القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

الآية 91 من سورة النساء - ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كل ما ردوا إلى الفتنة

سورة النساء الآية رقم 91 : قراءة و استماع

قراءة و استماع الآية 91 من سورة النساء مكتوبة - عدد الآيات 176 - An-Nisa’ - الصفحة 92 - الجزء 5.

سورة النساء الآية رقم 91

﴿ سَتَجِدُونَ ءَاخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأۡمَنُوكُمۡ وَيَأۡمَنُواْ قَوۡمَهُمۡ كُلَّ مَا رُدُّوٓاْ إِلَى ٱلۡفِتۡنَةِ أُرۡكِسُواْ فِيهَاۚ فَإِن لَّمۡ يَعۡتَزِلُوكُمۡ وَيُلۡقُوٓاْ إِلَيۡكُمُ ٱلسَّلَمَ وَيَكُفُّوٓاْ أَيۡدِيَهُمۡ فَخُذُوهُمۡ وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَيۡثُ ثَقِفۡتُمُوهُمۡۚ وَأُوْلَٰٓئِكُمۡ جَعَلۡنَا لَكُمۡ عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَٰنٗا مُّبِينٗا ﴾
[ النساء: 91]


﴿ ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا ﴾


﴿ تفسير السعدي ﴾

سَتَجِدُونَ آخَرِينَ أي: من هؤلاء المنافقين.
يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ أي: خوفا منكم وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا أي: لا يزالون مقيمين على كفرهم ونفاقهم، وكلما عرض لهم عارض من عوارض الفتن أعماهم ونكسهم على رءوسهم، وازداد كفرهم ونفاقهم، وهؤلاء في الصورة كالفرقة الثانية، وفي الحقيقة مخالفة لها.
فإن الفرقة الثانية تركوا قتال المؤمنين احترامًا لهم لا خوفا على أنفسهم، وأما هذه الفرقة فتركوه خوفا لا احتراما، بل لو وجدوا فرصة في قتال المؤمنين، فإنهم مستعدون لانتهازها، فهؤلاء إن لم يتبين منهم ويتضح اتضاحًا عظيمًا اعتزال المؤمنين وترك قتالهم، فإنهم يقاتلون، ولهذا قال: فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ أي: المسالمة والموادعة وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا أي: حجة بينة واضحة، لكونهم معتدين ظالمين لكم تاركين للمسالمة، فلا يلوموا إلا أنفسهم.

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم بين- سبحانه- صنفا آخر غير هؤلاء المسالمين، وهم قوم من المنافقين المخادعين، الذين لا يضمرون للمؤمنين إلا شرا، ولا يمدون أيديهم إلى أهل الحق إلا بالسوء فقال- تعالى-:سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها.
أى: ستجدون- أيها المؤمنون- قوما من المنافقين آخرين غير الذين وصفتهم لكم، يُرِيدُونَ بإظهارهم للإسلام أَنْ يَأْمَنُوكُمْ على أنفسهم، ويريدون بإظهارهم للكفر أن يَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ من الأذى، ومن صفات هؤلاء المخادعين أنهم كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها أى: كلما دعوا إلى الردة وإلى العصبية البغيضة وقعوا فيها أشنع وقوع، ورجعوا إليها منكوسين على رءوسهم.
قال ابن جرير: عن مجاهد قال: هم ناس كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون رياء ثم يرجعون إلى قريش فيرتكسون في الأوثان.
يبتغون بذلك أن يأمنوا هاهنا وهاهنا، فأمر بقتالهم إن لم يعتزلوا ويصلحوا» .
ثم بين- سبحانه- ما يجب على المؤمنين نحو هؤلاء المنافقين المخادعين فقال: فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ.
وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً.
أى: أن هؤلاء المنافقين إن لم يعتزلوا قتالكم والتعرض لكم بسوء، ويلقوا إليكم الأمان والانقياد، ويمتنعوا عن العدوان عليكم، إن لم يفعلوا ذلك فخذوهم أسرى، واقتلوهم حيث ثَقِفْتُمُوهُمْ أى: وجدتموهم وظفرتم بهم.
يقال ثقفت الرجل في الحرب اثقفه، إذا أدركته وظفرت به وقوله وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً أى أولئك الذين وصفتهم لكم جعل الله لكم حجة واضحة في أخذهم وقتلهم، بسبب ظهور عداوتهم، وانكشاف غدرهم، وتذبذبهم بين الإسلام والكفر تبعا لشهوات نفوسهم المريضة.
هذا، والمتأمل في هذه الآيات الأربعة الكريمة يراها قد رسمت للمؤمنين كيف تكون علاقتهم بغيرهم من المنافقين والمشركين.
فهي تأمرهم- أولا- بأن يقفوا من المنافقين الذين أركسهم الله بما كسبوا صفا واحدا ورأيا واحدا، فلا يدافعوا عنهم ولا يحسنوا الظن بهم، ولا يولوهم ولا يستعينوا بهم، حتى يهاجروا في سبيل الله، فإن امتنعوا عن الهجرة حل أخذهم وقتلهم.
وتأمرهم- ثانيا- بأن يسالموا- إلى حين- قوما التجأوا إلى قوم بينهم وبين المسلمين عهد وأمان، وأن يسالموا كذلك أولئك الذين يأتون إليهم وهم يكرهون قتالهم أو قتال قومهم، وأظهروا الانقياد والاستسلام للمؤمنين.
وتأمرهم- ثالثا- بأن يأخذوا ويقتلوا أولئك المتلاعبين بالعقيدة والدين والذين بلغ بهم الغدر والخداع أنهم إذا قدموا المدينة أظهروا الإسلام، فإذا ما عادوا إلى مكة أو إلى قومهم أظهروا الكفر، وكانوا مع قومهم ضد المسلمين.
وإنها لتوجيهات حكيمة تبصر المؤمنين بما يجب عليهم نحو غيرهم من الناس الذين يخالفونهم في عقيدتهم.
وبعد هذا الحديث الحكيم الذي بين الله- تعالى- فيه أحوال المنافقين، وصفاتهم الذميمة، وموقف المؤمنين ممن يخالفونهم في العقيدة، بعد كل ذلك أخذت السورة الكريمة في بيان حكم القتل الخطأ، وحكم القتل العمد فقال- تعالى-:

﴿ تفسير البغوي ﴾

قوله تعالى : ( ستجدون آخرين ) قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما : هم أسد وغطفان كانوا حاضري المدينة تكلموا بالإسلام رياء وهم غير مسلمين ، وكان الرجل منهم يقول له قومه بماذا أسلمت؟ فيقول آمنت بهذا القرد وبهذا العقرب والخنفساء ، وإذا لقوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : إنا على دينكم ، يريدون بذلك الأمن في الفريقين .
وقال الضحاك عن ابن عباس هم بنو عبد الدار كانوا بهذه الصفة ، ( يريدون أن يأمنوكم ) فلا تتعرضوا لهم ، ( ويأمنوا قومهم ) فلا يتعرضوا لهم ، ( كلما ردوا إلى الفتنة ) أي : دعوا إلى الشرك ، ( أركسوا فيها ) أي : رجعوا وعادوا إلى الشرك ، ( فإن لم يعتزلوكم ) أي : فإن لم يكفوا عن قتالكم حتى تسيروا إلى مكة ، ( ويلقوا إليكم السلم ) أي : المفاداة والصلح ، ( ويكفوا أيديهم ) ولم يقبضوا أيديهم عن قتالكم ، ( فخذوهم ) أسراء ، ( واقتلوهم حيث ثقفتموهم ) أي : وجدتموهم ، ( وأولئكم ) أي : أهل هذه الصفة ، ( جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا ) أي : [ حجة بينة ظاهرة بالقتل والقتال ] .

قراءة سورة النساء

المصدر : ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كل ما ردوا إلى الفتنة