تفسير الآيتين 39 و 40 :الإنذار هو: الإعلام بالمخوف على وجه الترهيب، والإخبار بصفاته، وأحق ما ينذر به ويخوف به العباد، يوم الحسرة حين يقضى الأمر، فيجمع الأولون والآخرون في موقف واحد، ويسألون عن أعمالهم،.فمن آمن بالله، واتبع رسله، سعد سعادة لا يشقى بعدها،.ومن لم يؤمن بالله ويتبع رسله شقي شقاوة لا سعادة بعدها، وخسر نفسه وأهله،. فحينئذ يتحسر، ويندم ندامة تتقطع منها القلوب، وتنصدع منها الأفئدة، وأي: حسرة أعظم من فوات رضا الله وجنته، واستحقاق سخطه والنار، على وجه لا يتمكن من الرجوع، ليستأنف العمل، ولا سبيل له إلى تغيير حاله بالعود إلى الدنيا؟! فهذا قدامهم، والحال أنهم في الدنيا في غفلة عن هذا الأمر العظيم لا يخطر بقلوبهم، ولو خطر فعلى سبيل الغفلة، قد عمتهم الغفلة، وشملتهم السكرة، فهم لا يؤمنون بالله، ولا يتبعون رسله، قد ألهتهم دنياهم، وحالت بينهم وبين الإيمان شهواتهم المنقضية الفانية.فالدنيا وما فيها، من أولها إلى آخرها، ستذهب عن أهلها، ويذهبون عنها، وسيرث الله الأرض ومن عليها، ويرجعهم إليه، فيجازيهم بما عملوا فيها، وما خسروا فيها أو ربحوا، فمن فعل خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك، فلا يلومن إلا نفسه.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم ساق- سبحانه- ما يدل على كمال قدرته، وشمول ملكه فقال: إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها.. أى: إنا نحن وحدنا الذين نميت جميع الخلائق الساكنين بالأرض، فلا يبقى لأحد غيرنا من سلطان عليهم أو عليها، وهؤلاء الخلائق جميعا وَإِلَيْنا وحدنا يُرْجَعُونَ يوم القيامة، فنحاسبهم على أعمالهم.وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى- وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوارِثُونَ.وإلى هنا تكون السورة الكريمة قد حدثتنا عن جانب من قصة زكريا ويحيى، وعن قصة مريم وعيسى، حديثا يهدى إلى الرشد، ويزيد المؤمنين إيمانا على إيمانهم، ويقذف بحقه على باطل المبطلين فيدمغه فإذا هو زاهق.ثم أوردت السورة الكريمة القصة الثالثة وهي قصة إبراهيم- عليه السلام- وما دار بينه وبين أبيه من حوار. قال- تعالى-:
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله عز وجل : ( إنا نحن نرث الأرض ومن عليها ) أي : نميت سكان الأرض ونهلكهم جميعا ، ويبقى الرب وحده فيرثهم ، ( وإلينا يرجعون ) فنجزيهم بأعمالهم .