وجاء الطاغية فرعون، ومَن سبقه من الأمم التي كفرت برسلها، وأهل قرى قوم لوط الذين انقلبت بهم ديارهم بسبب الفعلة المنكرة من الكفر والشرك والفواحش، فعصت كل أمة منهم رسول ربهم الذي أرسله إليهم، فأخذهم الله أخذة بالغة في الشدة.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«فعصوْا رسول ربهم» أي لوطا وغيره «فأخذهم أخذة رابية» زائدة في الشدة على غيرها.
﴿ تفسير السعدي ﴾
فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ وهذا اسم جنس أي: كل من هؤلاء كذب الرسول الذي أرسله الله إليهم. فأخذ الله الجميع أَخْذَةً رَابِيَةً أي: زائدة على الحد والمقدار الذي يحصل به هلاكهم.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( فعصوا رسول ربهم ) يعني لوطا وموسى ( فأخذهم أخذة رابية ) نامية . قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : شديدة . وقيل : زائدة على عذاب الأمم .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقال- سبحانه- فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ ولم يقل رسولهم، للإشعار بأنهم لم يكتفوا بمعصية الرسول الذي هو بشر مثلهم، وإنما تجاوزوا ذلك إلى الاستخفاف بما جاءهم به من عند ربهم وخالقهم وموجدهم.والتعبير بالأخذ، للإشعار بسرعة الإهلاك وشدته، فإذا وصف هذا الأخذ بالزيادة عن المألوف، كان المقصود به الزيادة في الاعتبار والاتعاظ لأن هؤلاء جميعا قد أهلكهم- سبحانه- هلاك الاستئصال، الذي لم يبق منهم باقية.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
ولهذا قال : تعالى ( فعصوا رسول ربهم ) وهذا جنس ، أي : كل كذب رسول الله إليهم . كما قال : ( كل كذب الرسل فحق وعيد ) [ ق : 14 ] . ومن كذب رسول الله فقد كذب بالجميع ، كما قال : ( كذبت قوم نوح المرسلين ) [ الشعراء : 105 ] ، ( كذبت عاد المرسلين ) [ الشعراء : 123 ] . ( كذبت ثمود المرسلين ) [ الشعراء : 141 ] وإنما جاء إلى كل أمة رسول واحد ; ولهذا قال ها هنا : ( فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية ) أي : عظيمة شديدة أليمة .قال مجاهد : ( رابية ) شديدة . وقال السدي : مهلكة .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابيةقوله تعالى : فعصوا رسول ربهم قال الكلبي : هو موسى . وقيل : هو لوط لأنه أقرب . وقيل : عنى موسى ولوطا عليهما السلام ; كما قال تعالى : فقولا إنا رسول رب العالمين . وقيل : رسول بمعنى رسالة . وقد يعبر عن الرسالة بالرسول ; قال الشاعر :لقد كذب الواشون ما بحت عندهم بسر ولا أرسلتهم برسولفأخذهم أخذة رابية أي عالية زائدة على الأخذات وعلى عذاب الأمم . ومنه الربا إذا أخذ في الذهب والفضة أكثر مما أعطى . يقال : ربا الشيء يربو أي زاد وتضاعف . وقال مجاهد : شديدة . كأنه أراد زائدة في الشدة .
﴿ تفسير الطبري ﴾
وقوله: ( فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ ) يقول جلّ ثناؤه: فعصى هؤلاء الذين ذكرهم الله، وهم فرعون ومن قبله والمؤتفكات رسول ربهم.وقوله: ( فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً ) يقول: فأخذهم ربهم بتكذيبهم رسله أخذة، يعني أخذة زائدة شديدة نامية، من قولهم: أربيت: إذا أخذ أكثر مما أعطى من الربا؛ يقال: أربيتَ فرَبا رِباك، والفضة والذهب قد رَبَوا.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( أَخْذَةً رَابِيَةً ) قال: شديدة.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً ): يعني أخذة شديدة.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قول الله: ( فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً ) قال: كما يكون في الخير رابية، كذلك يكون في الشرّ رابية، قال: ربا عليهم: زاد عليهم، وقرأ قول الله عزّ وجلّ: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ وقرأ قول الله عزّ وجلّ: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ يقول: ربا لهؤلاء الخير ولهؤلاء الشرّ.