قالت سارة لما بُشِّرت بإسحاق متعجبة: يا ويلتا كيف يكون لي ولد وأنا عجوز، وهذا زوجي في حال الشيخوخة والكبر؟ إن إنجاب الولد مِن مثلي ومثل زوجي مع كبر السن لَشيء عجيب.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«قالت يا ويلتى» كلمة تقال عند أمر عظيم والألف مبدلة من ياء الإضافة «أألد وأنا عجوز» لي تسع وتسعون سنة «وهذا بعلي شيخا» له مائة وعشرون نصبه على الحال والعامل فيه ما في ذا من الإشارة «إن هذا لشيء عجيب» أن يولد ولد لهرمين.
﴿ تفسير السعدي ﴾
قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا فهذان مانعان من وجود الولد إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ
﴿ تفسير البغوي ﴾
( قالت يا ويلتى ) نداء ندبة وهي كلمة يقولها الإنسان عند رؤية ما يتعجب منه ، أي : يا عجبا . والأصل يا ويلتاه . ( أألد وأنا عجوز ) وكانت ابنة تسعين سنة في قول ابن إسحاق . وقال مجاهد : تسعا وتسعين سنة . ( وهذا بعلي ) زوجي ، سمي بذلك لأنه قيم أمرها ، ( شيخا ) ؛ نصب على الحال ، وكان سن إبراهيم مائة وعشرين سنة في قول ابن إسحاق . وقال مجاهد : مائة سنة ، وكان بين البشارة والولادة سنة ، ( إن هذا لشيء عجيب ) .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وكلمة يا وَيْلَتى تستعمل في التحسر والتألم والتفجع عند نزول مكروه.والمراد بها هنا: التعجب لا الدعاء على نفسها بالويل والهلاك، وهي كلمة كثيرة الدوران على أفواه النساء إذا طرأ عليهن ما يدهشن له، ويتعجبن منه.أى: قالت بدهشة وعجب عند ما سمعت بشارة الملائكة لها بالولد وبولد الولد: يا للعجب أألد وأنا امرأة عجوز، قد بلغت سن اليأس من الحمل منذ زمن طويل، وَهذا بَعْلِي أى: زوجي إبراهيم «شيخا» كبيرا متقدما في السن.قال الجمل: وهاتان الجملتان- وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً- في محل النصب على الحال من الضمير المستتر في أَأَلِدُ، وشيخا حال من بعلى، والعامل فيه اسم الإشارة لما فيه من معنى الفعل» .وقوله- كما حكى القرآن عنها- إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ أى: إن هذا الذي بشرتموني به من حصول الولد لي في تلك السن المتقدمة لَشَيْءٌ عَجِيبٌ في مجرى العادة عند النساء وقد رد عليها الملائكة بقولهم: قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ؟!!
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
( قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا [ إن هذا لشيء عجيب ] ) حكى قولها في هذه الآية ، كما حكى فعلها في الآية الأخرى ، فإنها : ( قالت ياويلتى أألد وأنا عجوز ) وفي الذاريات : ( فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ) [ الذاريات : 29 ] ، كما جرت به عادة النساء في أقوالهن وأفعالهن عند التعجب .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : قالت يا ويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيبفيه مسألتان :الأولى : " يا ويلتا " قال الزجاج : أصلها يا ويلتي ; فأبدل من الياء ألف ; لأنها أخف من الياء والكسرة ; ولم ترد الدعاء على نفسها بالويل ; ولكنها كلمة تخف على أفواه النساء إذا طرأ عليهن ما يعجبن منه ; وعجبت من ولادتها ومن كون بعلها شيخا لخروجه عن العادة ، وما خرج عن العادة مستغرب ومستنكر .و " أألد " استفهام معناه التعجب ." وأنا عجوز " أي شيخة . ولقد عجزت تعجز عجزا وعجزت تعجيزا ; أي طعنت في السن . وقد يقال : عجوزة أيضا . وعجزت المرأة بكسر الجيم ; عظمت عجيزتها عجزا وعجزا بضم العين وفتحها . قال مجاهد : كانت بنت تسع وتسعين سنة . وقال ابن إسحاق : كانت بنت تسعين سنة . وقيل غير هذا .الثانية : قوله تعالى : وهذا بعلي أي زوجي . شيخا نصب على الحال ، والعامل فيه التنبيه أو الإشارة . وهذا بعلي ابتداء وخبر . وقال الأخفش : وفي قراءة ابن مسعود وأبي " وهذا بعلي شيخ " قال النحاس : كما تقول هذا زيد قائم ; فزيد بدل من هذا ; وقائم خبر الابتداء . ويجوز أن يكون " هذا " مبتدأ " وزيد قائم " خبرين ; وحكى سيبويه : هذا حلو حامض . وقيل : كان إبراهيم ابن مائة وعشرين سنة . وقيل : ابن مائة فكان يزيد عليها في قول مجاهد سنة . وقيل : إنها عرضت بقولها : وهذا بعلي شيخا أي عن ترك غشيانه لها . وسارة هذه امرأة إبراهيم بنت هاران بن ناحور بن شاروع بن أرغو بن فالغ ، وهي بنت عم إبراهيم .إن هذا لشيء عجيب أي الذي بشرتموني به لشيء عجيب .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72)قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: قالت سَارة لما بُشِّرت بإسحاق أنَّها تلد تعجبًا مما قيل لها من ذلك، إذ كانت قد بلغت السن التي لا يلد من كان قد بلغها من الرجال والنساء ،* * *وقيل: إنها كانت يومئذ ابنة تسع وتسعين سنة، وإبراهيم ابن مائة سنة. وقد ذكرت الرواية فيما روي في ذلك عن مجاهد قبلُ. (1)وأما ابن إسحاق، فإنه قال في ذلك ما:-18330- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: كانت سارَة يوم بُشِّرت بإسحاق ، فيما ذكر لي بعض أهل العلم ، ابنة تسعين سنة، وإبراهيم ابن عشرين ومائة سنة.* * *، (يَا وَيْلَتَا) وهي كلمة تقولها العرب عند التعجب من الشيء والاستنكار للشيء، فيقولون عند التعجب: " ويلُ أمِّه رجلا ما أرْجَله " ! (2)* * *وقد اختلف أهل العربية في هذه الألف التي في: (يا ويلتا) .فقال بعض نحويي البصرة: هذه ألف حقيقة، إذا وقفت قلت: " يا ويلتاه "، وهي مثل ألف الندبة، فلطفت من أن تكون في السكت، وجعلت بعدها الهاء لتكون أبين لها ، وأبعد في الصوت . ذلك لأن الألف إذا كانت بين حرفين كان لها صدًى كنحو الصوت يكون في جوف الشيء فيتردد فيه، فتكون أكثر وأبين.* * *وقال غيره: هذه ألف الندبة، فإذا وقفت عليها فجائز، وإن وقفت على الهاء فجائز ، وقال: ألا ترى أنهم قد وقفوا على قوله: وَيَدْعُ الإِنْسَانُ ، [ سورة الإسراء: 11] ، فحذفوا الواو وأثبتوها، وكذلك: مَا كُنَّا نَبْغِ ، [ سورة الكهف: 64] ، بالياء، وغير الياء؟ قال: وهذا أقوى من ألف الندبة وهائها.* * *قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندي أن هذه الألف ألف الندبة، والوقف عليها بالهاء وغير الهاء جائز في الكلام لاستعمال العرب ذلك في كلامهم.* * *وقوله: (أألد وأنا عجوز) ، تقول: أنى يكون لي ولد ، (وأنا عجوز وهذا بعلي شيْخًا) ، والبعل في هذا الموضع: الزوج ، وسمي بذلك لأنه قيم أمرها، كما سموا مالك الشيء " بعله "، وكما قالوا للنخل التي تستغني بماء السماء عن سقي ماء الأنهار والعيون " البعل "، لأن مالك الشيء القيم به، والنخل البعل ، بماء السمَاء حياتُه. (3)* * *وقوله ، (إن هذا لشيء عجيب) ، يقول: إن كون الولد من مثلي ومثل بعلي على السن التي بها نحن لشيء عجيب .---------------------------الهوامش :(1) انظر ما سلف رقم : 18320 .(2) انظر تفسير " الويل " فيما سلف 2 : 267 - 269 ، 273 .(3) انظر تفسير " البعل " فيما سلف 4 : 526 ، 527 / 9 : 267 ، ولم يذكر فيهما مثل هذا التفصيل في معناه . وهذا من فعله ، دال على طريقته في التأليف .
﴿ قالت ياويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب ﴾