يا بنيَّ أقم الصلاة تامة بأركانها وشروطها وواجباتها، وأْمر بالمعروف، وانْه عن المنكر بلطفٍ ولينٍ وحكمة بحسب جهدك، وتحمَّل ما يصيبك من الأذى مقابل أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر، واعلم أن هذه الوصايا مما أمر الله به من الأمور التي ينبغي الحرص عليها.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«يا بنيّ أقْم الصلاة وأمُر بالمعروف وانْهَ عن المنكر واصبر على ما أصابك» بسبب الأمر والنهي «إن ذلك» المذكور «من عزم الأمور» أي معزوماتها التي يعزم عليها لوجوبها.
﴿ تفسير السعدي ﴾
يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ حثه عليها، وخصها لأنها أكبر العبادات البدنية، وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وذلك يستلزم العلم بالمعروف ليأمر به، والعلم بالمنكر لينهى عنه.والأمر بما لا يتم الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر إلا به، من الرفق، والصبر، وقد صرح به في قوله: وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ ومن كونه فاعلا لما يأمر به، كافًّا لما ينهى عنه، فتضمن هذا، تكميل نفسه بفعل الخير وترك الشر، وتكميل غيره بذلك، بأمره ونهيه.ولما علم أنه لا بد أن يبتلى إذا أمر ونهى وأن في الأمر والنهي مشقة على النفوس، أمره بالصبر على ذلك فقال: وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ الذي وعظ به لقمان ابنه مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ أي: من الأمور التي يعزم عليها، ويهتم بها، ولا يوفق لها إلا أهل العزائم.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك ) يعني من الأذى ( إن ذلك من عزم الأمور ) يريد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والصبر على الأذى فيهما ، من الأمور الواجبة التي أمر الله بها ، أو من الأمور التي يعزم عليها لوجوبها .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم أمره بالمحافظة على الصلاة وبالأمر بالمعروف، وبالنهى عن المنكر وبالصبر على الأذى، فقال: يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ أى: واظب على أدائها في أوقاتها بخشوع وإخلاص لله رب العالمين.وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ أى بكل ما حض الشرع على قوله أو فعله وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ أى: عن كل ما نهى الشرع عن قوله أو فعله.وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ من الأذى، فإن الحياة مليئة بالشدائد والمحن والراحة إنما هي في الجنة فقط.واسم الإشارة في قوله: إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ يعود إلى الطاعات المذكورة قبله.وعزم الأمور: أعاليها ومكارمها. أو المراد بها ما أوجبه الله- تعالى- على الإنسان.قال صاحب الكشاف: إِنَّ ذلِكَ مما عزمه الله من الأمور، أى: قطعه قطع إيجاب وإلزام.. ومنه الحديث: «إن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يحب أن يؤخذ بعزائمه» ومنه عزمات الملوك، وذلك أن يقول الملك لبعض من تحت يده، عزمت عليك إلا فعلت كذا. فإذا قال ذلك لم يكن للمعزوم عليه بد من فعله، ولا مندوحة في تركه.وناهيك بهذه الآية مؤذنة بقدم هذه الطاعات، وأنها كانت مأمورا بها في سائر الأمم، وأن الصلاة لم تزل عظيمة الشأن، سابقة القدم على ما سواها .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
م قال : ( يا بني أقم الصلاة ) أي : بحدودها وفروضها وأوقاتها ، ( وأمر بالمعروف وانه عن المنكر ) أي : بحسب طاقتك وجهدك ، ( واصبر على ما أصابك ) ، علم أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ، لا بد أن يناله من الناس أذى ، فأمره بالصبر .وقوله : ( إن ذلك من عزم الأمور ) أي : إن الصبر على أذى الناس لمن عزم الأمور .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور .فيه ثلاث مسائل :الأولى : قوله تعالى : يابني أقم الصلاة وصى ابنه بعظم الطاعات وهي الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وهذا إنما يريد به بعد أن يمتثل ذلك هو في نفسه ويزدجر عن المنكر ، وهنا هي الطاعات والفضائل أجمع . ولقد أحسن من قال :وابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيمفي أبيات تقدم في ( البقرة ) ذكرها .الثانية : قوله تعالى : واصبر على ما أصابك يقتضي حضا على تغيير المنكر وإن نالك ضرر ; فهو إشعار بأن المغير يؤذى أحيانا ; وهذا القدر على جهة الندب والقوة في ذات الله ; وأما على اللزوم فلا ، وقد مضى الكلام في هذا مستوفى في ( آل عمران والمائدة ) . وقيل : أمره بالصبر على شدائد الدنيا كالأمراض وغيرها ، وألا يخرج من الجزع إلى معصية الله عز وجل ; وهذا قول حسن لأنه يعم .الثالثة : قوله تعالى : إن ذلك من عزم الأمور قال ابن عباس : من حقيقة الإيمان الصبر على المكاره . وقيل : إن إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من عزم الأمور ; أي مما عزمه الله وأمر به ; قاله ابن جريج . ويحتمل أن يريد أن ذلك من مكارم الأخلاق وعزائم أهل الحزم السالكين طريق النجاة . وقول ابن جريج أصوب .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (17)يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل لقمان لابنه (يا بُنَيَّ أقِمِ الصَّلاةَ) بحدودها(وأمُرْ بالمعْرُوفِ) يقول: وأمر الناس بطاعة الله، واتباع أمره (وَانْهَ عَنِ المُنْكَرِ) يقول: وانه الناس عن معاصي الله ومواقعة محارمه (وَاصْبِرْ عَلى ما أصَابَكَ) يقول: واصبر على ما أصابك من الناس في ذات الله، إذا أنت أمرتهم بالمعروف، ونهيتهم عن المنكر، ولا يصدّنك عن ذلك ما نالك منهم (إنَّ ذلكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ) يقول: إن ذلك مما أمر الله به من الأمور عزما منه.وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني حجاج، عن ابن جُرَيج في قوله: ( يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ ) قال: اصبر على ما أصابك من الأذى في ذلك ( إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ ) قال: إن ذلك مما عزم الله عليه من الأمور، يقول: مما أمر الله به من الأمور.
﴿ يابني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ﴾