ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا فكلما ارتفعت الشمس تقلص الظل شيئا فشيئا، حتى يذهب بالكلية فتوالي الظل والشمس على الخلق الذي يشاهدونه عيانا وما يترتب على ذلك من اختلاف الليل والنهار وتعاقبهما وتعاقب الفصول، وحصول المصالح الكثيرة بسبب ذلك- من أدل دليل على قدرة الله وعظمته وكمال رحمته وعنايته بعباده وأنه وحده المعبود المحمود المحبوب المعظم، ذو الجلال والإكرام.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- تعالى-: ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً معطوف- أيضا- على «مد» وداخل في حكمه.والقبض: ضد المد والبسط. واليسير: السهل الذي لا عسر فيه.أى: ثم قبضنا ذلك الظل الممدود بقدرتنا وحكمتنا- قبضا يسيرا وهينا علينا. بأن محوناه بالتدريج عند إيقاعنا الشمس عليه. حتى انتهى أمره إلى الزوال والاضمحلال.وقال- سبحانه-: إِلَيْنا للتنصيص على أن مد الظل وقبضه مرجعه إليه - تعالى- وحده. فليس في إمكان أحد سواه- عز وجل- أن يفعل ذلك.قال صاحب الكشاف: قوله: ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً أى: على مهل. وفي هذا القبض اليسير شيئا بعد شيء من المنافع ما لا يعد ولا يحصر. ولو قبض دفعة واحدة لتعطلت أكثر مرافق الناس بالظل والشمس جميعا.فإن قلت: «ثم» في هذين الموضعين كيف موقعها؟ قلت: موقعها لبيان تفاضل الأمور الثلاثة: كان الثاني أعظم من الأول، والثالث أعظم منهما، تشبيها لتباعد ما بينهما في الفضل، بتباعد ما بين الحوادث في الوقت ... ويحتمل أن يريد قبضه عند قيام الساعة بقبض أسبابه وهي الأجرام التي تبقى الظل، فيكون قد ذكر إعدامه بإعدام أسبابه .
﴿ تفسير البغوي ﴾
( ثم قبضناه ) يعني الظل ، ( إلينا قبضا يسيرا ) بالشمس التي تأتي عليه ، و " القبض " : جمع المنبسط من الشيء ، معناه : أن الظل يعم جميع الأرض قبل طلوع الشمس ، فإذا طلعت الشمس قبض الله الظل جزءا فجزءا " قبضا يسيرا " ، أي : خفيا .