وأمهل هؤلاء الذين كذبوا بآياتنا حتى يظنوا أنهم لا يعاقبون، فيزدادوا كفرًا وطغيانًا، وبذلك يتضاعف لهم العذاب. إن كيدي متين، أي: قوي شديد لا يُدْفع بقوة ولا بحيلة.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«وأُملي لهم» أمهلهم «إن كيدي متينٌ» شديد لا يطاق.
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَأُمْلِي لَهُمْ أي: أُمْهِلُهُم حتى يظنوا أنهم لا يؤخذون ولا يعاقبون، فيزدادون كفرا وطغيانا، وشرا إلى شرهم، وبذلك تزيد عقوبتهم، ويتضاعف عذابهم، فيضرون أنفسهم من حيث لا يشعرون، ولهذا قال: إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ أي: قوي بليغ.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وأملي لهم ) أي : أمهلهم وأطيل لهم مدة عمرهم ليتمادوا في المعاصي ، ( إن كيدي متين ) أي : إن أخذي قوي شديد ، قال ابن عباس : إن مكري شديد . قيل : نزلت في المستهزئين ، فقتلهم الله في ليلة واحدة .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله: وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ الإملاء: الإمداد في الزمن والإمهال والتأخير، مشتق من الملاوة والملوة، وهي الطائفة الطويلة من الزمن. والملوان: الليل والنهار.ويقال: أملى له إذا أمهله طويلا، وأملى للبعير: إذ أرخى له في الزمام ووسع له في القيد ليتسع المرعى.والكيد كالمكر، وهو التدبير الذي يقصد به غير ظاهره بحيث ينخدع المكيد له بمظهره فلا يفطن له حتى ينتهى إلى ما يسوءه من مخبره وغايته. وإضافته إلى الله- تعالى- يحمل على المعنى اللائق به، كإبطال مكر أعدائه أو إمدادهم بالنعم ثم أخذهم بالعذاب.ومتين: من المتانة بمعنى الشدة والقوة. ومنه المتن للظهر أو للحم الغليظ.والمعنى. والذين كذبوا بآياتنا سنستدنيهم قليلا قليلا إلى ما يهلكهم ويضاعف عقابهم بكثرة النعم بين أيديهم، حتى يفاجئهم الهلاك من حيث لا يعلمون أن صنعنا هذا معهم هو لون من الاستدراج. وأمهل لهؤلاء المكذبين المستدرجين في العمر، وأمد لهم في أسباب الحياة الرغدة، إن كيدي شديد متين لا يدافع بقوة ولا بحيلة. وفي الحديث الشريف الذي رواه الشيخان عن أبى موسى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن الله ليملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته» .وقوله وَأُمْلِي لَهُمْ جوز بعضهم أن يكون خبرا لمبتدأ محذوف أى: وأنا أملى لهم. وقيل هو معطوف على قوله سَنَسْتَدْرِجُهُمْ وقيل هو مستأنف.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
ولهذا قال تعالى : ( وأملي لهم ) أي : وسأملي لهم ، أطول لهم ما هم فيه ) إن كيدي متين ) أي : قوي شديد .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى وأملي لهم إن كيدي متين قوله تعالى وأملي لهم أي أطيل لهم المدة وأمهلهم وأؤخر عقوبتهم . إن كيدي أي مكري . متين أي شديد قوي . وأصله من المتن ، وهو اللحم الغليظ الذي عن جانب الصلب . قيل : نزلت في المستهزئين من قريش ، قتلهم الله في ليلة واحدة بعد أن أمهلهم مدة . نظيره حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله : وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وأُؤخر هؤلاء الذين كذّبوا بآياتنا. [ وأصل " الإملاء " من قولهم: " مضى عليه مليٌّ، ومِلاوَة ومُلاوَة ]، ومَلاوة " = بالكسر والضم والفتح = " من الدهر ", (30) وهي الحين, ومنه قيل: انتظرتُك مليًّا. (31)* * *= (32) ليبلغوا بمعصيتهم ربهم، المقدارَ الذي قد كتبه لهم من العقاب والعذاب ثم يقبضهم إليه.* * *(إن كيدي).* * *والكيد: هو المكر. (33)* * *وقوله: (متين)، يعني: قويٌّ شديدٌ, ومنه قول الشاعر: (34) [عدلن عدول الناس وأقبح] يَبْتَلِيأَفَانِينَ مِنْ أُلْهُوبِ شَدٍّ مُمَاتِنِ (35)يعني: سيرًا شديدًا باقيًا لا ينقطع. (36)----------------الهوامش :(30) لا شك أنه قد سقط من كلام أبي جعفر شيء ، أتممته استظهاراً ، من مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 234 ، وضعته بين قوسين . وسيتبين لك بعد أن الكلام في هذه الفقرات مقطع غير متصل ، فلا أدري أهو من الناسخ أم من أبي جعفر ، ولذلك فصلت بعضه عن بعض . فتنبه إلى هذا الفصل بين المتتابعين ، بكلام مفسر ، كما ترى . وكان في المطبوعة : (( ملاءة )) . وأثبت ما في المخطوطة .(31) انظر تفسير (( الإملاء )) فيما سلف 7 : 421 ، 422 .(32) سياق الكلام : ( وأواخر هؤلاء ... ليبلغوا ... ))(33) انظر تفسير (( الكيد )) فيما سلف 7 : 156 / 8 : 547 .(34) لم أعرف قائله .(35) جاء البيت في المطبوعة :عَدَلْنَ عُدُولَ الناسِ وأقبح يبتلىأقاس من الهراب شد مُمَاتِنوفي المخطوطة :عدلن عدول الناس دامح سلىاماسن من الهرب سد مماتنغير منقوط إلا ما نقطته .وصدر البيت لم أعرف له وجهاً ، وأما قراءة عجز البيت ، فصوابه قراءته ما أثبته بلا ريب ، وإنما يصف نوقاً أو خيلا . و (( الأفانين )) جمع (( أفنون )) ، وهو الجرى المختلط من جرى الفرس والناقة . يقال : (( جرى الفرس أفانين من الجرى )) ، و (( أفتن الفرس في جريه )) ، و (( الألهوب )) : أن يجتهد الفرس في عدوه ويضطرم ، حتى يثير الغبار . يقال : (( شد ألهوب )) . ويقال : (( ألهب الفرس )) ، اضطرم جريه . و (( الشد )) ، العدو . يقال : (( شد الفرس وغيره في العدو ، شداً واشتد )) ، أي : أسرع وعدا عدواً شديداً . وتركت صدر البيت بحاله ، حتى أجد له مرجعاً يصححه .(36) في المخطوطة : (( يعنى سبباً شديداً )) ، وما في المطبوعة قريب من الصواب .