القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 81 سورة البقرة - بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته

سورة البقرة الآية رقم 81 : سبع تفاسير معتمدة

سورة بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته - عدد الآيات 286 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 81 من سورة البقرة عدة تفاسير - سورة البقرة : عدد الآيات 286 - - الصفحة 12 - الجزء 1.

سورة البقرة الآية رقم 81


﴿ بَلَىٰۚ مَن كَسَبَ سَيِّئَةٗ وَأَحَٰطَتۡ بِهِۦ خَطِيٓـَٔتُهُۥ فَأُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴾
[ البقرة: 81]

﴿ التفسير الميسر ﴾

فحُكْمُ الله ثابت: أن من ارتكب الآثام حتى جَرَّته إلى الكفر، واستولت عليه ذنوبه مِن جميع جوانبه وهذا لا يكون إلا فيمن أشرك بالله، فالمشركون والكفار هم الذين يلازمون نار جهنم ملازمة دائمةً لا تنقطع.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«بلى» تمسكم وتخلدون فيها «من كسب سيئة» شركاً «وأحاطت به خطيئته» بالإفراد والجمع أي استولت عليه وأحدقت به من كل جانب بأن مات مشركاً «فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون» روعي فيه معنى من.

﴿ تفسير السعدي ﴾

ثم ذكر تعالى حكما عاما لكل أحد, يدخل به بنو إسرائيل وغيرهم, وهو الحكم الذي لا حكم غيره, لا أمانيهم ودعاويهم بصفة الهالكين والناجين، فقال: بَلَى أي: ليس الأمر كما ذكرتم, فإنه قول لا حقيقة له، ولكن مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وهو نكرة في سياق الشرط, فيعم الشرك فما دونه، والمراد به هنا الشرك, بدليل قوله: وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ أي: أحاطت بعاملها, فلم تدع له منفذا, وهذا لا يكون إلا الشرك, فإن من معه الإيمان لا تحيط به خطيئته.
فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وقد احتج بها الخوارج على كفر صاحب المعصية, وهي حجة عليهم كما ترى, فإنها ظاهرة في الشرك, وهكذا كل مبطل يحتج بآية, أو حديث صحيح على قوله الباطل فلا بد أن يكون فيما احتج به حجة عليه.


﴿ تفسير البغوي ﴾

بلى وبل وبلى: حرفا استدراك ومعناهما نفي الخبر الماضي وإثبات الخبر المستقبل.
من كسب سيئة يعني الشرك.
وأحاطت به خطيئته قرأ أهل المدينة خطيئاته بالجمع، والإحاطة الإحداق بالشيء من جميع نواحيه.
قال ابن عباس وعطاء والضحاك وأبو العالية والربيع وجماعة: "هي الشرك يموت عليه".
وقيل: السيئة الكبيرة.
والإحاطة به أن يصر عليها فيموت غير تائب.
قال عكرمة والربيع بن خيثم وقال مجاهد: "هي الذنوب تحيط القلب، كلما أذنب ذنباً ارتفعت (حتى تغشى) القلب وهي الرين".
قال الكلبي: "أوبقته ذنوبه، دليله قوله تعالى: إلا أن يحاط بكم [66-يوسف] أي تهلكوا".
فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم ساق- سبحانه- آية أبطلت مدعاهم عن طريق إثبات ما نفوه فقال تعالى: بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ، فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ.
بلى حرف جواب يجيء لإثبات فعل ورد قبلها منفيا، والفعل المنفي هنا هو قول اليهود «لن تمسنا النار إلا أياما معدودة» فجاءت «بلى» لإثبات أن النار تمسهم أكثر مما زعموا فهم فيها خالدون جزاء كفرهم وكذبهم.
ومعنى الآية الكريمة: ليس الأمر كما تدعون أيها اليهود، من أن النار لن تمسكم إلا أياما معدودة، بل الحق أنكم ستخلدون فيها.
فكل من كسب شركا مثلكم، واستولت عليه خطاياه، وأحاطت به كما يحيط السرادق بمن في داخله، ومات على ذلك دون أن يدخل الإيمان قلبه ويتوب إلى ربه فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.
فالآية الكريمة فيها إبطال لمدعاهم، وإثبات لما نفوه، على وجه يشملهم ويشمل جميع من يقول قولهم، ويكفر كفرهم.
هذا والمراد بالسيئة هنا الشرك بالله كما قال جمهور المفسرين لورود الآثار عن السلف بذلك، وفائدة الإتيان بقوله تعالى وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ بعد ذلك، الإشعار بأن الخطيئة إذا أحاطت بصاحبها أخذت بمجامع قلبه فحرمته الإيمان، وأخذت بلسانه فمنعته عن أن ينطق به.
وقوله تعالى فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ بيان لما أعد لهم من عقوبات جزاء كفرهم وكذبهم على الله، فهم يوم القيامة سيكونون أصحابا للنار ملازمين لها على التأييد لإيثارهم في الحياة الدنيا ما يوردهم سعيرها، وهو الكفر وسوء الأفعال على ما يدخلهم الجنة وهو الإيمان وصالح الأعمال.

