ما ينتظر هؤلاء المكذبون إلا الساعة التي وُعدوا بها أن تجيئهم فجأةً، فقد ظهرت علاماتها ولم ينتفعوا بذلك، فمن أين لهم التذكر إذا جاءتهم الساعة؟
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«فهل ينظرون» ما ينتظرون، أي كفار مكة «إلا الساعة أن تأتيهم» بدل اشتمال من الساعة، أي ليس الأمر إلا أن تأتيهم «بغتة» فجأة «فقد جاء أشرطها» علاماتها: منها النبي صلى الله عليه وسلم وانشقاق القمر والدخان «فأنَّى لهم إذا جاءتهم» الساعة «ذكراهم» تذكرهم، أي لا ينفعهم.
﴿ تفسير السعدي ﴾
أي: فهل ينظر هؤلاء المكذبون أو ينتظرون إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً أي: فجأة، وهم لا يشعرون فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا أي: علاماتها الدالة على قربها. فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ أي: من أين لهم، إذا جاءتهم الساعة وانقطعت آجالهم أن يتذكروا ويستعتبوا؟ قد فات ذلك، وذهب وقت التذكر، فقد عمروا ما يتذكر فيه من تذكر، وجاءهم النذير.ففي هذا الحث على الاستعداد قبل مفاجأة الموت، فإن موت الإنسان قيام ساعته.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة )أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت ، حدثنا أبو إسحاق الهاشمي ، حدثنا الحسين بن الحسن ، حدثنا ابن المبارك ، أخبرنا معمر بن راشد ، عمن سمع المقبري يحدث عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " ما ينتظر أحدكم من الدنيا إلا غنى مطغيا ، أو فقرا منسيا ، أو مرضا مفسدا ، أو هرما مفندا ، أو موتا مجهزا ، أو الدجال فالدجال شر غائب ينتظر ، أو الساعة والساعة أدهى وأمر " .قوله - عز وجل - : ( فقد جاء أشراطها ) أي أماراتها وعلاماتها ، واحدها : شرط ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - من أشراط الساعة .أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا أحمد بن المقدام ، حدثنا فضل بن سليمان ، حدثنا أبو حازم ، حدثنا سهل بن سعد قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - قال بأصبعيه هكذا ، بالوسطى والتي تلي الإبهام : " بعثت أنا والساعة كهاتين " .أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا حفص بن عمر الحوضي ، حدثنا هشام ، عن قتادة ، عن أنس قال : لأحدثنكم بحديث سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يحدثنكم به أحد غيري ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ، ويكثر الجهل ، ويكثر الزنا ، ويكثر شرب الخمر ، ويقل الرجال ويكثر النساء ، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد " .أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا محمد بن سنان ، حدثنا فليح ، حدثني هلال بن علي ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - في مجلس يحدث القوم إذ جاءه أعرابي فقال : متى الساعة ؟ فمضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدث ، فقال بعض القوم : سمع ما قال فكره ما قال . وقال بعضهم : بل لم يسمع ، حتى إذا قضى حديثه ، قال : " أين السائل عن الساعة ؟ " قال : ها أنا يا رسول الله ، قال : " إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة " . قال : كيف إضاعتها ؟ قال : " إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة " .قوله - عز وجل - : ( فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم ) فمن أين لهم التذكر والاتعاظ والتوبة إذا جاءتهم الساعة ؟ نظيره : " يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى " ( الفجر - 2323 ) .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم تعود السورة الكريمة إلى توبيخ هؤلاء المنافقين على غفلتهم وانطماس بصائرهم، فتقول: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً، فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها. فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ؟.فالاستفهام للإنكار والتعجب من حالهم، وقوله أَنْ تَأْتِيَهُمْ بدل اشتمال من الساعة، والأشراط جمع شرط- بالتحريك مع الفتح- وهو العلامة، وأصله الإعلام عن الشيء.يقال: أشرط فلان نفسه لكذا، إذا أعلمها له وأعدها، ومنه الشرطي- كتركي-والجمع شرط- بضم ففتح- سموا بذلك لأنهم أعلموا أنفسهم بعلامات يعرفون بها، وتميزهم عن غيرهم.وقوله: فَأَنَّى لَهُمْ خبر مقدم وذِكْراهُمْ مبتدأ مؤخر، والضمير في قوله جاءَتْهُمْ يعود إلى الساعة، والكلام على حذف مضاف قبل قوله ذِكْراهُمْ أى:فأنى لهم نفع ذكراهم؟والمعنى: ما ينتظر هؤلاء الجاهلون إلا الساعة، التي سيفاجئهم مجيؤها مفاجأة بدون مقدمات، والحق أن علاماتها قد ظهرت دون أن يرفعوا لها رأسا، ودون أن يعتبروا بها أو يتعظوا لاستيلاء الأهواء عليهم.ولكنهم عند ما تداهمهم الساعة بأهوالها، ويقفون للحساب. يتذكرون ويؤمنون بالله ورسله.. ولكن إيمانهم في ذلك الوقت لن ينفعهم، لأنه جاء في غير محله الذي يقبل فيه، وتذكرهم واتعاظهم- أيضا- لن يفيدهم لأنه جاء بعد فوات الأوان.ومن الآيات التي وردت في هذا المعنى قوله- تعالى-: فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا .وقوله- تعالى-: وَقالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ .وقوله- عز وجل-: يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى .قال الآلوسى: الظاهر أن المراد بأشراط الساعة هنا: علاماتها التي كانت واقعة إذ ذاك، وأخبروا أنها علامات لها، كبعثة نبينا صلّى الله عليه وسلّم فقد أخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «بعثت أنا والساعة كهاتين- وأشار بالسبابة والوسطى» .وأراد صلّى الله عليه وسلّم مزيد القرب بين مبعثه والساعة، فإن السبابة تقرب من الوسطى.وأخرج أحمد عن بريدة قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «بعثت أنا والساعة جميعا. وإن كادت لتسبقني» وهذا أبلغ في إفادة القرب.وعدوا منها انشقاق القمر الذي وقع له صلّى الله عليه وسلّم والدخان الذي وقع لأهل مكة، أما أشراطها مطلقا فكثيرة، ومنها ككون الحفاة العراة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
وقوله : ( فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة ) أي : وهم غافلون عنها ، ( فقد جاء أشراطها ) أي : أمارات اقترابها ، كقوله تعالى : ( هذا نذير من النذر الأولى أزفت الآزفة ) [ النجم : 56 ، 57 ] ، وكقوله : ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) [ القمر : 1 ] وقوله : ( أتى أمر الله فلا تستعجلوه ) [ النحل : 1 ] ، وقوله : ( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ) [ الأنبياء : 1 ] فبعثة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أشراط الساعة ; لأنه خاتم الرسل الذي أكمل الله به الدين ، وأقام به الحجة على العالمين . وقد أخبر - صلوات الله وسلامه عليه - بأمارات الساعة وأشراطها ، وأبان عن ذلك وأوضحه بما لم يؤته نبي قبله ، كما هو مبسوط في موضعه .وقال الحسن البصري : بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - من أشراط الساعة . وهو كما قال ; ولهذا جاء في أسمائه عليه السلام ، أنه نبي التوبة ، ونبي الملحمة ، والحاشر الذي يحشر الناس على قدميه ، والعاقب الذي ليس بعده نبي .وقال البخاري : حدثنا أحمد بن المقدام ، حدثنا فضيل بن سليمان ، حدثنا أبو حازم ، حدثنا سهل بن سعد قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال بأصبعيه هكذا ، بالوسطى والتي تليها : " بعثت أنا والساعة كهاتين " .ثم قال تعالى : ( فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم ) أي : فكيف للكافرين بالتذكر إذا جاءتهم القيامة ، حيث لا ينفعهم ذلك ، كقوله تعالى : ( يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى ) [ الفجر : 23 ] ،( وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد ) [ سبأ : 52 ] .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم .قوله تعالى : فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة أي فجأة . وهذا وعيد للكفار . فقد جاء أشراطها أي أماراتها وعلاماتها . وكانوا قد قرءوا في كتبهم أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - آخر الأنبياء ، فبعثه من أشراطها وأدلتها ، قاله الضحاك والحسن . وفي الصحيح عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : بعثت أنا والساعة كهاتين وضم السبابة والوسطى ، لفظ مسلم ، وخرجه البخاري والترمذي وابن ماجه . ويروى بعثت والساعة كفرسي رهان . وقيل : أشراط الساعة أسبابها التي هي دون معظمها . ومنه يقال للدون من الناس : الشرط . وقيل : يعني علامات الساعة انشقاق القمر والدخان ، قاله الحسن أيضا . وعن الكلبي : كثرة المال والتجارة وشهادة الزور وقطع الأرحام ، وقلة الكرام وكثرة اللئام . وقد أتينا على هذا الباب في كتاب ( التذكرة ) مستوفى والحمد لله .وواحد الأشراط شرط ، وأصله الأعلام . ومنه قيل الشرط ; لأنهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها . ومنه الشرط في البيع وغيره . قال أبو الأسود :فإن كنت قد أزمعت بالصرم بيننا فقد جعلت أشراط أوله تبدوويقال : أشرط فلان نفسه في عمل كذا أي : أعلمها وجعلها له . قال أوس بن حجر يصف رجلا تدلى بحبل من رأس جبل إلى نبعة يقطعها ليتخذ منها قوسا :فأشرط نفسه فيها وهو معصم وألقى بأسباب له وتوكلاأن تأتيهم بغتة ( أن ) بدل اشتمال من ( الساعة ) ، نحو قوله : أن تطئوهم من قوله : رجال مؤمنون ونساء مؤمنات . وقرئ ( بغتة ) بوزن جربة ، وهي غريبة لم ترد في المصادر أختها ؛ وهي مروية عن أبي عمرو . الزمخشري وما أخوفني أن تكون غلطة من الراوي عن أبي عمرو ، وأن يكون الصواب ( بغتة ) بفتح الغين من غير تشديد ، كقراءة الحسن . وروى أبو جعفر الرؤاسي وغيره من أهل مكة ( إن تأتهم بغتة ) . قال المهدوي : ومن قرأ ( إن تأتهم بغتة ) كان الوقف على ( الساعة ) ثم استأنف الشرط . وما يحتمله الكلام من الشك مردود إلى الخلق ، كأنه قال : إن شكوا في مجيئها ( فقد جاء أشراطها )قوله تعالى : فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم ( ذكراهم ) ابتداء وأنى لهم الخبر . والضمير المرفوع في جاءتهم للساعة ، التقدير : فمن أين لهم التذكر إذا جاءتهم الساعة ، قال معناه قتادة وغيره . وقيل : فكيف لهم بالنجاة إذا جاءتهم الذكرى عند مجيء الساعة ، قاله ابن زيد . وفي الذكرى وجهان : أحدهما : تذكيرهم بما عملوه من خير أو شر . الثاني : هو دعاؤهم بأسمائهم تبشيرا وتخويفا ، روى أبان عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أحسنوا أسماءكم فإنكم تدعون بها يوم القيامة يا فلان قم إلى نورك يا فلان قم لا نور لك ذكره الماوردي .
﴿ تفسير الطبري ﴾
وقوله ( فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ) يقول تعالى ذكره: فهل ينظر هؤلاء المكذّبون بآيات الله من أهل الكفر والنفاق إلا الساعة التي وعد الله خلقه بعثهم فيها من قبورهم أحياء, أن تجيئهم فجأة لا يشعرون بمجيئها. والمعنى: هل ينظرون إلا الساعة, هل ينظرون إلا أن تأتيهم بغتة. و ( أَنْ ) من قوله ( إِلا أَنْ ) في موضع نصب بالردّ على الساعة, وعلى فتح الألف من ( أَنْ تَأْتِيَهُمُ ) ونصب ( تأتيهم ) بها قراءة أهل الكوفة.وقد حُدثت عن الفرّاء, قال: حدثني أبو جعفر الرُّؤاسيّ, قال: قلت لأبي عمرو بن العلاء: ما هذه الفاء التي في قوله ( فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ) قال: جواب الجزاء, قال: قلت: إنها إن تأتيهم, قال: فقال: معاذ الله, إنما هي " إنْ تَأْتِهِمْ "; قال الفرّاء: فظننت أنه أخذها عن أهل مكة, لأنه قرأ, قال الفرّاء: وهي أيضا في بعض مصاحف الكوفيين بسنة واحدة " تَأْتِهِمْ" ولم يقرأ بها أحد منهم.وتأويل الكلام على قراءة من قرأ ذلك بكسر ألف " إن " وجزم " تأتهم " فهل ينظرون إلا الساعة؟ فيجعل الخبر عن انتظار هؤلاء الكفار الساعة متناهيا عند قوله ( إِلا السَّاعَةَ ) , ثم يُبْتدأ الكلام فيقال: إن تأتهم الساعة بغتة فقد جاء أشراطها, فتكون الفاء من قوله ( فَقَدْ جَاءَ ) بجواب الجزاء.وقوله ( فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ) يقول: فقد جاء هؤلاء الكافرين بالله الساعة وأدلتها ومقدماتها, وواحد الأشراط: شرط, كما قال جرير:تَرَى شَرَطَ المِعْزَى مُهورَ نِسائِهموفي شُرَطِ المِعْزَى لهُنَّ مُهُورُ (2)ويُروَى: " ترى قَزَم المِعْزَى ", يقال منه: أشرط فلان نفسه: إذا علمها بعلامة, كما قال أوس بن حجر:فأَشْرَطَ فيها نَفْسَهُ وَهْوَ مُعْصِمٌوألْقَى بأسْبابٍ لَهُ وَتَوَكَّلا (3)وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ) يعني: أشراط الساعة.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً ) قد دنت الساعة ودنا من الله فراغ العباد.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ) قال: أشراطها: آياتها.وقوله ( فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ ) يقول تعالى ذكره: فمن أيّ وجه لهؤلاء المكذّبين بآيات الله ذكرى ما قد ضيَّعوا وفرّطوا فيه من طاعة الله إذا جاءتهم الساعة, يقول: ليس ذلك بوقت ينفعهم التذكر والندم, لأنه وقت مجازاة لا وقت استعتاب ولا استعمال.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ ) يقول: إذا جاءتهم الساعة أنى لهم أن يتذكروا ويعرفوا ويعقلوا؟.حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ ) قال: أنى لهم أن يتذكروا أو يتوبوا إذا جاءتهم الساعة.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ ) قال: الساعة, لا ينفعهم عند الساعة ذكراهم, والذكرى في موضع رفع بقوله ( فَأَنَّى لَهُمْ ) لأن تأويل الكلام: فأنى لهم ذكراهم إذا جاءتهم الساعة.------------------------الهوامش:(2) البيت لجرير بن الخطفي الشاعر الإسلامي ( ديوانه 226 ) وفي روايته : " وفي قزم المعزي لهن مهور " . وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن ( الورقة 223 ) قال عند قوله تعالى : " فقد جاء أشراطها " : أعلامها . وإنما سمي الشرط فيما نرى ، أنهم أعلموا أنفسهم . وأشراط المال صغار الغنم وشراره . وقال جرير : " ترى شرط ... البيت " . وفي ( اللسان : شرط) : والشرط ( بالتحريك ) : رذال الواحد والجمع والمذكر والمؤنث في ذلك سواء . قال جرير :تساق من المعزى مهور نسائهمومن شرط المعزى لهن مهوروشرط الناس : خشارتهم+ .(3) البيت لأوس بن حجر ( اللسان : شرط ) قال : الأصمعي : أشراط الساعة علاماتها . قال : ومنه الاشتراط الذي يشترط الناس بعضهم على بعض ، أي هي علامات يجعلونها بينهم . ولهذا سميت الشرط ، لأنهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها . وحكى الخطابي عن بعض أهل اللغة أنه أنكر هذا التفسير وقال : أشراط الساعة : ما تنكره الناس من صغار أمورها ، قبل أن تقوم الساعة . وشرط السلطان : نخبة أصحابه الذين يقدمهم على غيرهم من جنده . وقول أوس بن حجر " فأشرط فيها ... البيت " أي جعل نفسه علمًا لهذا الأمر.
﴿ فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم ﴾