القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

الآية 103 من سورة الأنعام - لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير

سورة الأنعام الآية رقم 103 : قراءة و استماع

قراءة و استماع الآية 103 من سورة الأنعام مكتوبة - عدد الآيات 165 - Al-An‘am - الصفحة 141 - الجزء 7.

سورة الأنعام الآية رقم 103

﴿ لَّا تُدۡرِكُهُ ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَهُوَ يُدۡرِكُ ٱلۡأَبۡصَٰرَۖ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلۡخَبِيرُ ﴾
[ الأنعام: 103]


﴿ لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ﴾


﴿ تفسير السعدي ﴾

لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ لعظمته، وجلاله وكماله، أي: لا تحيط به الأبصار، وإن كانت تراه، وتفرح بالنظر إلى وجهه الكريم، فنفي الإدراك لا ينفي الرؤية، بل يثبتها بالمفهوم.
فإنه إذا نفى الإدراك، الذي هو أخص أوصاف الرؤية، دل على أن الرؤية ثابتة.
فإنه لو أراد نفي الرؤية، لقال "لا تراه الأبصار" ونحو ذلك، فعلم أنه ليس في الآية حجة لمذهب المعطلة، الذين ينفون رؤية ربهم في الآخرة، بل فيها ما يدل على نقيض قولهم.
وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ أي: هو الذي أحاط علمه، بالظواهر والبواطن، وسمعه بجميع الأصوات الظاهرة، والخفية، وبصره بجميع المبصرات، صغارها، وكبارها، ولهذا قال: وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ الذي لطف علمه وخبرته، ودق حتى أدرك السرائر والخفايا، والخبايا والبواطن.
ومن لطفه، أنه يسوق عبده إلى مصالح دينه، ويوصلها إليه بالطرق التي لا يشعر بها العبد، ولا يسعى فيها، ويوصله إلى السعادة الأبدية، والفلاح السرمدي، من حيث لا يحتسب، حتى أنه يقدر عليه الأمور، التي يكرهها العبد، ويتألم منها، ويدعو الله أن يزيلها، لعلمه أن دينه أصلح، وأن كماله متوقف عليها، فسبحان اللطيف لما يشاء، الرحيم بالمؤمنين.

﴿ تفسير الوسيط ﴾

وقوله: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ جملة مستأنفة إما مؤكدة لقوله وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ذكرت للتخويف بأنه رقيب من حيث لا يرى فيجب أن يخاف ويحذر، وأما مؤكدة أعظم تأكيد لما تقرر قبل من تنزهه وتعاليمه عما وصفه به المشركون، ببيان أنه لا تراه الأبصار المعبودة وهي أبصار أهل الدنيا لجلاله وكبريائه وعظمته.
فكيف يكون له ولد؟.
والإدراك: اللحاق والوصل إلى الشيء والإحاطة به.
والأبصار جمع بصر يطلق- كما قال الراغب- على الجارحة الناظرة وعلى القوة التي فيها.
والمعنى: لا تحيط بعظمته وجلاله على ما هو عليه- سبحانه- أبصار الخلائق، أو لا تدركه الأبصار إدراك إحاطة بكنهه وحقيقته فإن ذلك محال والإدراك بهذا المعنى أخص من الرؤية التي هي مجرد المعاينة، فنفيه لا يقتضى نفى الرؤية، لأن نفى الأخص لا يقتضى نفى الأعم فأنت ترى الشمس والقمر ولكنك لا تدرك كنههما وحقيقتهما.
هذا، وهناك خلاف مشهور بين أهل السنة والمعتزلة في مسألة رؤية الله- تعالى- في الآخرة.
أما أهل السنة فيجيزون ذلك ويستشهدون بالكتاب والسنة، فمن الكتاب قوله- تعالى- وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ ومن السنة ما رواه الشيخان عن جرير بن عبد الله البجلي قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر وقال: «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا عن صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثم قرأ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ.
قال الإمام ابن كثير: تواترت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المؤمنين يرون الله في الدار الآخرة في العرصات وفي روضات الجنات» .
أما المعتزلة فيمنعون رؤية المؤمنين لله- تعالى في الآخرة، واستدلوا فيما استدلوا بهذه الآية، وقالوا: إن الإدراك المضاف إلى الأبصار إنما هو الرؤية ولا فرق بين ما أدركته ببصرى ورأيته إلا في اللفظ.
والذي نراه أن رأى أهل السنة أقوى لأن ظواهر النصوص تؤيدهم ولا مجال هنا لبسط حجج كل فريق، فقد تكفلت بذلك كتب علم الكلام .
وقوله وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ أى: وهو يدرك القوة التي تدرك بها المبصرات.
ويحيط بها علما، إذ هو خالق القوى والحواس.
وقوله وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ أى: هو الذي يعامل عباده باللطف والرأفة وهو العليم بدقائق الأمور وجلياتها.
ثم أخذ القرآن في تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي تسليته.
وفي مدح ما جاء به من هدايات فقال- تعالى-:

﴿ تفسير البغوي ﴾

وأما قوله : ( لا تدركه الأبصار ) علم أن الإدراك غير الرؤية لأن الإدراك هو : الوقوف على كنه الشيء والإحاطة به ، والرؤية : المعاينة ، وقد تكون الرؤية بلا إدراك ، قال الله تعالى في قصة موسى " فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال : كلا " ( سورة الشعراء ، 61 ) ، وقال " لا تخاف دركا ولا تخشى " ( سورة طه ، 77 ) ، فنفى الإدراك مع إثبات الرؤية ، فالله عز وجل يجوز أن يرى من غير إدراك وإحاطة كما يعرف في الدنيا ولا يحاط به ، قال الله تعالى : ( ولا يحيطون به علما ) ، ( سورة طه ، 110 ) ، فنفى الإحاطة مع ثبوت العلم ، قال سعيد بن المسيب : لا تحيط به الأبصار ، وقال عطاء : كلت أبصار المخلوقين عن الإحاطة به ، وقال ابن عباس ومقاتل : لا تدركه الأبصار في الدنيا ، وهو يرى في الآخرة ، قوله تعالى : ( وهو يدرك الأبصار ) لا يخفى عليه شيء ولا يفوته ، ( وهو اللطيف الخبير ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : اللطيف بأوليائه [ الخبير بهم ، وقال الأزهري : معنى ( اللطيف ) ] الرفيق بعباده ، وقيل : اللطيف الموصل الشيء باللين والرفق ، وقيل : اللطيف الذي ينسي العباد ذنوبهم لئلا يخجلوا ، وأصل اللطف دقة النظر في الأشياء .

قراءة سورة الأنعام

المصدر : لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير