القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 78 سورة البقرة - ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني

سورة البقرة الآية رقم 78 : سبع تفاسير معتمدة

سورة ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني - عدد الآيات 286 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 78 من سورة البقرة عدة تفاسير - سورة البقرة : عدد الآيات 286 - - الصفحة 12 - الجزء 1.

سورة البقرة الآية رقم 78


﴿ وَمِنۡهُمۡ أُمِّيُّونَ لَا يَعۡلَمُونَ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّآ أَمَانِيَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾
[ البقرة: 78]

﴿ التفسير الميسر ﴾

ومن اليهود جماعة يجهلون القراءة والكتابة، ولا يعلمون التوراة وما فيها من صفات نبي الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وما عندهم من ذلك إلا أكاذيبُ وظنون فاسدة.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«ومنهم» أي اليهود «أميون» عوام «لا يعلمون الكتاب» التوراة «إلا» لكن «أمانيَّ» أكاذيب تلقَّوْها من رؤسائهم فاعتمدوها «وإن» ما «هم» في جحد نبوة النبي وغيره مما يختلقونه «‌إلا يظنون» ظناً ولا علم لهم.

﴿ تفسير السعدي ﴾

وَمِنْهُمْ أي: من أهل الكتاب أُمِّيُّونَ أي: عوام, ليسوا من أهل العلم، لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ أي: ليس لهم حظ من كتاب الله إلا التلاوة فقط, وليس عندهم خبر بما عند الأولين الذين يعلمون حق المعرفة حالهم, وهؤلاء إنما معهم ظنون وتقاليد لأهل العلم منهم.
فذكر في هذه الآيات علماءهم, وعوامهم, ومنافقيهم, ومن لم ينافق منهم, فالعلماء منهم متمسكون بما هم عليه من الضلال، والعوام مقلدون لهم, لا بصيرة عندهم فلا مطمع لكم في الطائفتين.


﴿ تفسير البغوي ﴾

وقوله تعالى: ومنهم أميون أي من اليهود أميون لا يحسنون القراءة والكتابة، جمع أمي منسوب إلى الأم كأنه باق على ما انفصل من الأم لم يتعلم كتابة ولا قراءة.
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب".
وقيل: هو منسوب إلى أم القرى وهي مكة.
لا يعلمون الكتاب إلا أماني قرأ أبو جعفر: أماني بتخفيف الياء كل القرآن حذف إحدى الياءين (تخفيفاً)، وقراءة العامة بالتشديد، وهي جمع الأمنية وهي التلاوة.
قال الله تعالى: إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته [52-الحج] أي في قراءته، قال أبو عبيدة: "إلا تلاوته وقراءته عن ظهر القلب لا يقرؤونه من كتاب"، وقيل: يعلمونه حفظاً وقراءة لا يعرفون معناه.
وقال ابن عباس: "يعني غير عارفين بمعاني الكتاب"، وقال مجاهد وقتادة: "إلا كذباً وباطلاً".
قال الفراء: "الأماني: الأحاديث المفتعلة"، قال عثمان رضي الله عنه: "ما تمنيت منذ أسلمت (أي ما كذبت)"؛ وأراد بها الأشياء التي كتبها علماؤهم من عند أنفسهم ثم أضافوها إلى الله عز وجل من تغيير نعت النبي صلى الله عليه وسلم وغيره.
وقال الحسن وأبو العالية: "هي من التمني، وهي أمانيهم الباطلة التي تمنوها على الله عز وجل مثل قولهم: لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى [111-البقرة]، وقولهم: لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة[80-البقرة]، وقولهم: نحن أبناء الله وأحباؤه [18- المائدة] فعلى هذا تكون (إلا) بمعنى (لكن) أي لا يعلمون الكتاب لكن يتمنون أشياء تحصل لهم".
وإن هم وما هم.
إلا يظنون "وما هم إلا يظنون ظناً وتوهماً لا يقيناً" قاله قتادة والربيع.
قال مجاهد: "يكذبون".

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم بين القرآن الكريم بعد ذلك حال عوام اليهود ومقلديهم، بعد أن بين حال علمائهم ومنافقيهم فقال تعالى: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ أى: ومن اليهود قوم أميون لا يحسنون الكتابة، ولا يعلمون من كتابهم التوراة سوى أكاذيب اختلقها لهم علماؤهم أو أمنيات باطلة يقدرونها في أنفسهم بدون حق، أو قراءات عارية عن التدبر والفهم، وقصارى أمرهم الظن من غير أن يصلوا إلى مرتبة اليقين المبنى على البرهان القاطع والدليل الساطع.
فالآية الكريمة فيها زيادة تيئيس للمؤمنين من إيمان كافة اليهود بفرقهم المختلفة.
فإنهم قد وصلوا إلى حال من الشناعة لا مطمع معها في هداية، فعلماؤهم محرفون لكتاب الله على حسب أهوائهم وشهواتهم، وعوامهم لا يعرفون من كتابهم إلا الأكاذيب والأوهام التي وضعها لهم أحبارهم، وأمة هذا شأن علمائها وعوامها لا ينتظر منها أن تستجيب للحق أو أن تقبل على الصراط المستقيم.
و (الأمانى) - بالتشديد- جمع أمنية، مأخوذة من تمنى الشيء أى: أحب أن يحصل عليه، أو من تمنى إذا كذب، أو من تمنى الكتاب أى قرأه.
فإن فسرنا الأمانى بالأول كان قوله تعالى: إِلَّا أَمانِيَّ معناه: إلا ما هم عليه من أمانيهم في أن الله لا يؤاخذهم بخطاياهم، وأن آباءهم الأنبياء يشفعون لهم، وأن النار لن تمسهم إلا أياما معدودات.
وإن فسرناها بالكذب، كان قوله تعالى: إِلَّا أَمانِيَّ معناه: إلا ما يقرءونه من قراءات خالية من التدبر، وعارية عن الفهم.
من قوله تمنى كتاب الله أول ليلة .
.
.
أى قرأ.
هذا، وقد رجح ابن جرير تفسير (الأمانى) بالأكاذيب فقال: ما ملخصه «وأولى ما روينا في تأويل قوله تعالى: إِلَّا أَمانِيَّ بالصواب، أن هؤلاء الأميين لا يفقهون من الكتاب الذي أنزله الله على موسى شيئا، ولكنهم يتخرصون الكذب، ويتقولون الأباطيل كذبا وزورا، والتمني في هذا الموضع هو تخلق الكذب وتخرصه وافتعاله بدليل قوله تعالى بعد وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ فأخبر عنهم أنهم يتمنون ما يتمنون من الأكاذيب ظنا منهم لا يقينا» .
والذي نراه أن المعاني الثلاثة للأمانى تنطبق على اليهود، وكلها حصلت منهم وما دام يصدق عليهم المعاني الثلاثة لغة فجميعها مرادة من الآية، ولا معنى لأن نشتغل بترجيح بعضها على بعض كما فعل ابن جرير وغيره.
وعلى أى تفسير من هذه التفاسير للأمانى، فالاستثناء منقطع، لأن أى واحد من هذه المعاني ليس من علم الكتاب الحقيقي في شيء.
وفي قوله تعالى: وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ زيادة تجهيل لهم، لأن أمنياتهم هذه من باب الأوهام التي لا تستند إلى دليل أو شبه دليل، أو من باب الظن الذي هو ركون النفس إلى وجه من وجهين يحتملهما الأمر دون أن تبلغ في ذلك مرتبة القطع واليقين.
وهذا النوع من العلم لا يكفى في معرفة أصول الدين التي يقوم عليها الإيمان العميق، فهم ليسوا على علم يقيني من أمور دينهم، وإنما هم يظنونها ظنا بدون استيقان، والظن لا يغنى من الحق شيئا.

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

يقول تعالى : ( ومنهم أميون ) أي : ومن أهل الكتاب ، قاله مجاهد : والأميون جمع أمي ، وهو : الرجل الذي لا يحسن الكتابة ، قاله أبو العالية ، والربيع ، وقتادة ، وإبراهيم النخعي ، وغير واحد وهو ظاهر في قوله تعالى : ( لا يعلمون الكتاب ) [ إلا أماني ] ) أي : لا يدرون ما فيه . ولهذا في صفات النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمي ; لأنه لم يكن يحسن الكتابة ، كما قال تعالى : ( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون ) [ العنكبوت : 48 ] وقال عليه الصلاة والسلام : " إنا أمة أمية ، لا نكتب ولا نحسب ، الشهر هكذا وهكذا وهكذا " الحديث . أي : لا نفتقر في عباداتنا ومواقيتها إلى كتاب ولا حساب وقال تعالى : ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم ) [ الجمعة : 2 ] .وقال ابن جرير : نسبت العرب من لا يكتب ولا يخط من الرجال إلى أمه في جهله بالكتاب دون أبيه ، قال : وقد روي عن ابن عباس ، رضي الله عنهما قول خلاف هذا ، وهو ما حدثنا به أبو كريب : حدثنا عثمان بن سعيد ، عن بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، في قوله : ( ومنهم أميون ) قال : الأميون قوم لم يصدقوا رسولا أرسله الله ، ولا كتابا أنزله الله ، فكتبوا كتابا بأيديهم ، ثم قالوا لقوم سفلة جهال : ( هذا من عند الله ) وقال : قد أخبر أنهم يكتبون بأيديهم ، ثم سماهم أميين ، لجحودهم كتب الله ورسله . ثم قال ابن جرير : وهذا التأويل على خلاف ما يعرف من كلام العرب المستفيض بينهم . وذلك أن الأمي عند العرب : الذي لا يكتب .قلت : ثم في صحة هذا عن ابن عباس ، بهذا الإسناد ، نظر . والله أعلم .قوله تعالى : ( إلا أماني ) قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس : ( إلا أماني ) إلا أحاديث .وقال الضحاك ، عن ابن عباس ، في قوله : ( إلا أماني ) يقول : إلا قولا يقولونه بأفواههم كذبا . وقال مجاهد : إلا كذبا . وقال سنيد ، عن حجاج ، عن ابن جريج عن مجاهد : ( ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني ) قال : أناس من يهود لم يكونوا يعلمون من الكتاب شيئا ، وكانوا يتكلمون بالظن بغير ما في كتاب الله ، ويقولون : هو من الكتاب ، أماني يتمنونها . وعن الحسن البصري ، نحوه .وقال أبو العالية ، والربيع وقتادة : ( إلا أماني ) يتمنون على الله ما ليس لهم .وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ( إلا أماني ) قال : تمنوا فقالوا : نحن من أهل الكتاب . وليسوا منهم .قال ابن جرير : والأشبه بالصواب قول الضحاك عن ابن عباس ، وقال مجاهد : إن الأميين الذين وصفهم الله أنهم لا يفقهون من الكتاب الذي أنزل الله على موسى شيئا ، ولكنهم يتخرصون الكذب ويتخرصون الأباطيل كذبا وزورا . والتمني في هذا الموضع هو تخلق الكذب وتخرصه . ومنه الخبر المروي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه : " ما تغنيت ولا تمنيت " . يعني ما تخرصت الباطل ولا اختلقت الكذب .وقال محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون ) ولا يدرون ما فيه ، وهم يجحدون نبوتك بالظن .وقال مجاهد : ( وإن هم إلا يظنون ) يكذبون .وقال قتادة : وأبو العالية ، والربيع : يظنون الظنون بغير الحق .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى : ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنونفيه أربع مسائل :الأولى : قوله تعالى : ومنهم أميون أي من اليهود .
وقيل : من اليهود والمنافقين أميون ، أي من لا يكتب ولا يقرأ ، واحدهم أمي ، منسوب إلى الأمة الأمية التي هي على أصل ولادة أمهاتها لم تتعلم الكتابة ولا قراءتها ، ومنه قوله عليه السلام : إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الحديث .
وقد قيل لهم إنهم أميون لأنهم لم يصدقوا بأم الكتاب ، عن ابن عباس .
وقال أبو عبيدة : إنما قيل لهم أميون لنزول الكتاب عليهم ، كأنهم نسبوا إلى أم الكتاب ، فكأنه قال : ومنهم أهل الكتاب لا يعلمون الكتاب .
عكرمة والضحاك : هم نصارى العرب .
وقيل : هم قوم من أهل الكتاب ، رفع كتابهم لذنوب ارتكبوها فصاروا أميين .
علي رضي الله عنه : هم المجوس .
قلت : والقول الأول أظهر ، والله أعلم .
لثانية : قوله تعالى : لا يعلمون الكتاب إلا أماني " إلا " ها هنا بمعنى لكن ، فهو استثناء منقطع ، كقوله تعالى : ما لهم به من علم إلا اتباع الظن .
وقال النابغة :حلفت يمينا غير ذي مثنوية ولا علم إلا حسن ظن بصاحبوقرأ أبو جعفر وشيبة والأعرج ( إلا أماني ) خفيفة الياء ، حذفوا إحدى الياءين استخفافا .
قال أبو حاتم : كل ما جاء من هذا النحو واحده مشدد ، فلك فيه التشديد والتخفيف ، مثل أثافي وأغاني وأماني ، ونحوه .
وقال الأخفش : هذا كما يقال في جمع مفتاح : مفاتيح ومفاتح ، وهي ياء الجمع .
قال النحاس : الحذف في المعتل أكثر ، كما قال الشاعر [ هو ذو الرمة ] :وهل يرجع التسليم أو يكشف العمى ثلاث الأثافي والرسوم البلاقعوالأماني جمع أمنية وهي التلاوة ، وأصلها أمنوية على وزن أفعولة ، فأدغمت الواو في الياء فانكسرت النون من أجل الياء فصارت أمنية ، ومنه قوله تعالى : إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته أي إذا تلا ألقى الشيطان في تلاوته .
وقال كعب بن مالك : :تمنى كتاب الله أول ليله وآخره لاقى حمام المقادروقال آخر :تمنى كتاب الله آخر ليله تمني داود الزبور على رسلوالأماني أيضا الأكاذيب ، ومنه قول عثمان رضي الله عنه : ما تمنيت منذ أسلمت ، أي ما كذبت .
وقول بعض العرب لابن دأب وهو يحدث : أهذا شيء رويته أم شيء تمنيته ؟ أي افتعلته .
وبهذا المعنى فسر ابن عباس ومجاهد أماني في الآية .
والأماني أيضا ما يتمناه الإنسان ويشتهيه .
قال قتادة : إلا أماني يعني أنهم يتمنون على الله ما ليس لهم .
وقيل : الأماني التقدير ، يقال : مني له أي قدر ، قاله الجوهري ، وحكاه ابن بحر ، وأنشد قول الشاعر :لا تأمنن وإن أمسيت في حرم حتى تلاقي ما يمني لك المانيأي يقدر لك المقدر .
الثالثة : قوله تعالى : وإن هم إلا يظنون إن بمعنى ما النافية ، كما قال تعالى : إن الكافرون إلا في غرور .
ويظنون يكذبون ويحدثون ، لأنهم لا علم لهم بصحة ما يتلون ، وإنما هم مقلدون لأحبارهم فيما يقرءون به .
فائدة : قال أبو بكر الأنباري : وقد حدثنا أحمد بن يحيى النحوي أن العرب تجعل الظن علما وشكا وكذبا ، وقال : إذا قامت براهين العلم فكانت أكثر من براهين الشك فالظن يقين ، وإذا اعتدلت براهين اليقين وبراهين الشك فالظن شك ، وإذا زادت براهين الشك على براهين اليقين فالظن كذب ، قال الله عز وجل وإن هم إلا يظنون أراد إلا يكذبون .
الرابعة : قال علماؤنا رحمة الله عليهم : نعت الله تعالى أحبارهم بأنهم يبدلون ويحرفون فقال وقوله الحق : فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم الآية .
وذلك أنه لما درس الأمر فيهم ، وساءت رعية علمائهم ، وأقبلوا على الدنيا حرصا وطمعا ، طلبوا أشياء تصرف وجوه الناس إليهم ، فأحدثوا في شريعتهم وبدلوها ، وألحقوا ذلك بالتوراة ، وقالوا لسفهائهم هذا من عند الله ، ليقبلوها عنهم فتتأكد رياستهم وينالوا به حطام الدنيا وأوساخها .
وكان مما أحدثوا فيه أن قالوا : ليس علينا في الأميين سبيل ، وهم العرب ، أي ما أخذنا من أموالهم فهو حل لنا .
وكان مما أحدثوا فيه أن قالوا : لا يضرنا ذنب ، فنحن أحباؤه وأبناؤه ، تعالى الله عن ذلك ! وإنما كان في التوراة " يا أحباري ويا أبناء رسلي " فغيروه وكتبوا " يا أحبائي ويا أبنائي " فأنزل الله تكذيبهم : وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم .
فقالت : لن يعذبنا الله ، وإن عذبنا فأربعين يوما مقدار أيام العجل ، فأنزل الله تعالى : وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا قال ابن مقسم : يعني توحيدا ، بدليل قوله تعالى : إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا يعني لا إله إلا الله فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون ثم أكذبهم فقال : بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون .
فبين تعالى أن الخلود في النار والجنة إنما هو بحسب الكفر والإيمان ، لا بما قالوه .

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله تعالى : وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (ومنهم أميون)، ومن هؤلاء -اليهود الذين قص الله قصصهم في هذه الآيات, وأيأس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من إيمانهم فقال لهم: أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ ، وهم إذا لقوكم قالوا: آمنا، كما:-1352 - حدثنا المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية: (ومنهم أميون)، يعني: من اليهود.
1353 - وحُدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع مثله.
1354 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد: (ومنهم أميون)، قال: أناس من يهود.
* * *قال أبو جعفر: يعني ب " الأميين " ، الذين لا يكتبون ولا يقرءون.
ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب " (1) يقال منه: " رجل أمي بين الأمية ".
(2) كما:-1356 - حدثني المثنى قال، حدثني سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك, عن سفيان, عن منصور، عن إبراهيم: (ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب)، قال: منهم من لا يحسن أن يكتب.
(3)1357 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (ومنهم أميون) قال: أميون لا يقرءون الكتاب من اليهود.
* * *وروي عن ابن عباس قول خلاف هذا القول, وهو ما:-1358 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد, عن بشر بن عمارة, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس: (ومنهم أميون)، قال: الأميون قوم لم يصدقوا رسولا أرسله الله, ولا كتابا أنزله الله, فكتبوا كتابا بأيديهم, ثم قالوا لقوم سِفلة جهال: هذا من عند الله.
وقال: قد أخبر أنهم يكتبون بأيديهم, ثم سماهم أميين، لجحودهم كتب الله ورسله.
(4)* * *قال أبو جعفر: وهذا التأويل تأويل على خلاف ما يعرف من كلام العرب المستفيض بينهم, وذلك أن " الأمي" عند العرب: هو الذي لا يكتب.
* * *قال أبو جعفر: وأرى أنه قيل للأمي" أمي"؛ نسبة له بأنه لا يكتب إلى " أمه ", لأن الكتاب كان في الرجال دون النساء, فنسب من لا يكتب ولا يخط من الرجال -إلى أمه- في جهله بالكتابة، دون أبيه، كما ذكرنا عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: " إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب "، وكما قال: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ [ الجمعة: 2].
(5) فإذا كان معنى " الأمي" في كلام العرب ما وصفنا, فالذي هو أولى بتأويل الآية ما قاله النخعي، من أن معنى قوله: (ومنهم أميون): ومنهم من لا يحسن أن يكتب.
* * *القول في تأويل قوله تعالى : لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّقال أبو جعفر: يعني بقوله: (لا يعلمون الكتاب)، لا يعلمون ما في الكتاب الذي أنزله الله، ولا يدرون ما أودعه الله من حدوده وأحكامه وفرائضه، كهيئة البهائم, كالذي:-1359 - حدثني الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله,(ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني): إنما هم أمثال البهائم، لا يعلمون شيئا.
1360 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (لا يعلمون الكتاب)، يقول: لا يعلمون الكتاب ولا يدرون ما فيه.
1361 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية: (لا يعلمون الكتاب) لا يدرون ما فيه.
1362 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن محمد بن أبي محمد, عن عكرمة, أو عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس: (لا يعلمون الكتاب) قال: لا يدرون بما فيه.
1363 - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: (لا يعلمون الكتاب)، لا يعلمون شيئا, لا يقرءون التوراة.
ليست تستظهر، إنما تقرأ هكذا.
فإذا لم يكتب أحدهم، لم يستطع أن يقرأ.
(6)1364 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد, عن بشر بن عمارة, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس في قوله,(لا يعلمون الكتاب)، قال: لا يعرفون الكتاب الذي أنزله الله.
* * *قال أبو جعفر: وإنما عني ب " الكتاب ": التوراة, ولذلك أدخلت فيه " الألف واللام " لأنه قصد به كتاب معروف بعينه.
* * *ومعناه: ومنهم فريق لا يكتبون، ولا يدرون ما في الكتاب الذي عرفتموه الذي هو عندهم - وهم ينتحلونه ويدعون الإقرار به - من أحكام الله وفرائضه، وما فيه من حدوده التي بينها فيه.
[واختلف أهل التأويل في تأويل قوله] (7) (إلا أماني) فقال بعضهم بما:-1365 - حدثنا به أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد, عن بشر بن عمارة, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس: (إلا أماني)، يقول: إلا قولا يقولونه بأفواههم كذبا.
1366 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (لا يعلمون الكتاب إلا أماني): إلا كذبا.
1367 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد، مثله.
* * *وقال آخرون بما:-1368 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: (إلا أماني)، يقول: يتمنون على الله ما ليس لهم.
1369 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة: (إلا أماني)، يقول: يتمنون على الله الباطل وما ليس لهم.
1370 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح,[عن معاوية بن صالح]، عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: (لا يعلمون الكتاب إلا أماني)، يقول: إلا أحاديث.
1371 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد: (ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني)، قال: أناس من يهود لم يكونوا يعلمون من الكتاب شيئا, وكانوا يتكلمون بالظن بغير ما في كتاب الله, ويقولون: هو من الكتاب.
أماني يتمنونها.
1372 - حدثنا المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية: (إلا أماني)، يتمنون على الله ما ليس لهم.
1373 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (إلا أماني)، قال: تمنوا فقالوا: نحن من أهل الكتاب.
وليسوا منهم.
* * *قال أبو جعفر: وأولى ما روينا في تأويل قوله: (إلا أماني)، بالحق، وأشبهه بالصواب, الذي قاله ابن عباس - الذي رواه عنه الضحاك - وقول مجاهد: إن " الأميين " الذين وصفهم الله بما وصفهم به في هذه الآية، أنهم لا يفقهون من الكتاب الذي أنزله الله على موسى شيئا, ولكنهم يتخرصون الكذب ويتقولون الأباطيل كذبا وزورا.
(8)* * *و " التمني" في هذا الموضع, هو تخلق الكذب وتخرصه وافتعاله.
يقال منه: " تمنيت كذا "، إذا افتعلته وتخرصته.
ومنه الخبر الذي روي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه: " ما تغنيت ولا تمنيت "، (9) يعني بقوله: " ما تمنيت "، ما تخرصت الباطل، ولا اختلقت الكذب والإفك.
* * *والذي يدل على صحة ما قلنا في ذلك - وأنه أولى بتأويل قوله: (إلا أماني) من غيره من الأقوال - قول الله جل ثناؤه: وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ .
فأخبر عنهم جل ثناؤه أنهم يتمنون ما يتمنون من الأكاذيب، ظنا منهم لا يقينا.
ولو كان معني ذلك أنهم " يتلونه "، لم يكونوا ظانين, وكذلك لو كان معناه: " يشتهونه ".
لأن الذي يتلوه، إذا تدبره علمه.
ولا يستحق - الذي يتلو كتابا قرأه، وإن لم يتدبره بتركه التدبر أن يقال: هو ظان لما يتلو، إلا أن يكون شاكا في نفس ما يتلوه، لا يدري أحق هو أم باطل.
ولم يكن القوم - الذين كانوا يتلون التوراة على عصر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من اليهود -فيما بلغنا- شاكين في التوراة أنها من عند الله.
وكذلك " المتمني" الذي هو في معنى " المشتهي" غير جائز أن يقال: هو ظان في تمنيه.
لأن التمني من المتمني، إذا تمنى ما قد وجد عينه.
فغير جائز أن يقال: هو شاك، فيما هو به عالم.
لأن العلم والشك معنيان ينفي كل واحد منهما صاحبه، لا يجوز اجتماعهما في حيز واحد.
والمتمني في حال تمنيه، موجود تمنيه، فغير جائز أن يقال: هو يظن تمنيه.
(10)* * *وإنما قيل: (لا يعلمون الكتاب إلا أماني)، والأماني من غير نوع " الكتاب ", كما قال ربنا جل ثناؤه: مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ [ النساء: 157] و " الظن " من " العلم " بمعزل.
وكما قال: وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى [ الليل: 19-20]، وكما قال الشاعر: (11)ليس بيني وبين قيس عتابغير طعن الكُلَى وضرب الرقاب (12)وكما قال نابغة بني ذبيان:حلفت يمينا غير ذي مَثْنَوية,ولا علم إلا حسنَ ظن بصاحب (13)في نظائر لما ذكرنا يطول بإحصائها الكتاب.
(14)ويخرجُ ب " إلا " ما بعدها من معنى ما قبلها ومن صفته, وإن كان كل واحد منهما من غير شكل الآخر ومن غير نوعه.
ويسمي ذلك بعض أهل العربية " استثناء منقطعا "، لانقطاع الكلام الذي يأتي بعد " إلا " عن معنى ما قبلها.
وإنما يكون ذلك كذلك، في كل موضع حسن أن يوضع فيه مكان " إلا "" لكن "؛ فيعلم حينئذ انقطاع معنى الثاني عن معنى الأول, ألا ترى أنك إذا قلت: (ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني) ثم أردت وضع " لكن " مكان " إلا " وحذف " إلا " , وجدت الكلام صحيحا معناه، صحته وفيه " إلا "؟ وذلك إذا قلت: ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب لكن أماني.
يعني: لكنهم يتمنون.
وكذلك قوله: مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ، لكن اتباع الظن, بمعنى: لكنهم يتبعون الظن.
وكذلك جميع هذا النوع من الكلام على ما وصفنا.
* * *وقد ذكر عن بعض القَرَأَة أنه قرأ: (15) (إلا أماني) مخففة.
ومن خفف ذلك وجهه إلى نحو جمعهم " المفتاح "" مفاتح ", و " القرقور "،" قراقر ", (16) وأنياء الجمع لما حذفت خففت الياء الأصلية - أعني من " الأماني" - كما جمعوا " الأثفية "" أثافي" مخففة, كما قال زهير بن أبي سلمى:أثافيَ سُفْعا في مُعَرَّسِ مِرْجَلونُؤْيا كجِذم الحوض لم يَتَثَلَّم (17)وأما من ثقل: (أماني) فشدد ياءها، فإنه وجه ذلك إلى نحو جمعهم " المفتاح مفاتيح, والقرقور قراقير, والزنبور زنابير "، فاجتمعت ياء " فعاليل " ولامها، وهما جميعا ياآن، فأدغمت إحداهما في الأخرى، فصارتا ياء واحدة مشددة.
* * *فأما القراءة التي لا يجوز غيرها عندي لقارئ في ذلك، فتشديد ياء " الأماني", لإجماع القَرَأَة على أنها القراءة التي مضى على القراءة بها السلف - مستفيض ذلك بينهم، غير مدفوعة صحته - وشذوذ القارئ بتخفيفها عما عليه الحجة مجمعة في ذلك.
(18) وكفى دليلا على خطأ قارئ ذلك بتخفيفها، (19) إجماعها على تخطئته.
* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ (78)قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (وإن هم إلا يظنون)، وما هم، كما قال جل ثناؤه: قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ [ إبراهيم: 11]، يعني بذلك: ما نحن إلا بشر مثلكم.
* * *ومعنى قوله: (إلا يظنون): إلا يشكون، ولا يعلمون حقيقته وصحته.
و " الظن " - في هذا الموضع- الشك.
فمعنى الآية: ومنهم من لا يكتب ولا يخط ولا يعلم كتاب الله ولا يدري ما فيه، إلا تخرصا وتقولا على الله الباطل، ظنا منه أنه محق في تخرصه وتقوله الباطل.
* * *وإنما وصفهم الله تعالى ذكره بأنهم في تخرصهم على ظن أنهم محقون وهم مبطلون, لأنهم كانوا قد سمعوا من رؤسائهم وأحبارهم أمورا حسبوها من كتاب الله, ولم تكن من كتاب الله, فوصفهم جل ثناؤه بأنهم يتركون التصديق بالذي يوقنون به أنه من عند الله مما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم, ويتبعون ما هم فيه شاكون, وفي حقيقته مرتابون، مما أخبرهم به كبراؤهم ورؤساؤهم وأحبارهم عنادا منهم لله ولرسوله, ومخالفة منهم لأمر الله، واغترارا منهم بإمهال الله إياهم.
وبنحو ما قلنا في تأويل قوله: (وإن هم إلا يظنون)، قال فيه المتأولون من السلف:1374 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (وإن هم إلا يظنون) إلا يكذبون.
1375 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مثله.
1376 - حدثنا القاسم قال، حدثنا حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد مثله.
1377 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد, عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس: (لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون)، أي لا يعلمون ولا يدرون ما فيه, وهم يجحدون نبوتك بالظن.
1378 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: (وإن هم إلا يظنون)، قال: يظنون الظنون بغير الحق.
1379 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية قال: يظنون الظنون بغير الحق.
1380 - حُدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع مثله.
---------------الهوامش :(1) الحديث : 1355 - هو حديث صحيح .
ورواه البخاري 4 : 108 - 109 (من الفتح) ، ورواه أيضًا مسلم وأبو داود والنسائي ، كما في الجامع الصغير للسيوطي ، رقم : 2521 .
(2) كان في المطبوعة : "أي بين الأمية" ، فحذفت"أي" ، فليس ذلك مما يقال .
(3) قوله "لا يحسن أن يكتب" نفى لمعرفة الكتابة، لا لجودة معرفة الكتابة، كما يسبق إلى الوهم.
وقديما قام بعض أساتذتنا يدعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يعرف الكتابة، ولكنة لا يحسنها، لخبر استدل به هو - أو اتبع فيه من استدل به من أعاجم المستشرقين - وهو ما جاء في تاريخ الطبري 3: 80 في شرح قصة الحديبية، حين جاء سهيل بن عمرو، لكتابة الصلح.
روى الطبري عن البراء بن عازب قال:".
.
فلما كتب الكتاب، كتب:"هذا ما تقاضى عليه محمد رسول الله"، فقالوا لو نعلم أنك رسول الله ما منعناك، ولكن أنت محمد بن عبد الله.
قال: أنا رسول الله، وأنا محمد بن عبد الله.
قال لعلي: امح"رسول الله".
قال: لا والله لا أمحاك أبدا.
فأخذه رسول الله وليس يحسن يكتب: "فكتب مكان "رسول الله" "محمد"، فكتب: " هذا ما قاضى عليه محمد" .
فظن أولا أن ضمير الفاعل في قوله "فكتب مكان "رسول الله" - محمد" ، هو رسول الله صلى الله عليه.
وليس كذلك بل هو: علي بن أبي طالب الكاتب.
وفي الكلام اختصار، فإنه لما أمر عليا أن يمحو الكتاب فأبى، أخذه رسول الله، وليس يحسن يكتب، فمحاه.
وتفسير ذلك قد أتى في حديث البخاري عن البراء بن عازب أيضًا 3: 184:"فقال لعلى" امحه.
فقال على: ما أنا بالذي أمحاه فمحاه رسول الله صلى عليه وسلم بيده".
وأخرى أنه أخطأ في معنى"يحسن"، فإنها هنا بمعنى"يعلم"، وهو أدب حسن في العبارة، حتى لا ينفي عنه العلم، وقد جاء في تفسير الطبري 21: 6 في تفسير قوله تعالى:"أحسن كل شيء خلقه"، ما نصه:"معنى ذلك: أعلم كل شيء خلقه.
كأنهم وجهوا تأويل الكلام إلى أنه ألهم كل خلقه ما يحتاجون إليه.
وأنه قوله:"أحسن"، إنما هو من قول القائل:"فلا يحسن كذا"، إذا كان يعلمه".
هذا، والعرب تتأدب بمثل هذا، فتضع اللفظ مكان اللفظ؛ وتبطل بعض معناه، ليكون تنزيها للسان، أو تكرمه للذي تخبر عنه.
فمعنى قوله:"ليس يحسن يكتب"، أي ليس يعرف يكتب.
وقد أطال السهيلي في الروض الأنف 1: 230 بكلام ليس يغني في تفسير هذا الكلمة.
(4) قال ابن كثير في تفسيره 1 : 215 ، وساق الخبر وكلام الطبري ، ثم قال : "قلت : في صحة هذا عن ابن عباس - بهذا الإسناد - نظر ، والله أعلم" .
(5) اقتصر في المطبوعة على قوله : "رسولا منهم" ، وأتممت الآية ، لأنه يستدل بها على أنه جاء يعلم الأمين"الكتاب" .
(6) الأثر : 1363 - كان في المطبوعة : "حدثنا بشر قال أخبرنا ابن وهب .
.
" ، وهو سهو من الناسخ ، والإسناد كثير الدوران في التفسير ، أقربه رقم 1357 .
(7) ما بين القوسين زيادة يقتضيها الكلام .
وكأن الناسخ سها فأغفلها .
(8) في المطبوعة : "وأنهم لا يفقهون" بزيادة الواو ، وهو خطأ لا يستقيم ، والصواب ما أثبته من ابن كثير 1 : 216 .
(9) في الفائق 1 : 163 عن عثمان رضي الله عنه : "قد اختبأت عند الله خصالا : إني لرابع الإسلام ، وزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته ثم ابنته ، وبايعته بيدي هذه اليمنى فما مسست بها ذكرى ، وما تغنيت ولا تمنيت ، ولا شربت خمرا في جاهلية ولا إسلام" .
وروى الطبري في تاريخه في خبر مقتله رضي الله عنه 5 : 130 ، أن الرجل الذي انتدب لقتله دخل عليه فقال له : "اخلعها وندعك .
فقال : ويحك! ما كشفت امرأة في جاهلية ولا إسلام ، ولا تغنيت ولا تمنيت ، ولا وضعت يميني على عورتي منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولست خالعا قميصا كسانيه الله عز وجل" .
(10) في المطبوعة : "غير جائز" ، والصواب إثبات الفاء .
(11) هو عمرو بن الأيهم التغلبي النصراني ، وقيل اسمه : عمير ، وقيل هو أعشى تغلب .
روي عن الأخطل أنه قيل له وهو يموت : على من تخلف قومك؟ قال : على العميرين .
يعني القطامي عمير ابن أشيم ، وعمير بن الأهتم .
(12) سيبويه 1 : 365 ، والوحشيات رقم : 55 ، ومعجم الشعراء : 242 ، وحماسة البحتري : 32 ، وانظر تحقيق الراجكوتي في سمط اللآلئ : 184 .
والشعر يقوله في هجاء قيس عيلان يقول فيها :قاتل الله قيس عيلان طراما لهم دون غدرة من حجابثم إن سيبويه أنشد البيت برفع"غير" ، على البدل من"عتاب" ، اتساعا ومجازا .
(13) ديوانه : 42 ، وسيبويه 1 : 365 ، وغيرهما ، وروايتهم جميعا : "بصاحب" ، وكان في الأصل المطبوع"بغائب" ، وأظن أن ما كان في الطبري خطأ من النساخ ، لأنه لا يتفق مع الشعر .
فالنابغة يمدح بهذه الأبيات عمرو بن الحارث الأعرج الغساني ، فيقول قبله :على لعمرو نعمة بعد نعمةلوالده, ليست, بذات عقاربحلفت يمينا .
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
لئن كان للقبرين : قبر بجلقوقبر بصيداء الذي عند حاربوللحارث الجفني سيد قومهليلتمسن بالجيش دار المحاربوقوله : "مثنوية" أي استثناء .
فهو يقول لعمرو : حلفت يمينا لئن كان من هو - من ولد هؤلاء الملوك من آبائه ، الذين عدد قبورهم ومآثرهم - ليغزون من حاربه في عقر داره وليهزمنه ، ولم أقل هذا عن علم إلا ما عندي في صاحبي من حسن الظن .
فرواية الطبري لا تستقيم ، إن صحت عنه .
(14) انظر سيبويه 1 : 363 - 366"هذا باب يختار فيه النصب ، لأن الآخر ليس من نوع الأول" .
ثم الباب الذي يليه : "هذا باب ما لا يكون إلا على معنى : ولكن" .
(15) في المطبوعة : "بعض القراء" و"لإجماع القراء" ، ورددته إلى ما جرى عليه الطبري آنفًا .
(16) انظر معاني القرآن للفراء : 1 : 49 .
(17) ديوانه : 7 المرجل : قدر يطبخ فيها ، ومعرس المرجل : حيث يقام فيه ، من التعريس : وهو النزول والإقامة, وسفع جمع أسفع : والسفعة: سواد تخالطه حمرة ، من أثر النار ودخانها .
والنؤي : ما يقام من الحجارة حول الخباء حتى لا يدخله ماء المطر .
وجذم الحوض : حرفه وأصله .
يعني : النؤي قد ذهب أعلاه وبقى أصله لم يتحطم ، كبقايا الحوض .
يقول : عرفت الدار بهذه الآثار ، قبله : "فلأيا عرفت الدار بعد توهم" ، "ونصب"أثافي" بقوله : "توهم" .
(18) سياق العبارة : لإجماع القَرَأَة على أنها القراءة .
.
وعلى شذوذ القارئ بتخفيفها" على العطف .
(19) في المطبوعة : "وكفى خطأ على قارئ ذلك" ، وهو ليس بكلام صحيح ، والصواب ما أثبته ، استظهار من عبارة الطبري ، فيما سلف من أشباه ذلك .

﴿ ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون ﴾

قراءة سورة البقرة

المصدر : تفسير : ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني