» الأولى «أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله» وحِّدوه «ما لكم من إله غيرُه أفلا تتقون» تخافونه فتؤمنون.
﴿ تفسير السعدي ﴾
أي: و أرسلنا إِلَى عَادٍ الأولى، الذين كانوا في أرض اليمن أَخَاهُمْ في النسب هُودًا عليه السلام، يدعوهم إلى التوحيد وينهاهم عن الشرك والطغيان في الأرض. ف قَالَ لهم: يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ سخطه وعذابه، إن أقمتم على ما أنتم عليه، فلم يستجيبوا ولا انقادوا.
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله تعالى : ( وإلى عاد أخاهم هودا ) أي : وأرسلنا إلى عاد - وهو عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام - ، وهي عاد الأولى " أخاهم " في النسب لا في الدين " هودا " ، وهو هود بن عبد الله بن رباح بن الجلود بن عاد بن عوص . وقال ابن إسحاق : هو ابن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح ، ( قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون ) أفلا تخافون نقمته؟
﴿ تفسير الوسيط ﴾
تلك هي قصة هود- عليه السلام- مع قومه كما حكتها سورة الأعراف. وقد وردت- أيضا- في سورة أخرى، منها: سورة هود، والشعراء، والأحقاف ... إلخ.وينتهى نسب هود إلى نوح- عليهما السلام- كما قال بعض المؤرخين. فهو هود بن عبد الله بن رباح بن الخلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح .وقومه هم قبيلة عاد- نسبة إلى أبيهم الذي كان يسمى بهذا الاسم- وكانت مساكنهم بالأحقاف باليمن- والأحقاف جمع حقف وهو الرمل الكثير المائل.وكانوا يعبدون الأصنام من دون الله، فأرسل الله إليهم هودا لهدايتهم، ويقال بأن هودا- عليه السلام- قد أرسله الله إلى عاد الأولى، أما عاد الثانية فهم قوم صالح، وبينهما مائة سنة.وقوله: وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إلخ معطوف على قوله- تعالى-: لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ والمعنى:وأرسلنا إلى قبيلة عاد أخاهم هودا فقال لهم ما قاله كل نبي لقومه: يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره.ووصفه بأنه أخاهم لأنه من قبيلتهم نسبا، أو لأنه أخوهم في الإنسانية. ثم حكى القرآن أن هودا أنكر على قومه عبادتهم لغير الله، وحضهم على إفراده بالعبادة فقال: أَفَلا تَتَّقُونَ أى:أفلا تخافون عذاب الله فتبتعدوا عن طريق الشرك والضلال لتنجوا من عقابه.قال أبو حيان: وفي قوله: أَفَلا تَتَّقُونَ استعطاف وتحضيض على تحصيل التقوى. ولما كان ما حل بقوم نوح من أمر الطوفان واقعة لم يظهر في العالم مثلها قال لهم: إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ وواقعة هود كانت مسبوقة بواقعة نوح وعهد الناس قريب بها فاكتفى هود بقوله لهم: أَفَلا تَتَّقُونَ. والمعنى تعرفون أن قوم نوح لما لم يتقوا الله وعبدوا غيره حل بهم ذلك العذاب الذي اشتهر خبره في الدنيا، فقوله: أَفَلا تَتَّقُونَ إشارة إلى التخويف بتلك الواقعة المشهورة » .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
يقول تعالى : وكما أرسلنا إلى قوم نوح نوحا ، كذلك أرسلنا إلى عاد أخاهم هودا .قال محمد بن إسحاق : هم من ولد عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح .قلت : وهؤلاء هم عاد الأولى ، الذين ذكرهم الله تعالى وهم أولاد عاد بن إرم الذين كانوا يأوون إلى العمد في البر ، كما قال تعالى : ( ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد ) [ الفجر : 6 - 8 ] وذلك لشدة بأسهم وقوتهم ، كما قال تعالى : ( فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون ) [ فصلت : 15 ] .وقد كانت مساكنهم باليمن بالأحقاف ، وهي جبال الرمل .قال محمد بن إسحاق ، عن محمد بن عبد الله بن أبي سعيد الخزاعي ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول لرجل من حضرموت : هل رأيت كثيبا أحمر تخالطه مدرة حمراء ذا أراك وسدر كثير بناحية كذا وكذا من أرض حضرموت ، هل رأيته ؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين . والله إنك لتنعته نعت رجل قد رآه . قال : لا ولكني قد حدثت عنه . فقال الحضرمي : وما شأنه يا أمير المؤمنين ؟ قال : فيه قبر هود ، عليه السلام .رواه ابن جرير وهذا فيه فائدة أن مساكنهم كانت باليمن ، وأن هودا ، عليه السلام ، دفن هناك ، وقد كان من أشرف قومه نسبا ; لأن الرسل صلوات الله عليهم إنما يبعثهم الله من أفضل القبائل وأشرفهم ، ولكن كان قومه كما شدد خلقهم شدد على قلوبهم ، وكانوا من أشد الأمم تكذيبا للحق ; ولهذا دعاهم هود ، عليه السلام ، إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وإلى طاعته وتقواه .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى وإلى عاد أخاهم هودا أي وأرسلنا إلى عاد أخاهم هودا . قال ابن عباس أي ابن أبيهم . وقيل : أخاهم في القبيلة . وقيل : أي بشرا من بني أبيهم آدم . وفي مصنف أبي داود أن أخاهم هودا أي صاحبهم . وعاد من ولد سام بن نوح . قال ابن إسحاق : وعاد هو ابن عوص بن إرم بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام . وهود هو هود بن عبد الله بن رباح بن الجلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح . بعثه الله إلى عاد نبيا . وكان من أوسطهم نسبا وأفضلهم حسبا . و عاد من لم يصرفه جعله اسما للقبيلة ، ومن صرفه جعله اسما للحي . قال أبو حاتم : وفي حرف أبي وابن مسعود ( عاد الأولى ) بغير ألف . و " هود " أعجمي ، وانصرف لخفته ; لأنه على ثلاثة أحرف . وقد يجوز أن يكون عربيا مشتقا من هاد يهود . والنصب على البدل . وكان بين هود ونوح فيما ذكر المفسرون سبعة آباء . وكانت عاد فيما روي ثلاث عشرة قبيلة ، ينزلون الرمال ، رمل عالج . وكانوا أهل بساتين وزروع وعمارة ، وكانت بلادهم أخصب البلاد ، فسخط الله عليهم فجعلها مفاوز . وكانت فيما روي بنواحي حضرموت إلى اليمن ، وكانوا يعبدون الأصنام . ولحق هود حين أهلك قومه بمن آمن معه بمكة ، فلم يزالوا بها حتى ماتوا .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله : وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (65)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولقد أرسلنا إلى عاد أخاهم هودًا = ولذلك نصب " هودًا "، لأنه معطوف به على " نوح " عليهما السلام = قال هود: يا قوم، اعبدوا الله فأفردوا له العبادة، ولا تجعلوا معه إلهًا غيره، فإنه ليس لكم إله غيره =" أفلا تتقون " ، ربكم فتحذرونه، وتخافون عقابه بعبادتكم غيره، وهو خالقكم ورازقكم دون كل ما سواه.* * *
﴿ وإلى عاد أخاهم هودا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون ﴾