وقال المشركون: اتخذ الرحمن ولدًا بزعمهم أن الملائكة بنات الله. تنزَّه الله عن ذلك؛ فالملائكة عباد الله مقربون مخصصون بالفضائل، وهم في حسن طاعتهم لا يتكلمون إلا بما يأمرهم به ربهم، ولا يعملون عملا حتى يأذن لهم.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«وقالوا اتخذ الرحمن ولداً» من الملائكة «سبحانه بل» هم «عباد مكرمون» عنده والعبودية تنافي الولادة.
﴿ تفسير السعدي ﴾
يخبر تعالى عن سفاهة المشركين المكذبين للرسول، وأنهم زعموا - قبحهم الله - أن الله اتخذ ولدا فقالوا: الملائكة بنات الله، تعالى الله عن قولهم، وأخبر عن وصف الملائكة، بأنهم عبيد مربوبون مدبرون، ليس لهم من الأمر شيء، وإنما هم مكرمون عند الله، قد أكرمهم الله، وصيرهم من عبيد كرامته ورحمته، وذلك لما خصهم به من الفضائل والتطهير عن الرذائل، وأنهم في غاية الأدب مع الله، والامتثال لأوامره.
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله عز وجل : ( وقالوا اتخذ الرحمن ولدا ) نزلت في خزاعة حيث قالوا : الملائكة بنات الله ، ( سبحانه ) نزه نفسه عما قالوا ، ( بل عباد ) أي : هم عباد ، يعني الملائكة ، ( مكرمون )
﴿ تفسير الوسيط ﴾
قال الآلوسى ما ملخصه: «قوله- تعالى-: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً، حكاية لجناية فريق من المشركين لإظهار بطلانها، وبيان تنزهه- سبحانه- عن ذلك، إثر بيان تنزهه- جل وعلا- عن الشركاء على الإطلاق، وهم حي من خزاعة قالوا: الملائكة بنات الله، ونقل الواحدي أن قريشا وبعض العرب قالوا ذلك.والآية مشنعة على كل من نسب إلى الله- تعالى- ذلك كاليهود والنصارى..» .أى: وقال المشركون الذين انطمست بصائرهم عن معرفة الحق «اتخذ الرحمن ولدا سبحانه» .أى: تنزه وتقدس الله- تعالى- عن ذلك جل وعلا عما يقولونه علوا كبيرا.وقوله: بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ إضراب عما قالوه، وإبطال له، وثناء على ملائكته الذين زعم فريق من المشركين أنهم بنات الله.وعباد: جمع عبد. والعبودية لله- تعالى- معناها: إظهار التذلل له- سبحانه-، والخضوع لذاته.ومكرم: اسم مفعول من أكرم، وإكرام الله- تعالى- لعبده معناه: إحسانه إليه وإنعامه عليه.أى: لقد كذب هؤلاء المشركون في زعمهم أن الملائكة بنات الله، والحق أن الملائكة هم عباد مخلوقون له- تعالى- ومقربون إليه ومكرمون عنده.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
يقول تعالى ردا على من زعم أن له - تعالى وتقدس - ولدا من الملائكة ، كمن قال ذلك من العرب : إن الملائكة بنات الله ، فقال : ( سبحانه بل عباد مكرمون ) أي : الملائكة عباد الله مكرمون عنده ، في منازل عالية ومقامات سامية ، وهم له في غاية الطاعة قولا وفعلا .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه نزلت في خزاعة حيث قالوا : الملائكة بنات الله ، وكانوا يعبدونهم طمعا في شفاعتهم لهم . وروى معمر عن قتادة قال : قالت اليهود - قال معمر في روايته - أو طوائف من الناس : خاتن إلى الجن والملائكة من الجن ، فقال الله - عز وجل - : سبحانه تنزيها له . بل عباد أي بل هم عباد مكرمون أي ليس كما زعم هؤلاء الكفار . ويجوز النصب عند الزجاج على معنى بل اتخذ عبادا مكرمين . وأجازه الفراء على أن يرده على ولد ، أي بل لم نتخذهم ولدا ، بل اتخذناهم عبادا مكرمين . والولد هاهنا للجمع ، وقد يكون الواحد والجمع ولدا . ويجوز أن يكون لفظ الولد للجنس ، كما يقال لفلان مال .
﴿ تفسير الطبري ﴾
يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء الكافرون بربهم: اتخذ الرحمن ولدا من ملائكته، فقال جلّ ثناؤه استعظاما مما قالوا، وتبريًّا مما وصفوه به سبحانه، يقول تنزيها له عن ذلك، ما ذلك من صفته ( بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ) يقول: ما الملائكة كما وصفهم به هؤلاء الكافرون من بني آدم، ولكنهم عباد مكرمون، يقول: أكرمهم الله.كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ) قال: قالت اليهود: إن الله تبارك وتعالى صاهر الجنّ، فكانت منهم الملائكة، قال الله تبارك وتعالى تكذيبا لهم وردّا عليهم، ( بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ) وإن الملائكة ليس كما قالوا، إنما هم عباد أكرمهم الله بعبادته.حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، وحدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة ( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ) قالت اليهود وطوائف من الناس: إن الله تبارك وتعالى خاتن إلى الجنّ والملائكة من الجنّ، قال الله تبارك وتعالى ( سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ).