قال تعالى مخاطبًا آدم وحواء لإبليس: اهبطوا من السماء إلى الأرض، وسيكون بعضكم لبعض عدوًا، ولكم في الأرض مكان تستقرون فيه، وتتمتعون إلى انقضاء آجالكم.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«قال اهبطوا» أي آدم وحواء بما اشتملتما عليه من ذريتكما «بعضكم» بعض الذرية «لبعض عدوٌ» من ظلم بعضهم بعضا «ولكم في الأرض» مستقر» أي مكان استقرار «ومتاع» تمتع «إلى حين» تنقضي فيه آجالكم.
﴿ تفسير السعدي ﴾
﴿ تفسير البغوي ﴾
" قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين ".
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقد حكى القرآن ما رد به الله على آدم وحواء وإبليس، فقال: قالَ اهْبِطُوا أى من الجنة إلى ما عداها. وقيل الخطاب لآدم وحواء وذريتهما. وقيل الخطاب لهما فقط لقوله- سبحانه- في آية أخرى: قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً والقصة واحدة، وضمير الجمع لكونهما أصل البشر.وجملة بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ في موضع الحال من فاعل اهبطوا، والمعنى اهبطوا إلى الأرض حالة كون العداوة لا تنفك بين آدم وذريته، وبين إبليس وشيعته وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ أى موضع استقرار وَمَتاعٌ أى: تمتع ومعيشة إِلى حِينٍ أى: إلى حين انقضاء آجالكم.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
قيل : المراد بالخطاب في ) اهبطوا ) آدم ، وحواء ، وإبليس ، والحية . ومنهم من لم يذكر الحية ، والله أعلم .والعمدة في العداوة آدم وإبليس; ولهذا قال تعالى في سورة " طه " قال : ( اهبطا منها جميعا ) [ الآية : 123 ] وحواء تبع لآدم . والحية - إن كان ذكرها صحيحا - فهي تبع لإبليس .وقد ذكر المفسرون الأماكن التي هبط فيها كل منهم ، ويرجع حاصل تلك الأخبار إلى الإسرائيليات ، والله أعلم بصحتها . ولو كان في تعيين تلك البقاع فائدة تعود على المكلفين في أمر دينهم ، أو دنياهم ، لذكرها الله تعالى في كتابه أو رسوله صلى الله عليه وسلم .وقوله : ( ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين ) أي : قرار وأعمار مضروبة إلى آجال معلومة ، قد جرى بها القلم ، وأحصاها القدر ، وسطرت في الكتاب الأول . وقال ابن عباس : ( مستقر ) القبور . وعنه : وجه الأرض وتحتها . رواهما ابن أبي حاتم .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
ومعنى قوله قال اهبطوا تقدم أيضا إلى آخر الآية
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله : قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24)قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن فعله بإبليس وذريته، وآدم وولده، والحية.يقول تعالى ذكره لآدم وحواء وإبليس والحية: اهبطوا من السماء إلى الأرض، بعضكم لبعض عدوّ، كما:-14413- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن طلحة, عن أسباط, عن السدي: (اهبطوا بعضكم لبعض عدو)، قال: فلعنَ الحية, وقطع قوائمها, وتركها تمشي على بطنها, وجعل رزقها من التراب, وأهبطوا إلى الأرض: آدم، وحواء، وإبليس، والحية. (5)14414- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة, عن أبي عوانة, عن إسماعيل بن سالم, عن أبي صالح: (اهبطوا بعضكم لبعض عدو)، قال: آدم، وحواء، والحية. (6)* * *وقوله: (ولكم في الأرض مستقر)، (7) يقول: ولكم، يا آدم وحواء، وإبليس والحية = في الأرض قرارٌ تستقرونه، وفراش تمتهدونه، (8) كما:-14415- حدثني المثنى قال، حدثنا آدم العسقلاني قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية في قوله: (ولكم في الأرض مستقر)، قال: هو قوله: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا ، [سورة البقرة: 22]. (9)* * *وروي عن ابن عباس في ذلك، ما:-14416- حدثت عن عبيد الله, عن إسرائيل, عن السدي, عمن حدثه, عن ابن عباس قوله: (ولكم في الأرض مستقر)، قال: القبور. (10)* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبرَ آدم وحواءَ وإبليس والحية، إذ أهبطوا إلى الأرض: أنهم عدوٌّ بعضهم لبعض, وأن لهم فيها مستقرًّا يستقرون فيه, ولم يخصصها بأن لهم فيها مستقرًّا في حال حياتهم دون حال موتهم, بل عمَّ الخبرَ عنها بأن لهم فيها مستقرًّا, فذلك على عمومه، كما عمّ خبرُ الله, ولهم فيها مستقر في حياتهم على ظهرها، وبعد وفاتهم في بطنها, كما قال جل ثناؤه: أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا ، [سورة المرسلات: 25-26].* * *وأما قوله: (ومتاع إلى حين)، فإنه يقول جل ثناؤه: " ولكم فيها متاع "، تستمتعون به إلى انقطاع الدنيا, (11) وذلك هو الحين الذي ذكره، كما:-14417- حدثت عن عبيد الله بن موسى قال، أخبرنا إسرائيل, عن السدي, عمن حدثه, عن ابن عباس: (ومتاع إلى حين)، قال: إلى يوم القيامة وإلى انقطاع الدنيا.* * *و " الحين " نفسه: الوقت, غير أنه مجهول القدر (12) ، يدل على ذلك قول الشاعر: (13)وَمَا مِرَاحُكَ بَعْدَ الْحِلْمِ وَالدِّينِوَقَدْ عَلاكَ مَشِيبٌ حِينَ لا حِينِ (14)أي وقت لا وقت.-------------------الهوامش :(5) الأثر : 14413 - (( عمرو بن طلحة )) ، هو (( عمرو بن حماد بن طلحة القناد )) ، منسوبًا إلى جده . وقد مضى مئات من المرات في هذا الإسناد وغيره ، (( عمرو بن حماد ، عن أسباط )) . وقد سلف برقم : 755 .(6) الأثر : 14414 - مضى برقم : 754 .(7) انظر تفسير نظيرة هذه الآية فيما سلف 1 : 535 - 541 .(8) انظر تفسير (( مستقر )) فيما سلف 1 : 539 /11 : 434 ، 562 - 572 .(9) الأثر : 14415 - مضى برقم : 765 . وكان في المطبوعة والمخطوطة هنا : (( هو الذي جعل ... )) ، بزيادة (( هو )) ، وهو سبق قلم من الناسخ .(10) الأثر : 14416 - انظر ما سلف رقم : 767 ، بغير هذا الإسناد .(11) انظر تفسير (( المتاع )) فيما سلف 1 : 539 - 541 /11 : 71 ، تعليق : 2 . والمراجع هناك .(12) انظر تفسير (( الحين )) فيما سلف 1 : 540 ، ولم يذكر هذا هناك في تفسير نظيرة هذه الآية .(13) هو جرير .(14) ديوانه : 586 ، وسيبويه 1 : 358 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 212 ، والخزانة 2 : 94 ، وغيرها . مطلع قصيدة في هجاء الفرزدق ، ورواية الديوان ، وسيبويه :* ما بالُ جَهْلِكَ بَعْدَ الْحِلْمِ والدِّينِ *وبعده :لِلْغَانِيَاتِ وِصَالٌ لَسْتُ قَاطِعَهُعَلَى مَوَعدِهَ مِنْ خُلْفٍ وَتَلْوِينِإِنَّي لأَرْهَبُ تَصْدِيقَ الْوُشَاةِ بِنَاأَوْ أَنْ يَقُولَ غَوِىٌّ للنَّوَى : بِينِيو (( المراح )) ( بكسر الميم ) : المرح والاختيال والتبختر ، وذلك من جنون الشاباب واعتداده بنفسه . وكأن رواية الديوان هي الجودي .وأنشده سيبويه شاهدًا على إلغاء (( لا )) وإضافة (( حين )) الأولى إلى (( حين )) الثانية ، قال : فإنما هو حين حين ، و (( لا )) بمنزلة (( ما )) إذا ألغيت .وهذا الذي ذكر أبو جعفر هو أبي عبيدة في مجاز القرآن 1 : 212 ، وجاء بالبيت كما رواه هنا ، وان كان في مطبوعة مجاز القرآن : (( وما مزاحك )) بالزاي ، وهو خطأ مطبعي فيما أظن .
﴿ قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين ﴾