فإنهم لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ المثلى لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا أي: هنيئا مريئا، ولم يمنعهم ذلك إلا ظلمهم وعدوانهم.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- سبحانه-: وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً ... معطوف على قوله- تعالى-: أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ ... فهو من جملة الموحى به، وهو من كلام الله- تعالى- لبيان سنة من سننه في خلقه، واسم «أن» المخففة ضمير الشأن، والخبر قوله، لَوِ اسْتَقامُوا ... والضمير يعود على القاسطين سواء أكانوا من الإنس أم من الجن.والماء الغدق: هو الماء الكثير، يقال: غدقت عين فلان غدقا- كفرح- إذا كثر دمعها فهي غدقة، ومنه الغيداق للماء الواسع الكثير، والمراد: لأعطيناهم نعما كثيرة.أى: ولو أن هؤلاء العادلين عن طريق الحق إلى طريق الباطل استقاموا على الطريقة المثلى، التي هي طريق الإسلام، والتزموا بما جاءهم به النبي صلى الله عليه وسلم من عند ربه ...لو أنهم فعلوا ذلك، لفتحنا عليهم أبواب الرزق، ولأعطيناهم من بركاتنا وخيراتنا الكثير ... وخص الماء الغدق بالذكر، لأنه أصل المعاش والسعة.ومن الآيات التي وردت في هذا المعنى قوله- تعالى-: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وقوله- سبحانه- وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ ... وقوله- تعالى- وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ، لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ....
﴿ تفسير البغوي ﴾
ثم رجع إلى كفار مكة فقال : ( وأن لو استقاموا على الطريقة ) اختلفوا في تأويلها فقال قوم : لو استقاموا على طريقة الحق والإيمان والهدى فكانوا مؤمنين مطيعين ( لأسقيناهم ماء غدقا ) كثيرا قال مقاتل : وذلك بعدما رفع عنهم المطر سبع سنين . وقالوا معناه لو آمنوا لوسعنا عليهم في الدنيا وأعطيناهم مالا كثيرا وعيشا رغدا وضرب الماء الغدق مثلا لأن الخير والرزق كله في المطر ، كما قال : ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم الآية ( المائدة - 66 ) وقال : " ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء " الآية ( الأعراف - 96 ) .