﴿ ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ عن أرض مصر مقبلة إلى أرض فلسطين، شمَّ يعقوب ريح القميص، فقال: إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ أي: تسخرون مني، وتزعمون أن هذا الكلام، صدر مني من غير شعور، لأنه رأى منهم من التعجب من حاله ما أوجب له هذا القول.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
واستجاب الإخوة لتوجيه يوسف، فأخذوا قميصه وعادوا إلى أوطانهم ويصور القرآن ما حدث فيقول: وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ.و «فصلت العير» أى خرجت من مكان إلى مكان آخر. يقال: فصل فلان من بلده كذا فصولا، إذا جاوز حدودها إلى حدود بلدة أخرى.و «تفندون» من الفند وهو ضعف العقل بسبب المرض والتقدم في السن.والمعنى: وحين غادرت الإبل التي تحمل إخوة يوسف حدود مصر، وأخذت طريقها إلى الأرض التي يسكنها يعقوب وبنوه، قال يعقوب- عليه السلام- لمن كان جالسا معه من أهله وأقاربه، استمعوا إلى «إنى لأجد ريح يوسف» .أى: رائحته التي تدل عليه، وتشير إلى قرب لقائي به.و «لولا» أن تنسبونى إلى الفند وضعف العقل لصدقتمونى فيما قلت، أو لولا أن تنسبونى إلى ذلك لقلت لكم إنى أشعر أن لقائي بيوسف قد اقترب وقته وحان زمانه.فجواب لولا محذوف لدلالة الكلام عليه.وقد أشم الله- تعالى- يعقوب- عليه السلام- ما عبق من القميص من رائحة يوسف من مسيرة أيام، وهي معجزة ظاهرة له- عليه الصلاة والسلام-.وقال الإمام مالك- رحمه الله- أوصل الله- تعالى- ريح قميص يوسف ليعقوب، كما أوصل عرش بلقيس إلى سليمان قبل أن يرتد إلى سليمان طرفه.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( ولما فصلت العير ) أي خرجت من عريش مصر متوجهة إلى كنعان ( قال أبوهم ) أي : قال يعقوب لولد ولده ( إني لأجد ريح يوسف ) .روي أن ريح الصبا استأذنت ربها في أن تأتي يعقوب بريح يوسف قبل أن يأتيه البشير .قال مجاهد : أصاب يعقوب ريح يوسف من مسيرة ثلاثة أيام . وحكي عن ابن عباس : من مسيرة ثمان ليال .وقال الحسن : كان بينهما ثمانون فرسخا .وقيل : هبت ريح فصفقت القميص ، فاحتملت ريح القميص إلى يعقوب فوجد ريح الجنة فعلم أن ليس في الأرض من ريح الجنة إلا ما كان من ذلك القميص ، فلذلك قال : إني لأجد ريح يوسف .( لولا أن تفندون ) تسفهوني ، وعن ابن عباس : تجهلوني . وقال الضحاك : تهرمون فتقولون : شيخ كبير قد خرف وذهب عقله . وقيل : تضعفوني . وقال أبو عبيدة : تضللوني . وأصل الفند : الفساد .