وما تَنَزَّلَتْ بالقرآن على محمد الشياطين- كما يزعم الكفرة- ولا يصح منهم ذلك، وما يستطيعونه؛ لأنهم عن استماع القرآن من السماء محجوبون مرجومون بالشهب.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«إنهم عن السمع» لكلام الملائكة «لمعزولون» بالشهب.
﴿ تفسير السعدي ﴾
( إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ ) قد أبعدوا عنه, وأعدت لهم الرجوم لحفظه, ونزل به جبريل, أقوى الملائكة, الذي لا يقدر شيطان أن يقربه, أو يحوم حول ساحته، وهذا كقوله: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ .
﴿ تفسير البغوي ﴾
( إنهم عن السمع ) أي : عن استراق السمع من السماء ) ( لمعزولون ) أي : محجوبون بالشهب مرجومون .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
( إِنَّهُمْ عَنِ السمع لَمَعْزُولُونَ ) أى : إن هؤلاء الشياطين عن سماع القرآن الكريم لمعزولون عزلا تاما . فالشهب تحرقهم إذا ما حاولوا الاستماع إليه . كما قال - تعالى - : ( وَأَنَّا لَمَسْنَا السمآء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآن يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً ) فأنت ترى أن الله - تعالى - قد صان كتابه عن الشياطين ، بأن بيَّن بأنهم ما نزلوا به ، ثم بيَّن - ثانيا أنهم ما يستقيم لهم النزول به لأن ما اشتمل عليه من هدايات يخالف طبيعتهم الشريرة ، ثم بين ثالثا - بأنهم حتى لو حاولوا ما يخالف طبيعتهم لما استطاعوا ، ثم بين - رابعا - بأنه حتى لو انبغى واستطاعوا حمله ، لما وصلوا إلى ذلك ، لأنهم بمعزل عن الاستماع إليه ، إذ ما يوحى به - سبحانه - إلى أنبيائه ، فالشياطين محجوبون عن سماعه ، وهكذا صان الله - تعالى - كتابه صيانة تامة . وحفظه حفظا جعله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
ثم بين أنه لو انبغى لهم واستطاعوا حمله وتأديته ، لما وصلوا إلى ذلك ; لأنهم بمعزل عن استماع القرآن حال نزوله ; لأن السماء ملئت حرسا شديدا وشهبا في مدة إنزال القرآن على رسوله ، فلم يخلص أحد من الشياطين إلى استماع حرف واحد منه ، لئلا يشتبه الأمر . وهذا من رحمة الله بعباده ، وحفظه لشرعه ، وتأييده لكتابه ولرسوله ; ولهذا قال : ( إنهم عن السمع لمعزولون ) ، كما قال تعالى مخبرا عن الجن : ( وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا ) [ الجن : 8 - 10 ] .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
أي برمي الشهب كما مضى في سورة " الحجر " بيانه .وقرأ الحسن ومحمد بن السميقع : " وما تنزلت به الشياطون " قال المهدوي : وهو غير جائز في العربية ومخالف للخط .وقال النحاس : وهذا غلط عند جميع النحويين ; وسمعت علي بن سليمان يقول سمعت محمد بن يزيد يقول : هذا غلط عند العلماء , إنما يكون بدخول شبهة ; لما رأى الحسن في آخره ياء ونونا وهو في موضع رفع اشتبه عليه بالجمع المسلم فغلط , وفي الحديث : " احذروا زلة العالم " وقد قرأ هو مع الناس : " وإذا خلوا إلى شياطينهم " [ البقرة : 14 ] ولو كان هذا بالواو في موضع رفع لوجب حذف النون للإضافة .وقال الثعلبي : قال الفراء : غلط الشيخ - يعني الحسن - فقيل ذلك للنضر بن شميل فقال : إن جاز أن يحتج بقول رؤبة والعجاج وذويهما , جاز أن يحتج بقول الحسن وصاحبه .مع أنا نعلم أنهما لم يقرآ بذلك إلا وقد سمعا في ذلك شيئا ; وقال المؤرخ : إن كان الشيطان من شاط يشيط كان لقراءتهما وجه .وقال يونس بن حبيب : سمعت أعرابيا يقول دخلنا بساتين من ورائها بساتون ; فقلت : ما أشبه هذا بقراءة الحسن .
﴿ تفسير الطبري ﴾
( إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ ) يقول: إن الشياطين عن سمع القران من المكان الذي هو به من السماء لمعزولون, فكيف يستطيعون أن يتنزلوا به.وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك, قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قتادة, في قوله: (وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ) قال: هذا القرآن. وفي قوله ( إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ ) قال: عن سمع السماء.حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني أبو سفيان, عن معمر, عن قتادة, بنحوه, إلا أنه قال: عن سمع القرآن.والقرّاء مجمعة على قراءة (وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ) بالتاء ورفع النون, لأنها نون أصلية, واحدهم شيطان, كما واحد البساتين بستان. وذُكر عن الحسن أنه كان يقرأ ذلك: " وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطُونَ" بالواو, وذلك لحن, وينبغي أن يكون ذلك إن كان صحيحا عنه, أن يكون توهم أن ذلك نظير المسلمين والمؤمنين, وذلك بعيد من هذا.