قال الله لموسى: كلا لن يقتلوك، وقد أجبت طلبك في هارون، فاذهبا بالمعجزات الدالة على صدقكما، إنا معكم بالعلم والحفظ والنصرة مستمعون. فأتِيَا فرعون فقولا له: إنا مرسَلان إليك وإلى قومك من رب العالمين: أن اترك بني إسرائيل؛ ليذهبوا معنا.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«قال» تعالى: «كلا» لا يقتلونك «فاذهبا» أي أنت وأخوك، ففيه تغليب الحاضر على الغائب «بآياتنا إنا معكم مستمعون» ما تقولون وما يقال لكم، أجريا مجرى الجماعة.
﴿ تفسير السعدي ﴾
قَالَ كَلا أي لا يتمكنون من قتلك فإنا سنجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون ولهذا لم يتمكن فرعون من قتل موسى مع منابذته له غاية المنابذة وتسفيه رأيه وتضليله وقومه فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا الدالة على صدقكما وصحة ما جئتما به إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ أحفظكما وأكلؤكما.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( قال ) الله تعالى ، ) ( كلا ) أي : لن يقتلوك ، ( فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون ) سامعون ما يقولون ، ذكر " معكم " بلفظ الجمع ، وهما اثنان ، أجراهما مجرى الجماعة . وقيل : أراد معكما ومع بني إسرائيل نسمع ما يجيبكم فرعون .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقد رد الله- تعالى- على نبيه موسى- عليه السلام- ردا حاسما لإزالة الخوف، ومزهقا لكل ما يحتمل أى يساور نفسه من عدوان عليه، فقال- تعالى-: قالَ كَلَّا فَاذْهَبا بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ.أى: قال الله- تعالى- لموسى على سبيل الإرشاد والتعليم: كلا، لا تخف أن يكذبوك أو أن يضيق صدرك، أو أن لا ينطلق لسانك، أو أن يقتلوك. كلا لا تخف من شيء من ذلك، فأنا معكما برعايتي ومادام الأمر كذلك فاذهب أنت وأخوك بآياتنا الدالة على وحدانيتنا فإننا معكم سامعون لما تقولانه لهم ولما سيقولونه لكما.وعبر- سبحانه- بكلا المفيدة للزجر، لزيادة إدخال الطمأنينة على قلب موسى- عليه السلام-.والمراد بالآيات هنا: المعجزات التي أعطاها- سبحانه- لموسى وعلى رأسها العصا..وقال- سبحانه- إِنَّا مَعَكُمْ مع أنهما اثنان، تعظيما لشأنهما أو لكون الاثنين أقل الجمع. أو المراد هما ومن أرسلا إليه.والتعبير بقوله إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ بصيغة التأكيد والمعية والاستماع، فيه ما فيه من العناية بشأنهما، والرعاية لهما، والتأييد لأمرهما.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
( قال كلا ) أي : قال الله له : لا تخف من شيء من ذلك كما قال : ( قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا ) أي : برهانا ( فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون ) [ القصص : 35 ] .( فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون ) كما قال تعالى : ( إنني معكما أسمع وأرى ) [ طه : 46 ] أي : إنني معكما بحفظي وكلاءتي ونصري وتأييدي .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قال كلا أي كلا لن يقتلوك . فهو ردع وزجر عن هذا الظن ، وأمر بالثقة بالله تعالى ; أي ثق بالله وانزجر عن خوفك منهم ; فإنهم لا يقدرون على قتلك ، ولا يقوون عليه . فاذهبا أي أنت وأخوك فقد جعلته رسولا معك . بآياتنا أي ببراهيننا وبالمعجزات . وقيل : أي مع آياتنا . إنا معكم يريد نفسه سبحانه وتعالى . مستمعون أي سامعون ما يقولون وما يجاوبون . وإنما أراد بذلك تقوية قلبيهما وأنه يعينهما ويحفظهما . والاستماع إنما يكون بالإصغاء ، ولا يوصف الباري سبحانه بذلك . وقد وصف سبحانه نفسه بأنه السميع البصير . وقال في ( طه ) : أسمع وأرى وقال : " معكم " فأجراهما مجرى الجمع ; لأن الاثنين جماعة . ويجوز أن يكون لهما ولمن أرسلا إليه . ويجوز أن يكون لجميع بني إسرائيل .
﴿ تفسير الطبري ﴾
يقول تعالى ذكره: ( كَلا ) : أي لن يقتلك قوم فرعون.( فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا ) يقول: فاذهب أنت وأخوك بآياتنا, يعني بأعلامنا وحججنا التي أعطيناك عليهم. وقوله: ( إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ ) من قوم فرعون ما يقولون لكم, ويجيبونكم به.