﴿ طاعة وقول معروف فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
ثم ندبهم تعالى إلى ما هو الأليق بحالهم، فقال: فَأَوْلَى لَهُمْ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ أي: فأولى لهم أن يمتثلوا الأمر الحاضر المحتم عليهم، ويجمعوا عليه هممهم، ولا يطلبوا أن يشرع لهم ما هو شاق عليهم، وليفرحوا بعافية الله تعالى وعفوه. فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ أي: جاءهم الأمر جد، وأمر محتم، ففي هذه الحال لو صدقوا الله بالاستعانة به، وبذل الجهد في امتثاله لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ من حالهم الأولى، وذلك من وجوه:منها: أن العبد ناقص من كل وجه، لا قدرة له إلا إن أعانه الله، فلا يطلب زيادة على ما هو قائم بصدده.ومنها: أنه إذا تعلقت نفسه بالمستقبل، ضعف عن العمل، بوظيفة وقته، وبوظيفة المستقبل، أما الحال، فلأن الهمة انتقلت عنه إلى غيره، والعمل تبع للهمة، وأما المستقبل، فإنه لا يجيء حتى تفتر الهمة عن نشاطها فلا يعان عليه.ومنها: أن العبد المؤمل للآمال المستقبلة، مع كسله عن عمل الوقت الحاضر، شبيه بالمتألي الذي يجزم بقدرته، على ما يستقبل من أموره، فأحرى به أن يخذل ولا يقوم بما هم به ووطن نفسه عليه، فالذي ينبغي أن يجمع العبد همه وفكرته ونشاطه على وقته الحاضر، ويؤدي وظيفته بحسب قدرته، ثم كلما جاء وقت استقبله بنشاط وهمة عالية مجتمعة غير متفرقة، مستعينا بربه في ذلك، فهذا حري بالتوفيق والتسديد في جميع أموره.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
أى: طاعة وقول معروف منكم لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم خير لكم من هذا السلوك الذميم.ويصح أن يكون قوله- سبحانه- فَأَوْلى مبتدأ. وقوله لَهُمْ متعلق به. والخبر قوله طاعَةٌ. واللام في لَهُمْ أيضا. بمعنى الباء.ويكون المعنى: أولى بهؤلاء المنافقين من أن ينظروا إليك نظر المغشى عليه من الموت،الطاعة التامة لك، والقول المعروف أمامك.. لأن ذلك يحملهم متى أخلصوا قلوبهم لله- تعالى- على الإقلاع عن النفاق.ولعل هذا القول الأخير هو أقرب الأقوال إلى سياق الآيات، لأن فيه إرشادا لهم إلى ما يحميهم من تلك الأخلاق المرذولة التي على رأسها الخداع والجبن والخور.وقوله: فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ متعلق بما قبله.أى: أولى لهم الطاعة والقول المعروف، وأولى لهم وأجدر بهم إذا جد الجد، ووجب القتال، أن يخلصوا لله- تعالى- نياتهم، فإنهم لو صدقوا الله في إيمانهم، لكان صدقهم خيرا لهم، من تلك المسالك الخبيثة التي سلكوها مع نبيهم صلّى الله عليه وسلّم.قال الشوكانى: قوله فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ عزم الأمر أى جد الأمر والقتال ووجب وفرض.وأسند العزم إلى الأمر وهو لأصحابه على سبيل المجاز. وجواب فَإِذا قيل هو فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ وقيل محذوف والتقدير: كرهوه أى: إذا جد الأمر ولزم القتال خالفوا وتخلفوا .
﴿ تفسير البغوي ﴾
ثم قال : ( طاعة وقول معروف ) وهذا ابتداء محذوف الخبر ، تقديره : طاعة ، وقول معروف أمثل ، أي لو أطاعوا وقالوا قولا معروفا كان أمثل وأحسن .وقيل : مجازه : يقول هؤلاء المنافقون قبل نزول السورة المحكمة : طاعة ، رفع على الحكاية أي أمرنا طاعة أو منا طاعة ، " وقول معروف " : حسن .وقيل : هو متصل بما قبله ، واللام في قوله : " لهم " بمعنى الباء ، مجازه : فأولى بهم طاعة الله ورسوله ، وقول معروف بالإجابة ، أي لو أطاعوا كانت الطاعة والإجابة أولى بهم ، وهذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء .( فإذا عزم الأمر ) أي جد الأمر ولزم فرض القتال وصار الأمر معزوما ( فلو صدقوا الله ) في إظهار الإيمان والطاعة ( لكان خيرا لهم ) وقيل : جواب " إذا " محذوف تقديره فإذا عزم الأمر نكلوا وكذبوا فيما وعدوا ولو صدقوا الله لكان خيرا لهم .