﴿ فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كما وعدناها بذلك كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ بحيث إنه تربى عندها على وجه تكون فيه آمنة مطمئنة، تفرح به، وتأخذ الأجرة الكثيرة على ذلك، وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فأريناها بعض ما وعدناها به عيانا، ليطمئن بذلك قلبها، ويزداد إيمانها، ولتعلم أنه سيحصل وعد اللّه في حفظه ورسالته، وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ فإذا رأوا السبب متشوشا، شوش ذلك إيمانهم، لعدم علمهم الكامل، أن اللّه تعالى يجعل المحن الشاقة والعقبات الشاقة، بين يدي الأمور العالية والمطالب الفاضلة، فاستمر موسى عليه الصلاة والسلام عند آل فرعون، يتربى في سلطانهم، ويركب مراكبهم، ويلبس ملابسهم، وأمه بذلك مطمئنة، قد استقر أنها أمه من الرضاع، ولم يستنكر ملازمته إياها وحنوها عليها.وتأمل هذا اللطف، وصيانة نبيه موسى من الكذب في منطقه، وتيسير الأمر، الذي صار به التعلق بينه وبينها، الذي بان للناس أنه هو الرضاع، الذي بسببه يسميها أُمَّا، فكان الكلام الكثير منه ومن غيره في ذلك كله، صدقا وحقا.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- سبحانه-: فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ معطوف على كلام محذوف، والتقدير: فسمعوا منها ما قالت، ودلتهم على أمه، فرددناه إليها، كي يطمئن قلبها وتقر عينها برجوع ولدها إليها، ولا تحزن لفراقه.ولتعلم أن وعد الله- تعالى- حق، أى: أن وعده- سبحانه- لا خلف فيه، بل هو كائن لا محالة.وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ أى: ولكن أكثر الناس لا يعلمون هذه الحقيقة حق العلم، ولذا يستعجلون الأمور، دون أن يفطنوا إلى حكمته- سبحانه- في تدبير أمر خلقه.وبذلك نرى هذه الآيات قد صاغت لنا بأبلغ أسلوب، جانبا من حياة موسى- عليه السلام-، ومن رعاية الله- تعالى- له، وهو ما زال في سن الرضاعة.ثم قص علينا- سبحانه- جانبا من حياة موسى- عليه السلام- بعد أن بلغ أشده واستوى، فقال- تعالى-:
﴿ تفسير البغوي ﴾
( فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ) برد موسى إليها ، ( ولا تحزن ) أي : ولئلا تحزن . ( ولتعلم أن وعد الله حق ) برده إليها . ( ولكن أكثرهم لا يعلمون ) أن الله وعدها رده إليها .