القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 3 سورة يوسف - نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا

سورة يوسف الآية رقم 3 : سبع تفاسير معتمدة

سورة نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا - عدد الآيات 111 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 3 من سورة يوسف عدة تفاسير - سورة يوسف : عدد الآيات 111 - - الصفحة 235 - الجزء 12.

سورة يوسف الآية رقم 3


﴿ نَحۡنُ نَقُصُّ عَلَيۡكَ أَحۡسَنَ ٱلۡقَصَصِ بِمَآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ وَإِن كُنتَ مِن قَبۡلِهِۦ لَمِنَ ٱلۡغَٰفِلِينَ ﴾
[ يوسف: 3]

﴿ التفسير الميسر ﴾

نحن نقصُّ عليك -أيها الرسول- أحسن القصص بوحينا إليك هذا القرآن، وإن كنت قبل إنزاله عليك لمن الغافلين عن هذه الأخبار، لا تدري عنها شيئًا.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا» بإيحائنا «إليك هذا القرآن وإن» مخففة أي وإنه «كنت من قبله لمن الغافلين».

﴿ تفسير السعدي ﴾

نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ْ وذلك لصدقها وسلاسة عبارتها ورونق معانيها، بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ ْ أي: بما اشتمل عليه هذا القرآن الذي أوحيناه إليك، وفضلناك به على سائر الأنبياء، وذاك محض منَّة من الله وإحسان.
وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ْ أي: ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان قبل أن يوحي الله إليك، ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا.
ولما مدح ما اشتمل عليه هذا القرآن من القصص، وأنها أحسن القصص على الإطلاق، فلا يوجد من القصص في شيء من الكتب مثل هذا القرآن، ذكر قصه يوسف، وأبيه وإخوته، القصة العجيبة الحسنة

﴿ تفسير البغوي ﴾

( نحن نقص عليك ) أي : نقرأ عليك ( أحسن القصص ) والقاص هو الذي يتبع الآثار ويأتي بالخبر على وجهه .
معناه : نبين لك أخبار الأمم السالفة والقرون الماضية أحسن البيان .
وقيل : المراد منه : قصة يوسف عليه السلام خاصة ، سماها أحسن القصص لما فيها من العبر ، والحكم ، والنكت ، والفوائد التي تصلح للدين والدنيا ، من سير الملوك والمماليك ، والعلماء ، ومكر النساء ، والصبر على أذى الأعداء ، وحسن التجاوز عنهم بعد الالتقاء ، وغير ذلك من الفوائد .
قال خالد بن معدان : سورة يوسف وسورة مريم يتفكه بهما أهل الجنة في الجنة .
وقال ابن عطاء : لا يسمع سورة يوسف محزون إلا استراح إليها .
قوله عز وجل : ( بما أوحينا إليك ) " ما " المصدر ، أي : بإيحائنا إليك ( هذا القرآن وإن كنت ) وقد كنت ( من قبله ) أي : [ قبل وحينا ] ( لمن الغافلين ) لمن الساهين عن هذه القصة لا تعلمها .
قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : أنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاه عليهم زمانا فقالوا : يا رسول الله ، لو حدثتنا ، فأنزل الله عز وجل : ( الله نزل أحسن الحديث ) ( الزمر - 23 ) فقالوا : يا رسول الله ، لو قصصت علينا ، فأنزل الله عز وجل : ( نحن نقص عليك أحسن القصص ) فقالوا : يا رسول الله ، لو ذكرتنا ، فأنزل الله عز وجل ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ) ( الحديد - 16 ) .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم بين- سبحانه- أن هذا القرآن مشتمل على أحسن القصص وأحكمها وأصدقها فقال- تعالى-: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ، بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ، وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ.
قال الفخر الرازي ما ملخصه: «القصص: اتباع الخبر بعضه بعضا، وأصله في اللغة المتابعة قال- تعالى- وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ.
.
أى اتبعى أثره.
وقال- تعالى-:فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً أى: اتباعا.
وإنما سميت الحكاية قصصا، لأن الذي يقص الحديث يذكر تلك القصة شيئا فشيئا، كما يقال: «تلا فلان القرآن، أى قرأه آية فآية» .
والمعنى: نحن نقص عليك- أيها الرسول الكريم «أحسن القصص» أى: أحسن أنواع البيان، وأوفاه بالغرض الذي سيق من أجله.
وإنما كان قصص القرآن أحسن القصص، لاشتماله على أصدق الأخبار، وأبلغ الأساليب، وأجمعها للحكم والعبر والعظات.
والباء في قوله بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ للسببية متعلقة بنقص، وما مصدرية.
أى: نقص عليك أحسن القصص، بسبب إيحائنا إليك هذا القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والذي هو في الذروة العليا في بلاغته وتأثيره في النفوس.
وجملة وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ في موضع الحال من كاف الخطاب في إِلَيْكَ و «وإن» مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف.
والضمير في قوله مِنْ قَبْلِهِ يعود إلى الإيحاء المفهوم من قوله أَوْحَيْنا.
والمعنى: نحن نقص عليك أحسن القصص بسبب ما أوحيناه إليك من هذا القرآن.
والحال أنك كنت قبل إيحائنا إليك بهذا القرآن، من الغافلين عن تفاصيل هذا القصص، وعن دقائق أخباره وأحداثه، شأنك في ذلك شأن قومك الأميين.
قال تعالى: تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ.

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

ولهذا قال تعالى : ( نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن ) بسبب إيحائنا إليك هذا القرآن .وقد ورد في سبب نزول هذه الآيات ما رواه ابن جرير :حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي . حدثنا حكام الرازي ، عن أيوب ، عن عمرو ، هو ابن قيس الملائي ، عن ابن عباس قال : قالوا : يا رسول الله ، لو قصصت علينا ؟ فنزلت : ( نحن نقص عليك أحسن القصص ) .ورواه من وجه آخر ، عن عمرو بن قيس مرسلا .وقال أيضا : حدثنا محمد بن سعيد العطار ، حدثنا عمرو بن محمد ، أنبأنا خلاد الصفار ، عن عمرو بن قيس ، عن عمرو بن مرة ، عن مصعب بن سعد عن سعد قال : أنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن ، قال : فتلا عليهم زمانا ، فقالوا : يا رسول الله ، لو قصصت علينا . فأنزل الله عز وجل : ( الر تلك آيات الكتاب المبين ) إلى قوله : ( لعلكم تعقلون ) . ثم تلا عليهم زمانا ، فقالوا : يا رسول الله ، لو حدثتنا . فأنزل الله عز وجل : ( الله نزل أحسن الحديث ) الآية [ الزمر : 23 ] ، وذكر الحديث .ورواه الحاكم من حديث إسحاق بن راهويه ، عن عمرو بن محمد القرشي العنقزي ، به .وروى ابن جرير بسنده ، عن المسعودي ، عن عون بن عبد الله قال : مل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ملة ، فقالوا : يا رسول الله ، حدثنا . [ فأنزل الله : ( الله نزل أحسن الحديث ) ثم ملوا ملة أخرى فقالوا : يا رسول الله ، حدثنا ] فوق الحديث ودون القرآن - يعنون القصص - فأنزل الله : ( الر تلك آيات الكتاب المبين إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين ) فأرادوا الحديث ، فدلهم على أحسن الحديث ، وأرادوا القصص فدلهم على أحسن القصص .ومما يناسب ذكره عند هذه الآية الكريمة ، المشتملة على مدح القرآن ، وأنه كاف عن كل ما سواه من الكتب ما قال الإمام أحمد :حدثنا سريج بن النعمان ، أخبرنا هشيم ، أنبأنا مجالد ، عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله; أن عمر بن الخطاب أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب ، فقرأه على النبي - صلى الله عليه وسلم - فغضب وقال : " أمتهوكون فيها يابن الخطاب ؟ والذي نفسي بيده ، لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبونه ، أو بباطل فتصدقونه ، والذي نفسي بيده ، لو أن موسى كان حيا ، لما وسعه إلا أن يتبعني "وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا سفيان ، عن جابر ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن ثابت قال : جاء عمر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، إني مررت بأخ لي من قريظة ، فكتب لي جوامع من التوراة ، ألا أعرضها عليك ؟ قال : فتغير وجه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . قال عبد الله بن ثابت : فقلت له : ألا ترى ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال عمر : رضينا بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد رسولا . قال : فسري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال : " والذي نفس محمد بيده ، لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم ، إنكم حظي من الأمم ، وأنا حظكم من النبيين " .وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا عبد الغفار بن عبد الله بن الزبير ، حدثنا علي بن مسهر ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن خليفة بن قيس ، عن خالد بن عرفطة قال : كنت جالسا عند عمر ، إذ أتي برجل من عبد القيس مسكنه بالسوس ، فقال له عمر : أنت فلان بن فلان العبدي ؟ قال : نعم . قال : وأنت النازل بالسوس ، قال : نعم . فضربه بقناة معه ، قال : فقال الرجل : ما لي يا أمير المؤمنين ؟ فقال له عمر : اجلس . فجلس ، فقرأ عليه : ( بسم الله الرحمن الرحيم الر تلك آيات الكتاب المبين إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون نحن نقص عليك [ أحسن القصص ] ) إلى قوله : ( لمن الغافلين ) فقرأها ثلاثا ، وضربه ثلاثا ، فقال له الرجل : ما لي يا أمير المؤمنين ؟ فقال : أنت الذي نسخت كتاب دانيال! قال : مرني بأمرك أتبعه . قال : انطلق فامحه بالحميم والصوف الأبيض ، ثم لا تقرأه ولا تقرئه أحدا من الناس ، فلئن بلغني عنك أنك قرأته أو أقرأته أحدا من الناس لأنهكنك عقوبة ، ثم قال له : اجلس ، فجلس بين يديه ، فقال : انطلقت أنا فانتسخت كتابا من أهل الكتاب ، ثم جئت به في أديم ، فقال لي رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " ما هذا في يدك يا عمر ؟ " . قال : قلت : يا رسول الله ، كتاب نسخته لنزداد به علما إلى علمنا . فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى احمرت وجنتاه ، ثم نودي بالصلاة جامعة ، فقالت الأنصار : أغضب نبيكم صلى الله عليه وسلم ؟ السلاح السلاح . فجاءوا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فقال : " يا أيها الناس ، إني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه ، واختصر لي اختصارا ، ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية فلا تتهوكوا ، ولا يغرنكم المتهوكون " . قال عمر : فقمت فقلت : رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا ، وبك رسولا . ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم .وقد رواه ابن أبي حاتم في تفسيره مختصرا ، من حديث عبد الرحمن بن إسحاق ، به . وهذا حديث غريب من هذا الوجه . وعبد الرحمن بن إسحاق هو أبو شيبة الواسطي ، وقد ضعفوه وشيخه . قال البخاري : لا يصح حديثه .قلت : وقد روي له شاهد من وجه آخر ، فقال الحافظ أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي : أخبرني الحسن بن سفيان ، حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي ، حدثني عمرو بن الحارث ، حدثنا عبد الله بن سالم الأشعري ، عن الزبيدي ، حدثنا سليم بن عامر : أن جبير بن نفير حدثهم : أن رجلين كانا بحمص في خلافة عمر ، رضي الله عنه ، فأرسل إليهما فيمن أرسل من أهل حمص ، وكانا قد اكتتبا من اليهود صلاصفة فأخذاها معهما يستفتيان فيها أمير المؤمنين ويقولون : إن رضيها لنا أمير المؤمنين ازددنا فيها رغبة . وإن نهانا عنها رفضناها ، فلما قدما عليه قالا إنا بأرض أهل الكتابين ، وإنا نسمع منهم كلاما تقشعر منه جلودنا ، أفنأخذ منه أو نترك ؟ فقال : لعلكما كتبتما منه شيئا . قالا لا . قال : سأحدثكما ، انطلقت في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتيت خيبر ، فوجدت يهوديا يقول قولا أعجبني ، فقلت : هل أنت مكتبي ما تقول ؟ قال : نعم . فأتيت بأديم ، فأخذ يملي علي ، حتى كتبت في الأكرع . فلما رجعت قلت : يا نبي الله ، وأخبرته ، قال : " ائتني به " . فانطلقت أرغب عن المشي رجاء أن أكون أتيت رسول الله ببعض ما يحب ، فلما أتيت به قال : " اجلس اقرأ علي " . فقرأت ساعة ، ثم نظرت إلى وجهه فإذا هو يتلون ، فتحيرت من الفرق ، فما استطعت أجيز منه حرفا ، فلما رأى الذي بي دفعه ثم جعل يتبعه رسما رسما فيمحوه بريقه ، وهو يقول : " لا تتبعوا هؤلاء ، فإنهم قد هوكوا وتهوكوا " ، حتى محا آخره حرفا حرفا . قال عمر ، رضي الله عنه : فلو علمت أنكما كتبتما منه شيئا جعلتكما نكالا لهذه الأمة! قالا والله ما نكتب منه شيئا أبدا . فخرجا بصلاصفتهما فحفرا لها فلم يألوا أن يعمقا ، ودفناها فكان آخر العهد منها .وكذا روى الثوري ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن ثابت الأنصاري ، عن عمر بن الخطاب ، بنحوه وروى أبو داود في المراسيل ، من حديث أبي قلابة ، عن عمر نحوه . والله أعلم .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى : نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلينقوله تعالى : نحن نقص عليك ابتداء وخبره .
أحسن القصص بمعنى المصدر ، والتقدير : قصصنا أحسن القصص .
وأصل القصص تتبع الشيء ، ومنه قوله تعالى : وقالت لأخته قصيه أي تتبعي أثره ; فالقاص ، يتبع الآثار فيخبر بها .
والحسن يعود إلى القصص لا إلى القصة .
يقال : فلان حسن الاقتصاص للحديث أي جيد السياقة له .
وقيل : القصص ليس مصدرا ، بل هو في معنى الاسم ، كما يقال : الله رجاؤنا ، أي مرجونا فالمعنى على هذا : نحن نخبرك بأحسن الأخبار .
بما أوحينا إليك أي بوحينا ف " ما " مع الفعل بمنزلة المصدر .
هذا القرآن نصب القرآن على أنه نعت لهذا ، أو بدل منه ، أو عطف بيان .
وأجاز الفراء الخفض ; قال : على التكرير ; وهو عند البصريين على البدل من " ما " .
وأجاز أبو إسحاق الرفع على إضمار مبتدأ ، كأن سائلا سأله عن الوحي فقيل له : هو هذا القرآن .
وإن كنت من قبله لمن الغافلين أي من الغافلين عما عرفناكه .
مسألة : واختلف العلماء لم سميت هذه السورة أحسن القصص من بين سائر الأقاصيص ؟ فقيل : لأنه ليست قصة في القرآن تتضمن من العبر والحكم ما تتضمن هذه القصة ; وبيانه قوله في آخرها : لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب .
وقيل : سماها أحسن القصص لحسن مجاوزة يوسف عن إخوته ، وصبره على أذاهم ، وعفوه عنهم - بعد الالتقاء بهم - عن ذكر ما تعاطوه ، وكرمه في العفو عنهم ، حتى قال : لا تثريب عليكم اليوم .
وقيل : لأن فيها ذكر الأنبياء والصالحين والملائكة والشياطين ، والجن والإنس والأنعام والطير ، وسير الملوك والممالك ، والتجار والعلماء والجهال ، والرجال والنساء وحيلهن ومكرهن ، وفيها ذكر التوحيد والفقه والسير وتعبير الرؤيا ، والسياسة والمعاشرة وتدبير المعاش ، وجمل الفوائد التي تصلح للدين والدنيا .
وقيل لأن فيها ذكر الحبيب والمحبوب وسيرهما .
وقيل : " أحسن " هنا بمعنى أعجب .
وقال بعض أهل المعاني : إنما كانت أحسن القصص لأن كل من ذكر فيها كان مآله السعادة ; انظر إلى يوسف وأبيه وإخوته ، وامرأة العزيز ; قيل : والملك أيضا أسلم بيوسف وحسن إسلامه ، ومستعبر الرؤيا الساقي ، والشاهد فيما يقال : فما كان أمر الجميع إلا إلى خير .

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله تعالى : نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3)قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: " نحن نقص عليك " يا محمد،" أحسن القصص " بوحينا إليك هذا القرآن ، فنخبرك فيه عن الأخبار الماضية، وأنباء الأمم السالفة والكتب التي أنزلناها في العصور الخالية (20) ، ( وإن كنت من قبله لمن الغافلين) ، يقول تعالى ذكره: وإن كنت يا محمد من قبل أن نوحيه إليك لمن الغافلين عن ذلك ، لا تعلمه ولا شيئا منه، (21) كما:18772 حدثنا بشر ، قال: حدثنا يزيد ، قال: حدثنا سعيد ، عن قتادة: (نحن نقص عليك أحسن القصص) من الكتب الماضية وأمور الله السالفة في الأمم ، (وإن كنت من قبله لمن الغافلين).
* * *وذكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم لمسألة أصحابه إياه أن يقصَّ عليهم .
*ذكر الرواية بذلك:18773 حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي ، قال: حدثنا حكام الرازي ، عن أيوب ، عن عمرو الملائي ، عن ابن عباس ، قال: قالوا: يا رسول الله ، لو قصصت علينا؟ قال: فنزلت: (نحن نقص عليك أحسن القصص) .
(22)18774 حدثنا ابن حميد ، قال: حدثنا حكام ، عن أيوب بن سيار أبي عبد الرحمن ، عن عمرو بن قيس ، قال: قالوا: يا نبي الله ، فذكر مثله .
18775 حدثنا ابن وكيع ، قال: حدثنا أبي ، عن المسعودي ، عن عون بن عبد الله ، قال: ملَّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ملّةً ، فقالوا: يا رسول الله حدثنا ! فأنزل الله عز وجل: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ [سورة الزمر:23] .
ثم ملوا ملَّةً أخرى فقالوا: يا رسول الله حدثنا فوق الحديث ودون القرآن ! يعنون القصَص، فأنزل الله: الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ، فأرادوا الحديث فدَّلهم على أحسن الحديث ، وأرادوا القصصَ فدلهم على أحسن القصص .
(23)18776 حدثنا محمد بن سعيد العطار ، قال: حدثنا عمرو بن محمد ، قال: أخبرنا خلاد الصفار ، عن عمرو بن قيس ، [عن عمرو بن مرة] ، عن مصعب بن سعد ، عن سعد ، قال: أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن ، قال: فتلاه عليهم زمانًا ، فقالوا: يا رسول الله ، لو قصصت علينا ! فأنزل الله: الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ، إلى قوله: لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ، الآية .
قال: ثم تلاه عليهم زمانًا ، فقالوا: يا رسول الله لو حدثتنا ! فأنزل الله تعالى اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا [سورة الزمر:23] ، قال خلاد: وزاد فيه رجل آخر ، قالوا: يا رسول الله ، أو قال أبو يحيى: ذهبت من كتابي كلمة ، فأنزل الله: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ [سورة الحديد:16].
(24)* * *----------------------الهوامش:(20) انظر تفسير" القصص" فيما سلف ص : 539 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
(21) انظر تفسير" الغفلة" فيما سلف ص : 545 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
(22) الأثران : 18773 ، 18774 -" أيوب بن سيار ، أبو عبد الرحمن" ، لم أجده بهذه الكنية وإنما ذكروا" أيوب بن سيار الزهري المدني"وكناه البخاري" أبا سيار" ، قال البخاري :" منكر الحديث" ، وقال ابن حبان :" كان يقلب الأسانيد ، ويرفع المراسيل" .
مترجم في الكبير 1 / 1 / 417 ، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 248 ، وميزان الاعتدال 1 : 134 ، ولسان الميزان 1 : 482 ، وكأنه هو .
هو نفسه :" أبو عبد الرحمن" ، و" أبو سيار" ، له كنيتان .
وقد روى الأول مرفوعًا إلى ابن عباس ، والآخر موقوفًا .
ثم انظر حديث عمرو بن قيس الملائي ، مرفوعًا إلى سعد بن أبي وقاص ، برقم : 18776 .
فلعل هذا مما قلبه أيوب بن سيار .
(23) الأثر : 18775 -" عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود" ، روى عن أبيه وعمه مرسلا .
وهذا الخبر ، خرجه السيوطي في الدر المنثور 4 : 3 من طريق عون بن عبد الله ، عن ابن مسعود ، فهو مرسل .
وذكره الواحدي في أسباب النزول : 203 .
(24) الأثر : 18776 -" محمد بن سعيد بن غالب البغدادي ، العطار ، الضرير" ،" أبو يحيى" ، شيخ الطبري .
روى عن ابن علية ، وعبد الله بن نمير ، والشافعي ، ووهب بن جرير ، وغيرهم .
ثقة ، مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 266 ، وتاريخ بغداد 5 : 306 .
" وعمرو بن محمد القرشي العنقزي" ، ثقة ، جائز الحديث ، مضى برقم : 6139 ، 12369 ، 13258 .
" وخلاد الصفار" ، هو :" خلاد بن عيسى العبدي" ، ويقال :" خلاد بن مسلم" ، وكنيته" أبو مسلم" .
ثقة ، مضى برقم : 3014 .
" وعمرو بن قيس الملائي" ، ثقة ، مضى مرارًا كثيرة .
" وعمرو بن مرة المرادي الجملي" ، ثقة ، روى له الجماعة ، وهو الذي يروي عن مصعب ابن سعد ، مضى مرارًا كثيرة .
وكان اسمه ساقطًا من الإسناد في المخطوطة والمطبوعة ، وزدته بين القوسين ، لأن ابن كثير نقل هذا الخبر في تفسيره 4 : 411 ، عن هذا الموضع من تفسير الطبري ، وجاء على الصواب كما أثبته ، كما رواه الحاكم وغيره ، كما سترى في التخريج .
و" مصعب بن سعد بن أبي وقاص" ، تابعي ثقة ، روى له الجماعة ، روى عن أبيه ، مضى برقم : 9841 ، 11450 ، 16633 .
وهذا الخبر رواه الحاكم في المستدرك 2 : 345 ، من هذه الطريق نفسها ، وقال :" هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي ، ولكن الحاكم قال :" حدثنا خلاد بن مسلم" ، فقال الذهبي :" صوابه : خلاد أبو مسلم الصفار ، وأبوه اسمه عيسى" ، وقد رأيت قبل ما ذكر من الاختلاف في اسم أبيه .
ونقله عن الحاكم ، الواحدي في أسباب النزول : 203 ، وليس فيهما هذه الزيادة عن خلاد في آخر الحديث .
وخرجه السيوطي في الدر المنثور 4 : 3 ، وزاد نسبته إلى إسحاق بن راهوية ، والبزار ، وأبي يعلى ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن حبان ، وأبي الشيخ ، وابن مردويه .

﴿ نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين ﴾

قراءة سورة يوسف

المصدر : تفسير : نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا