واترك -أيها الرسول- هؤلاء المشركين الذين جعلوا دين الإسلام لعبًا ولهوًا؛ مستهزئين بآيات الله تعالى، وغرَّتهم الحياة الدنيا بزينتها، وذكّر بالقرآن هؤلاء المشركين وغيرهم؛ كي لا ترتهن نفس بذنوبها وكفرها بربها، ليس لها غير الله ناصر ينصرها، فينقذها من عذابه، ولا شافع يشفع لها عنده، وإن تَفْتَدِ بأي فداء لا يُقْبَل منها. أولئك الذين ارتُهِنوا بذنوبهم، لهم في النار شراب شديد الحرارة وعذاب موجع؛ بسبب كفرهم بالله تعالى ورسوله محمَّد صلى الله عليه وسلم وبدين الإسلام.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«وذر» أترك «الذين اتخذوا دينهم» الذي كلفوه «لعبا ولهوا» باستهزائهم به «وغرتهم الحياة الدنيا» فلا تتعرض لهم وهذا قبل الأمر بالقتال «وذكِّر» عظ «به» بالقرآن الناس لـ «أن» لا «تُبسل نفس» تسلم إلى الهلاك «بما كسبت» عملت «ليس لها من دون الله» أي غيره «ولي» ناصر «ولا شفيع» يمنع عنها العذاب «وإن تعدل كل عدل» تفد كل فداء «لا يؤخذ منها» ما تفدي به «أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم» ماء بالغ نهاية الحرارة «وعذاب أليم» مؤلم «بما كانوا يكفرون» بكفرهم.
﴿ تفسير السعدي ﴾
المقصود من العباد، أن يخلصوا لله الدين، بأن يعبدوه وحده لا شريك له، ويبذلوا مقدورهم في مرضاته ومحابه. وذلك متضمن لإقبال القلب على الله وتوجهه إليه، وكون سعي العبد نافعا، وجدًّا، لا هزلا، وإخلاصا لوجه الله، لا رياء وسمعة، هذا هو الدين الحقيقي، الذي يقال له دين، فأما من زعم أنه على الحق، وأنه صاحب دين وتقوى، وقد اتخذ دينَه لعبا ولهوا. بأن لَهَا قلبُه عن محبة الله ومعرفته، وأقبل على كل ما يضره، ولَهَا في باطله، ولعب فيه ببدنه، لأن العمل والسعي إذا كان لغير الله، فهو لعب، فهذا أَمَر الله تعالى أن يترك ويحذر، ولا يغتر به، وتنظر حاله، ويحذر من أفعاله، ولا يغتر بتعويقه عما يقرب إلى الله. وَذَكِّرْ بِهِ أي: ذكر بالقرآن، ما ينفع العباد، أمرا، وتفصيلا، وتحسينا له، بذكر ما فيه من أوصاف الحسن، وما يضر العباد نهيا عنه، وتفصيلا لأنواعه، وبيان ما فيه، من الأوصاف القبيحة الشنيعة، الداعية لتركه، وكل هذا لئلا تبسل نفس بما كسبت، أي: قبل اقتحام العبد للذنوب وتجرئه على علام الغيوب، واستمرارها على ذلك المرهوب، فذكرها، وعظها، لترتدع وتنزجر، وتكف عن فعلها. وقوله لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ أي: قبل [أن] تحيط بها ذنوبها، ثم لا ينفعها أحد من الخلق، لا قريب ولا صديق، ولا يتولاها من دون الله أحد، ولا يشفع لها شافع وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ أي: تفتدي بكل فداء، ولو بملء الأرض ذهبا لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا أي: لا يقبل ولا يفيد. أُولَئِكَ الموصوفون بما ذكر الَّذِينَ أُبْسِلُوا أي: أهلكوا وأيسوا من الخير، وذلك بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ أي: ماء حار قد انتهى حره، يشوي وجوههم، ويقطع أمعاءهم وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله عز وجل : ( وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا ) يعني : الكفار الذين إذا سمعوا آيات الله استهزءوا بها وتلاعبوا عند ذكرها ، وقيل : إن الله تعالى جعل لكل قوم عيدا فاتخذ كل قوم دينهم - أي : عيدهم - لعبا ولهوا ، وعيد المسلمين الصلاة والتكبير وفعل الخير مثل الجمعة والفطر والنحر ، ( وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به ) أي : وعظ بالقرآن ، ( أن تبسل ) أي : لأن لا تبسل ، أي : لا تسلم ، ( نفس ) للهلاك ، ( بما كسبت ) قاله مجاهد وعكرمة والسدي ، وقال ابن عباس : تهلك ، وقال قتادة : أن تحبس ، وقال الضحاك : تحرق ، وقال ابن زيد : تؤخذ ، ومعناه : ذكرهم ليؤمنوا ، كيلا تهلك نفس بما كسبت ، قال الأخفش : تبسل تجازى ، وقيل : تفضح ، وقال الفراء : ترتهن ، وأصل الإبسال التحريم ، والبسل الحرام ، ثم جعل نعتا لكل شدة تتقى وتترك ، ( ليس لها ) أي لتلك النفس ، ( من دون الله ولي ) قريب ، ( ولا شفيع ) يشفع في الآخرة ، ( وإن تعدل كل عدل ) أي : تفد كل فداء ، ( لا يؤخذ منها ( أولئك الذين أبسلوا ) أسلموا للهلاك ، ( بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون )
﴿ تفسير الوسيط ﴾
والمعنى: واترك يا محمد هؤلاء الغافلين الذين اتخذوا دينهم الذي كلفوه ودعوا إليه وهو دين الإسلام لعبا ولهوا حيث سخروا من تعاليمه واستهزءوا بها، وغرتهم الحياة الدنيا حيث اطمأنوا إليها، واشتغلوا بلذاتها وزعموا أنه لا حياة بعدها.ولم يقل- سبحانه- اتخذوا اللعب واللهو دينا لأنهم لم يجعلوا كل ما هو من اللعب واللهو دينا لهم، وإنما هم عمدوا إلى أن ينتحلوا دينا فجمعوا له أشياء من اللعب واللهو وسموها دينا.قال الإمام الرازي ما ملخصه: ومعنى ذَرْهُمْ: أعرض عنهم ولا تبال بتكذيبهم واستهزائهم ولا تقم لهم في نظرك وزنا، وليس المراد أن يترك إنذارهم لأنه قال له بعده وَذَكِّرْ بِهِ وإنما المراد ترك معاشرتهم وملاطفتهم لا ترك إنذارهم وتخويفهم.. ومعنى اتخاذ دينهم لعبا ولهوا، أنهم اتخذوا ما هو لعب ولهو من عبادة الأصنام وغيرها دينا لهم، أو أن الكفار كانوا يحكمون في دين الله بمجرد التشهى والتمني مثل تحريم السوائب والبحائر، ولم يكونوا يحتاطون في أمر الدين، بل كانوا يكتفون فيه بمجرد التقليد فعبر الله عنهم لذلك بأنهم اتخذوا دينهم لعبا ولهوا. وأنهم اتخذوا عيدهم لعبا ولهوا قال ابن عباس: جعل الله لكل قوم عيدا يعظمونه ويصلون فيه ويعمرونه بذكر الله، ثم إن المشركين وأهل الكتاب اتخذوا عيدهم لعبا ولهوا أما المسلمين فإنهم اتخذوا عيدهم كما شرعه الله ... ».والضمير في قوله وَذَكِّرْ بِهِ يعود إلى القرآن: وقد جاء مصرحا به في قوله- تعالى- فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ.وقوله أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ أى: وذكر بهذا القرآن أو بهذا الدين الناس مخافة أن تسلم نفس إلى الهلاك، أو تحبس أو ترتهن أو تفتضح، أو تحرم الثواب بسبب كفرها واغترارها بالحياة الدنيا، واتخاذها الدين لعبا ولهوا.ولفظ تبسل مأخوذ من السبل بمعنى المنع بالقهر أو التحريم أو الحبس ومنه أسد باسل لمنعه فريسته من الإفلات. وشراب بسيل أى متروك وهذا الشيء بسيل عليك أى محرم عليك.ثم بين- سبحانه- أن هذه النفس المعرضة للحرمان ليس لها ما يدفع عنها السوء فقال:لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها أى: ليس لهذه النفس من غير الله ناصر ينصرها ولا شفيع يدفع عنها، ومهما قدمت من فداء فلن يقبل منها، فالمراد بالعدل هنا الفداء فهو كقوله- تعالى- إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ.قال الإمام الرازي: والمقصود من هذه الآية بيان أن وجوه الخلاص على تلك النفس منسدة فلا ولى يتولى دفع ذلك المحذور عنها، ولا شفيع يشفع فيها، ولا فدية تقبل منها ليحصل الخلاص بسبب قبولها، حتى لو جعلت الدنيا بأسرها فدية من عذاب الله لم تنفع. فإذا كانت وجوه الخلاص هي الثلاثة في الدنيا وثبت أنها لا تفيد في الآخرة البتة وظهر أنه ليس هناك إلا الإبسال الذي هو الارتهان والاستسلام فليس لها البتة دافع من عذاب الله، وإذا تصور المرء كيفية العقاب على هذا الوجه يكاد يرعد إذا أقدم على معاصى الله» .ثم بين- سبحانه- عاقبة أولئك الغافلين فقال: أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ.أى: أولئك الذين أسلموا للهلاك بسبب ما اكتسبوه في الدنيا من أعمال قبيحة لهم شراب من حميم أى من ماء قد بلغ النهاية في الحرارة يتجرجر في بطونهم وتتقطع به أمعاؤهم، ولهم فوق ذلك عذاب مؤلم بنار تشتعل بأبدانهم بسبب كفرهم، وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
يقول تعالى : ( وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا ) أي : دعهم وأعرض عنهم وأمهلهم قليلا فإنهم صائرون إلى عذاب عظيم ; ولهذا قال : ( وذكر به ) أي : وذكر الناس بهذا القرآن ، وحذرهم نقمة الله وعذابه الأليم يوم القيامة .وقوله : ( أن تبسل نفس بما كسبت ) أي : لئلا تبسل . قال الضحاك ، عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة والحسن والسدي : تبسل : تسلم .وقال الوالبي ، عن ابن عباس : تفضح . وقال قتادة : تحبس . وقال مرة وابن زيد تؤاخذ . وقال الكلبي : تجازىوكل هذه العبارات متقاربة في المعنى ، وحاصلها الإسلام للهلكة ، والحبس عن الخير ، والارتهان عن درك المطلوب ، كما قال : ( كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين ) [ المدثر : 38 ، 39 ] .وقوله : ( ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع ) أي : لا قريب ولا أحد يشفع فيها ، كما قال : ( من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون ) [ البقرة : 254 ] .وقوله : ( وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها ) أي : ولو بذلت كل مبذول ما قبل منها كما قال : ( إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا [ ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين ] ) [ آل عمران : 91 ] ، وهكذا قال ههنا : ( أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون )
﴿ تفسير القرطبي ﴾
وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون أي لا تعلق قلبك بهم فإنهم أهل تعنت وإن كنت مأمورا بوعظهم . قال قتادة : هذا منسوخ ، نسخه فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ومعنى لعبا ولهوا أي استهزاء بالدين الذي دعوتهم إليه . وقيل : استهزءوا بالدين الذي هم عليه فلم يعملوا به . والاستهزاء ليس مسوغا في دين . وقيل : لعبا ولهوا باطلا وفرحا ، وقد تقدم هذا . وجاء اللعب مقدما في أربعة مواضع ، وقد نظمت . إذا أتى لعب ولهو وكم من موضع هو في القرآن فحرف في الحديد وفي القتال وفي الأنعام منها موضعان وقيل : المراد بالدين هنا العيد . قال الكلبي : إن الله تعالى جعل لكل قوم عيدا يعظمونه ويصلون فيه لله تعالى ، وكل قوم اتخذوا عيدهم لعبا ولهوا إلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم فإنهم اتخذوه صلاة وذكرا وحضورا بالصدقة ، مثل الجمعة والفطر والنحر .قوله تعالى وغرتهم الحياة الدنيا أي لم يعلموا إلا ظاهرا من الحياة الدنيا .قوله تعالى وذكر به أي بالقرآن أو بالحساب .أن تبسل نفس بما كسبت أي ترتهن وتسلم للهلكة ; عن مجاهد وقتادة والحسن وعكرمة والسدي . والإبسال : تسليم المرء للهلاك ; هذا هو المعروف في اللغة . أبسلت ولدي أرهنته ; قال عوف بن الأحوص بن جعفر : وإبسالي بني بغير جرم بعوناه ولا بدم مراق " بعوناه " بالعين المهملة معناه جنيناه . والبعو الجناية . وكان حمل عن غني لبني قشير دم ابني السجيفة فقالوا : لا نرضى بك ; فرهنهم بنيه طلبا للصلح . وأنشد النابغة الجعدي : ونحن رهنا بالأفاقة عامرا بما كان في الدرداء رهنا فأبسلا الدرداء : كتيبة كانت لهم .ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع تقدم معناه .قوله تعالى : وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها الآية .العدل الفدية ، وقد تقدم في [ البقرة ] . والحميم الماء الحار ; وفي التنزيل يصب من فوق رءوسهم الحميم الآية . يطوفون بينها وبين حميم آن . والآية منسوخة بآية القتال . وقيل : ليست بمنسوخة ; لأن قوله : وذر الذين اتخذوا دينهم تهديد ; كقوله : ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ومعناه لا تحزن عليهم ; فإنما عليك التبليغ والتذكير بإبسال النفوس . فمن أبسل فقد أسلم وارتهن . وقيل : أصله التحريم ، من قولهم : هذا بسل عليك أي حرام ; فكأنهم حرموا الجنة وحرمت عليهم الجنة . قال الشاعر : أجارتكم بسل علينا محرم وجارتنا حل لكم وحليلها والإبسال : التحريم .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله : وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌقال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ذرْ هؤلاء الذين اتخذوا دين الله وطاعتهم إياه لعبًا ولهوًا, (3) فجعلوا حظوظهم من طاعتهم إياه اللعب بآياته، (4) واللهوَ والاستهزاء بها إذا سمعوها وتليت عليهم, فأعرض عنهم, فإني لهم بالمرصاد, وإني لهم من وراء الانتقام منهم والعقوبة لهم على ما يفعلون، وعلى اغترارهم بزينة الحياة الدنيا، ونسيانهم المعادَ إلى الله تعالى ذكره والمصيرَ إليه بعد الممات، كالذي:-13401 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: " وذر الذين اتخذوا دينهم لعبًا ولهوًا " ، قال: كقوله: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ، [سورة المدثر: 11] .13402- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله .* * *وقد نسخ الله تعالى ذكره هذه الآية بقوله: ( اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) ، [سورة التوبة:5 ]. وكذلك قال عدد من أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:13403- حدثني المثنى قال، حدثنا حجاج بن المنهال قال، حدثنا همام بن يحيى, عن قتادة: " وذر الذين اتخذوا دينهم لعبًا ولهوًا "، ثم أنزل في" سورة براءة ", فأمر بقتالهم.13404- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبدة بن سليمان قال: قرأت على ابن أبي عروبة فقال: هكذا سمعته من قتادة: " وذر الذين اتخذوا دينهم لعبًا ولهوًا "، ثم أنزل الله تعالى ذكره " براءة ", وأمر بقتالهم فقال: اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ، [سورة التوبة: 5].* * *وأما قوله: " وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت "، فإنه يعني به: وذكّر، يا محمد، بهذا القرآن هؤلاء المولِّين عنك وعنه (5) =" أن تبسل نفس "، بمعنى: أن لا تبسل, كما قال: يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا ، [سورة النساء : 176] ، بمعنى: أن لا تضلوا (6) = وإنما معنى الكلام: وذكرهم به ليؤمنوا ويتبعوا ما جاءهم من عند الله من الحق, (7) فلا تُبْسل أنفسهم بما كسبت من الأوزار= ولكن حذفت " لا "، لدلالة الكلام عليها.* * *واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: " أن تبسل نفس " .فقال بعضهم: معنى ذلك: أن تُسْلَم.* ذكر من قال ذلك:13405 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا الحسين بن واقد, عن يزيد النحوي, عن عكرمة قوله: " أن تبسل نفس بما كسبت "، قال: تُسلم .13406 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن الحسن: " أن تبسل نفس "، قال: أن تُسلم .13407- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن الحسن, مثله .13408 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره: " أن تبسل "، قال: تسلم.13409- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " أن تبسل نفس "، قال: تسلم.13410- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام, عن عنبسة, عن ليث, عن مجاهد: أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا ، أسلموا.* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: تُحْبس.* ذكر من قال ذلك:13411- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: " أن تبسل نفس "، قال: تؤخذ فتحبس .13412- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة, مثله .13413 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله : " أن تبسل نفس بما كسبت "، أن تؤخذ نفس بما كسبت.* * *وقال آخرون: معناه: تُفضَح.* ذكر من قال ذلك:13414 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: " وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت "، يقول: تفضح.* * *وقال آخرون: معناه: أن تجزَى.* ذكر من قال ذلك:13415 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا الحسين بن واقد قال، قال الكلبي: " أن تبسل "، أن تجزَى.* * *وأصل " الإبسال " التحريم, يقال منه: " أبسلت المكان "، إذا حرّمته فلم يقرب، (8) ومنه قوله الشاعر: (9)بَكَرَتْ تَلُومُكَ بَعْدَ وَهْنٍ فِي النَّدَى,بَسْلٌ عَلَيْكِ مَلامَتِي وَعِتَابِي (10)أي: حرام [عليك ملامتي وعتابي] . ومنه قولهم: " أسد باسل ", (11) ويراد به: لا يقربه شيء, فكأنه قد حرَّم نفسه، ثم يجعل ذلك صفة لكل شديد يتحامى لشدته. ويقال: " أعط الراقي بُسْلَتَه ", (12) يراد بذلك: أجرته," وشراب بَسِيل "، بمعنى متروك. وكذلك " المبسَلُ بالجريرة ", وهو المرتهن بها, قيل له: " مُبْسَل "، لأنه محرَّم من كل شيء إلا مما رُهن فيه وأُسلم به، ومنه قول عوف بن الأحوص الكلابي:وَإبْسَالِي بَنِيَّ بِغَيْرِ جُرْمٍبَعَوْنَاهُ وَلا بِدَمٍ مُرَاقِ (13)وقال الشنفرى: (14)هُنَالِكَ لا أَرْجُو حَيَاةً تَسُرُّنِيسَمِيرَ اللَّيَالِي مُبْسَلا بِالْجَرَائِرِ (15)قال أبو جعفر: فتأويل الكلام إذًا: وذكّر بالقرآن هؤلاء الذين يخوضون في آياتنا وغيرهم ممن سلك سبيلهم من المشركين, كيلا تُبسل نفس بذنوبها وكفرها بربها, وترتهن فتغلق بما كسبت من إجرامها في عذاب الله (16) =" ليس لها من دون الله "، يقول: ليس لها، حين تسلم بذنوبها فترتهن بما كسبت من آثامها، أحدٌ ينصرها فينقذها من الله الذي جازاها بذنوبها جزاءها (17) =" ولا شفيع "، يشفع لها, لوسيلة له عنده. (18)* * *القول في تأويل قوله : وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْهَاقال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وإن تعدل النفس التي أبسلت بما كسبت, يعني: " وإن تعدل كل عدل "، يعني: كل فداء.* * *يقال منه: " عَدَل يعدِل "، إذا فدى," عَدْلا "، ومنه قول الله تعالى ذكره: أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا ، [سورة المائدة: 95] ، وهو ما عادله من غير نوعه. (19)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .* ذكر من قال ذلك:13416 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: " وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها "، قال: لو جاءت بملء الأرض ذهبًا لم يقبل منها.13417 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي في قوله: " وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها "، فما يعدلها لو جاءت بملء الأرض ذهبًا لتفتدي به ما قُبل منها.13418- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها "، قال: " وإن تعدل "، وإن تفتد، يكون له الدنيا وما فيها يفتدي بها =" لا يؤخذ منه "، عدلا عن نفسه, لا يقبل منه.* * *وقد تأوّل ذلك بعض أهل العلم بالعربية بمعنى: وإن تُقسط كل قسط لا يقبل منها. وقال: إنها التوبة في الحياة. (20)وليس لما قال من ذلك معنى, وذلك أن كل تائب في الدنيا فإن الله تعالى ذكره يقبل توبته.* * *القول في تأويل قوله : أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وهؤلاء الذين إن فدوا أنفسهم من عذاب الله يوم القيامة كل فداء لم يؤخذ منهم, هم " الذين أبسلوا بما كسبوا "، يقول: أسلموا لعذاب الله, فرهنوا به جزاءً بما كسبوا في الدنيا من الآثام والأوزار، (21) =" لهم شرابٌ من حميم ".* * *و " الحميم " هو الحارّ، في كلام العرب, وإنما هو " محموم " صرف إلى " فعيل "، ومنه قيل للحمّام،" حمام " لإسخانه الجسم، ومنه قول مرقش:فِي كُلِّ مُمْسًى لَهَا مِقْطَرَةٌفِيهَا كِبَاءٌ مُعَدٌّ وَحَمِيمْ (22)يعني بذلك ماء حارًّا، ومنه قول أبي ذويب الهذلي في صفة فرس:تَأبَى بِدِرَّتِهَا إذَا مَا اسْتُضْغِبَتْإلا الْحَمِيمَ فَإنّهُ يَتَبَضَّعُ (23)يعني بالحميم: عرق الفرس.* * *وإنما جعل تعالى ذكره لهؤلاء الذين وصف صفتهم في هذه الآية شرابًا من حميم, لأن الحارّ من الماء لا يروي من عطش. فأخبر أنهم إذا عطشوا في جهنم لم يغاثوا بماء يرويهم, ولكن بما يزيدون به عطشًا على ما بهم من العطش =" وعذاب أليم "، يقول: ولهم أيضًا مع الشراب الحميم من الله العذابُ الأليم والهوان المقيم =" بما كانوا يكفرون "، يقول: بما كان من كفرهم في الدنيا بالله، وإنكارهم توحيده، وعبادتهم معه آلهة دونه.* * *13419 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا "، قال يقال: أسلموا.13420 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: " أولئك الذين أبسلوا "، قال: فُضحوا.13421 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا "، قال: أخذوا بما كسبوا.--------------------الهوامش :(3) انظر تفسير"ذر" فيما سلف 6: 22/7 : 424.(4) انظر تفسير"اللعب" فيما سلف 10: 429 ، 432.(5) انظر تفسير"التذكير" فيما سلف 6: 63 ، 64 ، 66 ، 211/10 : 130/11 : 357(6) انظر ما سلف 9: 445 ، 446.(7) في المطبوعة: "وذكر به" ، وأثبت ما في المخطوطة.(8) في المطبوعة: "فلم تقر به" ، وأثبت ما في المخطوطة.(9) هو ضمرة بن ضمرة النهثلي.(10) نوادر أبي زيد: 2 ، الأمالي 2: 279 ، الشعر والشعراء: 250 ، الوحشيات رقم: 424 ، الأزمنة والأمكنة 1: 160 ، اللسان (بسل) وغيرها ، وبعد هذا البيت من أبيات حسان: قالها لامرأته إذ عاتبته على حلب إبله ونحرها لضيفه وأهله ، وتحبب إليه الشح ، وتنهاه عن بذل المال ، في القحط والجدب:أَأَصُرُّهَا، وَبُنَيُّ عَمِّي سَاغِبٌفَكَفَاكِ من إبَةٍ عَلَيَّ وَعَابِ!وَلَقَدْ عَلِمْتُ، فَلاَ تَظُنِّي غَيْرَهُأَنْ سَوْفَ يَخلِجُني سَبيلُ صِحَابِيأرَأيتِ إنْ صَرَخَتْ بِلَيْلٍ هَامَتيوَخَرَجْتُ مِنْهَا عَارِيًا أثْوَابِيهَلْ تَخْمِشَنْ إبِلِي عَلَيَّ وُجُوهَهَاأمْ تَعْصِبَنَّ رُؤُوسَهَا بِسِلاَبِ!!"بكرت" ، عجلت في أول السحر."بعد وهن" ، أي بعد قومة من جوف الليل. أرقها ما يبذل لبني عمه من ماله ، فلم تتأن به مطلع النهار حتى أخذت تلومه في وجه الصبح. ثم أخذ يذكرها بالمروءة فيقول: "أأصرها" ، يعني النوق ، يشد عليها الصرار (وهو خيط يشد فوق الخلف) ، لئلا تحلب ، أو يرضعها ولدها ، يقول: لا أفعل ذلك ، وبني عمي جياع حتى ، أرويهم؛ و"السغب" الجوع ، فإن ذلك لؤم. و"الإبة" الخزي يستحي منه ، و"العاب" ، العيب. يقول: كفاك بهذا الفعل لؤمًا يخزي فاعله. ثم احتج عليها بما يجد بنو عمه وضيفانه من اللوعة عليه إذا مات ، وأن الإبل لا تفعل ذلك. فقال لها: إن الموت سبيل كل حي ، وأني سلك سبيل أصحابي الذين ذهبوا وخلفوني ، فإن هذه السبيل تخجلني (أي: تجذبني وتنتزعني) كما خلجتهم من قبل. وقوله: "صرخت بليل هامتي" ، وهو من عقائد الجاهلية ، أبطله الله بالإسلام ، يزعمون أن روح القتيل تصير طائرًا كالبومة يزقو عند قبره ، يقول: اسقوني ، اسقوني! وقوله: "عاريًا أثوابي" أي: عاريًا من أثوابي التي كنت أستمتع بلباسها في الدنيا. ويروى: "باليًا أثوابي" ، ويعني عندئذ: أكفانه التي تبلى في التراب. وقول"هل تخمش إبلي" ، أي: هل تلطم الإبل على وجوهها فيخمشها اللطم ويؤثر فيها ويجرحها ، كما يفعل بنو عمي وبنات عمي إذا مت. و"السلاب": عصائب للرأس سود ، يلبسنها عند الحداد. يقول: هذا حزن بنات عمي علي ، فهل تفعل الإبل فعلهن حتى آسى على نحرها وإهلاكها في إطعامهم وإروائهم في زمان الجدب وهم جياع؟(11) كانت هذه العبارة في المطبوعة والمخطوطة: "أي حرام. ومنه قولهم: وعتابي أسد آسد" ، وهو خطأ صرف. استظهرت صوابه من سياق الشرح ، ومن معاني القرآن للفراء 1: 339 ، وزدت ما بين القوسين استظهارًا أيضًا.(12) في المطبوعة: "بسيلته" ، وهو خطأ صرف ، صوابه في المخطوطة ، لم يحسن قراءتها. وانظر معاني القرآن للفراء 1: 339.(13) نوادر أبي زيد: 151 ، مجاز القرآن 1: 194 ، المعاني الكبير: 1114 ، واللسان (بسل) (بعا) ، يقول:فَلَوْلا أَنَّنِي رَحُبَتْ ذِرَاعِيبِإعْطَاءِ المَفَارِقِ والحِقَاقِوَإنْسَالِي بَنِيَّ بِغَيْرِ جُرْمٍبَعَوْنَاهً، وَلا بِدَمٍ مُرَاقِلَقِيتُمْ مِنْ تَدَرُّئِكُمْ عَلَيْنَاوَقَتْلِ سَرَاتِنَا ذَاتَ العَرَاقِي"المفارق" جمع"ناقة مفرق" ، فارقها ولدها. و"الحقاق" جمع"حقة" (بكسر الحاء) ، وهي الناقة إذا استكملت السنة الثالثة ، ودخلت في الرابعة. يقول: طابت نفسي ببذل ذلك من المال ، لكن أحقن الدماء ، وأبقي على الوشائج. و"بعا الذنب يبعوه بعوا": اجترمه واكتسبه. يقول لهم: وأسلمت إليكم بني في الفداء ، ولم نجرم جريمة ، ولم نرق دمًا ، فنحمل الحمالة في الذي اجترحناه. و"تدرأ على فلان" أي: تطاول وتهجم. و"السراة" أشراف القوم. و"ذات العراقي" ، أي: ذات الدواهي المنكرة ، يقول: لولا ما فعلت إبقاء ، لفعلنا بكم الأفاعيل.(14) وتروى لتأبط شرا.(15) ديوانه (الطرائف): 36 ، وفيه المراجع ، ومجاز القرآن 1: 195 ، اللسان (بسل). وقبله ، وهي أبيات مشهورة:لا تَقْبُرُونِي، إنَّ قَبْرِي مُحَرَّمٌعَلَيْكُمْ، وَلِكنْ أبْشِرِي أمَّ عامِرِإذَا احْتَمَلُوا رَأْسِي، وَفِي الرّأسِ أكْثَرِي،وَغُودِرَ عِنْدَ المُلْتَقَى ثَمَّ سَائِريو"سمير الليالي": أبد الليالي ، ويروى"سجيس الليالي" ، وهو مثله.(16) انظر تفسير"كسب" فيما سلف ص: 261 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك.(17) انظر تفسير"من دون" فيما سلف 11: 486 ، وفهارس اللغة (دون).(18) انظر تفسير"شفيع" فيما سلف ص: 373: تعليق 4 ، والمراجع هناك.(19) انظر تفسير"العدل" فيما سلف 2: 34 ، 35 ، 574/11: 43 ، 44.(20) هو قول أبي عبيدة في مجاز القرآن 1: 195.(21) انظر تفسير"أبسل" فيما سلف قريبًا = وتفسير"كسب" ص: 446 ، تعليق: 3 ، والمراجع هناك.(22) المفضليات: 505 ، واللسان (قطر) (حمم) ، وسيأتي في التفسير 11: 61 (بولاق). من قصيدته في ابنة عجلان ، جارية صاحبته فاطمة بنت المنذر ، وكان لابنه عجلان قصر بكاظمة ، وكان لها حرس يجرون الثياب كل ليلة حول قصرها ، فلا يطؤه إلا بنت عجلان. وكانت تأخذ كل عشية رجلا من أهل المال يبيت عندها ، فبات عندها المرقش ليلة ، وقال ذاك الشعر ، فوصفها بالنعمة والترف. و"المقطرة": المجمرة ، يكون فيها القطر (بضم فسكون) ، وهو العود الذي يتبخر به. و"الكباء": ضرب من العود. يصف ما هي فيه من الترف ، بين تبخر بالعود الطيب ، وتنزه بالاستحمام بالماء الساخن ، من شدة عنايتها ببدنها.(23) ديوانه 17؛ المفضليات 879 ، اللسان (حمم) (بصع) (بضع) ، وغيرها. وهذا من الأبيات التي أخذت على أبي ذؤيب ، وأنه لا علم له بالخيل. وقد اختلف في روايته. روي: وإذا ما استغضبت" و"إذ اما استكرهت" ، ورواية الطبري مذكورة في اللسان في (بضع) وروي أيضًا"يتصبع" بالصاد. أي يسيل قليلا قليلا. و"تبضع العرق" بالضاد ، سال سيلا منقطعًا. وانظر شرح هذا البيت في المراجع ، فإنه يطول ذكره هنا. وأما رواية: "استضغبت" ، وهي التي هنا ، فقد فسرت بأنه: فزعت ، لأن"الضاغب" ، هو الذي يختبئ في الخمر ليفزع بمثل صوت الأسد. و"الضغاب" و"الضغيب" صوت الأرنب والذئب إذا تضور.
﴿ وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون ﴾