﴿ ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
لما قص الله هذه القصة على محمد صلى الله عليه وسلم قال الله له: ذَلِكَ الإنباء الذي أخبرناك به مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ الذي لولا إيحاؤنا إليك لما وصل إليك هذا الخبر الجليل، فإنك لم تكن حاضرا لديهم إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ أي: إخوة يوسف وَهُمْ يَمْكُرُونَ به حين تعاقدوا على التفريق بينه وبين أبيه، في حالة لا يطلع عليها إلا الله تعالى، ولا يمكن أحدا أن يصل إلى علمها، إلا بتعليم الله له إياها.كما قال تعالى لما قص قصة موسى وما جرى له، ذكر الحال التي لا سبيل للخلق إلى علمها إلا بوحيه وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين الآيات، فهذا أدل دليل على أن ما جاء به رسول الله حقا.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
واسم الإشارة في قوله- سبحانه- ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ.... يعود على ما ذكره الله- تعالى- في هذه السورة من قصص يتعلق بيوسف وإخوته وأبيه وغيرهم، أى: ذلك الذي قصصناه عليك- أيها الرسول الكريم- في هذه السورة، وما قصصناه عليك في غيرها مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ أى: من الأخبار الغيبية التي لا يعلمها علما تاما شاملا إلا الله- تعالى- وحده.ونحن نُوحِيهِ إِلَيْكَ ونعلمك به لما فيه من العبر والعظات.وقوله: وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ مسوق للتدليل على أن هذا القصص من أنباء الغيب الموحاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.أى: ومما يشهد بأن هذا الذي قصصناه عليك في هذه السورة من أنباء الغيب، أنك- أيها الرسول الكريم- ما كنت حاضرا مع إخوة يوسف، وقت أن أجمعوا أمرهم للمكر به، ثم استقر رأيهم على إلقائه في الجب، وما كنت حاضرا أيضا وقت أن مكرت امرأة العزيز بيوسف، وما كنت مشاهدا لتلك الأحداث المتنوعة التي اشتملت عليها هذه السورة الكريمة، ولكنا أخبرناك بكل ذلك لتقرأه على الناس، ولينتفعوا بما فيه من حكم وأحكام، وعبر وعظات.وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى- في خلال قصة نوح- عليه السلام-: تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ .وقوله- تعالى- في خلال قصة موسى- عليه السلام- وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ .وقوله- تعالى- في خلال حديثه عن مريم ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ، وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ، وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ .إلى غير ذلك من الآيات التي تدل على أن هذا القرآن من عند الله- تعالى- لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن معاصرا لمن جاء القرآن بقصصهم، ولم يطلع على كتاب فيه خبرهم، فلم يبق لعلمه صلى الله عليه وسلم بذلك طريق إلا طريق الوحى.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( ذلك ) الذي ذكرت ( من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم ) أي : ما كنت يا محمد عند أولاد يعقوب ( إذ أجمعوا أمرهم ) أي : عزموا على إلقاء يوسف في الجب ( وهم يمكرون ) بيوسف .