و ْ آتيناه أيضا حَنَانًا مِنْ لَدُنَّا ْ أي: رحمة ورأفة، تيسرت بها أموره، وصلحت بها أحواله، واستقامت بها أفعاله. وَزَكَاةً ْ أي: طهارة من الآفات والذنوب، فطهر قلبه وتزكى عقله، وذلك يتضمن زوال الأوصاف المذمومة، والأخلاق الرديئة، وزيادة الأخلاق الحسنة، والأوصاف المحمودة، ولهذا قال: وَكَانَ تَقِيًّا ْ أي: فاعلا للمأمور، تاركا للمحظور، ومن كان مؤمنا تقيا كان لله وليا، وكان من أهل الجنة التي أعدت للمتقين، وحصل له من الثواب الدنيوي والأخروي، ما رتبه الله على التقوى.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- تعالى-: وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا معطوف على الْحُكْمَ.أى: وأعطيناه الحكم صبيا، وأعطيناه حنانا ...قال القرطبي ما ملخصه: «الحنان: الشفقة والرحمة والمحبة، وهو فعل من أفعال النفس ...وأصله: من حنان الناقة على ولدها ... قال طرفة:أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا ... حنانيك بعض الشر أهون من بعضوالمعنى: منحنا يَحْيى الحكم صبيا، ومنحناه من عندنا وحدنا رحمة عظيمة عليه، ورحمة في قلبه جعلته يعطف على غيره، وأعطيناه كذلك زكاة أى: طهارة في النفس، أبعدته عن ارتكاب ما نهى الله عنه، وجعلته سباقا لفعل الخير وَكانَ تَقِيًّا أى مطيعا لنا في كل ما نأمره به، أو ننهاه عنه.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وحنانا من لدنا ) رحمة من عندنا ، قال الحطيئة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه :تحنن علي هداك المليك فإن لكل مقام مقالاأي : ترحم .( وزكاة ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : يعني بالزكاة الطاعة والإخلاص .وقال قتادة رضي الله عنه : هي العمل الصالح ، وهو قول الضحاك .ومعنى الآية : وآتيناه رحمة من عندنا وتحننا على العباد ، ليدعوهم إلى طاعة ربهم ويعمل عملا صالحا في إخلاص .وقال الكلبي : يعني صدقة تصدق الله بها على أبويه .( وكان تقيا ) مسلما ومخلصا مطيعا ، وكان من تقواه أنه لم يعمل خطيئة ولا هم بها .