القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 78 سورة آل عمران - وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه

سورة آل عمران الآية رقم 78 : سبع تفاسير معتمدة

سورة وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه - عدد الآيات 200 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 78 من سورة آل عمران عدة تفاسير - سورة آل عمران : عدد الآيات 200 - - الصفحة 60 - الجزء 3.

سورة آل عمران الآية رقم 78


﴿ وَإِنَّ مِنۡهُمۡ لَفَرِيقٗا يَلۡوُۥنَ أَلۡسِنَتَهُم بِٱلۡكِتَٰبِ لِتَحۡسَبُوهُ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَمَا هُوَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ وَمَا هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ ﴾
[ آل عمران: 78]

﴿ التفسير الميسر ﴾

وإن مِن اليهود لَجماعةً يحرفون الكلام عن مواضعه، ويبدلون كلام الله؛ ليوهموا غيرهم أن هذا من الكلام المنزل، وهو التوراة، وما هو منها في شيء، ويقولون: هذا من عند الله أوحاه الله إلى نبيه موسى، وما هو من عند الله، وهم لأجل دنياهم يقولون على الله الكذب وهم يعلمون أنهم كاذبون.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«وإنَّ منهم» أي أهل الكتاب «لفريقا» طائفة ككعب بن الأشرف «يلوون ألسنتهم بالكتاب» أي يعطفونها بقراءته عن المنزل إلى ما حرفوه من نعت النبي صلى الله عليه وسلم ونحو «لتحسبوه» أي المحرف «من الكتاب» الذي أنزله الله «وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون» أنهم كاذبون.

﴿ تفسير السعدي ﴾

يخبر تعالى أن من أهل الكتاب فريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب، أي: يميلونه ويحرفونه عن المقصود به، وهذا يشمل اللي والتحريف لألفاظه ومعانيه، وذلك أن المقصود من الكتاب حفظ ألفاظه وعدم تغييرها، وفهم المراد منها وإفهامه، وهؤلاء عكسوا القضية وأفهموا غير المراد من الكتاب، إما تعريضا وإما تصريحا، فالتعريض في قوله لتحسبوه من الكتاب أي: يلوون ألسنتهم ويوهمونكم أنه هو المراد من كتاب الله، وليس هو المراد، والتصريح في قولهم: ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون وهذا أعظم جرما ممن يقول على الله بلا علم، هؤلاء يقولون على الله الكذب فيجمعون بين نفي المعنى الحق، وإثبات المعنى الباطل، وتنزيل اللفظ الدال على الحق على المعنى الفاسد، مع علمهم بذلك.


﴿ تفسير البغوي ﴾

قوله تعالى : ( وإن منهم لفريقا ) يعني : من أهل الكتاب لفريقا أي : طائفة ، وهم كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف وحيي بن أخطب وأبو ياسر وشعبة بن عمر الشاعر ، ( يلوون ألسنتهم بالكتاب ) أي : يعطفون ألسنتهم بالتحريف والتغيير وهو ما غيروا من صفة النبي صلى الله عليه وسلم وآية الرجم وغير ذلك ، يقال : لوى لسانه على كذا أي : غيره ، ( لتحسبوه ) أي : لتظنوا ما حرفوا ( من الكتاب ) الذي أنزله الله تعالى ، ( وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب ) عمدا ، ( وهم يعلمون ) أنهم كاذبون ، وقال الضحاك عن ابن عباس : إن الآية نزلت في اليهود والنصارى جميعا وذلك أنهم حرفوا التوراة والإنجيل وألحقوا بكتاب الله ما ليس منه .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم بين- سبحانه- بعض الرذائل التي صدرت عن فريق من أهل الكتاب فقال- تعالى-:وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ والضمير في قوله- تعالى- مِنْهُمْ يعود إلى أهل الكتاب الذين ذكر القرآن طرفا من رذائلهم ومسالكهم الخبيثة فيما سبق.
قال الفخر الرازي: اعلم أن هذه الآية وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً تدل على أن الآية المتقدمة وهي قوله- تعالى- إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ نازلة في اليهود بلا شك، لأن هذه الآية نازلة في حق اليهود وهي معطوفة على ما قبلها، فهذا يقتضى كون تلك الآية المتقدمة نازلة في اليهود أيضا «1» .
وقال ابن كثير: يخبر- سبحانه- عن اليهود- عليهم لعائن الله- أن منهم فريقا يحرفون الكلم عن مواضعه، ويبدلون كلام الله، ويزيلونه عن المراد ليوهموا الجهلة أنه في كتاب الله كذلك وينسبونه إلى الله.
وهم يعلمون من أنفسهم أنهم قد كذبوا وافتروا في ذلك كله» .
وقوله يَلْوُونَ مأخوذ من اللى.
وأصل اللى الميل يقال: لوى بيده ولوى برأسه إذا أماله.
والتوى الشيء إذا انحرف ومال عن الاستقامة إلى الاعوجاج والمعنى: «وإن من هؤلاء اليهود الذين كتموا الحق واشتروا بعهد الله وبأيمانهم ثمنا قليلا.
إن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب» أى يعمدون إلى كتاب الله فينطقون ببعض ألفاظه نطقا مائلا محرفا يتغير به المعنى من الوجه الصحيح الذي يفيده ظاهر اللفظ إلى معنى آخر سقيم لا يدل عليه اللفظ ولكنه يوافق أهواءهم ونواياهم السيئة، ومقاصدهم الذميمة.
وذلك كأن ينطقوا بكلمة راعِنا نطقا ملتويا يوافق في لغتهم كلمة قبيحة يقصدون بها الإساءة إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم.
وقد نهى الله- تعالى- المؤمنين عن مخاطبة النبي صلّى الله عليه وسلّم بأمثال هذه الألفاظ حتى لا يتخذها اليهود ذريعة للإساءة إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال- تعالى- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وكأن ينطقوا بكلمة «السلام عليكم» بقولهم: «السام عليكم» بحذف اللام يعنون الموت عليكم لأن السام معناه الموت.
وكأن يغيروا لفظا من كتابهم فيه ما يشهد بصدق النبي صلّى الله عليه وسلّم بلفظ آخر، أو يؤولوا المعاني تأويلا فاسدا، وقد وبخهم الله- تعالى- على هذا التحريف في كثير من آيات القرآن الكريم، ومن ذلك قوله- تعالى- أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ وقوله- تعالى- مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا .
وقوله- تعالى- وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً إنصاف منه- سبحانه- للفريق الذي لم يرتكب هذا الفعل الشنيع وهو تحريف كلامه- عز وجل- وتلك عادة القرآن في أحكامه لا يظلم أحدا ولكنه يمدح من يستحق المدح ويذم من يستحق الذم.
وقوله يَلْوُونَ صفة لقوله لَفَرِيقاً.
والباء في قوله بِالْكِتابِ بمعنى «في» مع حذف المضاف.
أى وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم في حال قراءتهم للكتاب، إما بحذف حروف يتغير المعنى بحذفها، أو بزيادة تفسد المعنى، أو بغير ذلك من وجوه التغيير والتبديل.
وقوله- تعالى- لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ بيان للدوافع السيئة التي دفعتهم إلى ارتكاب هذا التحريف الذميم.
والضمير المنصوب في قوله لِتَحْسَبُوهُ وكذلك ضمير الغائب هُوَ: يعودان إلى الكلام المحرف الذي لووا به ألسنتهم والمدلول عليه بقوله يَلْوُونَ.
أى إن من هؤلاء اليهود فريقا يلوون ألسنتهم في نطقهم بالكتاب ويحرفونه عن وجهه الصحيح، لتظنوا أيها المسلمون أن هذا المحرف الذي لووا به ألسنتهم من كتاب الله الذي أنزله على أنبيائه، والحق بأن هذا المحرف ليس من كتاب الله في شيء، وإنما هو من عند أنفسهم نطقوا به زورا وبهتانا إرضاء لأهوائهم.
وقوله مِنَ الْكِتابِ هو المفعول الثاني لقوله لِتَحْسَبُوهُ.
والمخاطب بقوله لِتَحْسَبُوهُ هم المسلمون وقال وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ بتكرار لفظ الكتاب، ولم يقل وما هو منه، للتنبيه على أن كتاب الله المنزل على موسى وعيسى- عليهما السلام- برىء كل البراءة من تحريفهم وتبديلهم، ومما يزعمونه ويفترونه عليه.
ثم بين- سبحانه- أنهم قد بلغت بهم الجرأة في الكذب والافتراء أنهم نسبوا هذا الذي حرفوه وغيروه من كتبهم إلى الله- تعالى- فقال: وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ.
وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ.
أى أن هؤلاء الذين يلوون ألسنتهم بالكتاب ليوهموا غيرهم بأن هذا المحرف من الكتاب، لا يكتفون بهذا التحريف، بل يقولون هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أى هذا المحرف هو نزل من عند الله هكذا، لم ننقص منه حرفا ولم نزد عليه حرفا، والحق أن هذا المحرف ليس من عند الله ولكنهم قوم ضالون يقولون على الله الكذب وهم يعلمون أنهم كاذبون.
ففي هذه الجملة الكريمة بيان لإصرارهم على الباطل، ولتعمدهم الكذب على الله، وتوبيخ لهم على هذا الافتراء العجيب.
وقد أكد الله جرأتهم في النطق بالزور والبهتان بمؤكدات منها:أن كذبهم لم يكن تعريضا وإنما كان في غاية الصراحة، فهم يقولون عن المحرف هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ.
وأن كذبهم لم يكن على البشر فحسب وإنما على الله الذي خلقهم والذي يعلم ما يسرون وما يعلنون وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ.
وأن كذبهم لم يكن عن جهل أو عن نسيان وإنما عن علم وإصرار على هذا الكذب، وهذا ما يشهد به قوله- تعالى- وَهُمْ يَعْلَمُونَ.
وهكذا القلوب إذا فسدت، واستولى عليها الحسد والجحود، ارتكبت كل رذيلة ومنكر بدون تفكر في العواقب، أو تدبر لما جاءت به الشرائع، وأمرت به العقول السليمة.
وفي هذه الآية ترى أن لفظ الجلالة اللَّهُ قد تكرر ثلاث مرات، كذلك لفظ الْكِتابَ تكرر ثلاث مرات، ولم يكتف بالضمير الذي يدل عليهما، وذلك لقصد الاهتمام باسم الله- تعالى- وباسم كتابه، وبالخبر المتعلق بهما، ولأن من عادة العرب أنهم إذا عظموا شيئا أعادوا ذكره، وقد جاء ذلك كثيرا في أشعارهم، ومنه قول الشاعر:لا أرى الموت يسبق الموت شيء .
.
.
نغص الموت ذا الغنى والفقيرافقصد الشاعر من تكرار لفظ الموت تفخيم شأنه وتهويل أمره.
وبذلك نرى أن القرآن الكريم قد توعد الذين يشترون بعهد الله وبأيمانهم ثمنا قليلا بأشد ألوان الوعيد، وكشف عن لون آخر من ألوان مكر بعض اليهود، وعن جرأتهم في النطق بالكذب عن تعمد وإصرار، حتى يحذرهم المسلمون.
ثم نزه الله- تعالى- أنبياءه- عليهم الصلاة والسّلام- وعلى رأسهم محمد صلّى الله عليه وسلّم عن أن يطلبوا من الناس أن يعبدوهم، عقب تنزيهه- سبحانه- لذاته عما تقوله المفترون فقال- تعالى-:

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

يخبر تعالى عن اليهود ، عليهم لعائن الله ، أن منهم فريقا يحرفون الكلم عن مواضعه ويبدلون كلام الله ، ويزيلونه عن المراد به ، ليوهموا الجهلة أنه في كتاب الله كذلك ، وينسبونه إلى الله ، وهو كذب على الله ، وهم يعلمون من أنفسهم أنهم قد كذبوا وافتروا في ذلك كله ، ولهذا قال : ( ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون )وقال مجاهد ، والشعبي ، والحسن ، وقتادة ، والربيع بن أنس : ( يلوون ألسنتهم بالكتاب ) يحرفونه .وهكذا روى البخاري عن ابن عباس : أنهم يحرفون ويزيدون وليس أحد من خلق الله يزيل لفظ كتاب من كتب الله ، لكنهم يحرفونه : يتأولونه على غير تأويله .وقال وهب بن منبه : إن التوراة والإنجيل كما أنزلهما الله لم يغير منهما حرف ، ولكنهم يضلون بالتحريف والتأويل ، وكتب كانوا يكتبونها من عند أنفسهم ، ( ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ) فأما كتب الله فإنها محفوظة ولا تحول .رواه ابن أبي حاتم ، فإن عنى وهب ما بأيديهم من ذلك ، فلا شك أنه قد دخلها التبديل والتحريف والزيادة والنقص ، وأما تعريب ذلك المشاهد بالعربية ففيه خطأ كبير ، وزيادات كثيرة ونقصان ، ووهم فاحش . وهو من باب تفسير المعبر المعرب ، وفهم كثير منهم بل أكثرهم بل جميعهم فاسد . وأما إن عنى كتب الله التي هي كتبه من عنده ، فتلك كما قال محفوظة لم يدخلها شيء .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى : وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمونيعني طائفة من اليهود .
يلوون ألسنتهم بالكتاب وقرأ أبو جعفر وشيبة " يلوون " على التكثير .
إذا أماله ; ومنه والمعنى يحرفون الكلم ويعدلون به عن القصد .
وأصل اللي الميل .
لوى بيده ، ولوى برأسه قوله تعالى : ليا بألسنتهم ; أي عنادا عن الحق وميلا عنه إلى غيره .
ومعنى ولا تلوون على أحد ; أي لا تعرجون عليه ; يقال لوى عليه إذا عرج وأقام .
واللي المطل .
لواه بدينه يلويه وليانا مطله .
قال :قد كنت داينت بها حسانا مخافة الإفلاس والليانا يحسن بيع الأصل والعياناوقال ذو الرمة :تريدين لياني وأنت ملية وأحسن يا ذات الوشاح التقاضياوفي الحديث لي الواجد يحل عرضه وعقوبته .
وألسنة جمع لسان في لغة من ذكر ، ومن أنث قال ألسن .

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله : وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وإنّ من أهل الكتاب = وهم اليهود الذين كانوا حَوالي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهده، من بني إسرائيل.
* * *و " الهاء والميم " في قوله: " منهم "، عائدة على أَهْلِ الْكِتَابِ الذين ذكرهم في قوله: وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ .
وقوله =" لفريقًا "، يعني: جماعة (1) =" يلوون "، يعني: يحرِّفون =" ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب "، يعني: لتظنوا أن الذي يحرّفونه بكلامهم من كتاب الله وتنزيله.
(2) يقول الله عز وجل: وما ذلك الذي لوَوْا به ألسنتهم فحرّفوه وأحدثوه من كتاب الله، (3) ويزعمون أن ما لووا به ألسنتهم من التحريف والكذب والباطل فألحقوه في كتاب الله =" من عند الله "، يقول: مما أنزله الله على أنبيائه =" وما هو من عند الله "، يقول: وما ذلك الذي لووا به ألسنتهم فأحدثوه، مما أنزله الله إلى أحد من أنبيائه، ولكنه مما أحدثوه من قِبَل أنفسهم افتراء على الله.
= يقول عز وجل: " ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون "، يعني بذلك: أنهم يتعمدون قِيلَ الكذب على الله، والشهادة عليه بالباطل، والإلحاقَ بكتاب الله ما ليس منه، طلبًا للرياسة والخسيس من حُطام الدنيا.
* * *وبنحو ما قلنا في معنى " يلوون ألسنتهم بالكتاب "، قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:7290 - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " وإن منهم لفريقًا يلوون ألسنتهم بالكتاب "، قال: يحرفونه.
7291- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
7292 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " وإن منهم لفريقًا يلوون ألسنتهم بالكتاب "، حتى بلغ: " وهم يعلمون "، هم أعداء الله اليهود، حرَّفوا كتابَ الله، وابتدعوا فيه، وزعموا أنه من عند الله.
7293 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع مثله.
7294 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: " وإن منهم لفريقًا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب "، وهم اليهود، كانوا يزيدون في كتاب الله ما لم ينزل اللهُ.
7295 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج: " وإن منهم لفريقًا يلوونَ ألسنتهم بالكتاب "، قال: فريقٌ من أهل الكتاب =" يلوون ألسنتهم "، وذلك تحريفهم إياه عن موضعه.
* * *قال أبو جعفر: وأصل " الليّ"، الفَتْل والقلب.
من قول القائل: " لوَى فلانٌ يدَ فلان "، إذا فَتلها وقَلبها، ومنه قول الشاعر: (4)لَوَى يَدَهُ اللهُ الَّذِي هُوَ غَالِبُهْ (5)يقال منه: " لوى يدَه ولسانه يلوي ليًّا " =" وما لوى ظهر فلان أحد "، إذا لم يصرعه أحدٌ، ولم يَفتل ظهره إنسان =" وإنه لألوَى بعيدُ المستمر "، إذا كان شديد الخصومة، صابرًا عليها، لا يُغلب فيها، قال الشاعر: (6)فَلَوْ كَانَ فِي لَيْلَى شَدًا مِنْ خُصُومَةٍلَلَوَّيْتُ أَعْنَاقَ الخُصُومِ المَلاوِيَا (7)----------------------------الهوامش :(1) انظر تفسير"فريق" فيما سلف 2: 244 ، 245 ، ثم 402 / 3: 549.
(2) في المطبوعة"لكلامهم" باللام ، ولم يحسن قراءة المخطوطة.
(3) قوله: "وما ذلك.
.
.
من كتاب الله": ليس ذلك.
.
.
من كتاب الله ، هذا هو السياق.
(4) هو فرعان بن الأعرف السعدي التميمي ، ويقال: فرعان بن أصبح بن الأعرف.
(5) كتاب العققة لأبي عبيدة (نوادر المخطوطات: 7) ص: 360 ، الحماسة 3: 10 ، معجم الشعراء: 317 ، العيني بهامش الخزانة 2: 398 ، واللسان (لوى) وسيأتي بتمامه في التفسير 15: 160 (بولاق) ، وغيرها ، أبيات يقولها فرعان بن الأعرف في ابنه منازل ، وكان عق أباه وضربه ، لأنه تزوج على أمه امرأة شابة ، فغضب لأمه ، ثم استاق مال أبيه واعتزل مع أمه ، فقال فيه:جَزَتْ رَحِمٌ بَيْني وَبَيْنَ مُنَازِلٍجَزَاءً, كَمَا يَسْتَنْزِلُ الدَّيْنَ طالِبُهْوَمَا كُنْتُ أَخْشَى أنْ يَكُونَ منازلٌعَدُوّي, وَأَدْنَى شَانِئٍ أَنَا رَاهِبُهْحَمَلْتُ عَلَى ظَهْرِي, وفَدَّيْتُ صَاحِبيصَغِيرًا, إلَى أَنْ أَمْكَنَ الطَّرَّ شَارِبُهْوَأَطْعَمْتُه, حَتَّى إِذَا صَارَ شَيْظَمًايَكادُ يُسَاوِي غَارِبَ الفَحْلِ غَارِبُهْتَخَوّنَ مالِي ظَالِمًا, وَلَوَى يَدِي!لَوَى يَدَه اللهُ الَّذِي هُو غَالِبُهْمن أبيات كثيرة ، فيقال: إن منازلا ، أصبح وقد لوى الله يده.
ثم ابتلاه الله بابن آخر عقه كما عق أباه ، واستاق ماله ، فقال فيه:تَظَلَّمَنِي مَالِي خَليجٌ وعَقَّنِيعَلَى حِينَ كَانَتْ كالحَنيِّ عظاميفي أبيات.
وقد أتم البيت أبو جعفر في التفسير بعد ، وصدره هناك: "تظلمني مالي كذا ، ولوى يدي".
وهي إحدى الروايات فيه.
(6) هو مجنون بني عامر.
(7) ليس في ديوانه ، وهو في الأغاني 2: 38 ، مع أبيات ، واللسان (شدا) ، (شذا) ، (لوى) ، وغيرها ، وقبله:يَقُولُ أُنَاسٌ: عَلَّ مَجْنُونَ عَامِرٍيَرُومُ سُلُوًّا! قُلْتُ: إِنِّي لِمَا بِيَاوَقَدْ لاَمَنِي في حُبِّ لَيْلَى أَقَارِبِيأَخِي, وَابْنُ عَمِّي, وَابنُ خَالِي, وَخَالِيَايَقُولُونَ: لَيْلَى أَهْلُ بَيْتِ عَدَاوة!!بِنَفْسِي لَيْلَى من عَدُوٍّ ومَالِيَاورواية اللسان وغيره: "أعناق المطى" ، ورواية صاحب الأغاني"أعناق الخصوم" كما رواها أبو جعفر ، ولكن من سوء صنيع ناشري الأغاني أنهم خالفوا أصول الأغاني جميعًا ، لرواية أخرى ، مع صحة الرواية التي طرحوها ، وهي رواية أبي جعفر وأبي الفرج ، وقوله: "شدًا من خصومة" ، ويروى"شذًا من خصومة".
والشذا: حد كل شيء.
ومن معانيه أيضًا طرف من الشيء ، أو بقية منه.
و"الملاوي" جمع"ملوى" مصدر ميمي من"لوى".
يقول: لو خاصموني في ليلى خصومة حديدة ، لفتلت أعناقهم حتى أذهب بأرواحهم.
وأما رواية"المطى" مكان"الخصوم" ، وهي رواية ابن الأعرابي ، فكأنه يقول: لو علمت في ليلى بعض ما يقولون من الخصومة والعداوة لأهلي وعشيرتي ، لأعرضت عنها إعراض من يأنف لعشيرته ويحمى لها غضبًا وحفيظة ، ولفارقتها.

﴿ وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ﴾

قراءة سورة آل عمران

المصدر : تفسير : وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه