القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 42 سورة البقرة - ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم

سورة البقرة الآية رقم 42 : سبع تفاسير معتمدة

سورة ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم - عدد الآيات 286 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 42 من سورة البقرة عدة تفاسير - سورة البقرة : عدد الآيات 286 - - الصفحة 7 - الجزء 1.

سورة البقرة الآية رقم 42


﴿ وَلَا تَلۡبِسُواْ ٱلۡحَقَّ بِٱلۡبَٰطِلِ وَتَكۡتُمُواْ ٱلۡحَقَّ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ﴾
[ البقرة: 42]

﴿ التفسير الميسر ﴾

ولا تخلِطوا الحق الذي بيَّنته لكم بالباطل الذي افتريتموه، واحذروا كتمان الحق الصريح من صفة نبي الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم التي في كتبكم، وأنتم تجدونها مكتوبة عندكم، فيما تعلمون من الكتب التي بأيديكم.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«ولا تلبسوا» تخلطوا «الحق» الذي أنزلت عليكم «بالباطل» الذي تفترونه «و» لا «تكتموا الحق» نعت محمد «وأنتم تعلمون» أنه حق.

﴿ تفسير السعدي ﴾

ثم قال: وَلَا تَلْبِسُوا أي: تخلطوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ فنهاهم عن شيئين, عن خلط الحق بالباطل, وكتمان الحق؛ لأن المقصود من أهل الكتب والعلم, تمييز الحق, وإظهار الحق, ليهتدي بذلك المهتدون, ويرجع الضالون, وتقوم الحجة على المعاندين؛ لأن الله فصل آياته وأوضح بيناته, ليميز الحق من الباطل, ولتستبين سبيل المهتدين من سبيل المجرمين، فمن عمل بهذا من أهل العلم, فهو من خلفاء الرسل وهداة الأمم.
ومن لبس الحق بالباطل, فلم يميز هذا من هذا, مع علمه بذلك, وكتم الحق الذي يعلمه, وأمر بإظهاره, فهو من دعاة جهنم, لأن الناس لا يقتدون في أمر دينهم بغير علمائهم, فاختاروا لأنفسكم إحدى الحالتين.


﴿ تفسير البغوي ﴾

ولا تلبسوا الحق بالباطل أي لا تخلطوا، يقال: لبس الثوب يلبس لبساً، ولبس عليه الأمر يلبس لبساً أي خلط.
يقول: لا تخلطوا الحق الذي أنزلت عليكم من صفة محمد صلى الله عليه وسلم بالباطل الذي تكتبونه بأيديكم من تغيير صفة محمد صلى الله عليه وسلم.
والأكثرون على أنه أراد: لا تلبسوا الإسلام باليهودية والنصرانية.
وقال مقاتل: "إن اليهود أقروا ببعض صفة محمد صلى الله عليه وسلم وكتموا بعضاً ليصدقوا في ذلك فقال: ولا تلبسوا الحق الذي تقرون به بالباطل يعني بما تكتمونه".
.
فالحق: بيانهم، والباطل: كتمانهم.
وتكتموا الحق أي لا تكتموه، يعني: نعت محمد صلى الله عليه وسلم.
وأنتم تعلمون أنه نبي مرسل.

﴿ تفسير الوسيط ﴾

وبعد أن نهى القرآن الكريم بني إسرائيل عن الكفر والضلال ، عقب ذلك بنهيهم عن أن يعملوا لإِضلال غيرهم ، فقال - ( وَلاَ تَلْبِسُواْ الحق بالباطل وَتَكْتُمُواْ الحق وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) .
اللبس - بفتح اللام - الخلط ، وفعله : ليس ، من باب : ضرب تقول : لبَست عليه الأمر ، ألبِسه إذا مزجت بينه بمشكله ، وحقه بباطله .
ولدعاة الضلالة طريقتان في إغواء الناس :إحداهما : طريقة خلط الحق بالباطل حتى لا يتميز أحدهما عن الآخر وهي المشار إليها بقوله تعالى : ( وَلاَ تَلْبِسُواْ الحق بالباطل ) .
والثانية : طريقة جحد الحق وإخفائه حتى لا يظهر ، وهي المشار إليها بقوله تعالى : ( وَتَكْتُمُواْ الحق ) .
وقد استعمل بنو إسرائيل الطريقتين لصرف الناس عن الإِسلام ، قد كان بعضهم يؤول نصوص كتبهم الدالة على صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - تأويلا فاسداً ، يخلصون فيه الحق بالباطل ، ليوهموا العامة أنه ليس هو النبي المنتظر ، وكان بعضهم يلقى حول الحق الظاهر شبهاً ، لوقع ضعفاء الإِيمان في حيرة وتردد ، وكان بعضهم يخفى أو يحذف النصوص الدالة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم ، والتي لا توافق أهواءهم وشهواتهم ، فنهاهم الله - تعالى - عن هذه التصرفات الخبيثة .
والمعنى : ولا تخلطوا الحق الواضح الذي نطقت به الكتب السماوية ، وأيدته العقول السليمة ، بالباطل الذي تخترعونه من عند أنفسكم ، إرضاء لأهوائكم ، ولا تكتموا الحق الذي تعرفونه ، كما تعرفون أبناءكم ، بغية انصراف الناس عنه " لأن من جهل شيئا عاداه ، فالنهي الأول عن التغيير والخلط ، والنهي الثاني عن الكتمان والإِخفاء .
وقوله تعالى ( وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) جملة حالية ، أي وأنتم من ذوي العلم ، ولا يناسب من كان كذلك أن يكتم الحق ، أو يلبسه بالباطل ، وإذا كان هذا الفعل - وهو لبس الحق بالباطل ، أو كتمانه وإظهار الباطل وحده - يعد من كبائر الذنوب ، فإن وقعه يكون أقبح ، وفساده أكبر ، وعاقبته أشأم متى صدر من عالم فاهم ، يميز بين الحق والباطل .
ففي هذه الجملة الكريمة بيان لحال بني إسرائيل ، المخاطبين بهذا النهي ، وتبكيت لهم ، لأنهم لم يفعلوا ما فعله عن جهالة ، وإنما عن علم وإصرار على سلوك هذا الطريق المعوج .
قال أبو حيان في البحر : " وهذه الحال ، وإن كان ظاهرها أنها قيد في النهي عن اللبس والكتم ، فلا تدل بمفهومها على جواز اللبس والكتم حالة الجهل ، إذ الجاهل بحال الشيء لا يردي كونه حقاً أو باطلا ، وإنما فائدتها بيان أن الإِقدام على الأشياء القبيحة ، مع العلم بها ، أفحش من الإِقدام عليها مع الجهل .

