القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 38 سورة آل عمران - هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب

سورة آل عمران الآية رقم 38 : سبع تفاسير معتمدة

سورة هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب - عدد الآيات 200 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 38 من سورة آل عمران عدة تفاسير - سورة آل عمران : عدد الآيات 200 - - الصفحة 55 - الجزء 3.

سورة آل عمران الآية رقم 38


﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُۥۖ قَالَ رَبِّ هَبۡ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةٗ طَيِّبَةًۖ إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ ﴾
[ آل عمران: 38]

﴿ التفسير الميسر ﴾

عندما رأى زكريا ما أكرم الله به مريم مِن رزقه وفضله توجه إلى ربه قائلا يا ربِّ أعطني من عندك ولدًا صالحًا مباركًا، إنك سميع الدعاء لمن دعاك.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«هنالك» أي لما رأى زكريَّا ذلك وعلم أن القادر على الإتيان بالشيء في غير حينه قادر على الإتيان بالولد على الكبر وكان أهل بيته انقرضوا «دعا زَكَريَّاُ ربَّه» لما دخل المحراب للصلاة جوف الليل «قال ربِّ هب لي من لدنك» من عندك «ذرية طيبة» ولدا صالحا «إنك سميع» مجيب «الدعاء».

﴿ تفسير السعدي ﴾

أي: دعا زكريا عليه السلام ربه أن يرزقه ذرية طيبة، أي: طاهرة الأخلاق، طيبة الآداب، لتكمل النعمة الدينية والدنيوية بهم.
فاستجاب له دعاءه.


﴿ تفسير البغوي ﴾

قال الله تعالى ( هنالك ) أي عند ذلك ( دعا زكريا ربه ) فدخل المحراب [ وأغلق الباب ] وناجى ربه ( قال رب ) أي يا رب ( هب لي ) أعطني ( من لدنك ) أي من عندك ( ذرية طيبة ) أي ولدا مباركا تقيا صالحا رضيا ، والذرية تكون واحدا وجمعا ذكرا وأنثى ، وهو هاهنا واحد ، بدليل قوله عز وجل " فهب لي من لدنك وليا " ( 5 - مريم ) وإنما قال : طيبة لتأنيث لفظ الذرية ( إنك سميع الدعاء ) أي سامعه ، وقيل مجيبه ، كقوله تعالى : " إني آمنت بربكم فاسمعون " ( 25 - يس ) أي فأجيبوني

﴿ تفسير الوسيط ﴾

قوله- تعالى هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ كلام مستأنف، وقصة مستقلة سيقت في تضاعيف قصة مريم وأمها لما بينهما من قوة الارتباط، وشدة الاشتباك مع ما في إيرادها من تقرير ما سبقت له قصة مريم وأمها من بيان اصطفاء آل عمران.
و «هنا» ظرف يشار به إلى المكان القريب كما في قوله- تعالى- إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ وتدخل عليه السلام والكاف «هنالك» أو الكاف وحدها «هناك» فيكون للبعيد وقد يشار به للزمان اتساعا.
والمعنى: في ذلك المكان الطاهر الذي كان يلتقى فيه زكريا بمريم ويرى من شأنها ما يرى من فضائل وغرائب، تحركت في نفس زكريا عاطفة الأبوة، وهو الشيخ الكبير الذي وهن عظمه واشتعل رأسه شيبا، وبلغ من الكبر عتيّا- فدعا الله تعالى- بقلب سليم، وبنفس صافية وبجوارح خاشعة، أن يرزقه الذرية الصالحة.
ولقد حكى القرآن دعاءه بأسلوبه المؤثر فقال:قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ.
أى، قال زكريا مناجيا ربه: يا رب أنت الذي خلقتني، وأنت الذي لا يقف أمام قدرتك شيء، وأنت الذي جعلتني أرى من أحوال مريم ما يشهد بقدرتك النافذة وفضلك العميم فهب لي يا خالقي من عندك ذرية صالحة تقر بها عيني، وتكون خلفا من بعدي إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ أى إنك عليم بدعائى علم من يسمع، قريب الإجابة لمن يدعوك، فإن أجيب لي سؤالى فبفضلك وإن لم تجبه، فبعدلك وحكمتك.
فأنت ترى في هذا الدعاء الذي صدر عن زكريا- عليه السّلام- أسمى ألوان الأدب والخشوع والإنابة.
فقد رفع أكف الضراعة في مكان مقدس طاهر، وفي التعبير بقوله دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ إشارة إلى تسليمه الله وإلى شعوره بقدرة الله على كل شيء، فهو الذي خلقه ورباه وتولاه برعايته في كل أدوار حياته.
وفي قوله هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ إشعار بأنه يريد من خالقه- عز وجل- أن يعطيه هذه الذرية بلا سبب عادى، ولكن بإرادته وقدرته لأنه لو كان الأمر في هذا العطاء يعود إلى الأسباب والمسببات العادية لكان الحصول على الذرية مستبعدا إذ هو قد بلغ من الكبر عتيا وزوجته قد تجاوزت السن التي يحصل فيها الإنجاب في العادة.
أى هب لي من عندك لا من عندي، لأن الأسباب عندي أصبحت مستبعدة.
وفي تقييد الذرية بكونها طيبة، إشارة إلى أن زكريا لقوة إيمانه، ونقاء سريرته، وحسن صلته بربه، لا يريد ذرية فحسب وإنما يريد ذرية صالحة يرجى منها الخير في الدنيا والآخرة.
وجملة إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ تعليلية، أى إنى ما التجأت إليك يا إلهى إلا لأنك مجيب للدعاء غير مجيب للرجاء.
قال القرطبي ما ملخصه «دلت هذه الآية على طلب الولد وهي سنة المرسلين والصديقين.
قال الله- تعالى-: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً.
.
وقد ترجم البخاري على هذا «باب طلب الولد» وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم لأبى طلحة حين مات ابنه «أعرستم الليلة» قال نعم.
قال: «بارك الله لكما في غابر ليلتكما» فقال رجل من الأنصار فرأيت تسعة أولاد كلهم قد قرءوا القرآن، والأخبار في هذا المعنى كثيرة.
تحث على طلب الولد لما يرجوه الإنسان من نفعه في حياته وبعد مماته.
قال صلّى الله عليه وسلّم إذا مات أحدكم انقطع عمله إلا من ثلاث:فذكر منها «أو ولد صالح يدعو له» ولو لم يكن إلا هذا الحديث لكان فيه كفاية هذا، وقد حكى لنا القرآن في سورة مريم دعاء زكريا بصورة أكثر تفصيلا فقال: ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا.
قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا، وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي، وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا، يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا.
هذا هو دعاء زكريا كما حكاه الله- تعالى- في أكثر من موضع في كتابه الكريم فماذا كانت نتيجة هذا الدعاء الخاشع، والتضرع الخالص؟ لقد كانت نتيجته الإجابة من الله- تعالى- لعبده زكريا، فقد قال- تعالى-: فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى.

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

لما رأى زكريا ، عليه السلام ، أن الله تعالى يرزق مريم ، عليها السلام ، فاكهة الشتاء في الصيف ، وفاكهة الصيف في الشتاء ، طمع حينئذ في الولد ، و [ إن ] كان شيخا كبيرا قد [ ضعف و ] وهن منه العظم ، واشتعل رأسه شيبا ، وإن كانت امرأته مع ذلك كبيرة وعاقرا ، لكنه مع هذا كله سأل ربه وناداه نداء خفيا ، وقال : ( رب هب لي من لدنك ) أي : من عندك ( ذرية طيبة ) أي : ولدا صالحا ( إنك سميع الدعاء ) .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

هنالك دعا زكريا ربه هنالك في موضع نصب ; لأنه ظرف يستعمل للزمان والمكان وأصله للمكان .
وقال المفضل بن سلمة : " هنالك " في الزمان و " هناك " في المكان ، وقد يجعل هذا مكان هذا .
هب لي أعطني .
من لدنك من عندك .
ذرية طيبة أي نسلا صالحا .
والذرية تكون واحدة وتكون جمعا ذكرا وأنثى ، وهو هنا واحد .
يدل عليه قوله .
فهب لي من لدنك وليا ولم يقل أولياء ، وإنما أنث طيبة لتأنيث لفظ الذرية ; كقوله :أبوك خليفة ولدته أخرى وأنت خليفة ذاك الكمالفأنث ولدته لتأنيث لفظ الخليفة .
وروي من حديث أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أي رجل مات وترك ذرية طيبة أجرى الله له مثل أجر عملهم ولم ينقص من أجورهم شيئا .
وقد مضى في " البقرة " اشتقاق الذرية .
و ( طيبة ) أي صالحة مباركة .
إنك سميع الدعاء أي قابله ; ومنه : سمع الله لمن حمده .
دلت هذه الآية على طلب الولد ، وهي سنة المرسلين والصديقين ، قال الله تعالى : ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية .
وفي صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال : أراد عثمان أن يتبتل فنهاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو أجاز له ذلك لاختصينا .
وخرج ابن ماجه عن عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : النكاح من سنتي فمن لم يعمل بسنتي فليس مني وتزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم ومن كان ذا طول فلينكح ومن لم يجد فعليه بالصوم فإنه له وجاء .
وفي هذا رد على بعض جهال المتصوفة حيث قال : الذي يطلب الولد أحمق ، وما عرف أنه هو الغبي الأخرق ; قال الله تعالى مخبرا عن إبراهيم الخليل : واجعل لي لسان صدق في الآخرين وقال : والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين .
وقد ترجم البخاري على هذا ( باب طلب الولد ) .
وقال - صلى الله عليه وسلم - لأبي طلحة حين مات ابنه : ( أعرستم الليلة ) ؟ قال : نعم .
قال : ( بارك الله لكما في غابر ليلتكما ) .
قال فحملت .
في البخاري : قال سفيان فقال رجل من الأنصار : فرأيت تسعة أولاد كلهم قد قرءوا القرآن .
وترجم أيضا " باب الدعاء بكثرة الولد مع البركة " وساق حديث أنس بن مالك قال : قالت أم سليم : يا رسول الله ، خادمك أنس ادع الله له .
فقال : اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته .
وقال - صلى الله عليه وسلم - : اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين .
خرجه البخاري ومسلم .
وقال - صلى الله عليه وسلم - : تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم .
أخرجه أبو داود .
والأخبار في هذا المعنى كثيرة تحث على طلب الولد وتندب إليه ; لما يرجوه الإنسان من نفعه في حياته وبعد موته .
قال - صلى الله عليه وسلم - : إذا مات أحدكم انقطع عمله إلا من ثلاث فذكر ( أو ولد صالح يدعو له ) .
ولو لم يكن إلا هذا الحديث لكان فيه كفاية .
فإذا ثبت هذا فالواجب على الإنسان أن يتضرع إلى خالقه في هداية ولده وزوجه بالتوفيق لهما والهداية والصلاح والعفاف والرعاية ، وأن يكونا معينين له على دينه ودنياه حتى تعظم منفعته بهما في أولاه وأخراه ; ألا ترى قول زكريا : واجعله رب رضيا وقال : ذرية طيبة .
وقال : هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين .
ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنس فقال : اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيه .
خرجه البخاري ومسلم ، وحسبك .

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله : هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38)قال أبو جعفر: وأما قوله: " هنالك دعا زكريا ربه "، فمعناها: عند ذلك، أي: عند رؤية زكريا ما رأى عند مريم من رزق الله الذي رَزَقها، وفضله الذي آتاها من غير تسبُّب أحد من الآدميين في ذلك لها = (1) ومعاينته عندَها الثمرة الرّطبة التي لا تكون في حين رؤيته إياها عندَها في الأرض = (2) طمع بالولد، مع كبر سنه، من المرأة العاقر.
فرجا أن يرزقه الله منها الولد، مع الحال التي هما بها، كما رزق مريم على تخلِّيها من الناس ما رَزَقها من ثمرة الصيف في الشتاء وثمرة الشتاء في الصيف، وإن لم يكن مثله مما جرت بوجوده في مثل ذلك الحين العاداتُ في الأرض، بل المعروف في الناس غير ذلك، كما أن ولادة العاقر غيرُ الأمر الجاريةِ به العادات في الناس.
فرغب إلى الله جل ثناؤه في الولد، وسأله ذرّيةً طيبة.
وذلك أن أهل بيت زكريا - فيما ذكر لنا - كانوا قد انقرضوا في ذلك الوقت، كما:-6940 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: فلما رأى زكريا من حالها ذلك = يعني: فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف = قال: إنّ ربًّا أعطاها هذا في غير حينه، لقادرٌ على أن يرزقني ذرية طيبة! ورغب في الولد، فقام فصلَّى، ثم دعا ربه سرًّا فقال: رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا [سورة مريم: 4-6]، = وقوله: (3) ( رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ) = وقال: رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ [سورة الأنبياء: 89].
6941 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، أخبرني يعلى بن مسلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: فلما رأى ذلك زكريا - يعني فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف - عند مريم قال: إنّ الذي يأتي بهذا مريمَ في غير زمانه، قادرٌ أن يرزقني ولدًا، قال الله عز وجل: " هنالك دعا زكريا ربه "، قال: فذلك حين دعا.
6942 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي بكر، عن عكرمة قال: فدخل المحرابَ وغلَّق الأبوابَ، وناجى ربه فقال: رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا إلى قوله: رَبِّ رَضِيًّا = فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ الآية.
6943 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال، حدثني بعض أهل العلم قال: فدعا زكريا عند ذلك بعد ما أسنّ ولا ولد له، وقد انقرض أهل بيته فقال: " ربّ هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء "، ثم شكا إلى ربه فقال: رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا إلى وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا = فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ الآية.
* * *وأما قوله: " ربّ هب لي من لدنك ذرية طيبة "، فإنه يعني ب" الذرية " النسل، وب" الطيبة " المباركة، (4) كما:-6944 - حدثني موسى قال: حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " قال رَبّ هب لي من لدنك ذرية طيبة "، يقول: مباركة.
* * *وأما قوله: " من لدنك "، فإنه يعني: من عندك.
* * *وأما " الذرية "، فإنها جمع، وقد تكون في معنى الواحد، وهي في هذا الموضع الواحد.
وذلك أنّ الله عز وجل قال في موضع آخر، مخبرًا عن دعاء زكريا: فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا [سورة مريم: 5]، ولم يقل: أولياء - فدلّ على أنه سأل واحدًا.
وإنما أنث " طيبة "، لتأنيث الذرّية، كما قال الشاعر: (5)أَبُوكَ خَلِيفَةٌ وَلَدَتْهُ أُخْرَىوَأَنْتَ خَلِيفَةٌ, ذَاكَ الكَمَالُ (6)فقال: " ولدته أخرى "، فأنَّث، وهو ذَكر، لتأنيث لفظ " الخليفة "، كما قال الآخر: (7)فَمَا تَْزدَرِي مِنْ حَيَّةٍ جَبَلِيَّةٍسُكَاتٍ, إذَا مَا عَضَّ لَيْسَ بِأَدْرَدَا (8)فأنث " الجبلية " لتأنيث لفظ " الحية "، ثم رجع إلى المعنى فقال: " إذا مَا عَضّ"، لأنه كان أراد حَية ذكرًا، وإنما يجوز هذا فيما لم يقع عليه " فلانٌ" من الأسماء، ك" الدابة، والذرية، والخليفة ".
فأما إذا سُمّي رجل بشيء من ذلك، فكان في معنى " فلان "، لم يجز تأنيثُ فعله ولا نعته.
(9)* * *وأما قوله: " إنك سميع الدعاء "، فإن معناه: إنك سامع الدعاء، غير أنّ" سميع "، أمدَحُ، وهو بمعنى: ذو سمع له.
(10)* * *وقد زعم بعض نحويي البصرة أن معناه: إنك تَسمعَ ما تُدْعى به.
* * *قال أبو جعفر: فتأويل الآية، فعند ذلك دعا زكريا ربه فقال: رب هب لي من عندك ولدًا مباركًا، إنك ذو سَمعٍ دُعاءَ من دَعاك.
------------------الهوامش :(1) قوله: "ومعاينته عندها.
.
.
" معطوف على قوله آنفًا: "عند رؤية زكريا.
.
.
".
(2) سياق الجملة: أي عند رؤية زكريا ما رأى.
.
.
وعند معاينته عندها الثمرة.
.
.
طمع بالولد.
.
.
" وفي المطبوعة: "طمع في الولد.
.
" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وكلاهما صواب.
(3) في المطبوعة والمخطوطة: "وقوله" ، والسياق يقتضي ما أثبت ، وذاك من عجلة الناسخ.
(4) انظر قوله"ذرية" فيما سلف 3: 19 ، 79 / ثم 5: 543 / 6: 327 ولم يفسرها في هذه المواضع ، ثم فسرها هنا ، وهو من اختصار هذا الكتاب الجليل ، كما قيل في ترجمته.
ثم انظر تفسير"الطيب" فيما سلف 3: 301 / ثم 5: 555.
(5) لم أعرف قائله.
(6) معاني القرآن للفراء 1: 208 سيأتي في التفسير 4: 150 (بولاق).
(7) لم أعرف قائله.
(8) معاني القرآن للفراء 1: 208 ، واللسان (سكت) وكان في المطبوعة: "كما تزدري.
.
.
سكاب.
.
.
ليس بأزدرا" ، وهو خطأ.
والحية إذا كانت جبلية ، فذاك أشد لها ولسمها ، يقول عنترة:أَصَمَّ جبَالِيٍّ, إِذا عَضَّ عَضَّةًتَزَايَلَ عَنْهُ جِلْدُه فتبدّدَاوحية سكوت وسكات (بضم السين): إذا لم يشعر الملسوع به حتى يلسعه ، والأدرد: الذي سقطت أسنانه ، فلم يبق في فمه سن.
يصف رجلا داهية.
يقول: كيف تستخف به ، وهو حية فاتكة ، لا يشعر الملسوع بعضها حتى تعضه بناب لم يسقط ولم يذهب سمه.
(9) انظر معاني القرآن للفراء 1: 208 ، 209.
(10) انظر تفسير"سميع" فيما سلف 2: 140 ، 377 ، 540 / 3: 399 / 4: 488.

﴿ هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء ﴾

قراءة سورة آل عمران

المصدر : تفسير : هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب