توعده بقوله: أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى وهذه كلمات وعيد، كررها لتكرير وعيده، ثم ذكر الإنسان بخلقه الأول
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وجملة ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى مؤكدة للجملة الأولى. أى: أجدر بك هذا الهلاك الذي ينتظرك قريبا- أيها الإنسان- الجاحد، ثم أجدر بك، لأنك أصررت على كل ما هو باطل وسوء.قال القرطبي ما ملخصه: هذا تهديد بعد تهديد، ووعيد بعد وعيد..روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من المسجد ذات يوم، فاستقبله أبو جهل على باب المسجد، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، فهزه مرة أو مرتين ثم قال: «أولى لك فأولى» .فقال أبو جهل: أتهددني- يا محمد- فو الله إنى لأعز أهل هذا الوادي وأكرمه، ونزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال لأبى جهل .وجيء بحرف «ثم» في عطف الجملة الثانية على الأولى، لزيادة التأكيد، وللارتقاء في الوعيد، وللإشعار بأن التهديد الثاني أشد من الأول، كما في قوله- تعالى-: كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ. ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( ثم أولى لك فأولى ) هذا وعيد على وعيد من الله - عز وجل - لأبي جهل ، وهي كلمة موضوعة للتهديد والوعيد .وقال بعض العلماء : معناه أنك أجدر بهذا العذاب وأحق وأولى به ، يقال للرجل يصيبه مكروه يستوجبه .وقيل : هي كلمة تقولها العرب لمن قاربه المكروه وأصلها [ من الولاء ] من المولى وهو القرب ، قال الله تعالى : " قاتلوا الذين يلونكم من الكفار " ( التوبة - 123 ) .وقال قتادة : ذكر لنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما نزلت هذه الآية أخذ بمجامع ثوب أبي جهل بالبطحاء وقال له : " أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى " فقال أبو جهل : أتوعدني يا محمد ؟ والله ما تستطيع أنت ولا ربك أن تفعلا بي شيئا ، وإني لأعز من مشى بين جبليها! فلما كان يوم بدر صرعه الله شر مصرع ، وقتله أسوأ قتلة . وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن لكل أمة فرعونا [ وإن ] فرعون هذه الأمة أبو جهل .