﴿ قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
ف قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ رادين لدعوته، قادحين في رأيه: إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ أي: ما نراك إلا سفيها غير رشيد، ويغلب على ظننا أنك من جملة الكاذبين، وقد انقلبت عليهم الحقيقة، واستحكم عماهم حيث رموا نبيهم عليه السلام بما هم متصفون به، وهو أبعد الناس عنه، فإنهم السفهاء حقا الكاذبون. وأي سفه أعظم ممن قابل أحق الحق بالرد والإنكار، وتكبر عن الانقياد للمرشدين والنصحاء، وانقاد قلبه وقالبه لكل شيطان مريد، ووضع العبادة في غير موضعها، فعبد من لا يغني عنه شيئا من الأشجار والأحجار؟" وأي: كذب أبلغ من كذب من نسب هذه الأمور إلى اللّه تعالى؟"
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وكأنما عظم على هؤلاء الطغاة أن يستنكر عليهم هود- عليه السلام- عبادتهم لغير الله، فردوا عليه ردا قبيحا حكاه القرآن في قوله:قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ، إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ أى: قال الأغنياء الذين كفروا من قوم هود له: إنه لنراك متمكنا في خفة العقل، راسخا فيها، حيث هجرت دين قومك إلى دين آخر. وجعلت السفاهة ظرفا على طريق المجاز، فقد أرادوا أنه متمكن فيها، غير منفك عنها.وأصل السفه: الخفة والرقة والتحرك والاضطراب، يقال: ثوب سفيه إذا كان رديء النسج خفيفه، أو كان باليا رقيقا: تسفهت الريح الشجر: مالت به. وزمام سفيه: كثير الاضطراب لمنازعة الناقة إياه. وشاع السفه في خفة العقل وضعف الرأى.ولم يكتفوا بوصفه بالسفه بل أضافوا إلى ذلك قولهم: وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ أى: وإنا لنظنك من الكاذبين في دعوى التبليغ عن الله تعالى.وأكدوا ظنهم الآثم كما أكدوا اتهامهم له بالسفه مبالغة منهم في الإساءة إليه. ويرجح بعض العلماء أن الظن هنا على حقيقته، لأنهم لو قالوا وإنا لنعتقد أنك من الكاذبين، لكانوا كاذبين على أنفسهم في ذلك، لأنهم يعلمون منه الصدق وحسن السيرة.ومن بلاغة القرآن وإنصافه في أحكامه أنه قيد القائلين لهود هذا القول الباطل بأنهم «الملأ الذين كفروا من قومه» ليخرج منهم الملأ- أى الأشراف الذين آمنوا من قومه.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك ) يا هود ، ( في سفاهة ) في حمق وجهالة ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : تدعونا إلى دين لا نعرفه ، ( وإنا لنظنك من الكاذبين ) أنك رسول الله إلينا .