أي: قال إبليس - لما أبلس وأيس من رحمة اللّه - فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ أي: للخلق صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ أي: لألزمن الصراط ولأسعى غاية جهدي على صد الناس عنه وعدم سلوكهم إياه.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم حكى القرآن ما توعد به إبليس آدم وذريته من كيد وأذى فقال: قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ.الباء للقسم أو للسببية أى: فأقسم بإغوائك إياى، أو بسبب إغوائك إياى، لأترصدن لآدم وبنيه على طريق الحق وسبيل النجاة، كما يترصد قطاع الطرق للسائرين فيها فأصدنهم عنها وأحاول بكل السبل أن أصرفهم عن صراطك المستقيم، ولن أتكاسل عن العمل على إفسادهم وإضلالهم.والإغواء: خلق الغي بمعنى الضلال. وأصل الغي الفساد، ومنه غوى الفصيل- كرضى- غوى، إذا بشم من اللبن ففسدت معدته، أو منع الرضاع فهزل وكاد يهلك، ثم استعمل في الضلال، يقال: غوى يغوى غيا وغواية فهو غاو، وغوى إذا ضل، وأغواه غيره: أضله.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( قال فبما أغويتني ) اختلفوا في " ما " قيل : هو استفهام يعني فبأي شيء أغويتني ؟ ثم ابتدأ فقال : ( لأقعدن لهم ) وقيل : " ما " الجزاء ، أي : لأجل أنك أغويتني لأحقدن لهم . وقيل : هو " ما " المصدرية موضع القسم تقديره : فبإغوائك إياي لأقعدن لهم ، كقوله " بما غفر لي ربي " ( يس ، 27 ) ، يعني : لغفران ربي .والمعنى بقدرتك علي ونفاذ سلطانك في . وقال ابن الأنباري : أي فبما أوقعت في قلبي من الغي الذي كان سبب هبوطي من السماء ، أغويتني : أضللتني عن الهدى . وقيل : أهلكتني ، وقيل : خيبتني ، ( لأقعدن لهم صراطك المستقيم ) أي : لأجلسن لبني آدم على طريقك القويم ، وهو الإسلام .