إلا الذين رجعوا إلى ربهم بالتوبة النصوح من بعد كفرهم وظلمهم، وأصلحوا ما أفسدوه بتوبتهم فإن الله يقبلها، فهو غفور لذنوب عباده، رحيم بهم.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا» عملهم «فإن الله غفور» لهم «رحيم» بهم.
﴿ تفسير السعدي ﴾
ثم أخبر عن عقوبة هؤلاء المعاندين الظالمين الدنيوية والأخروية، فقال أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون أي: لا يفتر عنهم العذاب ساعة ولا لحظة، لا بإزالته أو إزالة بعض شدته، ولا هم ينظرون أي: يمهلون، لأن زمن الإمهال قد مضى، وقد أعذر الله منهم وعمرهم ما يتذكر فيه من تذكر، فلو كان فيهم خير لوجد، ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ) لما كان منه ، فحملها إليه رجل من قومه وقرأها عليه فقال الحارث : إنك - والله - ما علمت لصدوق وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصدق منك وإن الله عز وجل لأصدق الثلاثة ، فرجع الحارث إلى المدينة وأسلم وحسن إسلامه .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ولكن القرآن- مع هذا- يفتح باب التوبة لمن أراد أن يتوب، وينهى الناس عن أن يقنطوا من رحمة الله متى تابوا وأنابوا وأصلحوا فيقول- بعد تلك الحملة المرعبة التي شنها على الكفر والكافرين: - إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.أى: أن اللعنة مستمرة على هؤلاء الذين كفروا بعد إيمانهم، وهم خالدون في العذاب يوم القيامة بدون إمهال أو تأخير، إلا الذين تابوا منهم عن الكفر الذي ارتكبوه، وعن الظلم الذي اقترفوه، وأصلحوا ما أفسدوه بأن قالوا ربنا الله ثم استقاموا على طريق الحق، وحافظوا على أداء الأعمال الصالحة «فإن الله- تعالى- غفور رحيم» أى فإنه سبحانه يغفر لهم ما سلف منهم من كفر وظلم.ففي هذه الآية الكريمة إغراء للكافرين بأن يقلعوا عن كفرهم وللمذنبين بأن يثوبوا إلى رشدهم وبأن يتوبوا إلى ربهم، فإنه- سبحانه- يغفر الذنوب جميعا لمن يتوب ويحسن التوبة، فهو القائل قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ .أما الذين لا يتوبون ولا يستغفرون ولا يثوبون إلى رشدهم. بل يصرون على الكفر فيزدادون كفرا. والذين يرتكسون في كفرهم وضلالهم حتى تفلت منهم الفرصة، وينتهى أمد الاختبار، ويأتى دور الجزاء، فهؤلاء لا توبة لهم ولا نجاة، فقد قال- تعالى- بعد هذه الآيات:
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
ثم قال تعالى : ( إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ) وهذا من لطفه وبره ورأفته ورحمته وعائدته على خلقه : أنه من تاب إليه تاب عليه .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
هو الحارث بن سويد كما تقدم .ويدخل في الآية بالمعنى كل من راجع الإسلام وأخلص .
﴿ تفسير الطبري ﴾
ثم استثنى جل ثناؤه الذين تابوا، من هؤلاء الذين كفروا بعد إيمانهم فقال تعالى ذكره: " إلا الذين تَابوا من بعد ذلك وأصلحوا "، يعني: إلا الذين تابوا من بعد ارتدادهم عن إيمانهم، فراجعوا الإيمان بالله وبرسوله، وصدّقوا بما جاءهم به نبيهم صلى الله عليه وسلم من عند ربهم =" وأصلحوا "، يعني: وعملوا الصالحات من الأعمال =" فإنّ الله غفور رحيم "، يعني: فإن الله لمن فعل ذلك بعد كفره =" غفور "، يعني: ساتر عليه ذنبه الذي كان منه من الرّدّة، فتاركٌ عقوبته عليه، وفضيحته به يوم القيامة، غيرُ مؤاخذه به إذا مَات على التوبة منه =" رحيم "، متعطِّف عليه بالرحمة.
﴿ إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ﴾