«وأنك» بفتح الهمزة وكسرها عطف على اسم إن وجملتها «لا تظمأ فيها» تعطش «ولا تضحى» لا يحصل لك حر شمس الضحى لانتفاء الشمس في الجنة.
﴿ تفسير السعدي ﴾
تفسير الآيتين 118 و119 : إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى أي: تصيبك الشمس بحرها، فضمن له استمرار الطعام والشراب، والكسوة، والماء، وعدم التعب والنصب
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وأنك لا تظمأ ) لا تعطش ، ( فيها ولا تضحى ) يعني : لا تبرز للشمس فيؤذيك حرها . وقال عكرمة : لا تصيبك الشمس وأذاها لأنه ليس في الجنة شمس ، وأهلها في ظل ممدود .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله تَضْحى أى: لا يصيبك حر الشمس في الضحى. يقال: ضحا فلان يضحى ضحوا- كسعى- إذا كان بارزا لحر الشمس في الضحى.أى: احذر يا آدم أن تطيع إبليس فيحل بك الشقاء، وتخرج من الجنة التي لا يصيبك فيها شيء من الجوع، ولا شيء من العرى أو الظمأ، ولا شيء من حر الشمس في الضحى.. وإنما أنت فيها متمتع بكل مطالب الحياة الهنيئة الناعمة الدائمة.قال صاحب الكشاف: الشبع والري والكسوة والسكن- هذه الأربعة- هي الأقطاب التي يدور فيها كفاح الإنسان، فذكّره استجماعها له في الجنة وأنه مكفى لا يحتاج إلى كفاية كاف، ولا إلى كسب كاسب كما يحتاج إلى ذلك أهل الدنيا.وذكرها بلفظ النفي لنقائضها التي هي الجوع والعرى والظمأ والضحو، ليطرق سمعه بأسامى أصناف الشقوة التي حذره منها، حتى يتحامى السبب الموقع فيها كراهة لها .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
( وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى ) وهذان أيضا متقابلان ، فالظمأ : حر الباطن ، وهو العطش . والضحى : حر الظاهر .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
وأنك لا تظمأ فيها أي لا تعطش . والظمأ العطش . ولا تضحى أي تبرز للشمس فتجد حرها . إذ ليس في الجنة شمس ، إنما هو ظل ممدود ، كما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس . قال أبو العالية : نهار الجنة هكذا : وأشار إلى ساعة المصلين صلاة الفجر . قال أبو زيد : ضحا الطريق يضحو ضحوا إذا بدا لك وظهر . وضحيت وضحيت بالكسر ضحا عرقت . وضحيت أيضا للشمس ضحاء ممدود برزت وضحيت ( بالفتح ) مثله ، والمستقبل أضحى في اللغتين جميعا ؛ قال عمر بن أبي ربيعة :رأت رجلا أيما إذا الشمس عارضت فيضحى وأما بالعشي فيخصرفي الحديث أن ابن عمر رأى رجلا محرما قد استظل ، فقال : أضح لمن أحرمت له . هكذا يرويه المحدثون بفتح الألف وكسر الحاء من أضحيت . وقال الأصمعي : إنما هو إضح لمن أحرمت له ؛ بكسر الألف وفتح الحاء من ضحيت أضحى ؛ لأنه أمره بالبروز للشمس ؛ ومنه قوله تعالى : وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى وأنشد :ضحيت له كي أستظل بظله إذا الظل أضحى في القيامة قالصاوقرأ أبو عمرو والكوفيون إلا عاصما في رواية أبي بكر عنه ( وأنك ) بفتح الهمزة عطفا على ألا تجوع . ويجوز أن يكون في موضع رفع عطفا على الموضع ، والمعنى : ولك أنك لا تظمأ فيها ، والباقون بالكسر على الاستئناف أو العطف على إن لك .
﴿ تفسير الطبري ﴾
وقوله ( وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا ) اختلفت القرّاء في قراءتها، فقرأ ذلك بعض قرّاء المدينة والكوفة بالكسر: وإنك، على العطف على قوله (إنَّ لَك) ، وقرأ ذلك بعض قرّاء المدينة وعامة قرّاء الكوفة والبصرة وأنك، بفتح ألفها عطفا بها على " أن " التي في قوله ( أَلا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى ) ، ووجَّهوا تأويل ذلك إلى أن لك هذا وهذا، فهذه القراءة أعجب القراءتين إليّ، لأن الله تبارك وتعالى ذكره وعد ذلك آدم حين أسكنه الجنة، فكون ذلك بأن يكون عطفا على أن لا تجوع أولى من أن يكون خبر مبتدأ، وإن كان الآخر غير بعيد من الصواب ، وعني بقوله ( لا تَظْمَأُ فِيهَا ) لا تعطش في الجنة ما دمت فيها( وَلا تَضْحَى ) ، يقول: لا تظهر للشمس فيؤذيك حرّها، كما قال ابن أبي ربيعة:رأتْ رَجُلا أمَّا إذا الشَّمْسُ عارَضَتْفَيَضْحَى وأمَّا بالعشِيّ فَيَخْصَرُ (1)وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله ( وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى ) يقول: لا يصيبك فيها عطش ولا حرّ.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى ) يقول: لا يصيبك حرّ ولا أذى.حدثني أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي، قال: ثنا عبد الرحمن بن شريك، قال: ثني أبي، عن خصيف عن سعيد بن جُبير ( لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى ) قال: لا تصيبك الشمس.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَلا تَضْحَى ) قال: لا تصيبك الشمس .---------------الهوامش:(1) البيت لعمر بن أبي ربيعة القرشي المخزومي . وقد أورده صاحب اللسان في ( ضحا ) ولم ينسبه . قال : وضحا الرجل ضحوا ( على فعل ) وضحوا ( على فعول ) وضحيا : برز للشمس وضحى بكسر الحاء يضحى في اللغتين معه ضحوا وضحيا : أصابته الشمس ، قال الله تعالى : ( وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى ) قال : لا يؤذيك حر الشمس . وقال الفراء : لا تضحى : لا تصيبك شمس مؤذية . قال : وفي بعض التفسير : ولا تضحى : لا تعرق . قال الأزهري : والأول أشبه بالصواب ، وأنشد : " رأت رجلا . . . البيت " . أه . وقوله " يخصر " : هو من الخصر بالتحريك ، والبرد يجده الإنسان في أطرافه .