القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 8 سورة الممتحنة - لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم

سورة الممتحنة الآية رقم 8 : سبع تفاسير معتمدة

سورة لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم - عدد الآيات 13 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 8 من سورة الممتحنة عدة تفاسير - سورة الممتحنة : عدد الآيات 13 - - الصفحة 550 - الجزء 28.

سورة الممتحنة الآية رقم 8


﴿ لَّا يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَلَمۡ يُخۡرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ أَن تَبَرُّوهُمۡ وَتُقۡسِطُوٓاْ إِلَيۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ ﴾
[ الممتحنة: 8]

﴿ التفسير الميسر ﴾

لا ينهاكم الله -أيها المؤمنون- عن الذين550 لم يقاتلوكم من الكفار بسبب الدين، ولم يخرجوكم من دياركم أن تكرموهم بالخير، وتعدلوا فيهم بإحسانكم إليهم وبرِّكم بهم. إن الله يحب الذين يعدلون في أقوالهم وأفعالهم.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم» من الكفار «في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم» بدل اشتمال من الذين «وتقسطوا» تفضوا «إليهم» بالقسط، أي بالعدل وهذا قبل الأمر بجهادهم «إن الله يحب المقسطين» بالعادلين.

﴿ تفسير السعدي ﴾

ولما نزلت هذه الآيات الكريمات، المهيجة على عداوة الكافرين، وقعت من المؤمنين كل موقع، وقاموا بها أتم القيام، وتأثموا من صلة بعض أقاربهم المشركين، وظنوا أن ذلك داخل فيما نهى الله عنه.
فأخبرهم الله أن ذلك لا يدخل في المحرم فقال: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ أي: لا ينهاكم الله عن البر والصلة، والمكافأة بالمعروف، والقسط للمشركين، من أقاربكم وغيرهم، حيث كانوا بحال لم ينتصبوا لقتالكم في الدين والإخراج من دياركم، فليس عليكم جناح أن تصلوهم، فإن صلتهم في هذه الحالة، لا محذور فيها ولا مفسدة كما قال تعالى عن الأبوين المشركين إذا كان ولدهما مسلما: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا

﴿ تفسير البغوي ﴾

ثم رخص الله تعالى في صلة الذين لم يعادوا المؤمنين ولم يقاتلوهم فقال : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم ) ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم ) أي لا ينهاكم الله عن بر الذين لم يقاتلوكم ( وتقسطوا إليهم ) تعدلوا فيهم بالإحسان والبر ( إن الله يحب المقسطين ) قال ابن عباس : نزلت في خزاعة كانوا قد صالحوا النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن لا يقاتلوه ولا يعينوا عليه أحدا فرخص الله في برهم .
وقال عبد الله بن الزبير : نزلت في أسماء بنت أبي بكر وذلك أن أمها قتيلة بنت عبد العزى قدمت عليها المدينة بهدايا ضبابا وأقطا وسمنا وهي مشركة فقالت أسماء : لا أقبل منك هدية ولا تدخلي علي بيتي حتى أستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله هذه الآية فأمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تدخلها منزلها وتقبل هديتها وتكرمها وتحسن إليها .
أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا قتيبة حدثنا حاتم عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومدتهم مع أبيها فاستفتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت : يا رسول الله إن أمي قدمت علي وهي راغبة أفأصلها قال : صليها .
وروي عن ابن عيينة قال : فأنزل الله فيها " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين " .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم بين- سبحانه- للمؤمنين القاعدة التي يسيرون عليها في مودتهم وعداوتهم وصلتهم ومقاطعتهم.
فقال- تعالى-: لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ، أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ.
وقد ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآية والتي بعدها روايات منها، ما أخرجه البخاري وغيره عن أسماء بنت أبى بكر الصديق قالت: أتتنى أمى راغبة- أى: في عطائي- وهي مشركة في عهد قريش .
.
.
فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أأصلها؟ فأنزل الله- تعالى-:لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم صلى أمك» .
وروى الإمام أحمد وجماعة عن عبد الله بن الزبير قال: قدمت قتيلة بنت عبد العزى- وهي مشركة- على ابنتها أسماء بنت أبى بكر بهدايا، فأبت أسماء أن تقبل هديتها، أو تدخلها بيتها، حتى أرسلت إلى عائشة، لكي تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا، فسألته، فأنزل الله- تعالى- لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ.
وقال الحسن وأبو صالح: نزلت هذه الآية في قبائل من العرب كانوا قد صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم على أن لا يقاتلوه، ولا يعينوا عليه.
وقال مجاهد: نزلت في قوم بمكة آمنوا ولم يهاجروا، فكان المهاجرون والأنصار يتحرجون من برهم، لتركهم فرض الهجرة.
قال الآلوسى- بعد أن ذكر هذه الروايات وغيرهما-: والأكثرون على أنها في كفرة اتصفوا بما في حيز الصلة.
.
.
والذي تطمئن إليه النفس أن هاتين الآيتين، ترسمان للمسلمين المنهج الذي يجب أن يسيروا عليه مع غيرهم، وهو أن من لم يقاتلنا من الكفار، ولم يعمل أو يساعد على إلحاق الأذى والضرر بنا، فلا يأس من بره وصلته.
ومن قاتلنا، وحاول إيذاءنا منهم.
فعلينا أن نقطع صلتنا به، وأن نتخذ كافة الوسائل لردعه وتأديبه، حتى لا يتجاوز حدوده معنا.
والمعنى: لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ- تعالى- أيها المؤمنون- عَنِ مودة وصلة الكافرين الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ، فِي الدِّينِ، وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أى: لم يقاتلوكم من أجل أنكم مسلمون، ولم يحاولوا إلحاق أى أذى بكم، كالعمل على إخراجكم من دياركم.
لا ينهاكم الله- تعالى- عن أَنْ تَبَرُّوهُمْ أى: عن أن تحسنوا معاملتهم وتكرموهم.
وعن أن تُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ أى تقضوا إليهم بالعدل، وتعاملوهم بمثل معاملتهم لكم، ولا تجوروا عليهم في حكم من الأحكام.
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ أى العادلين في أقوالهم وأفعالهم وأحكامهم، الذين ينصفون الناس، ويعطونهم العدل من أنفسهم، ويحسنون إلى من أحسن إليهم.

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

وقوله تعالى : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ) أي لا ينهاكم عن الإحسان إلى الكفرة الذين لا يقاتلونكم في الدين ، كالنساء والضعفة منهم ، ( أن تبروهم ) أي : تحسنوا إليهم ( وتقسطوا إليهم ) أي : تعدلوا ( إن الله يحب المقسطين ) .قال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا هشام بن عروة ، عن فاطمة بنت المنذر ، عن أسماء - هي بنت أبي بكر ، رضي الله عنهما - قالت : قدمت أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدوا ، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت : يا رسول الله ، إن أمي قدمت وهي راغبة ، أفأصلها ؟ قال : " نعم ، صلي أمك " أخرجاه .وقال الإمام أحمد : حدثنا عارم ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، حدثنا مصعب بن ثابت ، حدثنا عامر بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه قال : قدمت قتيلة على ابنتها أسماء بنت أبي بكر بهدايا : صناب ، وأقط ، وسمن ، وهي مشركة ، فأبت أسماء أن تقبل هديتها ، وأن تدخلها بيتها ، فسألت عائشة النبي - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله ، عز وجل : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ) إلى آخر الآية ، فأمرها أن تقبل هديتها ، وأن تدخلها بيتها .وهكذا رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، من حديث مصعب بن ثابت به . وفي رواية لأحمد ، وابن جرير : " قتيلة بنت عبد العزى بن عبد أسعد من بني مالك بن حسل . وزاد ابن أبي حاتم : " في المدة التي كانت بين قريش ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - " .وقال أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار : حدثنا عبد الله بن شبيب ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا أبو قتادة العدوي ، عن ابن أخي الزهري ، عن الزهري ، عن عروة عن عائشة وأسماء أنهما قالتا : قدمت علينا أمنا المدينة وهي مشركة ، في الهدنة التي كانت بين قريش وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلنا : يا رسول الله ، إن أمنا قدمت علينا المدينة راغبة ، أفنصلها ؟ قال : " نعم ، فصلاها " .ثم قال : وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة إلا من هذا الوجه .قلت : وهو منكر بهذا السياق ; لأن أم عائشة هي أم رومان ، وكانت مسلمة مهاجرة ، وأم أسماء غيرها ، كما هو مصرح باسمها في هذه الأحاديث المتقدمة والله أعلم .وقوله : ( إن الله يحب المقسطين ) تقدم تفسير ذلك في سورة " الحجرات " ، وأورد الحديث الصحيح : " المقسطون على منابر من نور عن يمين العرش ، الذين يعدلون في حكمهم ، وأهاليهم ، وما ولوا " .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين فيه ثلاث مسائل :الأولى : هذه الآية رخصة من الله تعالى في صلة الذين لم يعادوا المؤمنين ولم يقاتلوهم .
قال ابن زيد : كان هذا في أول الإسلام عند الموادعة وترك الأمر بالقتال ثم نسخ .
قال قتادة : نسختها فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم .
وقيل : كان هذا الحكم لعلة وهو الصلح ، فلما زال الصلح بفتح مكة نسخ الحكم وبقي الرسم يتلى .
وقيل : هي مخصوصة في حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم ومن بينه وبينه عهد لم ينقضه ; قاله الحسن .
الكلبي : هم خزاعة وبنو الحارث بن عبد مناف .
وقاله أبو صالح ، وقال : هم خزاعة .
وقال مجاهد : هي مخصوصة في الذين آمنوا ولم يهاجروا .
وقيل : يعني به النساء والصبيان لأنهم ممن لا يقاتل ; فأذن الله في برهم .
حكاه بعض المفسرين .
وقال أكثر أهل التأويل : هي محكمة .
واحتجوا بأن أسماء بنت أبي بكر سألت النبي صلى الله عليه وسلم : هل تصل أمها حين قدمت عليها مشركة ؟ قال : " نعم " خرجه البخاري ومسلم .
وقيل : إن الآية فيها نزلت .
روى عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه : أن أبا بكر الصديق طلق امرأته قتيلة في الجاهلية ، وهي أم أسماء بنت أبي بكر ، فقدمت عليهم في المدة التي كانت فيها المهادنة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش ، فأهدت إلى أسماء بنت أبي بكر الصديق قرطا وأشياء ; فكرهت أن تقبل منها حتى أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له ، فأنزل الله تعالى : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين .
ذكر هذا الخبر الماوردي وغيره ، وخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده .
الثانية : قوله تعالى : " أن تبروهم " أن في موضع خفض على البدل من الذين ; أي لا ينهاكم الله عن أن تبروا الذين لم يقاتلوكم .
وهم خزاعة ، صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم على ألا يقاتلوه ولا يعينوا عليه أحدا ; فأمر ببرهم والوفاء لهم إلى أجلهم ; حكاه الفراء .
" وتقسطوا إليهم " أي تعطوهم قسطا من أموالكم على وجه الصلة .
وليس يريد به من العدل ; فإن العدل واجب فيمن قاتل وفيمن لم يقاتل ; قاله ابن العربي .
الثالثة : قال القاضي أبو بكر في كتاب الأحكام له : " استدل به بعض من تعقد عليه الخناصر على وجوب نفقة الابن المسلم على أبيه الكافر .
وهذه وهلة عظيمة ، إذ الإذن في الشيء أو ترك النهي عنه لا يدل على وجوبه ، وإنما يعطيك الإباحة خاصة .
وقد بينا أن إسماعيل بن إسحاق القاضي دخل عليه ذمي فأكرمه ، فأخذ عليه الحاضرون في ذلك ; فتلا هذه الآية عليهم " .

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله تعالى : لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8)يقول تعالى ذكره: ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ) من أهل مكة ( وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ) يقول: وتعدلوا فيهم بإحسانكم إليهم، وبرّكم بهم.
واختلف أهل التأويل في الذين عُنُوا بهذه الآية، فقال بعضهم: عُني بها: الذين كانوا آمنوا بمكة ولم يهاجروا، فأذن الله للمؤمنين ببرّهم والإحسان إليهم.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ) أن تستغفروا لهم، ( أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ) ؛ قال: وهم الذين آمنوا بمكة ولم يهاجروا.
وقال آخرون: عني بها من غير أهل مكة من لم يهاجر.
* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن إبراهيم الأنماطيّ، قال: ثنا هارون بن معروف، قال: ثنا بشر بن السريّ، قال: ثنا مصعب بن ثابت، عن عمه عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، قال: نزلت في أسماء بنت أبي بكر، وكانت لها أمّ فى الجاهلية يقال لها قّتَيلة ابنة عبد العُزّى، فأتتها بهدايا وصناب وأقط وسَمْن، فقالت: لا اقبل لك هدية، ولا تدخلي عليّ حتى يأذن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فذكرت ذلك عائشة لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فأنزل الله ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ) .
.
.
إلى قوله: ( الْمُقْسِطِينَ ) .
قال ثنا إبراهيم بن الحجاج، قال: ثنا عبد الله بن المبارك، قال: ثنا مصعب بن ثابت، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، قال: قَدِمَتْ قُتَيلة بنت عبد العُزّى بن سعد من بني مالك بن حِسْل على ابنتها أسماء بنت أبي بكر، فذكر نحوه.
وقال آخرون: بل عُنِي بها من مشركي مكة من لم يقاتل المؤمنين، ولم &;يخرجوهم من ديارهم؛ قال: ونسخ الله ذلك بعدُ بالأمر بقتالهم.
* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: وسألته عن قول الله عزّ وجلّ: ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ ) .
.
.
الآية، فقال: هذا قد نسخ، نَسَخَه، القتال، أمروا أن يرجعوا إليهم بالسيوف، ويجاهدوهم بها، يضربونهم، وضرب الله لهم أجلَ أربعة أشهر، إما المذابحة، وإما الإسلام.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ ) .
.
.
الآية، قال: نسختها فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: عُنِي بذلك: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين، من جميع أصناف الملل والأديان أن تبرُّوهم وتصلوهم، وتقسطوا إليهم، إن الله عزّ وجلّ عمّ بقوله: ( الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ) جميع من كان ذلك صفته، فلم يخصصْ به بعضًا دون بعض، ولا معنى لقول من قال: ذلك منسوخ، لأن برّ المؤمن من أهل الحرب ممن بينه وبينه قرابة نسب، أو ممن لا قرابة بينه وبينه ولا نسب غير محرّم ولا منهيّ عنه إذا لم يكن في ذلك دلالة له، أو لأهل الحرب على عورة لأهل الإسلام، أو تقوية لهم بكُراع أو سلاح.
قد بين صحة ما قلنا في ذلك، الخبر الذي ذكرناه عن ابن الزبيرفي قصة أسماء وأمها.
وقوله: ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) يقول: إن الله يحبّ المنصفين الذين ينصفون الناس، ويعطونهم الحقّ والعدل من أنفسهم، فيبرّون من برّهم، ويُحْسنون إلى من أحسن إليهم.

﴿ لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ﴾

قراءة سورة الممتحنة

المصدر : تفسير : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم