أيترككم ربكم فيما أنتم فيه من النعيم مستقرين في هذه الدنيا آمنين من العذاب والزوال والموت؟ في حدائق مثمرة وعيون جارية وزروع كثيرة ونخل ثمرها يانع لين نضيج، وتنحتون من الجبال بيوتًا ماهرين بنحتها، أَشِرين بَطِرين.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«وزروع ونخل طلعها هضيم» لطيف لين.
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ أي نضيد كثير أي أتحسبون أنكم تتركون في هذه الخيرات والنعم سدى تتنعمون وتتمتعون كما تتمتع الأنعام وتتركون سدى لا تؤمرون ولا تنهون وتستعينون بهذه النعم على معاصي الله
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وزروع ونخل طلعها ) ثمرها ، يريد ما يطلع منها من الثمر ، ( هضيم ) قال ابن عباس : لطيف ، ومنه : هضيم الكشح ، إذا كان لطيفا . وروى عطية عنه : يانع نضيج . وقال عكرمة : هو اللين . وقال الحسن : هو الرخو . وقال مجاهد : متهشم متفتت إذا مس ، وذلك أنه ما دام رطبا فهو هضيم ، فإذا يبس فهو هشيم . وقال الضحاك ومقاتل : قد ركب بعضه بعضا [ حتى هضم بعضه بعضا ] أي : كسره . وقال أهل اللغة : هو المنضم بعضه إلى بعض في وعائه قبل أن يظهر . وقال الأزهري : الهضيم هو الداخل بعضه في بعض من النضج والنعومة . وقيل : هضيم أي : هاضم يهضم الطعام . وكل هذا للطافته .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم وعظهم بما يرقق القلوب ، وبما يحمل العقلاء على شرك الله - تعالى - على نعمه فقال لهم : ( أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَآ آمِنِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ . . ) .والاستفهام للإنكار . والطلع : اسم من الطلوع وهو الظهور ، وأصله ثمر النخل فى أول ما يطلع ، وهو بعد التلقيح يسمى خلالا - بفتح الخاء - ثم يصير بسرا ، فرطبا ، فتمرا .والهضيم : اليانع والنضيج ، أو الرطب اللين اللذيذ الذى تداخل بعضه فى بعض وهو وصف للطلع الذى قصد به الثمار الناضجة الطيبة لصيرورته إليها .والمعنى : أتظنون أنكم متروكون بدون حساب أو سؤال من خالقكم - عز وجل - وأنتم تتقلبون فى نعمه التى منها ما أنتم فيه من بساتين وأنهار وزروع كثيرة متنوعة .إن كنتم تظنون ذلك ، فأقلعوا عن هذا الظن ، واعتقدوا بأنكم أنتم وما بين أيديكم من نعم ، إلى زوال ، وعليكم أن تخلصوا لخالقكم العبادة والشكر لكى يزيدكم من فضله . .فأنت ترى أن - صالحا - عليه السلام قد استعمل مع قومه أرق ألوان الوعظ ، لكى يوقظ قلوبهم الغافلة ، نحو طاعة الله - تعالى - وشكره ، وقد استعمل فى وعظه لفت أنظارهم إلى ما يتقلبون فيه من نعم تشمل البساتين والعيون ، الزروع المتعددة ، والنخيل الجيدة الطلع ، اللذيذة الطعم ، حتى لكأن ثمرها لجودته ولينه ، لا يحتاج إلى هضم فى البطون .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
ولهذا قال : ( ونخل طلعها هضيم ) . قال العوفي ، عن ابن عباس : أينع وبلغ ، فهو هضيم .وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( ونخل طلعها هضيم ) يقول : معشبة .[ و ] قال إسماعيل بن أبي خالد ، عن عمرو بن أبي عمرو - وقد أدرك الصحابة - عن ابن عباس ، في قوله : ( ونخل طلعها هضيم ) قال : إذا رطب واسترخى . رواه ابن أبي حاتم ، قال : وروي عن أبي صالح نحو هذا .وقال أبو إسحاق ، عن أبي العلاء : ( ونخل طلعها هضيم ) قال : هو المذنب من الرطب .وقال مجاهد : هو الذي إذا كبس تهشم وتفتت وتناثر .وقال ابن جريج : سمعت عبد الكريم أبا أمية ، سمعت مجاهدا يقول : ( ونخل طلعها هضيم ) قال : حين يطلع تقبض عليه فتهضمه ، فهو من الرطب الهضيم ، ومن اليابس الهشيم ، تقبض عليه فتهشمه .وقال عكرمة : وقتادة ، الهضيم : الرطب اللين .وقال الضحاك : إذا كثر حمل الثمرة ، وركب بعضه بعضا ، فهو هضيم .وقال مرة : هو الطلع حين يتفرق ويخضر .وقال الحسن البصري : هو الذي لا نوى له .وقال أبو صخر : ما رأيت الطلع حين يشق عنه الكم ، فترى الطلع قد لصق بعضه ببعض ، فهو الهضيم .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
والطلعة هي التي تطلع من النخلة كنصل السيف ; في جوفه شماريخ القنو , والقنو اسم للخارج من الجذع كما هو بعرجونه وشماريخه .و " هضيم " قال ابن عباس : لطيف ما دام في كفراه .والهضيم اللطيف الدقيق ; ومنه قول امرئ القيس : علي هضيم الكشح ريا المخلخل الجوهري : ويقال للطلع هضيم ما لم يخرج من كفراه ; لدخول بعضه في بعض .والهضيم من النساء اللطيفة الكشحين .ونحوه حكى الهروي ; قال : هو المنضم في وعائه قبل أن يظهر ; ومنه رجل هضيم الجنبين أي منضمهما ; هذا قول أهل اللغة .وحكى الماوردي وغيره في ذلك اثني عشر قولا :أحدها : أنه الرطب اللين ; قاله عكرمة .الثاني : هو المذنب من الرطب ; قاله سعيد بن جبير .قال النحاس : وروى أبو إسحاق عن يزيد - هو ابن أبي زياد كوفي ويزيد بن أبي مريم شامي - " ونخل طلعها هضيم " قال : منه ما قد أرطب ومنه مذنب .الثالث : أنه الذي ليس فيه نوى ; قاله الحسن .الرابع : أنه المتهشم المتفتت إذا مس تفتت ; قاله مجاهد .وقال أبو العالية : يتهشم في الفم .الخامس : هو الذي قد ضمر بركوب بعضه بعضا ; قاله الضحاك ومقاتل .السادس : أنه المتلاصق بعضه ببعض ; قاله أبو صخر .السابع : أنه الطلع حين يتفرق ويخضر ; قاله الضحاك أيضا .الثامن : أنه اليانع النضيج ; قاله ابن عباس .التاسع : أنه المكتنز قبل أن ينشق عنه القشر ; حكاه ابن شجرة ; قال : كأن حمولة تجلى عليه هضيم ما يحس له شقوقالعاشر : أنه الرخو ; قاله الحسن .الحادي عشر : أنه الرخص اللطيف أول ما يخرج وهو الطلع النضيد ; قاله الهروي .الثاني عشر : أنه البرني ; قاله ابن الأعرابي ; فعيل بمعنى فاعل أي هنيء مريء من انهضام الطعام .والطلع اسم مشتق من الطلوع وهو الظهور ; ومنه طلوع الشمس والقمر والنبات .
﴿ تفسير الطبري ﴾
( وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ ) يعني بالطلع: الكُفُرَّى.واختلف أهل التأويل في معنى قوله ( هَضِيمٌ ) فقال بعضهم: معناه اليانع النضيج.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ ) يقول: أينع وبلغ فهو هضيم.وقال آخرون: بل هو المتهشم المتفتت.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: ( وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ ) قال محمد بن عمرو في حديثه تهشم هشيما. وقال الحارث: تهشم تهشّما.حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: سمعت عبد الكريم يقول: سمعت مجاهدا يقول في قوله: ( وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ ) قال: حين تطلع يقبض عليه فيهضمه.قال ابن جُرَيج: قال مجاهد: إذا مسّ تهشّم وتفتَّت, قال: هو من الرطب هضيم تقبض عليه فتهضمه.وقال آخرون: هو الرطب اللين.* ذكر من قال ذلك:حدثنا هناد, قال: ثنا أبو الأحوص, عن سماك, عن عكرمة قوله: ( وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ ) قال: الهضيم: الرطب اللين.وقال آخرون: هو الراكب بعضه بعضا.* ذكر من قال ذلك:حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( طَلْعُهَا هَضِيمٌ ) إذا كثر حمل النخلة فركب بعضها بعضا, حتى نقص بعضها بعضا, فهو حينئذ هضيم.وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: الهضيم: هو المتكسر من لينه ورطوبته, وذلك من قولهم: هضم فلان حقه: إذا انتقصه وتحيفه, فكذلك الهضم في الطلع, إنما هو التنقص منه من رطوبته ولينه إما بمسّ الأيدي, وإما بركوب بعضه بعضا, وأصله مفعول صرف إلى فعيل.