القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 86 سورة آل عمران - كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم

سورة آل عمران الآية رقم 86 : سبع تفاسير معتمدة

سورة كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم - عدد الآيات 200 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 86 من سورة آل عمران عدة تفاسير - سورة آل عمران : عدد الآيات 200 - - الصفحة 61 - الجزء 3.

سورة آل عمران الآية رقم 86


﴿ كَيۡفَ يَهۡدِي ٱللَّهُ قَوۡمٗا كَفَرُواْ بَعۡدَ إِيمَٰنِهِمۡ وَشَهِدُوٓاْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقّٞ وَجَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾
[ آل عمران: 86]

﴿ التفسير الميسر ﴾

كيف يوفق الله للإيمان به وبرسوله قومًا جحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بعد إيمانهم به، وشهدوا أن محمدًا صلى الله عليه وسلم حق وما جاء به هو الحق، وجاءهم الحجج من عند الله والدلائل بصحة ذلك؟ والله لا يوفق للحق والصواب الجماعة الظلمة، وهم الذين عدلوا عن الحق إلى الباطل، فاختاروا الكفر على الإيمان.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«كيف» أي لا «يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا» أي شهادتهم «أن الرسول حق و» قد «جاءهم البينات» الحجج الظاهرات على صدق النبي «والله لا يهدي القوم الظالمين» أي الكافرين.

﴿ تفسير السعدي ﴾

هذا من باب الاستبعاد، أي: من الأمر البعيد أن يهدي الله قوما اختاروا الكفر والضلال بعدما آمنوا وشهدوا أن الرسول حق بما جاءهم به من الآيات البينات والبراهين القاطعات والله لا يهدي القوم الظالمين فهؤلاء ظلموا وتركوا الحق بعدما عرفوه، واتبعوا الباطل مع علمهم ببطلانه ظلما وبغيا واتباعا لأهوائهم، فهؤلاء لا يوفقون للهداية، لأن الذي يرجى أن يهتدي هو الذي لم يعرف الحق وهو حريص على التماسه، فهذا بالحري أن ييسر الله له أسباب الهداية ويصونه من أسباب الغواية.


﴿ تفسير البغوي ﴾

( كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم ) لفظه استفهام ومعناه جحد ، أي : لا يهدي الله ، وقيل معناه : كيف يهديهم الله في الآخرة إلى الجنة والثواب ( وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين )

﴿ تفسير الوسيط ﴾

روى المفسرون روايات في سبب نزول هذه الآيات الكريمة منها ما أخرجه النسائي عن ابن عباس قال.
إن رجلا من الأنصار أسلم ثم ارتد ولحق بالشرك ثم ندم فأرسل إلى قومه: سلوا لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هل لي من توبة؟ فجاء قومه إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالوا.
هل له من توبة؟فنزلت هذه الآيات، فأرسل إليه قومه فأسلم.
وعن مجاهد قال: جاء الحارث بن سويد فأسلم مع النبي صلّى الله عليه وسلّم ثم كفر الحارث فرجع إلى قومه فأنزل الله هذه الآيات.
قال: فحملها إليه رجل من قومه فقرأها عليه.
فقال الحارث:إنك والله- ما عملت- لصدوق، وإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأصدق منك، وإن الله- عز وجل- لأصدق الثلاثة، قال: فرجع الحارث فأسلم فحسن إسلامه وعن الحسن البصري أنه قال:إنهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى، رأوا نعت النبي صلّى الله عليه وسلّم في كتابهم وأقروا به، وشهدوا أنه حق، فلما بعث من غيرهم حسدوا العرب على ذلك فأنكروه وكفروا بعد إقرارهم حسدا للعرب حين بعث من غيرهم .
هذه بعض الروايات التي وردت في سبب نزول هذه الآيات، ويبدو لنا أن أقربها إلى سياق الآيات هي الرواية التي جاءت عن الحسن البصري بأن المقصود بالآيات أهل الكتاب، وذلك لأن الحديث معهم من أول السورة ولأن القرآن قد ذكر في غير موضع أن أهل الكتاب كانوا يعرفون صدق النبي صلّى الله عليه وسلّم كما يعرفون أبناءهم، وأنهم كانوا يستفتحون به عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ.
ومع هذا فليس هناك ما يمنع من أن يكون حكم هذه الآيات شاملا لكل من ذكرتهم الروايات ولكل من يشابههم، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
قال ابن جرير- بعد أن ساق هذه الروايات- ما ملخصه: وأشبه هذه الأقوال بظاهر التنزيل ما قاله الحسن: من أن هذه الآيات معنى بها أهل الكتاب على ما قال، وجائز أن يكون الله- تعالى- أنزل هذه الآيات بسبب القوم الذين ذكر أنهم كانوا ارتدوا عن الإسلام، فجمع قصتهم وقصة من كان سبيله سبيلهم في ارتداده عن الإيمان بمحمد صلّى الله عليه وسلّم في هذه الآيات، ثم عرف عباده سنته فيهم فيكون داخلا في ذلك كل من كان مؤمنا بمحمد صلّى الله عليه وسلّم قبل أن يبعث ثم كفر به بعد أن بعث، وكل من كان كافرا ثم أسلم على عهده صلّى الله عليه وسلّم ثم ارتد وهو حي عن إسلامه، فيكون معنيا بالآيات جميع هذين الصنفين وغيرهما ممن كان بمثل معناهما، بل ذلك كذلك إن شاء الله «2» .
والاستفهام في قوله- تعالى- كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ للنفي ولاستبعاد هدايتهم إلى الصراط المستقيم وهم على هذا الحال من الارتكاس في الكفر والضلال، مع علمهم بالحق، وإيمانهم به لفترة من الوقت.
والمعنى: أن الله- تعالى- جرت سنته في خلقه ألا يهدى إلى الصراط المستقيم، قوما كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ أى ارتدوا إلى الكفر بعد أن آمنوا، وبعد أن شَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ وهو محمد صلّى الله عليه وسلّم «حق» وأنه صادق فيما يبلغه عن ربه، وبعد أن جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ أى البراهين والحجج الناطقة بحقيقة ما يدعيه، من قرآن كريم عجز البشر عن الإتيان بسورة من مثله، ومن معجزات باهرة دالة على صدقه صلّى الله عليه وسلّم.
فأنت ترى أن حالهم التي أوجبت هذا النفي والاستبعاد تتمثل في أنهم كانوا مؤمنين، وكانوا يشهدون بأن الرسول حق، وجاءتهم البينات اليقينية الملزمة التي تؤيد إيمانهم وشهادتهم، ومع كل ذلك استحبوا العمى على الهدى، واختاروا الكفر على الإيمان، واستولى عليهم التعصب بالباطل فأرداهم وحرمهم من هداية الله حتى يغيروا ما بأنفسهم ويتوبوا عن غيهم، ويصلحوا ما أفسدوه، ويخلصوا وينيبوا إلى خالقهم وبارئهم.
قال صاحب الكشاف: «قوله كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً أى كيف يلطف بهم وليسوا من أهل اللطف، لما علم الله من تصميمهم على كفرهم، ودل على تصميمهم بأنهم كفروا بعد إيمانهم، وبعد ما شهدوا بأن الرسول حق وبعد ما جاءتهم الشواهد من القرآن وسائر المعجزات التي تثبت بمثلها النبوة- وهم اليهود- كفروا بالنبي صلّى الله عليه وسلّم بعد أن كانوا مؤمنين به، وذلك حين عاينوا ما يوجب قوة إيمانهم من البينات.
فإن قلت: علام عطف قوله وَشَهِدُوا؟ قلت: فيه وجهان: أن يعطف على ما في إيمانهم من معنى الفعل، لأن معناه بعد أن آمنوا.
ويجوز أن تكون الواو للحال بإضمار «قد» .
بمعنى كفروا وقد شهدوا أن الرسول حق» .
وقوله- تعالى- وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ جملة حالية أو معترضة.
والمعنى: أنه- سبحانه- قد مضت سنته في خلقه أنه لا يهدى إلى الحق أولئك الذين آثروا الكفر على الإيمان، عن تعمد وإصرار، ووضعوا الشيء في غير موضعه مع علمهم بسوء صنيعهم.
وفي تذييل الآية الكريمة بهذه الجملة مع إطلاق لفظ الظلم، إشعار بأنهم قد ظلموا أنفسهم.
بإيقاعها في مهاوي الردى والعذاب وظلموا الرسول الذي شهدوا له بأن ما جاء به هو الحق ثم كفروا به، وظلموا الحقائق والبراهين التي نطقت بأحقية الإيمان وببطلان الكفر ثم تركوا هذه الحقائق والبراهين وانقادوا لأهوائهم وشهواتهم ومطامعهم.
وإن الظلم متى سيطر على النفوس أفقدها رشدها وإدراكها للأمور إدراكا سليما، وصدق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حيث يقول: «اتقوا الظلم فإنه ظلمات يوم القيامة» .

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

قال ابن جرير : حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع البصري ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كان رجل من الأنصار أسلم ثم ارتد ولحق بالشرك ، ثم ندم ، فأرسل إلى قومه : أن سلوا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل لي من توبة ؟ قال : فنزلت : ( كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم ) إلى قوله : ( [ إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا ] فإن الله غفور رحيم ) .وهكذا رواه النسائي ، وابن حبان ، والحاكم ، من طريق داود بن أبي هند ، به . وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه .وقال عبد الرزاق : أخبرنا جعفر بن سليمان ، حدثنا حميد الأعرج ، عن مجاهد قال : جاء الحارث بن سويد فأسلم مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم كفر الحارث فرجع إلى قومه فأنزل الله فيه : ( كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم ) إلى قوله : ( [ إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله ] غفور رحيم ) قال : فحملها إليه رجل من قومه فقرأها عليه . فقال الحارث : إنك والله ما علمت لصدوق ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصدق منك ، وإن الله لأصدق الثلاثة . قال : فرجع الحارث فأسلم فحسن إسلامه .فقوله تعالى : ( كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات ) أي : قامت عليهم الحجج والبراهين على صدق ما جاءهم به الرسول ، ووضح لهم الأمر ، ثم ارتدوا إلى ظلمة الشرك ، فكيف يستحق هؤلاء الهداية بعد ما تلبسوا به من العماية ، ولهذا قال : ( والله لا يهدي القوم الظالمين )

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى : كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمينقال ابن عباس : إن رجلا من الأنصار أسلم ثم ارتد ولحق بالشرك ثم ندم ; فأرسل إلى قومه : سلوا لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هل لي من توبة ؟ فجاء قومه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : هل له من توبة ؟ فنزلت كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم إلى قوله : غفور رحيم .
فأرسل إليه فأسلم .
أخرجه النسائي .
وفي رواية أن رجلا من الأنصار ارتد فلحق بالمشركين ، فأنزل الله كيف يهدي الله قوما كفروا إلى قوله : إلا الذين تابوا فبعث بها قومه إليه ، فلما قرئت عليه قال : والله ما كذبني قومي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أكذبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الله ، والله عز وجل أصدق الثلاثة ; فرجع تائبا ، فقبل منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتركه .
وقال الحسن : نزلت في اليهود لأنهم كانوا يبشرون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ويستفتحون على الذين كفروا ; فلما بعث عاندوا وكفروا ، فأنزل الله عز وجل : أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .
ثم قيل : كيف لفظة استفهام ومعناه الجحد ، أي لا يهدي الله .
ونظيره قوله : كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله ; أي لا يكون لهم عهد ; وقال الشاعر :كيف نومي على الفراش ولما يشمل القوم غارة شعواءأي لا نوم لي .
والله لا يهدي القوم الظالمين يقال : ظاهر الآية أن من كفر بعد إسلامه لا يهديه الله ومن كان ظالما ، لا يهديه الله ; وقد رأينا كثيرا من المرتدين قد أسلموا وهداهم الله ، وكثيرا من الظالمين تابوا عن الظلم .
قيل له : معناه لا يهديهم الله ما داموا مقيمين على كفرهم وظلمهم ولا يقبلون على الإسلام ; فأما إذا أسلموا وتابوا فقد وفقهم الله لذلك .
والله تعالى أعلم .

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله : كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86)اختلف أهل التأويل فيمن عنى بهذه الآية، وفيمن نزلت.
فقال بعضهم: نزلت في الحارث بن سويد الأنصاري، وكان مسلمًا فارتدّ بعد إسلامه.
ذكر من قال ذلك:7360 - حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع البصري قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان رجل من الأنصار أسلم ثم ارتد ولحق بالشرك، ثم ندم فأرسل إلى قومه: أرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل لي من توبة؟ قال: فنزلت: " كيف يهدي الله قومًا كفروا بعد إيمانهم " إلى قوله: " وجاءَهم البيناتُ والله لا يهدي القوم الظالمين .
.
.
إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم "، فأرسل إليه قومه فأسلم.
7361 - حدثني ابن المثنى قال، حدثني عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن عكرمة بنحوه، ولم يرفعه إلى ابن عباس = إلا أنه قال: فكتب إليه قومه، فقال: ما كذَبني قومي! فرجع.
7362 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا حكيم بن جُميع، عن علي بن مُسْهر، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ارتد رجل من الأنصار، فذكر نحوه.
(8)7363 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا جعفر بن سليمان قال، أخبرنا حميد الأعرج، عن مجاهد قال: جاء الحارث بن سُوَيد فأسلم مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم كفر الحارث فرجع إلى قومه، فأنزل الله عز وجل فيه القرآن: " كيف يَهدي الله قومًا كفروا بعدَ إيمانهم " إلى " إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإنّ الله غفورٌ رحيمٌ"، قال: فحملها إليه رجل من قومه فقرأها عليه، فقال الحارث: إنك والله ما علمتُ لصَدُوقٌ، وإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصدقُ منك، وإنّ الله عز وجل لأصدق الثلاثة.
قال: فرجع الحارث فأسلم فحسن إسلامه.
7364 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " كيف يهدي الله قومًا كفروا بعد إيمانهم وشهدُوا أنّ الرسول حق "، قال: أنزلت في الحارث بن سُوَيد الأنصاري، كفر بعد إيمانه، فأنزل الله عز وجل فيه هذه الآيات، إلى: " أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون "، ثم تاب وأسلم، فنسخها الله عنه، فقال: " إلا الذين تابوا من بعد ذلك، وأصلحوا فإنّ الله غفورٌ رحيمٌ".
7365 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل: " كيف يهدي الله قومًا كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءَهم البينات "، قال: رجلٌ من بني عمرو بن عوف، كفر بعد إيمانه.
7366 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
7367 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قال: هو رجل من بني عمرو بن عوف، كفر بعد إيمانه = قال ابن جريج، أخبرني عبد الله بن كثير، عن مجاهد قال: لحق بأرض الرّوم فتنصَّر، ثم كتب إلى قومه: " أرسلوا، هل لي من توبة؟" قال: فحسبتُ أنه آمن، ثم رَجع = قال ابن جريج، قال عكرمة، نزلت في أبي عامر الرّاهب، والحارث بن سويد بن الصامت، ووَحْوَح بن الأسلت = في اثني عشر رجلا رَجعوا عن الإسلام ولحقوا بقريش، ثم كتبوا إلى أهلهم: هل لنا من توبة؟ فنزلت: " إلا الذين تابوا من بعد ذلك "، الآيات.
* * *وقال آخرون: عنى بهذه الآية أهل الكتاب، وفيهم نزلت.
ذكر من قال ذلك:7368 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " كيف يهدي الله قومًا كفرُوا بعد إيمانهم "، فهم أهلُ الكتاب، عرَفوا محمدًا صلى الله عليه وسلم ثم كفروا به.
7369 - حدثنا محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي قال، حدثنا عباد بن منصور، عن الحسن في قوله: " كيف يهدي الله قومًا كفروا بعد إيمانهم " الآية كلها، قال: اليهود والنصارى.
7370 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: كان الحسن يقول في قوله: " كيف يهدي الله قومًا كفروا بعد إيمانهم " الآية، هم أهل الكتاب من اليهود والنصارى، رأوا نعتَ محمد صلى الله عليه وسلم في كتابهم وأقرّوا به، وشهدوا أنه حقٌّ، فلما بُعث من غيرهم حَسدوا العربَ على ذلك فأنكروه، وكفروا بعد إقرارهم، حسدًا للعرب، حين بُعثَ من غيرهم.
7371 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحسن في قوله: " كيف يهدي الله قومًا كفروا بعد إيمانهم "، قال: هم أهل الكتاب، كانوا يجدون محمدًا صلى الله عليه وسلم في كتابهم، ويستفتحون به، فكفروا بعد إيمانهم.
* * *قال أبو جعفر: وأشبه القولين بظاهر التنزيل ما قال الحسن: منْ أنّ هذه الآية معنيٌّ بها أهل الكتاب على ما قال، غيرَ أنّ الأخبار بالقول الآخر أكثر، والقائلين به أعلم، بتأويل القرآن.
(9) وجائز أن يكون الله عز وجل أنزل هذه الآيات بسبب القوم الذين ذُكر أنهم كانوا ارتدّوا عن الإسلام، فجمع قصّتهم وقصة من كان سبيله سبيلهم في ارتداده عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم في هذه الآيات.
ثم عرّف عباده سُنته فيهم، فيكون داخلا في ذلك كلّ من كان مؤمنًا بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل أنُ يبعث، ثم كفر به بعد أن بُعث، وكلّ من كان كافرًا ثم أسلم على عهده صلى الله عليه وسلم، ثم ارتد وهو حيٌّ عن إسلامه.
فيكون معنيًّا بالآية جميعُ هذين الصنفين وغيرُهما ممن كان بمثل معناهما، بل ذلك كذلك إن شاء الله.
* * *فتأويل الآية إذًا: " كيف يَهدي الله قومًا كفروا بعد إيمانهم "، يعني: كيف يُرشد الله للصواب ويوفّق للإيمان، قومًا جحدُوا نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم =" بعد إيمانهم "، أي: بعد تصديقهم إياه، وإقرارهم بما جاءَهم به من عند ربه =" وَشهدوا أن الرسول حقّ"، يقول: وبعد أن أقرّوا أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خلقه حقًّا =" وجاءهم البينات "، يعني: وجاءهم الحجج من عند الله والدلائلُ بصحة ذلك؟ =" والله لا يهدي القوم الظالمين "، يقول: والله لا يوفّق للحق والصّواب الجماعة الظَّلمة، وهم الذين بدّلوا الحق إلى الباطل، فاختارُوا الكفر على الإيمان.
* * *وقد دللنا فيما مضى قبل على معنى " الظلم "، وأنه وضعُ الشيء في غير موضعه، بما أغنى عن إعادته.
(10)_________________________الهوامش :(8) الأثر: 7362-"حكيم بن جميع الكوفي" ، مترجم في الكبير 2 / 1 / 18 ، والجرح 1 / 2 / 202.
(9) هذا حكم جيد فاصل في هذه الآية ، وفي غيرها مما اختلف في معانيه المختلفون.
(10) انظر ما سلف 1: 523 ، 524 / ثم باقي المواضع في فهرس اللغة"ظلم" ، وانظر أيضًا فهارس اللغة في سائر ألفاظ الآية.

﴿ كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين ﴾

قراءة سورة آل عمران

المصدر : تفسير : كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم