﴿ إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
وأما من كفر واستمر على كفره حتى مات ولم يرجع إلى ربه, ولم ينب إليه, ولم يتب عن قريب فأولئك عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لأنه لما صار كفرهم وصفا ثابتا, صارت اللعنة عليهم وصفا ثابتا لا تزول, لأن الحكم يدور مع علته, وجودا وعدما.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
فالآية الكريمة قد فتحت للكاتمين لما يجب إظهاره باب التوبة وأمرتهم بولوجه، وأفهمتهم أنهم إذا فعلوا ما ينبغي وتركوا ما لا ينبغي وأخلصوا لله نياتهم، فإنه- سبحانه- يقبل توبتهم، ويغسل حويتهم، أما إذا استمروا في ضلالهم وكفرهم، ومضوا في هذا الطريق المظلم حتى النهاية بدون أن يحدثوا توبة، فقد بين القرآن مصيرهم بعد ذلك فقال: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أى: إن الذين كفروا وكتموا ما من شأنه أن يظهر، كإخفائهم النصوص المشتملة على البشارة بالنبي صلّى الله عليه وسلّم واستمروا على هذا الكفر والإخفاء حتى ماتوا.أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ أى: أولئك الذين وصفوا بما ذكر عليهم اللعنة المستمرة من الله والطرد من رحمته، وعليهم كذلك اللعنة الدائمة من الملائكة والناس أجمعين عن طريق الدعاء عليهم بالإبعاد من رحمة الله.وعبر عن أصحاب ذلك الكتمان بالذين كفروا، ليحضرهم في الأذهان بأشنع وصف وهو الكفر، وليتناول الوعيد الذي اشتملت عليه الآية الكريمة كل كافر ولو بغير معصية الكتمان.وجملة وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ حالية، وأَجْمَعِينَ تأكيد بالنسبة إلى الكل لا للناس فقط.والمراد بالناس جميعهم مؤمنهم وكافرهم، إذ الكفار يلعن بعضهم بعضا يوم القيامة كما جاء في قوله- تعالى-: يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً. وقيل المراد بهم المؤمنون خاصة لأنهم هم الذين يعتد بلعنهم.
﴿ تفسير البغوي ﴾
إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة أي لعنة الملائكة.والناس أجمعين قال أبو العالية: "هذا يوم القيامة يوقف الكافر فيلعنه الله ثم تلعنه الملائكة ثم يلعنه الناس".فإن قيل فقد قال والناس أجمعين والملعون هو من جملة الناس فكيف يلعن نفسه؟ قيل: يلعن نفسه في القيامة قال الله تعالى: ويلعن بعضكم بعضاً [25-العنكبوت]. وقيل: إنهم يلعنون الظالمين والكافرين ومن يلعن الظالمين والكافرين وهو منهم فقد لعن نفسه.