القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 99 سورة الأنعام - وهو الذي أنـزل من السماء ماء فأخرجنا

سورة الأنعام الآية رقم 99 : سبع تفاسير معتمدة

سورة وهو الذي أنـزل من السماء ماء فأخرجنا - عدد الآيات 165 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 99 من سورة الأنعام عدة تفاسير - سورة الأنعام : عدد الآيات 165 - - الصفحة 140 - الجزء 7.

سورة الأنعام الآية رقم 99


﴿ وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦ نَبَاتَ كُلِّ شَيۡءٖ فَأَخۡرَجۡنَا مِنۡهُ خَضِرٗا نُّخۡرِجُ مِنۡهُ حَبّٗا مُّتَرَاكِبٗا وَمِنَ ٱلنَّخۡلِ مِن طَلۡعِهَا قِنۡوَانٞ دَانِيَةٞ وَجَنَّٰتٖ مِّنۡ أَعۡنَابٖ وَٱلزَّيۡتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُشۡتَبِهٗا وَغَيۡرَ مُتَشَٰبِهٍۗ ٱنظُرُوٓاْ إِلَىٰ ثَمَرِهِۦٓ إِذَآ أَثۡمَرَ وَيَنۡعِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكُمۡ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ ﴾
[ الأنعام: 99]

﴿ التفسير الميسر ﴾

والله سبحانه هو الذي أنزل من السحاب مطرًا فأخرج به نبات كل شيء، فأخرج من النبات زرعًا وشجرًا أخضر، ثم أخرج من الزرع حَبًّا يركب بعضه بعضًا، كسنابل القمح والشعير والأرز، وأخرج من طلع النخل -وهو ما تنشأ فيه عذوق الرطب- عذوقًا قريبة التناول، وأخرج سبحانه بساتين من أعناب، وأخرج شجر الزيتون والرمان الذي يتشابه في ورقه ويختلف في ثمره شكلا وطعمًا وطبعًا. انظروا أيها الناس إلى ثمر هذا النبات إذا أثمر، وإلى نضجه وبلوغه حين يبلغ. إن في ذلكم - أيها الناس - لدلالات على كمال قدرة خالق هذه الأشياء وحكمته ورحمته لقوم يصدقون به تعالى ويعملون بشرعه.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا» فيه التفات عن الغيبة «به» بالماء «نبات كل شيء» ينبت «فأخرجنا منه» أي النبات شيئا «خَضِرا» بمعنى أخضر «نخرج منه» من الخضر «حبا متراكبا» يركب بعضه بعضا كسنابل الحنطة ونحوها «ومن النخل» خبر ويبدل منه «من طلعها» أول ما يخرج منها والمبتدأ «قنوان» عراجين «دانية» قريب بعضها من بعض «و» أخرجنا به «جناتِ» بساتين «من أعناب والزيتون والرمان مشتبها» ورقهما حال «وغير متشابه» ثمرها «انظروا» يا مخاطبون نظر اعتبار «إلى ثمره» بفتح الثاء والميم وبضمهما وهو جمع ثمرة كشجرة وشجر وخشبة وخشب «إذا أثمر» أول ما يبدو كيف هو «و» إلى «ينعه» نضجه إذا أدرك كيف يعود «إن في ذلكم لآيات» دلالات على قدرته تعالى على البعث وغيره «لقوم يؤمنون» خصوا بالذكر لأنهم المنتفعون بها في الإيمان بخلاف الكافرين.

﴿ تفسير السعدي ﴾

وهذا من أعظم مننه العظيمة، التي يضطر إليها الخلق، من الآدميين وغيرهم، وهو أنه أنزل من السماء ماء متتابعا وقت حاجة الناس إليه، فأنبت الله به كل شيء، مما يأكل الناس والأنعام، فرتع الخلق بفضل الله، وانبسطوا برزقه، وفرحوا بإحسانه، وزال عنهم الجدب واليأس والقحط، ففرحت القلوب، وأسفرت الوجوه، وحصل للعباد من رحمة الرحمن الرحيم، ما به يتمتعون وبه يرتعون، مما يوجب لهم، أن يبذلوا جهدهم في شكر من أسدى النعم، وعبادته والإنابة إليه، والمحبة له.
ولما ذكر عموم ما ينبت بالماء، من أنواع الأشجار والنبات، ذكر الزرع والنخل، لكثرة نفعهما وكونهما قوتا لأكثر الناس فقال: فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ أي: من ذلك النبات الخضر، حَبًّا مُتَرَاكِبًا بعضه فوق بعض، من بر، وشعير، وذرة، وأرز، وغير ذلك، من أصناف الزروع، وفي وصفه بأنه متراكب، إشارة إلى أن حبوبه متعددة، وجميعها تستمد من مادة واحدة، وهي لا تختلط، بل هي متفرقة الحبوب، مجتمعة الأصول، وإشارة أيضا إلى كثرتها، وشمول ريعها وغلتها، ليبقى أصل البذر، ويبقى بقية كثيرة للأكل والادخار.
وَمِنَ النَّخْلِ أخرج الله مِنْ طَلْعِهَا وهو الكفرى، والوعاء قبل ظهور القنو منه، فيخرج من ذلك الوعاء قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ أي: قريبة سهلة التناول، متدلية على من أرادها، بحيث لا يعسر التناول من النخل وإن طالت، فإنه يوجد فيها كرب ومراقي، يسهل صعودها.
و أخرج تعالى بالماء جنات مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ فهذه من الأشجار الكثيرة النفع، العظيمة الوقع، فلذلك خصصها الله بالذكر بعد أن عم جميع الأشجار والنوابت.
وقوله مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ يحتمل أن يرجع إلى الرمان والزيتون، أي: مشتبها في شجره وورقه، غير متشابه في ثمره.
ويحتمل أن يرجع ذلك، إلى سائر الأشجار والفواكه، وأن بعضها مشتبه، يشبه بعضه بعضا، ويتقارب في بعض أوصافه، وبعضها لا مشابهة بينه وبين غيره، والكل ينتفع به العباد، ويتفكهون، ويقتاتون، ويعتبرون، ولهذا أمر تعالى بالاعتبار به، فقال: انْظُرُوا نظر فكر واعتبار إِلَى ثَمَرِهِ أي: الأشجار كلها، خصوصا: النخل إذا أثمر وَيَنْعِهِ أي: انظروا إليه، وقت إطلاعه، ووقت نضجه وإيناعه، فإن في ذلك عبرا وآيات، يستدل بها على رحمة الله، وسعة إحسانه وجوده، وكمال اقتداره وعنايته بعباده.
ولكن ليس كل أحد يعتبر ويتفكر وليس كل من تفكر، أدرك المعنى المقصود، ولهذا قيد تعالى الانتفاع بالآيات بالمؤمنين فقال: إِنَّ فِي ذَلِكَم لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ فإن المؤمنين يحملهم ما معهم من الإيمان، على العمل بمقتضياته ولوازمه، التي منها التفكر في آيات الله، والاستنتاج منها ما يراد منها، وما تدل عليه، عقلا، وفطرة، وشرعا.


﴿ تفسير البغوي ﴾

( وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ) أي : بالماء ، ( نبات كل شيء فأخرجنا منه ) أي من الماء ، وقيل : من النبات ، ( خضرا ) يعني : أخضر ، مثل العور والأعور ، يعني : ما كان رطبا أخضر مما ينبت من القمح والشعير ونحوهما ، ( نخرج منه حبا متراكبا ) أي متراكما بعضه على بعض ، مثل سنابل البر والشعير والأرز وسائر الحبوب ، ( ومن النخل من طلعها ) والطلع أول ما يخرج من ثمر النخل ، ( قنوان ) جمع قنو وهو العذق ، مثل صنو وصنوان ، ولا نظير لهما في الكلام ، ( دانية ) أي : قريبة المتناول ينالها القائم والقاعد ، وقال مجاهد : متدلية ، وقال الضحاك : قصار ملتزقة بالأرض ، وفيه اختصار معناه : ومن النخل ما قنوانها دانية ومنها ما هي بعيدة ، فاكتفى بذكر القريبة عن البعيدة لسبقه إلى الأفهام ، كقوله تعالى : " سرابيل تقيكم الحر " ( النمل ، 81 ) يعني : الحر والبرد فاكتفى بذكر أحدهما ( وجنات من أعناب ) أي : وأخرجنا منه جنات ، وقرأ الأعمش عن عاصم " وجنات " بالرفع نسقا على قوله " قنوان " وعامة القراء على خلافه ، ( والزيتون والرمان ) يعني : وشجر الزيتون [ وشجر ] الرمان ، ( مشتبها وغير متشابه ) قال قتادة : معناه مشتبها ورقها مختلفا ثمرها ، لأن ورق الزيتون يشبه ورق الرمان ، وقيل : مشتبه في المنظر مختلف في الطعم ، ( انظروا إلى ثمره ) قرأ حمزة والكسائي بضم الثاء والميم ، هذا وما بعده وفي " يس " على جمع الثمار ، وقرأ الآخرون [ بفتحهما ] على جمع الثمرة ، مثل : بقرة وبقر ، ( إذا أثمر وينعه ) ونضجه وإدراكه ، ( إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون ) .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم ساق- سبحانه- حجة خامسة تدل دلالة واضحة على كمال قدرته وعلمه ورحمته وإحسانه إلى خلقه فقال- تعالى-:وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ.
أى: وهو- سبحانه- الذي أنزل من السحاب ماء فأخرجنا بسبب ذلك كل صنف من أصناف النبات والثمار المختلفة في الكم والكيف والطعوم والألوان، قال- تعالى- وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ.
وسمى السحاب سماء لأن العرب تسمى كل ما علا سماء، ونزول الماء من السحاب قد جاء صريحا في مثل قوله- تعالى- أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ.
ومِنَ في قوله مِنَ السَّماءِ ابتدائية، لأن ماء المطر يتكون في طبقات الجو العليا الباردة عند تصاعد البخار الأرضى إليها فيصير البخار كثيفا وهو السحاب ثم يتحول إلى ماء، والباء في بِهِ للسببية.
حيث جعل الله- تعالى- الماء سببا في خروج النبات، والفاء في قوله فَأَخْرَجْنا بِهِ للتفريع وفَأَخْرَجْنا عطف على أَنْزَلَ والالتفات إلى التكلم إظهار لكمال العناية بشأن ما أنزل الماء لأجله.
ثم شرع- سبحانه- في تفصيل ما أجمل من الإخراج فقال: فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً أى:فأخرجنا من النبات الذي لا ساق له نباتا غضا أخضر، وهو ما تشعب من أصل النبات الخارج من الحبة، وخضر بمعنى أخضر اسم فاعل.
يقال: خضر الزرع- من باب فرح- وأخضر، فهو خضر وأخضر.
وقوله نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً.
أى: نخرج من هذا النبات الخضر حَبًّا مُتَراكِباً أى:متراكما بعضه فوق بعض كما في الحنطة والشعير وسائر الحبوب، يقال: ركبه- كسمعه- ركوبا ومراكبا.
أى: علاه.
وجملة نُخْرِجُ مِنْهُ صفة لقوله «خضرا» .
وعبر عنها بصيغة المضارع لاستحضار الصورة لما فيها من الغرابة لأن إخراج الحب المتراكب من هذا الخضر الغض يدعو إلى التأمل والإعجاب بمظاهر قدرة الله.
وبعد أن ذكر- سبحانه- ما ينبت من الحب أتبعه بذكر ما ينبت من النوى فقال: وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ.
الطلع: أول ما يبدو ويخرج من تمر النخل كالكيزان.
وقشره يسمى الكفرى وما في داخله يسمى الإغريق لبياضه.
والقنوان.
جمع قنو وهو العرجون بما فيه الشماريخ، وهو ومثناه سواه لا يفرق بينهما إلا في الإعراب.
أى: ونخرج بقدرتنا من طلع النخل قنوان دانية القطوف، سهلة التناول أو بعضها دان قريب من بعض لكثرة حملها.
قال صاحب الكشاف: وقِنْوانٌ رفع بالابتداء، ومِنَ النَّخْلِ خبره ومِنْ طَلْعِها بدل منه.
كأنه قيل: وحاصلة من طلع النخل قنوان دانية.
وذكر القريبة وترك ذكر البعيدة، لأن النعمة فيها أظهر وأدل، واكتفى بذكر القريبة على ذكر البعيدة كقوله: سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ .
وقوله: وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ معطوف على نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ أى: فأخرجنا بهذا الماء نبات كل شيء وأخرجنا به جنات كائنة من أعناب.
وجعله: بعضهم عطفا على خَضِراً.
وقيل هو معطوف على حَبًّا.
وقوله: وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ منصوب على الاختصاص أى: وأخص من نبات كل شيء الزيتون والرمان، وقيل معطوف على نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ.
قال الآلوسى: وقوله: مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ إما حال من الزيتون لسبقه اكتفى به عن حال ما عطف عليه وهو الرمان والتقدير: والزيتون مشتبها وغير متشابه والرمان كذلك، وإما حال من الرمان لقربه ويقدر مثله في الأول.
وأياما كان ففي الكلام مضاف مقدر وهو بعض.
أى بعض ذلك مشتبها وبعضه غير متشابه في الهيئة والمقدار واللون والطعم وغير ذلك من الأوصاف الدالة على كمال قدرة صانعها، وحكمة منشئها ومبدعها كما قال- تعالى- يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ .
ثم أمر الله عباده أن يتأملوا في بديع صنعه فقال: انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ أى:انظروا نظر تأمل واعتبار إلى ثمار كل واحد مما ذكرنا حال ابتدائه حين يكون ضئيلا ضعيفا لا يكاد ينتفع به، وحال ينعه أى: نضجه كيف يصير كبيرا أو جامعا لألوان من المنافع والملاذ.
يقال: أينعت الثمرة إذا نضجت.
وقوله إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ أى: إن في ذلكم الذي ذكرناه من أنواع النبات والثمار، وذلكم الذي أمرتم بالنظر إليه لدلائل عظيمة على وجود القادر الحكيم لقوم يصدقون بأن الذي أخرج هذا النبات وهذه الثمار لهو المستحق للعبادة دون ما سواه أو هو القادر على أن يحيى الموتى ويبعثهم.
قال الشيخ القاسمى: قال بعضهم: القوم كانوا ينكرون البعث فاحتج عليهم بتعريف ما خلق ونقله من حال إلى حال وهو ما يعلمونه قطعا ويشاهدونه من إحياء الأرض بعد موتها،وإخراج أنواع النبات والثمار منها.
وأنه لا يقدر على ذلك أحد إلا الله- تعالى- فبين أنه- سبحانه- كذلك قادر على إنشائهم من نفوسهم وأبدانهم، وعلى البعث بإنزال المطر من السماء، ثم إنبات الأجساد كالنبات، ثم جعلها خضرة بالحياة ثم تصوير الأعمال بصور كثيرة، وإفادة أمور زائدة وتفريعها، وإعطاء أطعمة مشتبهة في الصورة غير متشابهة في اللذة جزاء عليها» .
هذا وقد أفاض الإمام الرازي- رحمه الله- عند تفسيره لهذه الآية في بيان مظاهر قدرة الله وكمال رحمته وحكمته فقال ما ملخصه:«اعلم أنه- تعالى- ذكره هنا أربعة أنواع من الأشجار: النخل والعنب والزيتون والرمان.
وإنما قدم الزرع على الشجر لأن الزرع غذاء، وثمار الأشجار فواكه، والغذاء مقدم على الفاكهة، وإنما قدم النخل على سائر الفواكه لأن التمر يجرى مجرى الغذاء بالنسبة إلى العرب.
وإنما ذكر العنب عقيب النخيل، لأن العنب أشرف أنواع الفواكه، وذلك لأنه من أول ما يظهر يصير منتفعا به إلى آخر الحال.
وأما الزيتون فهو- أيضا- كثير النفع لأنه يمكن تناوله كما هو وينفصل- أيضا- عنه دهن كثير عظيم النفع.
وأما الرمان فحاله عجيب جدا.
واعلم أن أنواع النبات أكثر من أن تفي بشرحها مجلدات، فلهذا السبب ذكر- سبحانه- هذه الأقسام الأربعة التي هي أشرف أنواع النبات، واكتفى بذكرها تنبيها على البواقي.
ثم قال: وقد أمر- سبحانه- بالنظر في حال ابتداء الثمر ونضجه لأن هذا هو موضوع الاستدلال، والحجة التي هي تمام المقصود من هذه الآية وذلك لأن هذه الثمار والأزهار تتولد في أول حدوثها عن صفات مخصوصة وعند تمامها لا تبقى على حالاتها الأولى بل تنتقل إلى أحوال مضادة للأحوال السابقة مثل أنها كانت موصوفة بلون الخضرة فتصير ملونة بلون السواد أو بلون الحمرة وكانت موصوفة بالحموضة فتصير موصوفة بالحلاوة، وربما كانت في أول الأمر باردة بحسب الطبيعة فتصير في آخر أمرها حارة بحسب الطبيعة- أيضا- فحصول هذه المبتدلات والمتغيرات لا بد له من سبب، وذلك السبب ليس هو تأثير الطبائع والفصول والأنجم والأفلاك، لأن نسبة هذه الأحوال بأسرها إلى جميع هذه الأجسام المتباينة متساوية متشابهة، والنسب المتشابهة لا يمكن أن تكون أسبابا لحدوث الحوادث المختلفة.
ولما بطل إسناد حدوث هذه الحوادث إلى الطبائع والأنجم والأفلاك وجب إسناده إلى القادر المختار الحكيم الرحيم المدبر لهذا العالم على وفق الرحمة، والمصلحة الحكيمة» .
وبعد أن ذكر- سبحانه- تلك الدلائل الدالة على عظيم قدرته، وباهر حكمته ووافر نعمته.
واستحقاقه الألوهية، أتبعها بتوبيخ المشركين والرد عليهم بما يرشدهم إلى الطريق القويم لو كانوا يعقلون فقال- تعالى-:

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

وقوله : ( وهو الذي أنزل من السماء ماء ) أي بقدر مباركا ، رزقا للعباد وغياثا للخلائق ، رحمة من الله لخلقه ( فأخرجنا به نبات كل شيء ) كما قال ( وجعلنا من الماء كل شيء حي ) [ الأنبياء : 30 ] ( فأخرجنا منه خضرا ) أي : زرعا وشجرا أخضر ، ثم بعد ذلك يخلق فيه الحب والثمر; ولهذا قال : ( نخرج منه حبا متراكبا ) أي : يركب بعضه بعضا ، كالسنابل ونحوها ( ومن النخل من طلعها قنوان ) أي : جمع قنو وهي عذوق الرطب ) دانية ) أي : قريبة من المتناول ، كما قال علي بن أبي طلحة الوالبي ، عن ابن عباس : ( قنوان دانية ) يعني بالقنوان الدانية : قصار النخل اللاصقة عذوقها بالأرض . رواه ابن جرير .قال ابن جرير : وأهل الحجاز يقولون : قنوان ، وقيس يقولون : قنوان ، وقال امرؤ القيس :فأثت أعاليه وآدت أصوله ومال بقنوان من البسر أحمراقال : وتميم يقولون قنيان بالياء - قال : وهي جمع قنو ، كما أن ( صنوان ) جمع صنو .وقوله : ( وجنات من أعناب ) أي : ونخرج منه جنات من أعناب ، وهذان النوعان هما أشرف عند أهل الحجاز ، وربما كانا خيار الثمار في الدنيا ، كما امتن تعالى بهما على عباده ، في قوله : ( ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا ) [ النحل : 67 ] ، وكان ذلك قبل تحريم الخمر .وقال : ( وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب ) [ يس : 34 ] .وقوله : ( والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه ) قال قتادة وغيره : يتشابه في الورق ، قريب الشكل بعضه من بعض ، ويتخالف في الثمار شكلا وطعما وطبعا .وقوله : ( انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه ) أي : نضجه ، قاله البراء بن عازب ، وابن عباس ، والضحاك ، وعطاء الخراساني ، والسدي ، وقتادة ، وغيرهم . أي : فكروا في قدرة خالقه من العدم إلى الوجود ، بعد أن كان حطبا صار عنبا ورطبا وغير ذلك ، مما خلق تعالى من الألوان والأشكال والطعوم والروائح ، كما قال تعالى : ( وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ) [ الرعد : 4 ] ولهذا قال هاهنا ( إن في ذلكم لآيات ) أي : دلالات على كمال قدرة خالق هذه الأشياء وحكمته ورحمته ( لقوم يؤمنون ) أي : يصدقون به ، ويتبعون رسله .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنونفيه سبع مسائل :الأولى قوله تعالى وهو الذي أنزل من السماء ماء أي المطر .
فأخرجنا به نبات كل شيء أي كل صنف من النبات .
وقيل : رزق كل حيوان .
فأخرجنا منه خضرا قال الأخفش : أي أخضر ; كما تقول العرب : أرنيها نمرة أركها مطرة .
والخضر رطب البقول .
وقال ابن عباس : يريد القمح والشعير والسلت والذرة والأرز وسائر الحبوب .
نخرج منه حبا متراكبا أي يركب بعضه على بعض كالسنبلة .
الثانية قوله تعالى ومن النخل من طلعها قنوان دانية ابتداء وخبر .
وأجاز الفراء في غير القرآن " قنوانا دانية " على العطف على ما قبله .
قال سيبويه : ومن العرب من يقول : قنوان .
قال الفراء : هذه لغة قيس ، وأهل الحجاز يقولون : قنوان ، وتميم يقولون : قنيان ; ثم يجتمعون في الواحد فيقولون : قنو وقنو .
والطلع : الكفرى قبل أن ينشق عن الإغريض .
والإغريض يسمى طلعا أيضا .
والطلع ما يرى من عذق النخلة .
والقنوان : جمع قنو ، وتثنيته قنوان كصنو وصنوان " بكسر النون " .
وجاء الجمع على لفظ الاثنين .
قال الجوهري وغيره : الاثنان صنوان والجمع صنوان " برفع النون " .
والقنو : العذق والجمع القنوان والأقناء ; قال :طويلة الأقناء والأثاكلغيره : " أقناء " جمع القلة .
قال المهدوي : قرأ ابن هرمز " قنوان " بفتح القاف ، وروي عنه ضمها .
فعلى الفتح هو اسم للجمع غير مكسر ، بمنزلة ركب عند سيبويه ، وبمنزلة الباقر والجامل ; لأن فعلان ليس من أمثلة الجمع ، وضم القاف على أنه جمع قنو وهو العذق " بكسر العين " وهي الكباسة ، وهي عنقود النخلة .
والعذق " بفتح العين " النخلة نفسها .
وقيل : القنوان الجمار .
دانية : قريبة ، ينالها القائم والقاعد .
عن ابن عباس والبراء بن عازب وغيرهما .
وقال الزجاج : منها دانية ومنها بعيدة ; فحذف ; ومثله : سرابيل تقيكم الحر .
وخص الدانية بالذكر ، لأن من الغرض في الآية ذكر القدرة والامتنان بالنعمة ، والامتنان فيما يقرب متناوله أكثر .
الثالثة : قوله تعالى : وجنات من أعناب أي وأخرجنا جنات .
وقرأ محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى والأعمش ، وهو الصحيح من قراءة عاصم " وجنات " بالرفع .
وأنكر هذه القراءة أبو عبيد وأبو حاتم ، حتى قال أبو حاتم : هي محال ; لأن الجنات لا تكون من النخل .
قال النحاس : والقراءة جائزة ، وليس التأويل على هذا ، ولكنه رفع بالابتداء والخبر محذوف ; أي ولهم جنات .
كما قرأ جماعة من القراء " وحور عين " .
وأجاز مثل هذا سيبويه والكسائي والفراء ; ومثله كثير .
وعلى هذا أيضا " وحورا عينا " حكاه سيبويه ، وأنشد :جئني بمثل بني بدر لقومهم أو مثل أسرة منظور بن سياروقيل : التقدير وجنات من أعناب أخرجناها ; كقولك : أكرمت عبد الله وأخوه ، أي وأخوه أكرمت أيضا .
فأما الزيتون والرمان فليس فيه إلا النصب للإجماع على ذلك .
وقيل : " وجنات " بالرفع عطف على قنوان لفظا ، وإن لم تكن في المعنى من جنسها .
والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه أي متشابها في الأوراق ; أي ورق الزيتون يشبه ورق الرمان في اشتماله على جميع الغصن وفي حجم الورق ، وغير متشابه في الذواق ; عن قتادة وغيره .
قال ابن جريج : متشابها في النظر وغير متشابه في الطعم ; مثل الرمانتين لونهما واحد وطعمهما مختلف .
وخص الرمان والزيتون بالذكر لقربهما منهم ومكانهما عندهم .
وهو كقوله : أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت .
ردهم إلى الإبل لأنها أغلب ما يعرفونه .
الرابعة : قوله تعالى انظروا إلى ثمره إذا أثمر أي نظر الاعتبار لا نظر الإبصار المجرد عن التفكر .
والثمر في اللغة جنى الشجر .
وقرأ حمزة والكسائي " ثمره " بضم الثاء والميم .
والباقون بالفتح فيهما جمع ثمرة ، مثل بقرة وبقر وشجرة وشجر .
قال مجاهد الثمر أصناف المال ، والثمر ثمر النخل .
وكأن المعنى على قول مجاهد : انظروا إلى الأموال التي يتحصل منه الثمر ; فالثمر بضمتين جمع ثمار وهو المال المثمر .
وروي عن الأعمش " ثمره " بضم الثاء وسكون الميم ; حذفت الضمة لثقلها طلبا للخفة .
ويجوز أن يكون ثمر جمع ثمرة مثل بدنة وبدن .
ويجوز أن يكون ثمر جمع جمع ، فتقول : ثمرة وثمار وثمر مثل حمار وحمر .
ويجوز أن يكون جمع ثمرة كخشبة وخشب لا جمع الجمع .
الخامسة : قوله تعالى وينعه قرأ محمد بن السميقع " ويانعه " .
وابن محيصن وابن أبي إسحاق " وينعه " بضم الياء .
قال الفراء : هي لغة بعض أهل نجد ; يقال : ينع الثمر يينع ، والثمر يانع .
وأينع يونع والثمر مونع .
والمعنى : ونضجه .
ينع وأينع إذا نضج وأدرك .
قال الحجاج في خطبته : أرى رءوسا قد أينعت وحان قطافها .
قال ابن الأنباري : الينع جمع يانع ، كراكب وركب ، وتاجر وتجر ، وهو المدرك البالغ .
وقال الفراء : أينع أكثر من ينع ، ومعناه أحمر ; ومنه ما روي في حديث الملاعنة إن ولدته أحمر مثل الينعة وهي خرزة حمراء ، يقال : إنه العقيق أو نوع منه .
فدلت الآية لمن تدبر ونظر ببصره وقلبه ، نظر من تفكر ، أن المتغيرات لا بد لها من مغير ; وذلك أنه تعالى قال : انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه .
فتراه أولا طلعا ثم إغريضا إذا انشق عنه الطلع .
والإغريض يسمى ضحكا أيضا ، ثم بلحا ، ثم سيابا ، ثم جدالا إذ اخضر واستدار قبل أن يشتد ، ثم بسرا إذا عظم ، ثم زهوا إذا احمر ; يقال : أزهى يزهي ، ثم موكتا إذا بدت فيه نقط من الإرطاب .
فإن كان ذلك من قبل الذنب فهي مذنبة ، وهو التذنوب ، فإذا لانت فهي ثعدة ، فإذا بلغ الإرطاب نصفها فهي مجزعة ، فإذا بلغ ثلثيها فهي حلقانة ، فإذا عمها الإرطاب فهي منسبتة ; يقال : رطب منسبت ، ثم ييبس فيصير تمرا .
فنبه الله تعالى بانتقالها من حال إلى حال وتغيرها ووجودها بعد أن لم تكن بعد على وحدانيته وكمال قدرته ، وأن لها صانعا قادرا عالما .
ودل على جواز البعث ; لإيجاد النبات بعد الجفاف .
قال الجوهري : ينع الثمر يينع ويينع ينعا وينوعا ، أي نضج .
السادسة : قال ابن العربي قال مالك : الإيناع الطيب بغير فساد ولا نقش .
قال مالك : والنقش أن ينقش أهل البصيرة الثمر حتى يرطب ; يريد يثقب فيه بحيث يسرع دخول الهواء إليه فيرطب معجلا .
فليس ذلك الينع المراد في القرآن ، ولا هو الذي ربط به رسول الله صلى الله عليه وسلم البيع ، وإنما هو ما يكون من ذاته بغير محاولة .
وفي بعض بلاد التين ، وهي البلاد الباردة ، لا ينضج حتى يدخل في فمه عود قد دهن زيتا ، فإذا طاب حل بيعه ; لأن ذلك ضرورة الهواء وعادة البلاد ، ولولا ذلك ما طاب في وقت الطيب .
قلت : وهذا الينع الذي يقف عليه جواز بيع التمر وبه يطيب أكلها ويأمن من العاهة ، هو عند طلوع الثريا بما أجرى الله سبحانه من العادة وأحكمه من العلم والقدرة .
ذكر المعلى بن أسد عن وهيب عن عسل بن سفيان عن عطاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلعت الثريا صباحا رفعت العاهة عن أهل البلد .
والثريا النجم ، لا خلاف في ذلك .
وطلوعها صباحا لاثنتي عشرة ليلة تمضي من شهر أيار ، وهو شهر مايو .
وفي البخاري : وأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت أن زيد بن ثابت لم يكن يبيع ثمار أرضه حتى تطلع الثريا فيتبين الأصفر من الأحمر .
السابعة : وقد استدل من أسقط الجوائح في الثمار بهذه الآثار ، وما كان مثلها من نهيه عليه السلام عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها ، وعن بيع الثمار حتى تذهب العاهة .
قال عثمان بن سراقة : فسألت ابن عمر متى هذا ؟ فقال : طلوع الثريا .
قال الشافعي : لم يثبت عندي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح ، ولو ثبت عندي لم أعده ، والأصل المجتمع عليه أن كل من ابتاع ما يجوز بيعه وقبضه كانت المصيبة منه ، قال : ولو كنت قائلا بوضع الجوائح لوضعتها في القليل والكثير .
وهو قول الثوري والكوفيين .
وذهب مالك وأكثر أهل المدينة إلى وضعها ; لحديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح .
أخرجه مسلم .
وبه كان يقضي عمر بن عبد العزيز ، وهو قول أحمد بن حنبل وسائر أصحاب الحديث .
وأهل الظاهر وضعوها عن المبتاع في القليل والكثير على عموم الحديث ; إلا أن مالكا وأصحابه اعتبروا أن تبلغ الجائحة ثلث الثمرة فصاعدا ، وما كان دون الثلث ألغوه وجعلوه تبعا ، إذ لا تخلو ثمرة من أن يتعذر القليل من طيبها وأن يلحقها في اليسير منها فساد .
وكان أصبغ وأشهب لا ينظران إلى الثمرة ولكن إلى القيمة ، فإذا كانت القيمة الثلث فصاعدا وضع عنه .
والجائحة ما لا يمكن دفعه عند ابن القاسم .
وعليه فلا تكون السرقة جائحة ، وكذا في كتاب محمد .
وفي الكتاب أنه جائحة ، وروي عن ابن القاسم ، وخالفه أصحابه والناس .
وقال مطرف وابن الماجشون : ما أصاب الثمرة من السماء من عفن أو برد ، أو عطش أو حر أو كسر الشجر بما ليس بصنع آدمي فهو جائحة .
واختلف في العطش ; ففي رواية ابن القاسم هو جائحة .
والصحيح في البقول أنها فيها جائحة كالثمرة .
ومن باع ثمرا قبل بدو صلاحه بشرط التبقية فسخ بيعه ورد ; للنهي عنه ; ولأنه من أكل المال بالباطل ; لقوله عليه السلام : أرأيت إن منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه بغير حق ؟ هذا قول الجمهور ، وصححه أبو حنيفة وأصحابه وحملوا النهي على الكراهة .
وذهب الجمهور إلى جواز بيعها قبل بدو الصلاح بشرط القطع .
ومنعه الثوري وابن أبي ليلى تمسكا بالنهي الوارد في ذلك .
وخصصه الجمهور بالقياس الجلي ; لأنه مبيع معلوم يصح قبضه حالة العقد فصح بيعه كسائر المبيعات .

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله : وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًاقال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: والله الذي له العبادة خالصة لا شريك فيها لشيء سواه, (30) هو الإله الذي أنزل من السماء ماء =" فأخرجنا به نبات كل شيء "، فأخرجنا بالماء الذي أنزلناه من السماء من غذاء الأنعام والبهائم والطير والوحش وأرزاق بني آدم وأقواتهم، ما يتغذون به ويأكلونه فينبتُون عليه وينمون.
وإنما معنى قوله: " فأخرجنا به نبات كل شيء "، فأخرجنا به ما ينبت به كل شيء وينمو عليه ويصلحُ.
* * *ولو قيل: معناه: فأخرجنا به نبات جميع أنواع النبات، فيكون " كل شيء "، هو أصناف النبات = كان مذهبًا، وإن كان الوجه الصحيح هو القولَ الأول.
(31)* * *وقوله: " فأخرجنا منه خضرًا "، يقول: " فأخرجنا منه "، يعني: من الماء الذي أنزلناه من السماء =" خَضِرًا "، رطبًا من الزرع.
* * *" والخضر "، هو " الأخضر ", كقول العرب: " أرِنيهَا نَمِرة، أُرِكْها مَطِرَة ".
(32) يقال: " خَضِرَت الأرض خَضَرًا.
وخَضَارة ".
(33) و " الخضر " رطب البقول, ويقال: " نخلة خضيرة "، إذا كانت ترمي ببسرها أخضر قبل أن ينضج.
و " قد اختُضِر الرجل " و " اغْتُضِر "، إذا مات شابًّا مُصَحَّحًا.
ويقال: " هو لك خَضِرًا مَضِرًا "، أي هنيئًا مريئًا.
(34)* * *قوله: " نخرج منه حبًّا متراكبًا "، يقول: نخرج من الخضر حبًّا = يعني: ما في السنبل, سنبل الحنطة والشعير والأرز, (35) وما أشبه ذلك من السنابل التي حبُّها يركب بعضه بعضًا.
* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:13661 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي قوله: " منه خضرًا نخرج منه حبًّا متراكبًا "، فهذا السنبل.
* * *القول في تأويل قوله : وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌقال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ومن النخل من طلعها قنوانه دانية، (36) = ولذلك رفعت " القِنوان ".
* * *و " القنوان " جمع " قِنْو ", كما " الصنوان " جمع " صِنْو ", وهو العِذْق, (37) يقال للواحد هو " قِنْو "، و " قُنْو " و " قَنَا "، يثنى " قِنوانِ", ويجمع " قنوانٌ" و " قُنوانٌ".
(38) قالوا في جمع قليله: " ثلاثة أقْناء ".
و " القِنوان " من لغة الحجاز, و " القُنْوان "، من لغة قيس، وقال امرؤ القيس:فَأَثَّتْ أَعَالِيهِ, وَآدَتْ أُصُولُهُوَمَالَ بِقِنْوانٍ مِنَ البُسْرِ أَحْمَرَا (39)و " قِنْيان "، جميعًا، وقال آخر: (40)لَهَا ذَنَبٌ كَالْقِنْوِ قَدْ مَذِلَتْ بِهِوَأَسْحَمَ لِلتَّخْطَارِ بَعْدَ التَّشَذُّرِ (41)وتميم تقول: " قُنْيان " بالياء.
* * *ويعني بقوله: " دانية "، قريبة متهدّلة.
* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:13662 - حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: " قنوان دانية "، يعني ب " القنوان الدانية "، قصار النخل، لاصقة عُذُوقها بالأرض.
13663 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: " من طلعها قنوان دانية "، قال: عذوق متهدلة .
13664- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: " قنوان دانية "، يقول: متهدلة.
13665 - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع, وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن سفيان, عن أبي إسحاق, عن البراء في قوله: " قنوان دانية "، قال: قريبة.
13666- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري, عن أبي إسحاق, عن البراء بن عازب: " قنوان دانية "، قال: قريبة.
13667- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: " ومن النخل من طلعها قنوان دانية "، قال: الدانية، لتهدُّل العُذوق من الطلع.
13668 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: " ومن النخل من طلعها قنوان دانية "، يعني النخل القصارَ الملتزقة بالأرض, و " القنوان " طلعه.
* * *القول في تأويل قوله : وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍقال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وأخرجنا أيضًا جنات من أعناب = يعني: بساتينَ من أعناب.
(42)* * *واختلف القرأة في قراءة ذلك.
فقرأه عامة القرأة: (وَجَنَّاتٍ) نصبًا, غير أن " التاء " كسرت، لأنها " تاء " جمع المؤنث, وهي تخفض في موضع النصب.
(43)* * *وقد:-13669- حدثني الحارث قال، حدثنا القاسم بن سلام, عن الكسائي قال، أخبرنا حمزة, عن الأعمش أنه قرأ: (وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ).
* * *= بالرفع، فرفع " جنات " على إتباعها " القنوان " في الإعراب, وإن لم تكن من جنسها، كما قال الشاعر:وَرَأَيْتِ زَوْجَكِ فِي الوَغَىمُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحَا (44)* * *قال أبو جعفر: والقراءة التي لا أستجيز أن يقرأ ذلك إلا بها، النصبُ: (وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ)، لإجماع الحجة من القرأة على تصويبها والقراءة بها، ورفضهم ما عداها, وبُعْدِ معنى ذلك من الصواب إذ قرئ رفعًا.
* * *وقوله: " والزيتون والرمان "، عطف ب " الزيتون " على " الجنات "، بمعنى: وأخرجنا الزيتونَ والرمان مشتبهًا وغير متشابه.
* * *وكان قتادة يقول في معنى " مشتبهًا وغير متشابه "، ما:-13670 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: " وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبهًا وغير متشابه "، قال: مشتبهًا ورقه, مختلفًا ثمرُه .
* * *وجائز أن يكون مرادًا به: مشتبهًا في الخلق، مختلفًا في الطعم.
(45)* * *قال أبو جعفر: ومعنى الكلام: وشجر الزيتون والرمان, فاكتفى من ذكر " الشجر " بذكر ثمره, كما قيل: وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ، [سورة يوسف: 82] ، فاكتفى بذكر " القرية " من ذكر " أهلها ", لمعرفة المخاطبين بذلك بمعناه.
* * *القول في تأويل قوله : انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِقال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قرأة أهل المدينة وبعض أهل البصرة: (انْظُرُوا إلَى ثَمَرِهِ)، بفتح " الثاء " و " الميم ".
* * *وقرأه بعض قرأة أهل مكة وعامة قرأة الكوفيين: (إلَى ثُمُرِهِ)، بضم " الثاء " و " الميم ".
* * *= فكأنّ من فتح " الثاء " و " الميم " من ذلك، وجَّه معنى الكلام: انطروا إلى ثمر هذه الأشجار التي سمينا من النخل والأعناب والزيتون والرمان إذا أثمرَ = وأن " الثمر " جمع " ثمرة ", كما " القصب "، جمع " قصبة ", و " الخشب " جمع " خشبة ".
* * *= وكأنّ من ضم " الثاء " و " الميم ", وجَّه ذلك إلى أنه جمع " ثِمَار ", كما " الحُمُر " جمع " حمار ", و " الجُرُب " جمع " جراب "، وقد:-13671 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد, عن ابن إدريس, عن الأعمش, عن يحيى بن وثاب: أنه كان يقرأ: (إلَى ثُمُرِهِ) ، يقول: هو أصناف المال.
13672 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي حماد قال، حدثنا محمد بن عبيد الله, عن قيس بن سعد, عن مجاهد قال: " الثُّمُر "، هو المال = و " الثمر "، ثَمَر النخل.
(46)* * *وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب, قراءة من قرأ: (انْظُرُوا إلَى ثُمُرِهِ) بضم " الثاء " و " الميم ", لأن الله جل ثناؤه وصفَ أصنافًا من المال كما قال يحيى بن وثاب، وكذلك حبّ الزرع المتراكب, وقنوان النخل الدانية, والجنات من الأعناب والزيتون والرمان, فكان ذلك أنواعًا من الثمر, فجمعت " الثمرة "" ثمرًا "، ثم جمع " الثمر "" ثمارًا ", ثم جمع ذلك فقيل: (انْظُرُوا إلَى ثُمُرِهِ), فكان ذلك جمع " الثمار " و " الثمار " جمع " الثمر " = و " إثماره "، عقدُ الثمر.
* * *وأما قوله: " وَينْعه "، فإنه نُضجه وبلوغُه حين يبلغ.
* * *وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يقول في" يَنْعه " إذا فتحت ياؤه، هو جمع " يانع ", كما " التَّجْر " جمع " تاجر ", و " الصحب " جمع " صاحب ".
(47)* * *وكان بعض أهل الكوفة ينكر ذلك، ويرى أنه مصدر من قولهم: " ينع الثمر فهو يَيْنع يَنْعًا "، ويحكى في مصدره عن العرب لغات ثلاثًا: " يَنْع ", و " يُنْع ", و " يَنَع ", وكذلك في" النَّضْج "" النُّضج " و " النَّضَج ".
(48)* * *وأما في قراءة من قرأ ذلك: (وَيَانِعِهِ)، فإنه يعني به: وناضجه، وبالغه.
* * *وقد يجوز في مصدره " يُنُوعًا ", ومسموع من العرب: " أينعت الثمرة تُونِع إيناعًا "، ومن لغة الذين قالوا: " ينع ", قول الشاعر: (49)فِي قِبَابٍ عِنْدَ دَسْكَرَةٍحَوْلَهَا الزَّيْتُونُ قَدْ يَنَعَا (50)وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:13763 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: " وينعه "، يعني: إذا نضج.
13674- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: " انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه "، قال: " ينعه "، نضجه.
13675 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: " انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه "، أي نضجه.
13676- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: " وينعه "، قال: نضجه.
13677 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " وينعه "، يقول: ونضجه.
13678- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: " وينعه "، قال: يعني نضجه.
13679- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: " وينعه "، قال: نضجه.
* * *القول في تأويل قوله : إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره إن في إنزال الله من السماء الماءَ الذي أخرج به نباتَ كل شيء, والخضِرَ الذي أخرج منه الحبَّ المتراكب, وسائر ما عدَّد في هذه الآية من صنوف خلقه =" لآيات "، يقول: في ذلكم، أيها الناس، إذا أنتم نظرتم إلى ثمره عند عقد ثمره, وعند ينعه وانتهائه, فرأيتم اختلاف أحواله وتصرفه في زيادته ونموّه, علمتم أن له مدبِّرًا ليس كمثله شيء, ولا تصلح العبادة إلا له دون الآلهة والأنداد, وكان فيه حجج وبرهان وبيان (51) =" لقوم يؤمنون "، يقول: لقوم يصدقون بوحدانية الله وقدرته على ما يشاء.
وخصّ بذلك تعالى ذكره القوم الذين يؤمنون, لأنهم هم المنتفعون بحجج الله والمعتبرون بها, دون من قد طَبعَ الله على قلبه، فلا يعرف حقًّا من باطل، ولا يتبين هدًى من ضلالة.
--------------------الهوامش :(30) في المطبوعة: "لا شركة فيها لشيء سواء" ، غير ما في المخطوطة بسوء رأي!!(31) انظر معاني القرآن للفراء 1: 347.
(32) هذا مثل ، نسبه صاحب اللسان في (نمر) إلى أبي ذؤيب الهذلي ، ولم ينسبه في (خضر) ، ورواه الميداني في الأمثال 1: 258 ، وأبو هلال في جمهرة الأمثال: 14 ، ولم ينسباه إليه ، وأذكر أني قرأت قصته ثم افتقدتها الآن فلم أجدها.
وقوله: "نمرة" يعني ، سحابة ، وهو أن يكون سواد وبياض ونمرة ، يضرب مثلا في صحة مخيلة الشيء ، وصحة الدلالة عليه.
وذلك إذا رأيت دليل الشيء ، علمت ما يتبعه.
(33) "الخضارة" مصدر ، مثل"الغضارة" ، لم يذكر في مادته من كتب اللغة.
(34) ذكره صاحب اللسان في (خضر) ، ولم يذكره في (مضر).
و"المضر" الغض الطري.
(35) انظر تفسير"الحب" فيما سلف ص: 550.
(36) في المطبوعة والمخطوطة: "ومن النخل من طلعها قنوان دانية" ، وهو نص الآية ، وهو بيان لا يستقيم ، وإنما الصواب ما أثبت ، استظهرته من معاني القرآن للفراء 1: 347.
(37) "العذق" (بكسر فسكون): كباسة النخل وعراجينها.
(38) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 202.
(39) ديوانه: 67 ، واللسان (قنا) ، وغيرها كثير.
من قصيدته المستجادة ، وهو من أولها ، يصف ظعن الحي يشبهها بالنخل ، يقول قبله:بِعَيْنيَّ ظُعْنُ الحَيِّ لَمَّا تَحَمَّلُوالَدَى جَانِبِ الأَفْلاجِ مِنْ جَنْبِ تَيْمرَافَشَبَّهْتُهُمْ فِي الآلِ لَمَّا تَكَمَّشُواحَدَائِقَ دَوْمٍ، أوْ سَفِينًا مُقَيَّرَاأَوِ المُكْرِعَاتِ من نَخِيلِ ابْنِ يَامِنٍدُوَيْنَ الصَّفَا اللائِي يَلِينَ المُشقّراسَوَامِقَ جَبَّارٍ أَثِيثٍ فُرُوعُهُوَعَالَيْنَ قِنْوَانًا مِنَ البُسْرِ أَحْمَرَافهذه رواية أخرى غير التي رواها أبو جعفر وغيره.
وقوله: "فأثت أعاليه": أي: عظمت والتفت من ثقل حملها.
وقوله : "آدت" ، أي تثنت ومالت.
(40) لم أعرف قائله.
(41) رواه أبو زيد في نوادره: 182 ، بيتًا مفرادًا ، وقال في تفسيره: "التشذر" ، إذا لقحت الناقة عقدت ذنبها ونصبته على عجزها من التخيل ، فذاك التشذر.
و"المذل" (بفتحتين): أن لا تحرك ذنبها.
ولم أعرف لقوله"أسحم" في هذا البيت معنى ، ورواية أبي زيد: "وأسمح" ، وهو حق المعنى فيما أرجح.
و"التخطار" ، مصدر"خطر الفحل بذنبه خطرًا وخطرانًا وخطيرًا" ، رفعه مرة بعد مرة ، وضرب به حاذيه ، وهما ما ظهر من فخذيه حيث يقع شعر الذنب.
وهذا المصدر لم يذكر في شيء من معاجم اللغة.
والمعنى: أنها أقرت ذنبها ، ثم أسمح لها بعد نشاطها وتبخترها فاسترخى.
هكذا ظننت معناه.
(42) انظر تفسير"الجنات" فيما سلف من فهارس اللغة (جنن)(43) في المطبوعة ، أسقط"في" من الكلام سهوًا.
(44) مضى البيت وتخريجه مرارًا 1: 140/6 : 423/ 10 : 408.
(45) انظر تفسير"متشابه" فيما سلف 1: 385 - 394/6 : 173.
(46) روي عن مجاهد أبين من هذا إذ قال: "هو الذهب والفضة" ، كما حكاه الفارسي عنه.
(47) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن 1: 202 ، وهو منسوب أيضًا إلى ابن كيسان ، كما جاء في لسان العرب (ينع).
(48) ذكر أبو جعفر في"ينع" و"نضج" مصدرًا ثالثًا غير الذي ذكره أصحاب المعاجم ، فإنهم اقتصروا في (ينع) على فتح الياء وسكون النون ، وضمها وسكون النون = واقتصروا في (نضج) على فتح النون وسكون الضاد ، وضمها وسكون الضاد.
أما هذا المصدر الثالث الذي رواه أبو جعفر ولم يضبطه ، فلم أجده في شيء من المعاجم ، وهو مما يزاد عليها ، إلا أني استظهرت ضبطه في الحرفين بفتح الياء والنون في ينع" ، وبفتح النون والضاد في"نضج".
وسيذكر أبو جعفر مصدرًا آخر بعد قليل وهو"ينوع".
(49) هذا شعر مختلف فيه من شعر يزيد بن معاوية ، ونسبه المبرد إلى الأحوص ، ونسبه الجاحظ إلى أبي دهبل ، وينسب إلى الأخطل خطأ.
(50) الحيوان 4: 10 ، الكامل 1: 226 ، أنساب الأشراف 4/2/2 ، مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 202 ، تاريخ ابن كثير 8: 234 ، تاريخ الخلفاء للسيوطي: 140 ، معجم ياقوت (الماطرون)؛ الخزانة 3: 279 ، العيني (هامش الخزانة 1: 149) ، واللسان (ينع) وغيرها.
من شعر يقال إن يزيد قاله في نصرانية ترهبت في دير خرب عند الماطرون ، وهو موضع بالشأم.
وهذا هو الشعر ، مع اختلاف الرواية فيه:آبَ هَذَا الهَمُّ فَاكْتَنَعَاوأتَرَّ النَّوْمَ فَاْمْتَنَعَارَاعِيًا للِنَّجْمِ أرْقُبُهُفَإِذَا ما كَوْكَبٌ طَلَعَاحَامَ، حَتَّى إنَّنِي لأرَىأنَّهُ بِالْغَورِ قَدْ وَقَعَاوَلَهَا بالمَاطِرُونِ إذَاأكَلَ النَّمْلُ الَّذِي جَمَعَاخُرْفَةٌ، حَتَّى إذَا ارْتَبَعَتْسَكَنَتْ منْ جِلَّقٍ بِيَعَافِي قِبَابٍ حَوْلَ دَسْكَرةٍحَوْلَهَا الزَّيْتُونُ قَدْ يَنَعَاعِنْد غَيْري، فَالْتَمِسْ رَجُلايأكُلُ التَّنُّوَم والسَّلَعَاذَاكَ شَيءٌ لَسْتُ آكُلُهُوَأرَاهُ مَأْكَلا فَظِعَا"اكتنع الهم" ، دنا دنوًّا شديدا.
و"أتر النوم" أبعده ، والرواية المشهورة و"أمر النوم" من المرارة.
وقوله: "أكل النمل الذي جمعا" ، يعني زمن الشتاء.
و"الخرفة" ما يجتنى من الفاكهة.
و"ارتبعت" دخلت في الربيع.
و"جلق" قرية من قرى دمشق.
و"البيع" جمع"بيعة" (بكسر الباء) ، وهي كنيسة اليهود أو النصارى ، و"الدسكرة" بناء كالقصر ، كانت الأعاجم تتخذه للشرب والملاهي.
و"التنوم" و"السلع" نباتان ، تأكلها جفاة أهل البادية.
و"فظع" ، فظيع يستبشعه آكله.
ورواية البلاذري للبيت:فِي جِنَانٍ ثَمَّ مُؤْنِقَةٍحَوْلَهَا الزَّيْتُونُ قَدْ يَنَعَا(51) انظر تفسير"آية" فيما سلف من فهارس اللغة (أيي).

﴿ وهو الذي أنـزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون ﴾

قراءة سورة الأنعام

المصدر : تفسير : وهو الذي أنـزل من السماء ماء فأخرجنا