إن الإنسان جُبِلَ على الجزع وشدة الحرص، إذا أصابه المكروه والعسر فهو كثير الجزع والأسى، وإذا أصابه الخير واليسر فهو كثير المنع والإمساك، إلا المقيمين للصلاة الذين يحافظون على أدائها في جميع الأوقات، ولا يَشْغَلهم عنها شاغل، والذين في أموالهم نصيب معيَّن فرضه الله عليهم، وهو الزكاة لمن يسألهم المعونة، ولمن يتعفف عن سؤالها، والذين يؤمنون بيوم الحساب والجزاء فيستعدون له بالأعمال الصالحة، والذين هم خائفون من عذاب الله. إن عذاب ربهم لا ينبغي أن يأمنه أحد. والذين هم حافظون لفروجهم عن كل ما حرَّم الله عليهم، إلا على أزواجهم وإمائهم، فإنهم غير مؤاخذين.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«الذين هم على صلاتهم دائمون» مواظبون.
﴿ تفسير السعدي ﴾
وقوله [في وصفهم] الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ أي: مداومون عليها في أوقاتها بشروطها ومكملاتها.وليسوا كمن لا يفعلها، أو يفعلها وقتا دون وقت، أو يفعلها على وجه ناقص.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( الذين هم على صلاتهم دائمون ) يقيمونها في أوقاتها يعني الفرائض .أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة ، حدثنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث ، أخبرنا محمد بن يعقوب الكسائي ، أخبرنا عبد الله بن محمود ، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الخلال ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن ابن لهيعة ، حدثني يزيد بن أبي حبيب : أن أبا الخير أخبره قال : سألنا عقبة بن عامر عن قول الله تعالى : " الذين هم على صلاتهم دائمون " أهم الذين يصلون أبدا ؟ قال : لا ولكنه إذا صلى لم يلتفت عن يمينه ولا عن شماله ولا من خلفه . ( والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم والذين يصدقون بيوم الدين والذين هم من عذاب ربهم مشفقون إن عذاب ربهم غير مأمون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم بشهاداتهم قائمون ) قرأ حفص عن عاصم ويعقوب : " بشهاداتهم " على الجمع ، وقرأ الآخرون [ بشهاداتهم ] [ على التوحيد ] ( قائمون ) أي يقومون فيها بالحق أو لا يكتمونها ولا يغيرونها .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقال- سبحانه-: عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ للإشارة إلى أنهم لا يشغلهم عنها شاغل، إذ الدوام على الشيء عدم تركه.وفي إضافة «الصلاة» إلى ضمير «المصلين» تنويه بشأنهم، وإشعار باختصاصها بهم، إذ هم أصحابها الملازمون لها.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
( الذين هم على صلاتهم دائمون ) قيل : معناه يحافظون على أوقاتهم وواجباتهم . قاله ابن مسعود ومسروق وإبراهيم النخعي .وقيل : المراد بالدوام هاهنا السكون والخشوع ، كقوله : ( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ) [ المؤمنون : 1 ، 2 ] . قاله عتبة بن عامر . ومنه الماء الدائم ، أي : الساكن الراكد .وقيل : المراد بذلك الذين إذا عملوا عملا داوموا عليه وأثبتوه ، كما جاء في الصحيح عن عائشة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل " . وفي لفظ : " ما داوم عليه صاحبه " ، قالت : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملا داوم عليه . وفي لفظ : أثبته .وقال قتادة في قوله : ( الذين هم على صلاتهم دائمون ) ذكر لنا أن دانيال عليه السلام ، نعت أمة محمد صلى الله عليه وسلم فقال : يصلون صلاة لو صلاها قوم نوح ما غرقوا ، أو قوم عاد ما أرسلت عليهم الريح العقيم ، أو ثمود ما أخذتهم الصيحة ، فعليكم بالصلاة فإنها خلق للمؤمنين حسن .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
الذين هم على صلاتهم دائمون أي على مواقيتها . وقال عقبة بن عامر : هم الذين إذا صلوا لم يلتفتوا يمينا ولا شمالا . والدائم الساكن ، ومنه : نهي عن البول في الماء الدائم ، أي الساكن . وقال ابن جريج والحسن : هم الذين يكثرون فعل التطوع منها .
﴿ تفسير الطبري ﴾
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن ومؤمل، قالا ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم (الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ ) قال: المكتوبة.حدثني زريق بن السخب، قال: ثنا معاوية بن عمرو، قال: ثنا زائدة، عن منصور، عن إبراهيم (الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ ) قال: الصلوات الخمس.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: (إِنَّ الإنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ... ) إلى قوله: (دَائِمُونَ ) ذكر لنا أن دانيال نعت أمة محمد صلى الله عليه وسلم قال: يصلون صلاة لو صلاها قوم نوح ما غرقوا، أو عاد ما أُرسلت عليهم الريح العقيم، أو ثمود ما أخذتهم الصيحة، فعليكم بالصلاة فإنها خُلُقٌ للمؤمنين حسن.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم (عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ ) قال: الصلاة المكتوبة.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله: (الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ ) قال: هؤلاء المؤمنون الذين مع النبيّ صلى الله عليه وسلم على صلاتهم دائمون.قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنا حَيْوة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير أنه سأل عقبة بن عامر الجُهَنّي، عن: (الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ ) قال: هم الذين إذا صلوا لم يلتفتوا خَلْفَهم، ولا عن أيمانهم، ولا عن شمائلهم.حدثني العباس بن الوليد، قال: أخبرنا أبي، قال: ثنا الأوزاعي، قال: ثني يحيى بن أبي كثير، قال: ثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، قال: حدثتني عائشة -زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " خُذُوا مِنَ العَمَلِ ما تُطِيقُونَ، فإنَّ الله لا يَمَلُّ حَتى تَمَلُّوا " قالت: وكان أحب الأعمال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دُووم عليه. قال: يقول أبو سلمة: إن الله يقول: (الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ ).