القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 71 سورة المائدة - وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا ثم

سورة المائدة الآية رقم 71 : سبع تفاسير معتمدة

سورة وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا ثم - عدد الآيات 120 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 71 من سورة المائدة عدة تفاسير - سورة المائدة : عدد الآيات 120 - - الصفحة 120 - الجزء 6.

سورة المائدة الآية رقم 71


﴿ وَحَسِبُوٓاْ أَلَّا تَكُونَ فِتۡنَةٞ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٞ مِّنۡهُمۡۚ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ ﴾
[ المائدة: 71]

﴿ التفسير الميسر ﴾

وظنَّ هؤلاء العُصاة أن الله لن يأخذهم بالعذاب جزاء عصيانهم وعُتُوِّهم، فمضوا في شهواتهم، وعمُوا عن الهدى فلم يبصروه، وصَمُّوا عن سماع الحقِّ فلم ينتفعوا به، فأنزل الله بهم بأسه، فتابوا فتاب الله عليهم، ثم عَمِي كثيرٌ منهم، وصمُّوا، بعدما تبين لهم الحقُّ، والله بصير بأعمالهم خيرها وشرها وسيجازيهم عليها.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«وحسِبوا» ظنوا «أ» ن «لا تكونُ» بالرفع فأن مخففة والنصب فهي ناصبة أي تقع «فتنة» عذاب بهم على تكذيب الرسل وقتلهم «فعموا» عن الحق فلم يبصروه «وصمّوا» عن استماعه «ثم تاب الله عليهم» لما تابوا «ثم عموا وصمُّوا» ثانيا «كثير منهم» بدل من الضمير «والله بصير بما يعملون» فيجازيهم به.

﴿ تفسير السعدي ﴾

وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ ْ أي: ظنوا أن معصيتهم وتكذيبهم لا يجر عليهم عذابا ولا عقوبة، فاستمروا على باطلهم.
فَعَمُوا وَصَمُّوا ْ عن الحق ثُمَّ ْ نعشهم و تاب الله عَلَيْهِمْ ْ حين تابوا إليه وأنابوا ثُمَّ ْ لم يستمروا على ذلك حتى انقلب أكثرهم إلى الحال القبيحة.
فعَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ ْ بهذا الوصف، والقليل استمروا على توبتهم وإيمانهم.
وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ْ فيجازي كل عامل بعمله، إن خيرا فخير وإن شرا فشر.


﴿ تفسير البغوي ﴾

( وحسبوا ) ظنوا ( ألا تكون فتنة ) أي : عذاب وقتل ، وقيل : ابتلاء واختبار ، أي : ظنوا أن لا يبتلوا ولا يعذبهم الله ، قرأ أهل البصرة وحمزة والكسائي " تكون " برفع النون على معنى أنها لا تكون ، ونصبها الآخرون كما لو لم يكن قبله لا ) ( فعموا ) عن الحق فلم يبصروه ، ) ( وصموا ) عنه فلم يسمعوه ، يعني عموا وصموا بعد موسى صلوات الله وسلامه عليه ، ( ثم تاب الله عليهم ) ببعث عيسى عليه السلام ، ( ثم عموا وصموا كثير منهم ) بالكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ( والله بصير بما يعملون ) .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك أنهم مع ما فعلوه مع رسلهم من التكذيب والقتل لم ينزجروا، ولم يندموا .
.
.
بلغ بهم الغرور والسفه أنهم ظنوا أن ما فعلوه شيء هين وأنه لن يكون له أثر سىء في حياتهم.
فقال- تعالى- وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ.
وقوله: وَحَسِبُوا معطوف على قوله كَذَّبُوا وهو من الحسبان بمعنى الظن: وقوله:فِتْنَةٌ من الفتن وهو إدخال الذهب في النار لتظهر جودته.
والمراد بها هنا: الشدائد والمحن والمصائب التي تنزل بالناس.
وقوله: فَعَمُوا وَصَمُّوا من العمى الذي هو ضد الإبصار، ومن الصمم الذي هو ضد السمع.
وقد استعير هنا للإعراض عن دلائل الهدى والرشاد التي جاء بها الرسل.
والمعنى إن بنى إسرائيل قد أخذنا عليهم العهد المؤكد، وأرسلنا إليهم الرسل لهدايتهم، فكان حالهم أنهم كذبوا بعض الرسل، وقتلوا البعض الآخر.
ولم يكتفوا بهذا بل ظنوا- لسوء أعمالهم وفساد قلوبهم واستيلاء الغرور والتكبر على نفوسهم- أنهم لن يصيبهم بلاء ولا عقاب بتكذيبهم للرسل وقتلهم لهم فأمنوا عقاب الله وتمادوا في فنون البغي والفساد وعموا وصموا عن دلائل الهدى والرشاد التي جاء بها الرسل واشتملت عليها الكتب السماوية ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أى: قبل توبتهم بعد أن رجعوا عما كانوا عليه من فساد ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا أى: ثم نكسوا على رءوسهم مرة أخرى فعادوا إلى فسادهم وضلالهم وعدوانهم على هدايتهم، إلا عددا قليلا منهم بقي على إيمانه وتوبته فأنت ترى أن الآية الكريمة مسوقة لبيان فساد معتقدات بنى إسرائيل وما جبلت عليه نفوسهم من جحود وغرور.
حيث ارتكبوا ما ارتكبوا من جرائم ومنكرات تقشعر لها الأبدان ومع كل ذلك حسبوا أن الله- تعالى- لا يعاقبهم عليها، لأنهم- كما يزعمون- أبناء الله وأحباؤه.
ثم إنهم بعد أن تاب الله عليهم نقضوا عهودهم معه وعادوا إلى عماهم عن الدين الذي جاءتهم به رسلهم وإلى صممهم عن الاستماع إلى الحق الذي ألقوه إليهم.
وقوله: أَلَّا تَكُونَ قراءة أبو عمر والكسائي وحمزة بضم النون على اعتبار «أن» هي المخففة من الثقيلة، وأصله أنه لا تكون فتنة.
فخففت أن وحذف ضمير الشأن- وهو اسمها- وحسبوا على هذه القراءة بمعنى علموا.
وتعليق فعل الحسبان بها وهي للتحقيق لتنزيله منزلة العلم لتمكنه في قلوبهم.
وقرأه الباقون بفتح النون على اعتبار أن «أن» ناصبة لتكون.
وحسب على هذه القراءة على بابها من الشك والظن.
وسد مسد مفعولي حسب على القراءتين ما اشتمل عليه الكلام من المسند والمسند إليه وهو أن وما في حيزها.
وقوله فَعَمُوا معطوف على حَسِبُوا وجيء بالفاء التي للسببية للدلالة على ترتيب ما بعدها على ما قبلها.
أى أن عماهم عن الطريق القويم وصممهم عن سماع الحق كان سببه ظنهم الفاسد، واعتقادهم الباطل أن ما ارتكبوه من قبائح لن يعاقبوا عليه في الدنيا.
ومن بديع إيجاز القرآن الكريم أن أومأ إلى عدم اهتمامهم بمصيرهم في الآخرة ببيان أن ظنهم لن تنزل بهم مصائب في الدنيا يسبب مفاسدهم، هذا الظن هو الذي جعلهم يرتكبون ما يرتكبون من قبائح.
.
أما الآخرة فلا مكان لها في تفكيرهم، لأنهم قوم تعساء يحرصون على الدنيا حرصا شديدا دون أن يعيروا الآخرة وما فيها من حساب وثواب وعقاب أى اهتمام.
وهذا شأن الأمم إذا ما استحوذ عليها الشيطان وتغلب عليها حب الشهوات وضعف الوازع الديني في نفوس أفرادها.
إنهم في هذه الحالة يصير همهم مقصورا على تدبير شئون دنياهم، فإذا ما وجدوا فيها مأكلهم وشربهم وملذاتهم اغمضوا أعينهم عن آخرتهم، بل وربما استهانوا وتهكموا بمن يذكرهم بها فتكون نتيجة إيثارهم الدنيا على الآخرة الشقاء والتعاسة.
وجيء بحرف العطف ثُمَّ المفيد للتراخي في قوله ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ للإشارة إلى أن قبول توبتهم كان بعد مفاسد عظيمة وقعت منهم أى: ثم تاب الله عليهم بعد أن كان منهم ما كان من منكرات وجرائم وإعراض عن الرشد والهدى.
وقوله ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا بيان لنقضهم لعهودهم مع الله، وارتكاسهم في الذنوب والخطايا والمنكرات.
ارتكاسا شديدا بحيث صاروا ليسوا أهلا لقبول التوبة منهم بعد ذلك.
أى: بعد أن قبل الله توبتهم من جرائمهم المنكرة.
عادوا إلى الانتكاس مرة أخرى فوقعوا في الذنوب والجرائم بإصرار وعناد فأصابهم ما أصابهم من عقوبات لم يتب الله عليهم بعدها.
وقوله كَثِيرٌ مِنْهُمْ بدل من الضمير في قوله عَمُوا وَصَمُّوا وهذا الإبدال في غاية الحسن.
لأنه لو قال عَمُوا وَصَمُّوا بدون هذا البدل لأوهم ذلك أنهم جميعا صاروا كذلك.
فلما قال كَثِيرٌ مِنْهُمْ دل على أن العمى والصمم قد حدث للكثيرين منهم، وهناك قلة منهم لم تنقض عهودها مع الله- تعالى- بل بقيت على إيمانها وصدق توبتها.
وهذا- كما قلنا مرارا- من إنصاف القرآن للناس في أحكامه، ودقته في ألفاظه، واحتراسه فيما يصدر من أحكامه.
وقوله: وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ تذييل قصد به بطلان حسبانهم المذكور، والبصير مبالغة في المبصر وهو هنا بمعنى العليم بكل ما يكون منهم من أعمال سواه أبصرها الناس أم لم يبصروها.
والمقصود من هذا الخبر لازم معناه، وهو الإنذار والتذكير بأن الله لا يخفى عليه شيء.
وسيحاسبهم على أعمالهم.
أى: والله- تعالى- عليم بما يعملونه علم من يبصر كل شيء دون أن تخفى عليه خافية، وسيجازيهم على أعمالهم بما يستحقونه من عذاب أليم.
هذا، وقد تكلم المفسرون عن وقت التوبة التي كانت بعد عماهم وصممهم وعن العمى والصمم الذي أصابهم بعد ذلك وقد أجمل الإمام الرازي كلامهم فقال:والآية تدل على أن عماهم وصممهم عن الهداية إلى الحق حصل مرتين.
واختلف المفسرون في المراد بهاتين المرتين على وجوه:الأول: المراد أنهم عموا وصموا في زمان زكريا ويحيى وعيسى- عليهم السلام- ثم تاب الله على بعضهم حيث وفق بعضهم للإيمان: ثم عموا وصموا كثير منهم في زمان محمد صلى الله عليه وسلم بأن أنكروا نبوته.
وقلة منهم هي التي آمنت به.
الثاني: المراد أنهم عموا وصموا حين عبدوا العجل، ثم تابوا عنه فتاب الله عليهم، ثم عموا وصموا كثير منهم بالتعنت وهو طلبهم رؤية الله جهرة.
الثالث: قال القفال: ذكر الله- تعالى- في سورة الإسراء ما يجوز أن يكون تفسيرا لهذه الآية فقال: وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً .
والذي نراه أن تحديد عماهم وصممهم وتوبتهم بزمان معين أو بجريمة أو جرائم معينة تابوا بعدها هذا التحديد غير مقنع.
ولعل أحسن منه أن نقول: إن القرآن الكريم يصور ما عليه بنو إسرائيل من صفات ذميمة، وطبائع معوجة، ومن نقض للعهود والمواثيق.
فهم أخذ الله عليهم العهود فنقضوها، وأرسل إليهم الرسل فاعتدوا عليهم وظنوا أن عدوانهم هذا شيء هين ولن يصيبهم بسببه عقاب دنيوى، فلما أصابهم العقاب الدنيوي كالقحط والوباء والهزائم.
بسبب مفاسدهم، تابوا إلى الله فقبل الله توبتهم ورفع عنهم عقابه، فعادوا إلى عماهم وصممهم- إلا قليلا منهم-، وارتكبوا ما ارتكبوا من منكرات بتصميم وتكرار فأصابهم- سبحانه- بفتن لم يتب عليهم منها.
وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ .
وبعد أن بين- سبحانه- أنماطا من قبائح اليهود ومن صفاتهم الذميمة شرع في بيان قبائح النصارى وضلالاتهم وأرشدهم إلى طريق الحق والصواب، وحذرهم من السير في طريق الغواية والعناد فقال- تعالى:

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

(وحسبوا ألا تكون فتنة ) أي : وحسبوا ألا يترتب لهم شر على ما صنعوا ، فترتب ، وهو أنهم عموا عن الحق وصموا ، فلا يسمعون حقا ولا يهتدون إليه ( ثم تاب الله عليهم ) أي : مما كانوا فيه ( ثم عموا وصموا )أي : بعد ذلك ( [ وصموا ] كثير منهم والله بصير بما يعملون ) أي : مطلع عليهم وعليم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الغواية .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كثير منهم والله بصير بما يعملونقوله تعالى : وحسبوا ألا تكون فتنة المعنى ; ظن هؤلاء الذين أخذ عليهم الميثاق أنه لا يقع من الله عز وجل ابتلاء واختبار بالشدائد ، اغترارا بقولهم : نحن أبناء الله وأحباؤه ، وإنما اغتروا بطول الإمهال ، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي " تكون " بالرفع ; ونصب الباقون ; فالرفع على أن حسب بمعنى علم وتيقن .
و " أن " مخففة من الثقيلة ودخول " لا " عوض من التخفيف ، وحذف الضمير لأنهم كرهوا أن يليها الفعل وليس من حكمها أن تدخل عليه ; ففصلوا بينهما ( بلا ) ، ومن نصب جعل " أن " ناصبة للفعل ، وبقي حسب على بابه من الشك وغيره .
قال سيبويه : حسبت ألا يقول ذلك ; أي : حسبت أنه قال ذلك ، وإن شئت نصبت ; قال النحاس : والرفع عند النحويين في حسب وأخواتها أجود كما قال امرؤ القيس :ألا زعمت بسباسة اليوم أنني كبرت وألا يشهد اللهو أمثاليوإنما صار الرفع أجود ; لأن حسب وأخواتها بمنزلة العلم لأنه شيء ثابت .
قوله تعالى : فعموا أي : عن الهدى .
وصموا أي : عن سماع الحق ; لأنهم لم ينتفعوا بما رأوه ولا سمعوه .
( ثم تاب الله عليهم ) في الكلام إضمار ، أي : أوقعت بهم الفتنة فتابوا فتاب الله عليهم بكشف القحط ، أو بإرسالمحمد صلى الله عليه وسلم يخبرهم بأن الله يتوب عليهم إن آمنوا ، فهذا بيان تاب الله عليهم أي : يتوب عليهم إن آمنوا وصدقوا لا أنهم تابوا على الحقيقة .
ثم عموا وصموا كثير منهم أي : عمي كثير منهم وصم بعد تبين الحق لهم بمحمد عليه الصلاة والسلام ; فارتفع كثير على البدل من الواو ، وقال الأخفش سعيد : كما تقول رأيت قومك ثلثيهم ، وإن شئت كان على إضمار مبتدأ أي العمي والصم كثير منهم .
وإن شئت كان التقدير : العمي والصم منهم كثير ، وجواب رابع أن يكون على لغة من قال : ( أكلوني البراغيث ) وعليه قول الشاعر ( هو الفرزدق ) :ولكن ديافي أبوه وأمه بحوران يعصرن السليط أقاربهومن هذا المعنى قوله : وأسروا النجوى الذين ظلموا ، ويجوز في غير القرآن ( كثيرا ) بالنصب يكون نعتا لمصدر محذوف .

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله : وَحَسِبُوا أَلا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (71)قال أبو جعفر: يقول تعالى: وظن هؤلاء الإسرائيليون (1) = الذين وصف تعالى ذكره صفتهم: أنه أخذ ميثاقهم: وأنه أرسل إليهم رسلا وأنهم كانوا كلما جاءهم رسولٌ بما لا تهوى أنفسهم كذّبوا فريقًا وقتلوا فريقًا= أن لا يكون من الله لهم ابتلاء واختبارٌ بالشدائد من العقوبات بما كانوا يفعلون (2)=" فعموا وصموا "، يقول: فعموا عن الحق والوفاء بالميثاق الذي أخذته عليهم، من إخلاص عبادتي، والانتهاء إلى أمري ونهيي، والعمل بطاعتي، بحسبانهم ذلك وظنهم =" وصموا " عنه = ثم تبت عليهم.
يقول: ثم هديتهم بلطف مني لهم حتى أنابوا ورجعوا عما كانوا عليه من معاصيَّ وخلاف أمري والعمل بما أكرهه منهم، إلى العمل بما أحبه، والانتهاء إلى طاعتي وأمري ونهيي =" ثم عموا وصموا كثير منهم "، (3) يقول: ثم عموا أيضًا عن الحق والوفاء بميثاقي الذي أخذته عليهم: من العمل بطاعتي، والانتهاء إلى أمري، واجتناب معاصيَّ =" وصموا كثير منهم "، يقول: عمى كثير من هؤلاء الذين كنت أخذت ميثاقهم من بني إسرائيل، باتباع رسلي والعمل بما أنزلت إليهم من كتبي (4) = عن الحق وصموا، بعد توبتي عليهم، واستنقاذي إياهم من الهلكة =" والله بصير بما يعملون "، يقول " بصير "، فيرى أعمالهم خيرَها وشرَّها، فيجازيهم يوم القيامة بجميعها، إن خيرًا فخيرًا، وإن شرًّا فشرًّا.
(5)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:12288 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " وحسبوا ألا تكون فتنة "، الآية، يقول: حسب القوم أن لا يكون بلاءٌ =" فعموا وصموا "، كلما عرض بلاء ابتلوا به، هلكوا فيه.
12289 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا "، يقول: حسبوا أن لا يبتلوا، فعموا عن الحق وصمُّوا.
12290 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن مبارك، عن الحسن: " وحسبوا ألا تكون فتنة "، قال: بلاء.
12291 - حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: " وحسبوا ألا تكون فتنة "، قال: الشرك.
12292 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا "، قال: اليهود.
12293 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: " فعموا وصموا "، قال: يهود= قال ابن جريج، عن عبد الله بن كثير قال: هذه الآية لبني إسرائيل.
قال: و " الفتنة "، البلاء والتَّمحيص.
* * *

﴿ وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كثير منهم والله بصير بما يعملون ﴾

قراءة سورة المائدة

المصدر : تفسير : وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا ثم