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

يقول تعالى : ليس الأمر كما تمنيتم ، ولا كما تشتهون ، بل الأمر : أنه من عمل سيئة وأحاطت به خطيئته ، وهو من وافى يوم القيامة وليس له حسنة ، بل جميع عمله سيئات ، فهذا من أهل النار ، والذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الصالحات من العمل الموافق للشريعة فهم من أهل الجنة . وهذا المقام شبيه بقوله تعالى : ( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا ) [ النساء : 123 ، 124 ] .قال محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن أبي محمد ، عن سعيد أو عكرمة عن ابن عباس : ( بلى من كسب سيئة ) أي : عمل مثل أعمالكم ، وكفر بمثل ما كفرتم به ، حتى يحيط به كفره فما له من حسنة .وفي رواية عن ابن عباس ، قال : الشرك .قال ابن أبي حاتم : وروي عن أبي وائل ، وأبي العالية ، ومجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، وقتادة ، والربيع بن أنس ، نحوه .وقال الحسن أيضا والسدي : السيئة : الكبيرة من الكبائر .وقال ابن جريج ، عن مجاهد : ( وأحاطت به خطيئته ) قال : بقلبه .وقال أبو هريرة ، وأبو وائل ، وعطاء ، والحسن : ( وأحاطت به خطيئته ) قالوا : أحاط به شركه .وقال الأعمش ، عن أبي رزين ، عن الربيع بن خثيم : ( وأحاطت به خطيئته ) قال : الذي يموت على خطايا من قبل أن يتوب . وعن السدي ، وأبي رزين ، نحوه .وقال أبو العالية ، ومجاهد ، والحسن ، في رواية عنهما ، وقتادة ، والربيع بن أنس : ( وأحاطت به خطيئته ) الكبيرة الموجبة .وكل هذه الأقوال متقاربة في المعنى ، والله أعلم . ويذكر هاهنا الحديث الذي رواه الإمام أحمد حيث قال :حدثنا سليمان بن داود ، حدثنا عمرو بن قتادة عن عبد ربه ، عن أبي عياض ، عن عبد الله بن مسعود : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم ومحقرات الذنوب ، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه " . وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب لهن مثلا كمثل قوم نزلوا بأرض فلاة ، فحضر صنيع القوم ، فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود ، والرجل يجيء بالعود ، حتى جمعوا سوادا ، وأججوا نارا ، فأنضجوا ما قذفوا فيها .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى : بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدونفيه ثلاث مسائل : الأولى : قوله تعالى : بلى أي ليس الأمر كما ذكرتم .
قال سيبويه : ليس " بلى " و " نعم " اسمين .
وإنما هما حرفان مثل " بل " وغيره ، وهي رد لقولهم : لن تمسنا النار .
وقال الكوفيون : أصلها بل التي للإضراب عن الأول ، زيدت عليها الياء ليحسن الوقف ، وضمنت الياء معنى الإيجاب والإنعام .
ف " بل " تدل على رد الجحد ، والياء تدل على الإيجاب لما بعد .
قالوا : ولو قال قائل : ألم تأخذ دينارا ؟ فقلت : نعم ، لكان المعنى لا ، لم آخذ ; لأنك حققت النفي وما بعده .
فإذا قلت : بلى ، صار المعنى قد أخذت .
قال الفراء : إذا قال الرجل لصاحبه : ما لك علي شيء ، فقال الآخر : نعم ، كان ذلك تصديقا ; لأن لا شيء له عليه ، ولو قال : بلى ، كان ردا لقوله ، وتقديره : بلى لي عليك .
وفي التنزيل ألست بربكم قالوا بلى ولو قالوا نعم لكفروا .
الثانية : قوله : سيئة السيئة الشرك .
قال ابن جريج قلت لعطاء : " من كسب سيئة " ؟ قال : الشرك ، وتلا ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار .
وكذا قال الحسن وقتادة ، قالا : والخطيئة الكبيرة .
الثالثة : لما قال تعالى : بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته دل على أن المعلق على شرطين لا يتم بأقلهما ، ومثله قوله تعالى : إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ، وقوله عليه السلام لسفيان بن عبد الله الثقفي وقد قال له : يا رسول الله ، قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك .
قال : قل آمنت بالله ثم استقم .
رواه مسلم .
وقد مضى القول في هذا المعنى وما للعلماء فيه عند قوله تعالى لآدم وحواء : ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين .
وقرأ نافع " خطيئاته " بالجمع ، الباقون بالإفراد ، والمعنى الكثرة ، مثل قوله تعالى : وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها .

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله تعالى : بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةًقال أبو جعفر: وقوله: (بلى من كسب سيئة) تكذيب من الله القائلين من اليهود: لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً وإخبار منه لهم أنه معذب من أشرك ومن كفر به وبرسله، وأحاطت به ذنوبه، فمخلده في النار، (39) فإن الجنة لا يسكنها إلا أهل الإيمان به وبرسوله, وأهل الطاعة له, والقائمون بحدوده كما:-1420 - حدثنا محمد بن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني محمد بن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد, عن سعيد بن جبير أو عكرمة, عن ابن عباس: (بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته) أي: من عمل مثل أعمالكم، وكفر بمثل ما كفرتم به، حتى يحيط كفره بما له من حسنة, فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.
* * *قال أبو جعفر: وأما(بلى)، فإنها إقرار في كل كلام في أوله جحد, كما " نعم " إقرار في الاستفهام الذي لا جحد فيه.
وأصلها " بل " التي هي رجوع عن الجحد المحض في قولك: " ما قام عمرو بل زيد ".
فزيد فيها " الياء " ليصلح عليها الوقوف، إذ كانت " بل " لا يصلح عليها الوقوف, إذ كانت عطفا ورجوعا عن الجحد.
ولتكون - أعني" بلى " - رجوعا عن الجحد فقط, وإقرارا بالفعل الذي بعد الجحد، فدلت " الياء " منها على معنى الإقرار والإنعام.
(40) ودل لفظ " بل " عن الرجوع عن الجحد.
(41)* * *قال أبو جعفر: وأما " السيئة " التي ذكر الله في هذا المكان، فإنها الشرك بالله كما:-1421 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا يحيى بن سعيد, عن سفيان قال، حدثني عاصم, عن أبي وائل: (بلى من كسب سيئة)، قال: الشرك بالله.
1422 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (بلى من كسب سيئة) شركا.
1423 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مثله.
1424 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد, عن قتادة، قوله: (بلى من كسب سيئة)، قال: أما السيئة فالشرك.
1425 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة مثله.
1426 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (بلى من كسب سيئة)، أما السيئة، فهي الذنوب التي وعد عليها النار.
1427 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال، قلت لعطاء: (بلى من كسب سيئة)، قال: الشرك - قال ابن جريج قال، قال مجاهد: (سيئة) شركا.
1428 - حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع قوله: (بلى من كسب سيئة)، يعني: الشرك.
* * *قال أبو جعفر: وإنما قلنا إن " السيئة " - التي ذكر الله جل ثناؤه أن من كسبها وأحاطت به خطيئته، فهو من أهل النار المخلدين فيها - في هذا الموضع, إنما عنى الله بها بعض السيئات دون بعض, وإن كان ظاهرها في التلاوة عاما, (42) لأن الله قضى على أهلها بالخلود في النار.
والخلود في النار لأهل الكفر بالله دون أهل الإيمان به، لتظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أهل الإيمان لا يخلدون فيها, وأن الخلود في النار لأهل الكفر بالله دون أهل الإيمان.
فإن الله جل ثناؤه قد قرن بقوله: (بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) - قوله - وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ .
فكان معلوما بذلك أن الذين لهم الخلود في النار من أهل السيئات, غير الذين لهم الخلود في الجنة من أهل الإيمان.
* * *فإن ظن ظان أن الذين لهم الخلود في الجنة من الذين آمنوا، هم الذين عملوا الصالحات، دون الذين عملوا السيئات, فإن في إخبار الله = أنه مكفر - باجتنابنا كبائر ما ننهى عنه سيئاتنا, ومدخلُنا المُدخلَ الكريم = ما ينبئ عن صحة ما قلنا في تأويل قوله: (بلى من كسب سيئة)، بأن ذلك على خاص من السيئات دون عامها.
* * *فإن قال لنا قائل: فإن الله جل ثناؤه إنما ضمن لنا تكفير سيئاتنا باجتنابنا كبائر ما ننهى عنه, فما الدلالة على أن الكبائر غير داخلة في قوله: (بلى من كسب سيئة)؟قيل: لما صح من أن الصغائر غير داخلة فيه, وأن المعنيَّ بالآية خاص دون عام, ثبت وصح أن القضاء والحكم بها غير جائز لأحد على أحد، إلا على من وقفه الله عليه بدلالة من خبر قاطع عذرَ من بلغه.
وقد ثبت وصح أن الله تعالى ذكره قد عنى بذلك أهل الشرك والكفر به, بشهادة جميع الأمة.
فوجب بذلك القضاء على أن أهل الشرك والكفر ممن عناه الله بالآية.
فأما أهل الكبائر، فإن الأخبار القاطعة عذر من بلغته، قد تظاهرت عندنا بأنهم غير معنيين بها.
فمن أنكر ذلك - ممن دافع حجة الأخبار المستفيضة والأنباء المتظاهرة - فاللازم له ترك قطع الشهادة على أهل الكبائر بالخلود في النار، بهذه الآية ونظائرها التي جاءت بعمومهم في الوعيد.
إذ كان تأويل القرآن غير مدرك إلا ببيان من جعل الله إليه بيان القرآن, وكانت الآية يأتي عاما في صنف ظاهرها, وهي خاص في ذلك الصنف باطنها.
(43)ويسأل مدافعو الخبر بأن أهل الكبائر من أهل الاستثناء، سؤالَنا منكر رجم الزاني المحصن, وزوال فرض الصلاة عن الحائض في حال الحيض.
فإن السؤال عليهم، نظير السؤال على هؤلاء، سواء.
(44)* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (وأحاطت به خطيئته)، اجتمعت عليه فمات عليها، قبل الإنابة والتوبة منها.
* * *وأصل " الإحاطة بالشيء "، الإحداق به، بمنزلة " الحائط" الذي تحاط به الدار فتحدق به.
ومنه قول الله جل ثناؤه: نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا [ الكهف: 29].
* * *فتأويل الآية إذًا: من أشرك بالله، واقترف ذنوبا جمة فمات عليها قبل الإنابة والتوبة, فأولئك أصحاب النار هم فيها مخلدون أبدا.
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال المتأولون.
* ذكر من قال ذلك:1429 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان, عن سفيان, عن الأعمش, عن أبي روق, عن الضحاك: (وأحاطت به خطيئته)، قال: مات بذنبه.
1430 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا جرير بن نوح قال، حدثنا الأعمش, عن أبي رزين, عن الربيع بن خُثَيم: (وأحاطت به خطيئته)، قال: مات عليها.
(45)1431 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، أخبرني ابن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد, عن سعيد بن جبير أو عكرمة, عن ابن عباس: (وأحاطت به خطيئته)، قال: يحيط كفره بما له من حسنة.
1432 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثني عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (وأحاطت به خطيئته)، قال: ما أوجب الله فيه النار.
1433 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: (وأحاطت به خطيئته)، قال: أما الخطيئة فالكبيرة الموجبة.
1434 - حدثنا الحسن قال، أخبرنا عبد الرزاق[قال، أخبرنا معمر], عن قتاده: (وأحاطت به خطيئته)، قال: الخطيئة: الكبائر.
1435 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا وكيع ويحيى بن آدم, عن سلام بن مسكين قال: سأل رجل الحسن عن قوله: (وأحاطت به خطيئته)، فقال: ما ندري ما الخطيئة، يا بني اتل القرآن, فكل آية وعد الله عليها النار، فهي الخطيئة.
1436 - حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا سفيان, عن منصور, عن مجاهد في قوله: بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ ، قال: كل ذنب محيط، فهو ما وعد الله عليه النار.
1437 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا سفيان, عن الأعمش, عن أبي رزين: (وأحاطت به خطيئته)، قال: مات بخطيئته.
1438 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا الأعمش قال، حدثنا مسعود أبو رزين, عن الربيع بن خثيم في قوله: (وأحاطت به خطيئته)، قال: هو الذي يموت على خطيئته قبل أن يتوب.
1439 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، قال وكيع: سمعت الأعمش يقول في قوله: (وأحاطت به خطيئته)، مات بذنوبه.
1440 - حُدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع: (وأحاطت به خطيئته)، الكبيرة الموجبة.
1441 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (أحاطت به خطيئته)، فمات ولم يتب.
1442 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حسان, عن ابن جريج قال، قلت لعطاء: (وأحاطت به خطيئته)، قال: الشرك, ثم تلا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ [ النمل: 90].
(46)* * *القول في تأويل قوله تعالى : فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81)قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " فأولئك الذين كسبوا السيئات وأحاطت بهم خطيئاتهم، أصحاب النار هم فيها خالدون.
* * *ويعني بقوله جل ثناؤه: (أصحاب النار)، أهل النار، وإنما جعلهم لها أصحابا لإيثارهم - في حياتهم الدنيا ما يوردهموها ويوردهم سعيرها - على الأعمال التي توردهم الجنة فجعلهم جل ذكره = بإيثارهم أسبابها على أسباب الجنة = لها أصحابا, كصاحب الرجل الذي يصاحبه مؤثرا صحبته على صحبة غيره، حتى يعرف به.
* * *(هم فيها)، يعني: هم في النار خالدون.
ويعني بقوله: (خالدون) مقيمون كما:1443 - حدثني محمد بن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني محمد بن أبي محمد, عن سعيد بن جبير أو عكرمة, عن ابن عباس: (هم فيها خالدون)، أي خالدون أبدا.
1444 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (هم فيها خالدون) لا يخرجون منها أبدا.
------------------الهوامش :(39) في المطبوعة : "أنه يعذب .
.
فمخلد في النار" ، والصواب ما أثبته .
(40) الإنعام : التصديق .
يقال : أنعم : أجاب بقوله : نعم .
وهو تصديق .
(41) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 52 - 53 ، وقد عد الطبري الحرف الآخر من"بلى""ياء" ، وعدها الفراء"ألفا" .
(42) انظر تفسير"الظاهر" فيما سلف : 2 : 15 والمراجع .
(43) انظر تفسير"الظاهر والباطن" آنفًا : 2 : 15 والمراجع .
(44) هذا رد على المعتزلة ، في إيجابهم خلود أهل الإيمان في النار .
ورجم الزاني المحصن ، وزوال فرض الصلاة عن الحائض في حال الحيض ، مما جاء في الأخبار ، ولم يأت به نص قرآن .
(45) الخبر : 1430 - الربيع بن خثيم الثوري الكوفي : من كبار التابعين وخيارهم ، ثقة لا يسأل عن مثله .
مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري 2 / 1 /246 وابن أبي حاتم 1/ 2 /459 .
وأبوه "خثيم" بضم الخاء المعجمة مصغر ، كما ضبطه ابن دريد في الاشتقاق : 112 - 113 ، والحافظ في التقريب ، ووقع في المطبوعة"خيثم" بتقديم الياء على الثاء ، وبذلك ضبطه صاحب الخلاصة .
وهو خطأ صرف .
(46) انظر ما مضى في كلامه عن"الخطيئة" في هذا الجزء 2 : 110 .

﴿ بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ﴾

قراءة سورة البقرة

المصدر : تفسير : بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته