فَأَلْقَى موسى عَصَاهُ في الأرض فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ أي: حية ظاهرة تسعى، وهم يشاهدونها.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( فألقى ) موسى ( عصاه ) من يده ( فإذا هي ثعبان مبين ) والثعبان : الذكر العظيم من الحيات ، فإن قيل : أليس قال في موضع : ( كأنها جان ) ( النمل - 10 ) ، والجان الحية الصغيرة؟ قيل : إنها كانت كالجان في الحركة والخفة ، وهي في جثتها حية عظيمة .قال ابن عباس والسدي : إنه لما ألقى العصا صارت حية عظيمة صفراء شعراء فاغرة فاها ما بين لحييها ثمانون ذراعا وارتفعت من الأرض بقدر ميل ، وقامت له على ذنبها واضعة لحيها الأسفل في الأرض والأعلى على سور القصر ، وتوجهت نحو فرعون لتأخذه ، وروي أنها أخذت قبة فرعون بين نابيها فوثب فرعون من سريره هاربا وأحدث .قيل : أخذه البطن في ذلك اليوم أربعمائة مرة ، وحملت على الناس فانهزموا وصاحوا ومات منهم خمسة وعشرون ألفا قتل بعضهم بعضا ودخل فرعون البيت وصاح يا موسى أنشدك بالذي أرسلك خذها وأنا أؤمن بك وأرسل معك بني إسرائيل ، فأخذها موسى فعادت عصا كما كانت ثم قال فرعون : هل معك آية أخرى؟ قال : نعم .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وهنا يحكى لنا القرآن ما أسرع بفعله موسى للرد على فرعون فقال: فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ: أى فألقى موسى عصاه التي كانت بيده أمام فرعون فإذا هي ثعبان مبين، أى:ظاهر بين لا خفاء في كونه ثعبانا حقيقيا يسعى في خفة وسرعة كأنه جان.والثعبان: الذكر العظيم من الحيات، وقيل: إنه الحية مطلقا.وقد ذكر بعض المفسرين روايات عن ضخامة هذا الثعبان وأحواله، إلا أننا أضربنا عنها صفحا لضعفها.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( ( 108 ) ثعبان مبين ) الحية الذكر . وكذا قال السدي ، والضحاك .وفي حديث " الفتون " ، من رواية يزيد بن هارون عن الأصبغ بن زيد ، عن القاسم بن أبي أيوب ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال ( فألقى عصاه ) فتحولت حية عظيمة فاغرة فاها ، مسرعة إلى فرعون ، فلما رآها فرعون أنها قاصدة إليه ، اقتحم عن سريره ، واستغاث بموسى أن يكفها عنه ففعل .وقال قتادة : تحولت حية عظيمة مثل المدينة .وقال السدي في قوله : ( فإذا هي ثعبان مبين ) والثعبان : الذكر من الحيات ، فاتحة فاها ، واضعة لحيها الأسفل في الأرض والآخر على سور القصر ، ثم توجهت نحو فرعون لتأخذه . فلما رآها ذعر منها ، ووثب وأحدث ، ولم يكن يحدث قبل ذلك ، وصاح : يا موسى ، خذها وأنا أومن بك ، وأرسل معك بني إسرائيل . فأخذها موسى ، عليه السلام ، فعادت عصا .وروي عن عكرمة عن ابن عباس نحو هذا .وقال وهب بن منبه : لما دخل موسى على فرعون ، قال له فرعون : أعرفك ؟ قال : نعم ، قال : ( ألم نربك فينا وليدا ) [ الشعراء : 18 ] ؟ قال : فرد إليه موسى الذي رد ، فقال فرعون : خذوه ، فبادره موسى ( فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ) فحملت على الناس فانهزموا منها ، فمات منهم خمسة وعشرون ألفا ، قتل بعضهم بعضا ، وقام فرعون منهزما حتى دخل البيت .رواه ابن جرير ، والإمام أحمد في كتابه " الزهد " ، وابن أبي حاتم . وفيه غرابة في سياقه والله أعلم .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
فألقى عصاه يستعمل في الأجسام والمعاني . وقد تقدم . والثعبان : الحية الضخم الذكر ، وهو أعظم الحيات . مبين أي حية لا لبس فيها .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله : فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107)قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: فألقى موسى عصاه= " فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ"، يعني حية= " مُبِينٌ" يقول: تتبين لمن يراها أنها حية. (5) .* * *وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:14909 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر, عن قتادة: " فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ" قال: تحولت حية عظيمة. وقال غيره: مثل المدينة.14910 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: " فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ"، يقول: فإذا هي حية كاد يَتَسوَّره= يعني: كاد يَثبُ عليه. (6) .14911 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ"، " والثعبان " : الذكر من الحيات, فاتحةً فاها, واضعة لحيها الأسفل في الأرض, والأعلى على سور القصر، (7) ثم توجهت نحو فرعون لتأخذه, فلما رأها ذُعِر منها, ووثب فأحدث, ولم يكن يُحْدِث قبل ذلك, وصاح: يا موسى، خذها وأنا مؤمن بك، وأرسل معك بنى إسرائيل! فأخذها موسى فعادت عصًا.14912 - حدثني عبد الكريم بن الهيثم قال، حدثنا إبراهيم بن بشار قال، حدثنا سفيان بن عيينة قال، حدثنا أبو سعد, عن عكرمة, عن ابن عباس: " فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ" قال: ألقى العصا فصارت حية, فوضعت فُقْمًا لها أسفل القبة, وفُقْمًا لها أعلى القبة (8) = قال عبد الكريم، قال إبراهيم: وأشار سفيان بأصبعه الإبهام والسبابة هكذا: شِبْه الطاق (9) = فلما أرادت أن تأخذه, قال فرعون: يا موسى خذها ! فأخذها موسى بيده, فعادت عصا كما كانت أول مرة.14913 - حدثنا العباس بن الوليد قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، أخبرنا الأصبغ بن زيد, عن القاسم بن أبي أيوب قال، حدثني سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: ألقى عصاه فتحولت حيه عظيمة فاغرةً فاها, مسرعة إلى فرعون، فلما رأى فرعون أنها قاصدةٌ إليه, اقتحم عن سريره, (10) فاستغاث بموسى أن يكفَّها عنه, ففعل.14914 - حدثني المثنى, قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله: " ثُعْبَانٌ مُبِينٌ" قال: الحية الذكر.14915 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال، حدثني عبد الصمد بن معقل: أنه سمع وهب بن منبه يقول: لما دخل موسى على فرعون, قال له فرعون: (11) أعرفك؟ قال: نعم! قال: أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا ؟ [سورة الشعراء: 18]. قال: فرد إليه موسى الذي ردَّ, فقال فرعون: خذوه! فبادره موسى فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين, فحملت على الناس فانهزموا, فمات منهم خمسة وعشرون ألفًا, قتل بعضُهم بعضًا, وقام فرعون منهزمًا حتى دخل البيتَ.14916 - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد قال، سمعت مجاهدًا يقول في قوله: فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى ، [سورة طه: 20]، (12) قال: ما بين لَحْيَيها أربعون ذراعًا.----------------الهوامش :(5) انظر تفسير (( مبين )) فيما سلف من فهارس اللغة ( بين ) .(6) في المطبوعة : (( كادت )) بالتأنيث في الموضعين وأثبت ما في المخطوطة . وفي ((الحية )) ذكر وأنثى .(7) ( اللحي )) بفتح اللام وسكون الحاء ، وهما (( لحيان )) : وهما العظمان اللذان فيهما الأسنان من داخل الفم من كل ذي لحى .(8) (( الفقم )) ( بضم فسكون ) هو (( اللحي )) الذي فسرته قبل ، وهما (( فقمان )) .(9) (( الطاق )) هو عقد البناء ، وهو ما عطف من الأبنية كأنه القوس .(10) (( اقتحم عن سريره )) ، رمي بنفسه وسقط عن سريره .(11) في المطبوعة والمخطوطة : (( قال له موسي : أعرفك )) ، وهو خطأ لا شك فيه ، صوابه من تفسير ابن كثير 3 : 527 .(12) في المطبوعة والمخطوطة : (( فألقي عصاه فإذا هي حية تسعي )) ليس هذا في شيء من التلاوة ، والتلاوة ما أثبت .