﴿ حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
هذا تحذير من الله للناس، أن يقيموا على الكفر والمعاصي، وأنه قد قرب انفتاح يأجوج ومأجوج، وهما قبيلتان عظيمتان من بني آدم، وقد سد عليهم ذو القرنين، لما شكي إليه إفسادهم في الأرض، وفي آخر الزمان، ينفتح السد عنهم، فيخرجون إلى الناس في هذه الحالة والوصف، الذي ذكره الله من كل من مكان مرتفع، وهو الحدب ينسلون أي: يسرعون. وفي هذا دلالة على كثرتهم الباهرة، وإسراعهم في الأرض، إما بذواتهم، وإما بما خلق الله لهم من الأسباب التي تقرب لهم البعيد، وتسهل عليهم الصعب، وأنهم يقهرون الناس، ويعلون عليهم في الدنيا، وأنه لا يد لأحد بقتالهم.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ولعل مما يؤيد هذا الرأى قوله- تعالى- بعد ذلك: حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ ...فإن حتى هنا ابتدائية، وما بعدها غاية لما يدل عليه ما قبلها، فكأنه قيل: إن هؤلاء المهلكين ممتنع ألبتة عدم رجوعهم إلينا وإنما هم سيستمرون على هلاكهم حتى تقوم الساعة فيرجعوا إلينا للحساب، ويقولوا عند مشاهدته: يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا.ويأجوج ومأجوج اسمان أعجميان لقبيلتين من الناس، قيل: مأخوذان من الأوجة وهي الاختلاط أو شدة الحر، وقيل من الأوج وهو سرعة الجري.والمراد بفتحهما: فتح السد الذي على هاتين القبيلتين، والذي يحول بينهم وبين الاختلاط بغيرهم من بقية الناس.وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ والحدب: المرتفع من الأرض كالجبل ونحوه.ويَنْسِلُونَ من النسل- بإسكان السين-، وهو مقاربة الخطو مع الإسراع في السير، يقال: نسل الرجل في مشيته إذا أسرع، وفعله من باب قعد وضرب.أى: وهم- أى يأجوج ومأجوج من كل مرتفع من الأرض يسرعون السير إلى المحشر، أو إلى الأماكن التي يوجههم الله- تعالى- إليها، وقيل إن الضمير «هم» يعود إلى الناس المسوقين إلى أرض المحشر.
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله عز وجل : ( حتى إذا فتحت ) قرأ ابن عامر وأبو جعفر ويعقوب : فتحت " بالتشديد على التكثير وقرأ الآخرون بالتخفيف ، ( يأجوج ومأجوج ) يريد فتح السد عن يأجوج ومأجوج ، ( وهم من كل حدب ) أي نشز وتل والحدب المكان المرتفع ، ( ينسلون ) يسرعون النزول من الآكام والتلال كنسلان الذئب وهو سرعة مشيه واختلفوا في هذه الكناية فقال قوم عني بهم يأجوج ومأجوج بدليل ما روينا عن النواس بن سمعان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون " وقال قوم أراد جميع الخلق يعني أنهم يخرجون من قبورهم ويدل عليه قراءة مجاهد وهم من كل جدث بالجيم والثاء كما قال ( فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون ) ( يس 51 ) .أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر الجرجاني ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد الفارسي ، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي ، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، أخبرنا مسلم بن حجاج ، أخبرنا أبو خيثمة زهير بن حرب ، أخبرنا سفيان بن عيينة ، عن فرات القزاز ، عن أبي الطفيل ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري ، قال اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر فقال ما تذكرون؟ قالوا نذكر الساعة . قال " إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات فذكر الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى ابن مريم ويأجوج ومأجوج ، وثلاثة خسوف خسف بالمغرب وخسف بالمشرق وخسف بجزيرة العرب وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم " .