وقل - أيها النبي -: رب أستجير بك من إغواء الشياطين ووسوستها، المغرية على الباطل والفساد والصد عن الحق، وأستجير بك- يا رب- مِن حضورهم في شيء من أموري.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«وقل رب أعوذ» أعتصم «بك من همزات الشياطين» نزعاتهم بما يوسوسون به.
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ أي اعتصم بحولك وقوتك متبرئا من حولي وقوتي مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وقل رب أعوذ بك ) أي : أمتنع وأعتصم بك ، ( من همزات الشياطين ) قال ابن عباس : نزعاتهم . وقال الحسن : وساوسهم . وقال مجاهد : نفخهم ونفثهم . وقال أهل المعاني : دفعهم بالإغواء إلى المعاصي ، وأصل الهمز شدة الدفع .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم أمره- تعالى- بأن يستعيذ به من وساوس الشياطين ونزغاتهم فقال: وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ. وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ.وقوله: هَمَزاتِ جمع همزة وهي المرة من الهمز. وهي في اللغة النخس والدفع باليد أو بغيرها. يقال: همزه يهمزه- بضم الميم وكسرها- إذا نخسه ودفعه وغمزه.ومنه المهماز، وهو حديدة تكون مع الراكب للدابة يحثها بها على السير.والمراد بهمزات الشياطين هنا: وساوسهم لبنى آدم وحضهم إياهم على ارتكاب ما نهاهم الله- تعالى- عنه.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
وقوله : ( وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ) : أمره أن يستعيذ من الشياطين ، لأنهم لا تنفع معهم الحيل ، ولا ينقادون بالمعروف .وقد قدمنا عند الاستعاذة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، من همزه ونفخه ونفثه " .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين فيه مسألتان :الأولى : قوله تعالى : من همزات الشياطين الهمزات هي جمع همزة . والهمز في اللغة النخس والدفع ؛ يقال : همزه ولمزه ونخسه دفعه . قال الليث : الهمز كلام من وراء القفا ، واللمز مواجهة . والشيطان يوسوس فيهمس في وسواسه في صدر ابن آدم ؛ وهو قوله : أعوذ بك من همزات الشياطين أي نزغات الشياطين الشاغلة عن ذكر الله تعالى . وفي الحديث : كان يتعوذ من همز الشيطان ولمزه وهمسه . قال أبو الهيثم : إذا أسر الكلام وأخفاه فذلك الهمس من الكلام . وسمي الأسد هموسا ؛ لأنه يمشي بخفة لا يسمع صوت وطئه . وقد تقدم في ( طه ) .الثانية : أمر الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين بالتعوذ من الشيطان في همزاته ، وهي سورات الغضب التي لا يملك الإنسان فيها نفسه ، كأنها هي التي كانت تصيب المؤمنين مع الكفار فتقع المحادة فلذلك اتصلت بهذه الآية . فالنزغات وسورات الغضب الواردة من الشيطان هي المتعوذ منها في الآية ؛ وقد تقدم في آخر ( الأعراف ) بيانه مستوفى ، وفي أول الكتاب أيضا . وروي عن علي بن حرب بن محمد الطائي ، حدثنا سفيان ، عن أيوب ، عن محمد بن حبان أن خالدا كان يؤرق من الليل ؛ فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأمره أن يتعوذ بكلمات الله التامة من غضب الله ، وعقابه ، ومن شر عباده ، ومن همزات الشياطين ، وأن يحضرون . وفي كتاب أبي داود قال عمر : وهمزه الموتة ؛ قال ابن ماجه : الموتة يعني الجنون . والتعوذ أيضا من الجنون وكيد . وفي قراءة أبي ( رب عائذا بك من همزات الشياطين وعائذا بك أن يحضرون ) ؛ أي يكونوا معي في أموري ، فإنهم إذا حضروا الإنسان كانوا معدين للهمز ، وإذا لم يكن حضور فلا همز . وفي صحيح مسلم ، عن جابر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه ، حتى يحضره عند طعامه ، فإذا سقطت من أحدكم اللقمة ، فليمط ما كان بها من أذى ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان ، فإذا فرغ فليلعق أصابعه ، فإنه لا يدري في أي طعامه البركة .
﴿ تفسير الطبري ﴾
وقوله: ( وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وقل يا محمد: ربّ أستجير بك من خنق (1) الشياطين وهمزاتها، والهَمْزُ: هو الغَمْز، ومن ذلك قيل للهمز في الكلام: هَمْزة، والهَمَزَاتُ جمع همزة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك:حدثني يونس، قال: أخبرني ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ) قال: همزات الشياطين: خَنْقهم الناس، فذلك هَمَزاتهم.------------------------الهوامش :(1) في غريب القرآن للراغب الأصفهاني : ( همز ) : " الهمز كالعصر " وهو مناسب لقول المؤلف : خنق الشياطين ؛ لأن الخنق هو عصر الرقبة وضغطها لينقطع النفس