القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 35 سورة الرعد - مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من

سورة الرعد الآية رقم 35 : سبع تفاسير معتمدة

سورة مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من - عدد الآيات 43 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 35 من سورة الرعد عدة تفاسير - سورة الرعد : عدد الآيات 43 - - الصفحة 254 - الجزء 13.

سورة الرعد الآية رقم 35


﴿ ۞ مَّثَلُ ٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ أُكُلُهَا دَآئِمٞ وَظِلُّهَاۚ تِلۡكَ عُقۡبَى ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْۚ وَّعُقۡبَى ٱلۡكَٰفِرِينَ ٱلنَّارُ ﴾
[ الرعد: 35]

﴿ التفسير الميسر ﴾

صفة الجنة التي وعد الله بها الذين يخشونه أنها تجري من تحت أشجارها وقصورها الأنهار، ثمرها لا ينقطع، وظلها لا يزول ولا ينقص، تلك المثوبة بالجنة عاقبة الذين خافوا الله، فاجتنبوا معاصيه وأدَّوا فرائضه، وعاقبة الكافرين بالله النار.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«مثل» صفة «الجنة التي وعد المتقون» مبتدأ خبره محذوف، أي فيما نقص عليكم «تجري من تحتها الأنهار أُكُلُها» ما يؤكل فيها «دائم» لا يفنى «وظلها» دائم لا تنسخه شمس لعدمها فيها «تلك» أي الجنة «عقبى» عاقبة «الذين اتقوْا» الشرك «وعقبى الكافرين النارُ».

﴿ تفسير السعدي ﴾

يقول تعالى: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ الذين تركوا ما نهاهم الله عنه، ولم يقصروا فيما أمرهم به، أي: صفتها وحقيقتها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أنهار العسل، وأنهار الخمر، وأنهار اللبن، وأنهار الماء التي تجري في غير أخدود، فتسقى تلك البساتين والأشجار فتحمل من جميع أنواع الثمار.
أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا دائم أيضا، تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا أي: عاقبتهم ومآلهم التي إليها يصيرون، وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ فكم بين الفريقين من الفرق المبين؟"

﴿ تفسير البغوي ﴾

قوله عز وجل : ( مثل الجنة التي وعد المتقون ) أي : صفة الجنة ، كقوله تعالى : ( ولله المثل الأعلى ) ( النحل - 60 ) أي : الصفة العليا ( تجري من تحتها الأنهار ) أي : صفة الجنة التي وعد المتقون أن الأنهار تجري من تحتها .
وقيل : " مثل " صلة مجازها " الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار " .
( أكلها دائم ) أي : لا ينقطع ثمرها ونعيمها ( وظلها ) أي : ظلها ظليل ، لا يزول ، وهو رد على الجهمية حيث قالوا إن نعيم الجنة يفنى .
( تلك عقبى ) أي : عاقبة ( الذين اتقوا ) يعني : الجنة ( وعقبى الكافرين النار ) .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم أعقب ذلك ببيان حسن عاقبة المؤمنين فقال: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها.
.
.
.
.
والمراد بالمثل هنا: الصفة العجيبة.
أى: صفة الجنة التي وعد الله إياها من اتقاه وصان نفسه عن كل ما لا يرضيه، أنها تجرى من تحت أشجارها ومساكنها الأنهار، وأنها أكلها دائم، أى: ما يؤكل فيها لا انقطاع لأنواعه «وظلها» كذلك دائم.
قال بعضهم: وجملة تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خبر عن «مثل» باعتبار أنها من أحوال المضاف إليه، فهي من أحوال المضاف لشدة الملابسة بين المتضايفين، كما يقال: صفة زيد أسمر.
وجملة «أكلها دائم» خبر ثان .
واسم الإشارة في قوله: «تلك عقبى الذين اتقوا» يعود على الجنة التي أعدها الله- تعالى- للمتقين.
أى: تلك الجنة المنعوتة بما ذكر هي مآل المتقين الذين استقاموا على الطريق الحق، وهي منتهى أمرهم.
أما مآل الكافرين ومنتهى أمرهم فهي النار، وبئس القرار.
هذا، وقد ساق الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية، جملة من الأحاديث في صفة الجنة فقال: وفي الصحيحين من حديث ابن عباس في صلاة الكسوف، وفيه: قالوا يا رسول الله رأيناك تناولت شيئا في مقامك هذا، ثم رأيناك تكعكعت- أى توقفت وأحجمت؟ فقال:«إنى رأيت الجنة- أو أريت الجنة- فتناولت منها عنقودا، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا» .
وروى الطبراني عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل إذا نزع ثمرة من الجنة عادت مكانها أخرى» .
وبذلك ترى الآيات الكريمة قد ساقت من التوجيهات ما فيه التسلية للرسول صلى الله عليه وسلم عما أصابه من قومه، وما فيه أوضح الدلائل والبراهين وأبلغها عن وحدانية الله- تعالى- ووجوب إفراده بالعبادة، وما فيه البشارة للمؤمنين، والتهديد للكافرين.
ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة، ببيان موقف أهل الكتاب من القرآن الكريم، وبأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعلن منهجه بصراحة وثبات، دون التفات إلى أهواء معارضيه، وبالرد على الشبهات التي أثارها أعداؤه حوله وحول دعوته، وبتهديد هؤلاء الأعداء وبسوء العاقبة إذا ما استمروا في طغيانهم فقال- تعالى-:

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

ولهذا قرن هذا بهذا; فقال : ( مثل الجنة التي وعد المتقون ) أي : صفتها ونعتها ، ( تجري من تحتها الأنهار ) أي : سارحة في أرجائها وجوانبها ، وحيث شاء أهلها ، يفجرونها تفجيرا ، أي : يصرفونها كيف شاءوا وأين شاءوا ، كما قال تعالى : ( مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم ) [ محمد : 15 ] . وقوله : ( أكلها دائم وظلها ) أي : فيها المطاعم والفواكه والمشارب ، لا انقطاع [ لها ] ولا فناء .وفي الصحيحين ، من حديث ابن عباس في صلاة الكسوف ، وفيه قالوا : يا رسول الله ، رأيناك تناولت شيئا في مقامك هذا ، ثم رأيناك تكعكعت فقال : " إني رأيت الجنة - أو أريت الجنة - فتناولت منها عنقودا ، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا " .وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا عبيد الله ، حدثنا أبو عقيل ، عن جابر قال : بينما نحن في صلاة الظهر ، إذ تقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتقدمنا ، ثم تناول شيئا ليأخذه ثم تأخر . فلما قضى الصلاة قال له أبي بن كعب : يا رسول الله ، صنعت اليوم في الصلاة شيئا ما رأيناك كنت تصنعه . فقال : " إني عرضت علي الجنة وما فيها من الزهرة والنضرة ، فتناولت منها قطفا من عنب لآتيكم به ، فحيل بيني وبينه ، ولو أتيتكم به لأكل منه من بين السماء والأرض لا ينقصونه " .وروى مسلم من حديث أبي الزبير ، عن جابر ، شاهدا لبعضه .وعن عتبة بن عبد السلمي : أن أعرابيا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الجنة ، فقال : فيها عنب ؟ قال : " نعم " . قال : فما عظم العنقود ؟ قال : " مسيرة شهر للغراب الأبقع ولا يفتر " . رواه أحمد .وقال الطبراني : حدثنا معاذ بن المثنى ، حدثنا علي بن المديني ، حدثنا ريحان بن سعيد ، عن عبادة بن منصور ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء ، عن ثوبان قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " إن الرجل إذا نزع ثمرة من الجنة عادت مكانها أخرى " .وعن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " يأكل أهل الجنة ويشربون ، ولا يمتخطون ولا يتغوطون ولا يبولون ، طعامهم جشاء كريح المسك ، ويلهمون التسبيح والتقديس كما يلهمون النفس " . رواه مسلم .وروى الإمام أحمد والنسائي ، من حديث الأعمش ، عن ثمامة بن عقبة سمعت زيد بن أرقم قال : جاء رجل من أهل الكتاب فقال : يا أبا القاسم ، تزعم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون ؟ قال : نعم ، والذي نفس محمد بيده ، [ إن الرجل من أهل الجنة ] ليعطى قوة مائة رجل في الأكل والشرب والجماع والشهوة " . قال : فإن الذي يأكل ويشرب تكون له الحاجة ، وليس في الجنة أذى ؟ قال : " حاجة أحدهم رشح يفيض من جلودهم ، كريح المسك ، فيضمر بطنه " .وقال الحسن بن عرفة : حدثنا خلف بن خليفة ، عن حميد الأعرج ، عن عبد الله بن الحارث ، عن عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه ، قال : قال لي رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " إنك لتنظر إلى الطير في الجنة ، فيخر بين يديك مشويا .وجاء في بعض الأحاديث : أنه إذا فرغ منه عاد طائرا كما كان بإذن الله تعالى .وقد قال تعالى : ( وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة ) [ الواقعة : 32 ، 33 ] وقال ( ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا ) [ الإنسان : 14 ] .وكذلك ظلها لا يزول ولا يقلص ، كما قال تعالى : ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا ) [ النساء : 57 ] .وقد تقدم في الصحيحين من غير وجه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن في الجنة شجرة ، يسير الراكب المجد الجواد المضمر السريع في ظلها مائة عام لا يقطعها " ، ثم قرأ : ( وظل ممدود ) [ الواقعة : 30 ] .وكثيرا ما يقرن الله تعالى بين صفة الجنة وصفة النار ، ليرغب في الجنة ويحذر من النار; ولهذا لما ذكر صفة الجنة بما ذكر ، قال بعده : ( تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار ) كما قال تعالى : ( لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون ) [ الحشر : 20 ] .وقال بلال بن سعد خطيب دمشق في بعض خطبه : عباد الله هل جاءكم مخبر يخبركم أن شيئا من عبادتكم تقبلت منكم ، أو أن شيئا من خطاياكم غفرت لكم ؟ ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ) [ المؤمنون : 115 ] والله لو عجل لكم الثواب في الدنيا لاستقللتم كلكم ما افترض عليكم ، أو ترغبون في طاعة الله لتعجيل دنياكم ، ولا تنافسون في جنة ( أكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار ) رواه ابن أبي حاتم .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى : مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النارقوله تعالى : مثل الجنة التي وعد المتقون اختلف النحاة في رفع " مثل " فقال سيبويه : ارتفع بالابتداء والخبر محذوف ; والتقدير : وفيما يتلى عليكم مثل الجنة .
وقال الخليل : ارتفع بالابتداء وخبره تجري من تحتها الأنهار أي صفة الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار ; كقولك : قولي يقوم زيد ; فقولي مبتدأ ، ويقوم زيد خبره ; والمثل بمعنى الصفة موجود ; قال الله تعالى : ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل وقال : ولله المثل الأعلى أي الصفة العليا ; وأنكره أبو علي وقال : لم يسمع مثل بمعنى الصفة ; إنما معناه الشبه ; ألا تراه يجري مجراه في مواضعه ومتصرفاته ، كقولهم : مررت برجل مثلك ; كما تقول : مررت برجل شبهك ; قال : ويفسد أيضا من جهة المعنى ; لأن مثلا إذا كان معناه صفة كان تقدير الكلام : صفة الجنة التي فيها أنهار ، وذلك غير مستقيم ; لأن الأنهار في الجنة نفسها لا صفتها وقال الزجاج : مثل الله - عز وجل - لنا ما غاب عنا بما نراه ; والمعنى : مثل الجنة جنة تجري من تحتها الأنهار ; وأنكرهأبو علي فقال : لا يخلو المثل على قوله أن يكون الصفة أو الشبه ، وفي كلا الوجهين لا يصح ما قاله ; لأنه إذا كان بمعنى الصفة لم يصح ، لأنك إذا قلت : صفة الجنة جنة ، فجعلت الجنة خبرا لم يستقم ذلك ; لأن الجنة لا تكون الصفة ، وكذلك أيضا شبه الجنة جنة ; ألا ترى أن الشبه عبارة عن المماثلة التي بين المتماثلين ، وهو حدث ; والجنة غير حدث ; فلا يكون الأول الثاني .
وقال الفراء : المثل مقحم للتأكيد ; والمعنى : الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار ; والعرب تفعل ذلك كثيرا بالمثل ; كقوله : ليس كمثله شيء : أي ليس هو كشيء .
وقيل التقدير : صفة الجنة التي وعد المتقون صفة جنة تجري من تحتها الأنهار وقيل معناه : شبه الجنة التي وعد المتقون في الحسن والنعمة والخلود كشبه النار في العذاب والشدة والخلود ; قاله مقاتل .
أكلها دائم لا ينقطع ; وفي الخبر : إذا أخذت ثمرة عادت مكانها أخرى وقد بيناه في " التذكرة " .
وظلها أي وظلها كذلك ; فحذف ; أي ثمرها لا ينقطع ، وظلها لا يزول ; وهذا رد على الجهمية في زعمهم أن نعيم الجنة يزول ويفنى .
تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار أي عاقبة أمر المكذبين وآخرتهم النار يدخلونها .

﴿ تفسير الطبري ﴾

قال أبو جعفر: اختلف أهلُ العلم بكلام العرب في مُرَافع " المثل ", (1)فقال بعض نحويي الكوفيين: الرافع للمثل قوله: (تجري من تحتها الأنهار) ، في المعنى, وقال: هو كما تقول: " حِلْيَةُ فلان، أسمرُ كذا وكذا " فليس " الأسمر " بمرفوع بالحلية, إنما هو ابتداءٌ، أي هو أسمر هو كذا .
قال: ولو دخل " أنّ" في مثل هذا كان صوابًا .
قال: ومِثْلُه في الكلام: " مَثَلُك أنَّك كذا وأنك كذا "، وقوله: فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا [سورة عبس: 24 ، 25] مَنْ وجَّه، مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا ، ومن قال: أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ ، أظهر الاسم لأنه مردودٌ على " الطعام " بالخفض, ومستأنف, أي: طَعامُهُ أنَّا صببنا ثم فعلنا .
وقال: معنى قوله: (مثل الجنة) ، صفات الجنّة .
* * *وقال بعض نحويي البصريين: معنى ذلك: صفةُ الجنة قال: ومنه قول الله تعالى: وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى [سورة الروم:27]، معناه: ولله الصِفة العُليَا .
قال: فمعنى الكلام في قوله: (مثلُ الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتِها الأنهار) ، أو فيها أنهار, (2) كأنه قال: وَصْف الجنة صفة تجري من تحتها الأنهار, أو صفة فيها أنهار ، والله أعلم .
قال: ووجه آخر كأنه إذا قيل: (مَثَلُ الجنة), قيل: الجنَّة التي وُعِدَ المتقون .
قال .
وكذلك قوله: وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [سورة النمل:30]، كأنه قال: بالله الرحمن الرحيم, والله أعلم .
قال: وقوله: عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ [سورة الزمر:56] ، في ذات الله, كأنه عندَنا قيل: في الله .
قال: وكذلك قوله: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [سورة الشورى:11]، إنما المعنى: ليس كشيء, وليس مثله شيء, لأنه لا مثْلَ له .
قال: وليس هذا كقولك للرجل: " ليس كمثلك أحدٌ", لأنه يجوز أن يكون له مثلٌ, والله لا يجوز ذلك عليه .
قال: ومثلُه قول لَبيد:إِلَى الْحَوْلِ ثُمَّ اسْمُ السَّلامِ عَلَيْكُمَا (3)قال: وفُسِّر لنا أنه أراد: السلام عليكما:قال أوس بن حجر:وَقَتْلَى كِرَامٍ كَمِثْلِ الجُذُوعِتَغَشَّاهُمُ سَبَلُ مُنْهِمرْ (4)قال: والمعنى عندنا: كالجذوع, لأنه لم يرد أن يجعل للجذوع مَثَلا ثمّ يشبه القتلى به .
قال: ومثله قول أمية:زُحَلٌ وَثَوْرٌ تَحْتَ رِجْلِ يَمِينِهِوَالنَّسْرُ لِلأخْرَى وَلَيْثٌ مُرْصِدُ (5)قال فقال: " تحت رجل يمينه " كأنه قال: تَحْتَ رِجله، أو تحت رِجله اليُمْنَى.
قال: وقول لَبيد:أَضَلَّ صِوَارَهُ وَتَضَيَّفَتْهُنَطُوفٌ أَمْرُهَا بِيَدِ الشَّمَالِ (6)كأنه قال: أمرها بالشمال، وإلى الشمال ; وقول لَبيد أيضًا:حَتَّى إِذَا أَلْقَتْ يَدًا فِي كَافِر (7)فكأنه قال: حتى وَقَعت في كافر .
* * *وقال آخر منهم: هو من المكفوف عن خبَره.
(8) قال: والعرب تفعل ذلك .
قال: وله معنى آخر: لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى ، مَثَلُ الجنة، موصولٌ، صفةٌ لها على الكلام الأوَل .
(9)* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: أن يقال ذَكر المَثَل, فقال (مثل الجنة), والمراد الجنة, ثم وُصِفت الجنة بصفتها, وذلك أن مَثَلَها إنما هو صِفتَهُا وليست صفتها شيئًا غيرها .
وإذْ كان ذلك كذلك, ثم ذكر " المثل ", فقيل: (مثل الجنة), ومثلها صفَتُها وصفة الجنّة, فكان وصفها كوصف " المَثَل ", وكان كأنَّ الكلام جرى بذكر الجنة, فقيل: الجنةُ تجري من تحتها الأنهار, كما قال الشاعر: (10)أَرَى مَرَّ السِّنِينَ أَخَذْنَ مِنِّيكَمَا أَخَذَ السِّرَارُ مِنَ الْهِلالِ (11)فذكر " المرّ" ، ورَجَع في الخبر إلى " السنين " .
وقوله: (أكلها دائمٌ وظلها) ، يعني: ما يؤكل فيها، (12) يقول: هو دائم لأهلها, لا ينقطع عنهم, ولا يزول ولا يبيد, ولكنه ثابتٌ إلى غير نهاية(وظلها)، يقول: وظلها أيضًا دائم, لأنه لا شمس فيها.
(13)* * *(تلك عقبى الذين اتقَوْا) ، يقول: هذه الجنة التي وصف جل ثناؤه، عاقبة الذين اتَّقَوا الله, فاجتنبوا مَعَاصيه وأدَّوْا فرائضه .
(14)وقوله: (وعُقْبَى الكافرين النار) ، يقول: وعاقبةُ الكافرين بالله النارُ .
-------------------------الهوامش :(1) في المطبوعة :" رافع" والذي في المخطوطة خالص الصواب .
وانظر ما سيأتي ص : 552 .
(2) العبارة مبهمة ، ويبدو لي أن صوابها بعد الآية :" صفة الجنة التي وعد المتقون ، صفة جنة تجري من تحتها الأنهار ، أو فيها أنهار" .
(3) سلف البيت وتخريجه وشرحه 1 : 119 ، تعليق 1 / 14 : 417 ، تعليق : 1 ، وعجزه :* وَمَنْ يَبْكِ حَوْلًا كَامِلًا فَقَدِ اعْتَذَرْ *(4) سيأتي البيت بعد 25 : 9 ( بولاق ) ، وروايته هناك :" مُسْبِلٌ" ، وكان في المطبوعة :" سيل" ، تصحيف ، و" السبل" ، بالتحريك ، المطر .
(5) سلف البيت : 1 : 345 ، وهناك" رجل وثور" ، ورجحت أنها" رجل" ، لما جاء في الخبر قبله رقم : 448 .
(6) ديوانه : 77 ، وتخريجه : 373 ، يزاد عليه ما هنا واللسان ( يدي ) .
والبيت في سياق أبيات من القصيدة ، يصف فيها ثور الوحش ، والضمير في" أضل ، إليه .
و" الصوار" ، قطيع بقر الوحش ، أضل الثور قطيعة وبقي فردًا وحيدًا ، كئيبًا متحيرًا .
" تضيفته" ، نزلت به وطرقته ، والضمير في" تضيفته" لإحدى الليالي التي ذكرها في البيت قبله :كَأَخْنَسَ نَاشِطٍ جَادَتْ عَلَيْهِببُرْقَةِ وَاحِفٍ إحْدَى اللَّياليو" ليلة نطوف" ، قاطرة تمطر حتى الصباح .
وقال أبو عمرو :" تطوف" : سحابة تسيل قليلا قليلا" ، والأول عندي أجود هنا ، وفي اللسان ( يدي ) :" نِطَافٌ"(7) ديوانه : 216 ، تخريجه : 396 ، ويزاد عليه ما هنا ، وتمام البيت :* وأجَنَّ عَوْرَاتِ الثُّغُورِ ظَلامُهَا *" ألقت" ، يعني الشمس ، ولم يجر لها ذكر قبل .
و" الكافر" ، الليل المظلم ، يستر ما يشتمل عليه .
(8) هذه مقالة أبي عبيدة مجاز القرآن 1 : 333 ، 334 .
(9) هو أيضًا قول أبي عبيدة في مجاز القرآن 1 : 334 .
وقوله :" للذين استجابوا" ، هي الآية 18 من سورة الرعد ، وهذه الآية : 35 منها ، فلذلك قال :" على الكلام الأول" .
(10) هو جرير .
(11) سلف البيت 7 : 86 ، تعليق : 1 / 15 : 567 وسيأتي 19 : 39 ( بولاق ) ، ويزاد في المراجع : اللسان ( خضع ) .
(12) انظر تفسير" الأكل" فيما سلف من هذا الجزء : 343 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(13) سلف" الظل" غير مبين 8 : 489 .
(14) انظر تفسير" العاقبة" و" العقبى" فيما سلف 15 : 356 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

﴿ مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار ﴾

قراءة سورة الرعد

المصدر : تفسير : مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من