القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 91 سورة النساء - ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم

سورة النساء الآية رقم 91 : سبع تفاسير معتمدة

سورة ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم - عدد الآيات 176 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 91 من سورة النساء عدة تفاسير - سورة النساء : عدد الآيات 176 - - الصفحة 92 - الجزء 5.

سورة النساء الآية رقم 91


﴿ سَتَجِدُونَ ءَاخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأۡمَنُوكُمۡ وَيَأۡمَنُواْ قَوۡمَهُمۡ كُلَّ مَا رُدُّوٓاْ إِلَى ٱلۡفِتۡنَةِ أُرۡكِسُواْ فِيهَاۚ فَإِن لَّمۡ يَعۡتَزِلُوكُمۡ وَيُلۡقُوٓاْ إِلَيۡكُمُ ٱلسَّلَمَ وَيَكُفُّوٓاْ أَيۡدِيَهُمۡ فَخُذُوهُمۡ وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَيۡثُ ثَقِفۡتُمُوهُمۡۚ وَأُوْلَٰٓئِكُمۡ جَعَلۡنَا لَكُمۡ عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَٰنٗا مُّبِينٗا ﴾
[ النساء: 91]

﴿ التفسير الميسر ﴾

ستجدون قومًا آخرين من المنافقين يودون الاطمئنان على أنفسهم من جانبكم، فيظهرون لكم الإيمان، ويودون الاطمئنان على أنفسهم من جانب قومهم الكافرين، فيظهرون لهم الكفر، كلما أعيدوا إلى موطن الكفر والكافرين، وقعوا في أسوأ حال. فهؤلاء إن لم ينصرفوا عنكم، ويقدموا إليكم الاستسلام التام، ويمنعوا أنفسهم عن قتالكم فخذوهم بقوة واقتلوهم أينما كانوا، وأولئك الذين بلغوا في هذا المسلك السيِّئ حدّاً يميزهم عمَّن عداهم، فهم الذين جعلنا لكم الحجة البينة على قتلهم وأسرهم.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم» بإظهار الإيمان عندكم «ويأمنوا قومهم» بالكفر إذا رجعوا إليهم وهم أسد وغطفان «كلما رُدُّوا إلى الفتنة» دعوا إلى الشرك «أركسوا فيها» وقعوا أشد وقوع «فإن لم يعتزلوكم» بترك قتالكم «و» لم «يلقوا إليكم السَّلم و» لم «يكفوا أيديهم» عنكم «فخذوهم» بالأسر «واقتلوهم حيث ثقفتموهم» وجدتموهم «وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا» برهانا بينا ظاهرً على قتلهم وسبيهم لغدرهم.

﴿ تفسير السعدي ﴾

سَتَجِدُونَ آخَرِينَ أي: من هؤلاء المنافقين.
يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ أي: خوفا منكم وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا أي: لا يزالون مقيمين على كفرهم ونفاقهم، وكلما عرض لهم عارض من عوارض الفتن أعماهم ونكسهم على رءوسهم، وازداد كفرهم ونفاقهم، وهؤلاء في الصورة كالفرقة الثانية، وفي الحقيقة مخالفة لها.
فإن الفرقة الثانية تركوا قتال المؤمنين احترامًا لهم لا خوفا على أنفسهم، وأما هذه الفرقة فتركوه خوفا لا احتراما، بل لو وجدوا فرصة في قتال المؤمنين، فإنهم مستعدون لانتهازها، فهؤلاء إن لم يتبين منهم ويتضح اتضاحًا عظيمًا اعتزال المؤمنين وترك قتالهم، فإنهم يقاتلون، ولهذا قال: فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ أي: المسالمة والموادعة وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا أي: حجة بينة واضحة، لكونهم معتدين ظالمين لكم تاركين للمسالمة، فلا يلوموا إلا أنفسهم.


﴿ تفسير البغوي ﴾

قوله تعالى : ( ستجدون آخرين ) قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما : هم أسد وغطفان كانوا حاضري المدينة تكلموا بالإسلام رياء وهم غير مسلمين ، وكان الرجل منهم يقول له قومه بماذا أسلمت؟ فيقول آمنت بهذا القرد وبهذا العقرب والخنفساء ، وإذا لقوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : إنا على دينكم ، يريدون بذلك الأمن في الفريقين .
وقال الضحاك عن ابن عباس هم بنو عبد الدار كانوا بهذه الصفة ، ( يريدون أن يأمنوكم ) فلا تتعرضوا لهم ، ( ويأمنوا قومهم ) فلا يتعرضوا لهم ، ( كلما ردوا إلى الفتنة ) أي : دعوا إلى الشرك ، ( أركسوا فيها ) أي : رجعوا وعادوا إلى الشرك ، ( فإن لم يعتزلوكم ) أي : فإن لم يكفوا عن قتالكم حتى تسيروا إلى مكة ، ( ويلقوا إليكم السلم ) أي : المفاداة والصلح ، ( ويكفوا أيديهم ) ولم يقبضوا أيديهم عن قتالكم ، ( فخذوهم ) أسراء ، ( واقتلوهم حيث ثقفتموهم ) أي : وجدتموهم ، ( وأولئكم ) أي : أهل هذه الصفة ، ( جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا ) أي : [ حجة بينة ظاهرة بالقتل والقتال ] .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم بين- سبحانه- صنفا آخر غير هؤلاء المسالمين، وهم قوم من المنافقين المخادعين، الذين لا يضمرون للمؤمنين إلا شرا، ولا يمدون أيديهم إلى أهل الحق إلا بالسوء فقال- تعالى-:سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها.
أى: ستجدون- أيها المؤمنون- قوما من المنافقين آخرين غير الذين وصفتهم لكم، يُرِيدُونَ بإظهارهم للإسلام أَنْ يَأْمَنُوكُمْ على أنفسهم، ويريدون بإظهارهم للكفر أن يَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ من الأذى، ومن صفات هؤلاء المخادعين أنهم كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها أى: كلما دعوا إلى الردة وإلى العصبية البغيضة وقعوا فيها أشنع وقوع، ورجعوا إليها منكوسين على رءوسهم.
قال ابن جرير: عن مجاهد قال: هم ناس كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون رياء ثم يرجعون إلى قريش فيرتكسون في الأوثان.
يبتغون بذلك أن يأمنوا هاهنا وهاهنا، فأمر بقتالهم إن لم يعتزلوا ويصلحوا» .
ثم بين- سبحانه- ما يجب على المؤمنين نحو هؤلاء المنافقين المخادعين فقال: فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ.
وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً.
أى: أن هؤلاء المنافقين إن لم يعتزلوا قتالكم والتعرض لكم بسوء، ويلقوا إليكم الأمان والانقياد، ويمتنعوا عن العدوان عليكم، إن لم يفعلوا ذلك فخذوهم أسرى، واقتلوهم حيث ثَقِفْتُمُوهُمْ أى: وجدتموهم وظفرتم بهم.
يقال ثقفت الرجل في الحرب اثقفه، إذا أدركته وظفرت به وقوله وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً أى أولئك الذين وصفتهم لكم جعل الله لكم حجة واضحة في أخذهم وقتلهم، بسبب ظهور عداوتهم، وانكشاف غدرهم، وتذبذبهم بين الإسلام والكفر تبعا لشهوات نفوسهم المريضة.
هذا، والمتأمل في هذه الآيات الأربعة الكريمة يراها قد رسمت للمؤمنين كيف تكون علاقتهم بغيرهم من المنافقين والمشركين.
فهي تأمرهم- أولا- بأن يقفوا من المنافقين الذين أركسهم الله بما كسبوا صفا واحدا ورأيا واحدا، فلا يدافعوا عنهم ولا يحسنوا الظن بهم، ولا يولوهم ولا يستعينوا بهم، حتى يهاجروا في سبيل الله، فإن امتنعوا عن الهجرة حل أخذهم وقتلهم.
وتأمرهم- ثانيا- بأن يسالموا- إلى حين- قوما التجأوا إلى قوم بينهم وبين المسلمين عهد وأمان، وأن يسالموا كذلك أولئك الذين يأتون إليهم وهم يكرهون قتالهم أو قتال قومهم، وأظهروا الانقياد والاستسلام للمؤمنين.
وتأمرهم- ثالثا- بأن يأخذوا ويقتلوا أولئك المتلاعبين بالعقيدة والدين والذين بلغ بهم الغدر والخداع أنهم إذا قدموا المدينة أظهروا الإسلام، فإذا ما عادوا إلى مكة أو إلى قومهم أظهروا الكفر، وكانوا مع قومهم ضد المسلمين.
وإنها لتوجيهات حكيمة تبصر المؤمنين بما يجب عليهم نحو غيرهم من الناس الذين يخالفونهم في عقيدتهم.
وبعد هذا الحديث الحكيم الذي بين الله- تعالى- فيه أحوال المنافقين، وصفاتهم الذميمة، وموقف المؤمنين ممن يخالفونهم في العقيدة، بعد كل ذلك أخذت السورة الكريمة في بيان حكم القتل الخطأ، وحكم القتل العمد فقال- تعالى-:

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

وقوله : ( ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم [ كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها ] ) الآية ، هؤلاء في الصورة الظاهرة كمن تقدمهم ، ولكن نية هؤلاء غير نية أولئك ، فإن هؤلاء منافقون يظهرون للنبي صلى الله عليه وسلم ولأصحابه الإسلام ; ليأمنوا بذلك عندهم على دمائهم وأموالهم وذراريهم ويصانعون الكفار في الباطن ، فيعبدون معهم ما يعبدون ، ليأمنوا بذلك عندهم ، وهم في الباطن مع أولئك ، كما قال تعالى : ( وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم [ إنما نحن مستهزئون ] ) [ البقرة : 14 ] وقال هاهنا : ( كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها ) أي : انهمكوا فيها .وقال السدي : الفتنة هاهنا : الشرك . وحكى ابن جرير ، عن مجاهد : أنها نزلت في قوم من أهل مكة ، كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون رياء ، ثم يرجعون إلى قريش فيرتكسون في الأوثان ، يبتغون بذلك أن يأمنوا هاهنا وهاهنا ، فأمر بقتالهم إن لم يعتزلوا ويصلحوا ; ولهذا قال تعالى : ( فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم ) أي : عن القتال ( فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم ) أي : أين لقيتموهم ( وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا ) أي : بينا واضحا .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله : ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبيناقوله تعالى : ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم معناها معنى الآية الأولى .
قال قتادة : نزلت في قوم من تهامة طلبوا الأمان من النبي صلى الله عليه وسلم ليأمنوا عنده وعند قومهم .
مجاهد : هي في قوم من أهل مكة .
وقال السدي : نزلت في نعيم بن مسعود كان يأمن المسلمين والمشركين .
وقال الحسن : هذا في قوم من المنافقين .
وقيل : نزلت في أسد وغطفان قدموا المدينة فأسلموا ثم رجعوا إلى ديارهم فأظهروا الكفر .
قوله تعالى : كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها قرأ يحيى بن وثاب والأعمش " ردوا " بكسر الراء ؛ لأن الأصل " رددوا " فأدغم وقلبت الكسرة على الراء .
إلى الفتنة أي الكفر أركسوا فيها .
وقيل : أي ستجدون من يظهر لكم الصلح ليأمنوكم ، وإذا سنحت لهم فتنة كان مع أهلها عليكم .
ومعنى أركسوا فيها أي انتكسوا عن عهدهم الذين عاهدوا .
وقيل : أي إذا دعوا إلى الشرك رجعوا وعادوا إليه .

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله : سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَاقال أبو جعفر: وهؤلاء فريق آخر من المنافقين، كانوا يظهرون الإسلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ليأمنوا به عندهم من القتل والسباء وأخذ الأموال وهم كفار، يعلم ذلك منهم قومهم، إذا لقوهم كانوا معهم وعبدوا ما يعبدونه من دون الله، ليأمنوهم على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وذراريهم.
يقول الله: " كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها "، يعني: كلما دعاهم [قومهم] إلى الشرك بالله، (47) ارتدُّوا فصاروا مشركين مثلهم.
* * *واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بهذه الآية.
فقال بعضهم: هم ناس كانوا من أهل مكة أسلموا -على ما وصفهم الله به من التقيَّة- وهم كفار، ليأمنوا على أنفسهم وأموالهم وذراريهم ونسائهم.
يقول الله: " كلما ردُّوا إلى الفتنة أركسوا فيها "، يعني كلما دعاهم [قومهم] إلى الشرك بالله، (48) ارتدوا فصاروا مشركين مثلهم، ليأمنوا عند هؤلاء وهؤلاء.
*ذكر من قال ذلك:10078- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم "، قال: ناس كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون رياء، ثم يرجعون إلى قريش فيرتكسون في الأوثان، يبتغون بذلك أن يأمنوا ههنا وههنا.
فأمر بقتالهم إن لم يعتزلوا ويُصلحوا.
10079- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
10080- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: " ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها "، يقول: كلما أرادوا أن يخرجوا من فتنة أركسوا فيها.
وذلك أن الرجل كان يوجد قد تكلم بالإسلام، فيقرَّب إلى العُود والحجَر وإلى العقرب والخنفساء، فيقول المشركون لذلك المتكلِّم بالإسلام: " قل: هذا ربي"، للخنفساء والعقرب.
* * *وقال آخرون: بل هم قوم من أهل الشرك كانوا طلبوا الأمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليأمنوا عنده وعند أصحابه وعند المشركين.
*ذكر من قال ذلك:10081- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم "، قال: حيٌّ كانوا بتهامة، قالوا: " يا نبيّ الله، لا نقاتلك ولا نقاتل قومنا "، وأرادوا أن يأمنوا نبيَّ الله ويأمنوا قومهم، فأبى الله ذلك عليهم، فقال: " كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها "، يقول: كلما عرض لهم بلاء هلكوا فيه.
* * *وقال آخرون: نزلت هذه الآية في نعيم بن مسعود الأشجعي.
*ذكر من قال ذلك:10082- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: ثم ذكر نعيم بن مسعود الأشجعي وكان يأمن في المسلمين والمشركين، ينقل الحديث بين النبي صلى الله عليه وسلم والمشركين، فقال: " ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما ردوا إلى الفتنة "، يقول: إلى الشرك.
* * *وأما تأويل قوله: " كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها "، فإنه كما:-10083- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله: " كلما ردّوا إلى الفتنة أركسوا فيها "، قال: كلما ابتلُوا بها، عَمُوا فيها.
10084- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: كلما عرَض لهم بلاء، هلكوا فيه.
* * *والقول في ذلك ما قد بينت قبلُ، وذلك أن " الفتنة " في كلام العرب، الاختبار، و " الإركاس " الرجوع.
(49) .
* * *فتأويل الكلام: كلما ردوا إلى الاختبار ليرجعوا إلى الكفر والشرك، رجعوا إليه.
* * *القول في تأويل قوله : فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (91)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: فإن لم يعتزلكم، (50) أيها المؤمنون، هؤلاء الذين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم، وهم كلما دعوا إلى الشرك أجابوا إليه =" ويلقوا إليكم السلم "، ولم يستسلموا إليكم فيعطوكم المقادَ ويصالحوكم، (51) .
كما:-10085- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: " فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم "، قال: الصلح.
* * *=" ويكفوا أيديهم "، يقول: ويكفوا أيديهم عن قتالكم، (52) =" فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم "، يقول جل ثناؤه: إن لم يفعلوا، فخذوهم أين أصبتموهم من الأرض ولقيتموهم فيها، (53) فاقتلوهم، فإن دماءهم لكم حينئذ حلال=" وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانًا مبينًا "، يقول جل ثناؤه: وهؤلاء الذين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم، وهم على ما هم عليه من الكفران، ولم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم، (54) جعلنا لكم حجة في قتلهم أينما لقيتموهم، بمقامهم على كفرهم، وتركهم هجرة دار الشرك=" مبينًا " يعني: أنها تبين عن استحقاقهم ذلك منكم، وإصابتكم الحق في قتلهم.
وذلك قوله: " سلطانًا مبينًا "، و " السلطان " هو الحجة، (55) .
كما:-10086- حدثني المثنى قال، حدثنا قبيصة قال، حدثنا سفيان، عن رجل، عن عكرمة قال: ما كان في القرآن من " سلطان "، فهو: حجّة.
10087- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله: " سلطانًا مبينًا " أما " السلطان المبين "، فهو الحجة.
* * *---------------الهوامش :(35) انظر تفسير"الميثاق" فيما سلف: 8 : 127 تعليق: 1 ، والمراجع هناك.
(36) الأثر: 10071 - انظر الأثرين السالفين: 10052 ، 10053.
(37) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن 1: 136 ، وفي المطبوع من مجاز القرآن تأخير وتقديم لم يمسسه بالتحرير ناشر الكتاب ، فليحرر مكانه.
(38) ديوانه: 59 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 136 والناسخ والمنسوخ: 109 واللسان (وصل) ، وغيرهما.
وفي اللسان"لبكر بن وائل" ، وفسرها"اتصلت": انتسبت.
وفسرها شارح شعر الأعشى: إذا دعت ، يعني دعت بدعوى الجاهلية ، وهو الاعتزاء.
وهذا البيت آخر بيت في قصيدة الأعشى تلك.
يقول: تدعى إليهم وتنتسب ، وهي من إمائهم اللواتي سبين وقد رغمت أنوفهن وأنوف رجالهن الذي كانوا يدافعون عنهن ، ثم انهزموا عنهن وتركوهن للسباء.
(39) في المخطوطة والمطبوعة: "فإن أهل التأويل أجمعوا على أن ذلك نسخ قراءة نزلت بعد فتح مكة ودخول قريش في الإسلام" ، وهو خطأ لا معنى له ، وخلط فاحش.
واستظهرت أن ما كتبته هو الصواب وأنه عنى"سورة براءة" ، من الناسخ والمنسوخ: 109 ، ومن تفسير أبي حيان 3: 315 ، وتفسير القرطبي 5: 308 ، وقد نسبوه جميعًا إلى الطبري أيضا.
(40) انظر تفسير"الحصر" فيما سلف 6: 376 ، 377 وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 136 ، ومعاني القرآن للفراء 1: 282.
(41) هذه مقالة الفراء في معاني القرآن 1: 282 .
و"ذات التنانير": أرض بين الكوفة وبلاد غطفان ، وقال ياقوت في معجمه: "عقبة بحذاء زبالة".
(42) في المطبوعة: "وأشبه الأسماء" ، وما في المخطوطة صواب ، يعني وأشبهت الأفعال الماضية الأسماء.
(43) انظر معاني القرآن للفراء 1: 282.
(44) السياق: ولو شاء الله لسلط هؤلاء .
.
.
عليكم".
(45) انظر تفسير"الإسلام" أيضًا فيما سلف من فهارس اللغة"سلم".
(46) ديوانه: 145 ، من قصيدته التي هجا بها الفرزدق وبيوت بني دارم وبني سعد فقال قبله:وَدَارِمٌ قد قَذَفْنَا مِنْهُمُ مِئَةًفِي جَاحِمِ النَّارِ، إِذْ يُلْقَوْنَ فِي الخُدَدِيَنْزُونَ بالْمُشْتَوَى مِنْهَا، ويُوقِدُهَاعَمْرٌو، وَلَوْلا لُحُومُ الْقَوْمِ لَمْ تَقِدِوَذَاكَ أنَّ تَمِيمًا .
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
فزعم أن عمرو بن المنذر اللخمي ، أحرق بني دارم رهط الفرزدق ، قال أبو عبيدة: ولم يكن للطرماح بهذا الحديث علم.
يعني حديث يوم أوارة ، وهو يوم غزا عمرو بن المنذر بني دارم ، فقتل منهم تسعة وتسعين رجلا.
و"الأسد" يعني عمرو بن المنذر ومن معه.
و"الحصان" المرأة العفيفة.
وكان في المطبوعة والمخطوطة: "كل مصان وعثه اللبد" وهو خطأ لا معنى له.
وامرأة"وعثة": كثيرة اللحم ، كأن الأصابع تسوخ فيها من كثرة لحمها ولينها.
"وامرأة وعثه الأرداف" ، كذلك.
و"اللبد" جمع لبدة (بكسر فسكون): وهي كساء ملبس يفرش للجلوس عليه.
وعنى بذلك أنها وعثة الأرداف ، حيث تجلس على اللبد.
فسمي الأرداف لبدًا.
يقول: أسلمت تميم نساءها لنا ولجيش عمرو بن المنذر ، وفروا عن أعراضهم ، لم يلفتهم إليهن ضعفهن عن الدفع عن أنفسهن ، وأنساهم الروع كرائم نسائهم ومترفاتهن.
(47) الزيادة بين القوسين لا بد منها لسياق الكلام.
(48) الزيادة بين القوسين لا بد منها لسياق الكلام.
(49) انظر"تفسير الفتنة" فيما سلف 2: 444 / 3 : 565 ، 566 ، 570 ، 571 / 4: 301 / 6 : 196 ، 197= وانظر تفسير"الإركاس" فيما سلف ص: 7 ، 15 ، 16.
(50) في المطبوعة والمخطوطة: "فإن لم يعتزلوكم" ، والسياق يقتضي ما أثبت.
(51) انظر تفسير"ألقوا السلم" فيما سلف ص23 ، 24.
(52) انظر تفسير"الكف" فيما سلف 8: 548.
(53) انظر تفسير"ثقف" فيما سلف 3 : 564.
(54) في المطبوعة والمخطوطة: "لم يعتزلوكم" ، بإسقاط الواو ، والأصح إثباتها.
(55) انظر تفسير"السلطان" فيما سلف 7: 279 = وتفسير"المبين" فيما سلف 8: 124 تعليق: 1 ، والمراجع هناك.

﴿ ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا ﴾

قراءة سورة النساء

المصدر : تفسير : ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم