ولقد ابتلينا فرعون وقومه بالقحط والجدب، ونَقْص ثمارهم وغَلاتهم؛ ليتذكروا، وينزجروا عن ضلالاتهم، ويفزعوا إلى ربهم بالتوبة.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«ولقد أخذنا آل فرعون بالسِّنين» بالقحط «ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون» يتعظون فيؤمنون.
﴿ تفسير السعدي ﴾
قال اللّه تعالى في بيان ما عامل به آل فرعون في هذه المدة الأخيرة، أنها على عادته وسنته في الأمم، أن يأخذهم بالبأساء والضراء، لعلهم يضرعون. الآيات: وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ أي: بالدهور والجدب، وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ أي: يتعظون أن ما حل بهم وأصابهم معاتبة من اللّه لهم، لعلهم يرجعون عن كفرهم، فلم ينجع فيهم ولا أفاد، بل استمروا على الظلم والفساد.
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله - عز وجل - : ( ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ) أي : بالجدوب والقحط . تقول العرب : مستهم السنة ، أي : جدب السنة وشدة السنة . وقيل : أراد بالسنين القحط سنة بعد سنة ، ( ونقص من الثمرات ) والغلات بالآفات والعاهات . وقال قتادة : أما السنين فلأهل البوادي ، وأما نقص الثمرات فلأهل الأمصار ، ( لعلهم يذكرون ) أي : يتعظون وذلك لأن الشدة ترقق القلوب وترغبها فيما عند الله - عز وجل - .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
تدبر معنا أيها القارئ الكريم تلك الآيات الكريمة التي تحكى كل ذلك وغيره بأسلوبها البليغ المؤثر.قال القرطبي: قوله- تعالى-: وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ يعنى الجدب، وهذا معروف في اللغة، يقال: أصابتهم سنة، أى: جدب. وتقديره: جدب سنة، وفي الحديث «اللهم اجعلها عليهم سنين كسنى يوسف» والسنة هنا بمعنى الجدب لا بمعنى الحول. ومنه أسنت القوم، أى أجدبوا وقحطوا .وقال الآلوسى: هذا شروع في تفصيل مبادئ الهلاك الموعود به، وإيذان بأنهم لم يمهلوا حتى تحولوا من حال إلى حال إلى أن حل بهم عذاب الاستئصال.والمعنى: ولقد أخذنا آل فرعون أى: اختبرناهم وامتحناهم بالجدب والقحط، وضيق المعيشة، وانتقاص الثمرات لعلهم يثوبون إلى رشدهم ويتذكرون ضعفهم أمام قوة خالقهم، ويرجعون عما هم فيه من الكفر والعصيان، فإن الشدائد من شأنها أن ترقق القلوب، وتصفى النفوس، وترغب في الضراعة إلى الله، وتدعو إلى اليقظة والتفكير ومحاسبة النفس على الخطايا اتقاء للبلايا.وصدرت الآية الكريمة بالقسم، لإظهار الاعتناء بمضمونها.والمراد بآل فرعون قومه وأتباعه، فهم مؤاخذون بظلمه وطغيانه، لأن قوته المالية والجندية منهم، وقد خلقهم الله أحرارا وأكرمهم بالعقل والفطرة التي تكره الظلم والطغيان بالغريزة فكان حقا عليهم ألا يقبلوا استعباده لهم وجعلهم آلة لطغيانه، لا سيما بعد بعثة موسى- عليه السلام- ووصول دعوته إليهم، ورؤيتهم لما أيده الله به من الآيات.وإضافة الآل إليه وهو لا يضاف إلا إلى الأشراف، لما فيه من الشرف الدنيوي الظاهر، وإن كان في نفس الأمر خسيسا.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
يقول تعالى : ( 131 ) ولقد أخذنا آل فرعون ) أي : اختبرناهم وامتحناهم وابتليناهم ) بالسنين ) وهي سني الجوع بسبب قلة الزروع ( ونقص من الثمرات ) قال مجاهد : وهو دون ذلك .وقال أبو إسحاق ، عن رجاء بن حيوة : كانت النخلة لا تحمل إلا ثمرة واحدة . ( لعلهم يذكرون )
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرونقوله تعالى ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين يعني الجدوب . وهذا معروف في اللغة ; يقال : أصابتهم سنة ، أي جدب . وتقديره جدب سنة . وفي الحديث : اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف . ومن العرب من يعرب النون في السنين ; وأنشد الفراء :أرى مر السنين أخذن مني كما أخذ السرار من الهلالقال النحاس : وأنشد سيبويه هذا البيت بفتح النون ; ولكن أنشد في هذا ما لا يجوز غيره ، وهو قوله :وقد جاوزت رأس الأربعينوحكى الفراء عن بني عامر أنهم يقولون : أقمت عنده سنينا يا هذا ; مصروفا . قال : وبنو تميم لا يصرفون ويقولون : مضت له سنين يا هذا . وسنين جمع سنة ، والسنة هنا بمعنى الجدب لا بمعنى الحول . ومنه أسنت القوم أي أجدبوا . قال عبد الله بن الزبعرى :عمرو العلا هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجافلعلهم يذكرون أي ليتعظوا وترق قلوبهم .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله : وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولقد اختبرنا قوم فرعون وأتباعه على ما هم عليه من الضلالة = " بالسنين ", يقول: بالجُدوب سنة بعد سنة، والقحوط.* * *يقال منه: " أسْنَتَ القوم "، إذا أجدبوا.* * *(ونقص من الثمرات)، يقول: واختبرناهم مع الجدوب بذهاب ثمارهم وغلاتهم إلا القليل =(لعلهم يذكرون)، يقول: عظة لهم وتذكيرًا لهم, لينزجروا عن ضلالتهم، ويفزعوا إلى ربهم بالتوبة. (37) وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:14976 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن آدم, عن شريك, عن أبي إسحاق, عن أبي عبيدة, عن عبد الله: (ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين)، قال: سني الجوع.14977 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: (بالسنين)، الجائحة =(ونقص من الثمرات)، دون ذلك.14978 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.14979 - حدثني القاسم بن دينار قال، حدثنا عبيد الله بن موسى, عن شيبان, عن أبي إسحاق, عن رجاء بن حيوة في قوله: (ونقص من الثمرات)، قال: حيث لا تحمل النخلة إلا تمرة واحدة. (38)14980 - حدثني ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن رجاء بن حيوة, عن كعب قال: يأتي على الناس زمانٌ لا تحمل النخلة إلا ثمرة.14981 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك, عن أبي إسحاق, عن رجاء بن حيوة: (ونقص من الثمرات)، قال: يأتي على الناس زمان لا تحمل النخلة إلا ثمرة.14982 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتاده, قوله: (ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين )، أخذهم الله بالسنين، بالجوع، عامًا فعامًا =(ونقص من الثمرات)، فأما " السنين " فكان ذلك في باديتهم وأهل مواشيهم = وأما " بنقص من الثمرات " فكان ذلك في أمصارهم وقراهم.----------------------الهوامش :(37) انظر تفسير (( التذكرة )) فيما سلف من فهارس اللغة ( ذكر )(38) الأثر 14979 - (( القاسم بن دينار )) نمنسوب إلى جده ، وهو (( القاسم بن زكريا بن دينار القرشي )) ، أبو محمد الطحان ، روى عن وكيع ، وعبيد الله بن موسى ، وعلى بن فادم ، وأبي داود الحفري .روى عنه مسلم ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، وأبو حاتم ، وغيرهم . ثقة . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 3/2/110 .
﴿ ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون ﴾