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

يقول تعالى ناهيا لليهود عما كانوا يتعمدونه ، من تلبيس الحق بالباطل ، وتمويهه به وكتمانهم الحق وإظهارهم الباطل : ( ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون ) فنهاهم عن الشيئين معا ، وأمرهم بإظهار الحق والتصريح به ؛ ولهذا قال الضحاك ، عن ابن عباس ( ولا تلبسوا الحق بالباطل ) لا تخلطوا الحق بالباطل والصدق بالكذب .وقال أبو العالية : ( ولا تلبسوا الحق بالباطل ) يقول : ولا تخلطوا الحق بالباطل ، وأدوا النصيحة لعباد الله من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .ويروى عن سعيد بن جبير والربيع بن أنس ، نحوه .وقال قتادة : ( ولا تلبسوا الحق بالباطل ) [ قال ] ولا تلبسوا اليهودية والنصرانية بالإسلام ؛ إن دين الله الإسلام ، واليهودية والنصرانية بدعة ليست من الله .وروي عن الحسن البصري نحو ذلك .وقال محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( وتكتموا الحق وأنتم تعلمون ) أي : لا تكتموا ما عندكم من المعرفة برسولي وبما جاء به ، وأنتم تجدونه مكتوبا عندكم فيما تعلمون من الكتب التي بأيديكم . وروي عن أبي العالية نحو ذلك .وقال مجاهد ، والسدي ، وقتادة ، والربيع بن أنس : ( وتكتموا الحق ) يعني : محمدا صلى الله عليه وسلم .[ قلت : ( وتكتموا ) يحتمل أن يكون مجزوما ، ويجوز أن يكون منصوبا ، أي : لا تجمعوا بين هذا وهذا كما يقال : لا تأكل السمك وتشرب اللبن . قال الزمخشري : وفي مصحف ابن مسعود : وتكتمون الحق أي : في حال كتمانكم الحق وأنتم تعلمون حال أيضا ، ومعناه : وأنتم تعلمون الحق ، ويجوز أن يكون المعنى : وأنتم تعلمون ما في ذلك من الضرر العظيم على الناس من إضلالهم عن الهدى المفضي بهم إلى النار إلى أن سلكوا ما تبدونه لهم من الباطل المشوب بنوع من الحق لتروجوه عليهم ، والبيان : الإيضاح ، وعكسه الكتمان وخلط الحق بالباطل ] .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى : ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمونولا تلبسوا الحق بالباطل اللبس : الخلط لبست عليه الأمر ألبسه ، إذا مزجت بينه بمشكله ، وحقه بباطله قال الله تعالى وللبسنا عليهم ما يلبسون وفي الأمر لبسة أي ليس بواضح ومن هذا المعنى قول علي رضي الله عنه للحارث بن حوط يا حارث ( إنه ملبوس عليك ، إن الحق لا يعرف بالرجال ، اعرف الحق تعرف أهله .
) وقالت الخنساء :ترى الجليس يقول الحق تحسبه رشدا وهيهات فانظر ما به التبسا صدق مقالته واحذر عداوتهوالبس عليه أمورا مثل ما لبساوقال العجاج :لما لبسن الحق بالتجني غنين واستبدلن زيدا منيروى سعيد عن قتادة في قوله : ولا تلبسوا الحق بالباطل ، يقول : لا تلبسوا اليهودية والنصرانية بالإسلام وقد علمتم أن دين الله - الذي لا يقبل غيره ولا يجزي إلا به - الإسلام وأن اليهودية والنصرانية بدعة وليست من الله .
والظاهر من قول عنترة :وكتيبة لبستها بكتيبةأنه من هذا المعنى ، ويحتمل أن يكون من اللباس .
وقد قيل هذا في معنى الآية ، أي لا تغطوا ومنه لبس الثوب يقال لبست الثوب ألبسه ولباس الرجل زوجته وزوجها لباسها قال الجعديإذا ما الضجيع ثنى جيدها تثنت عليه فكانت لباساوقال الأخطل :وقد لبست لهذا الأمر أعصره حتى تجلل رأسي الشيب فاشتعلاواللبوس : كل ما يلبس من ثياب ودرع قال الله تعالى وعلمناه صنعة لبوس لكم ولابست فلانا حتى عرفت باطنه وفي فلان ملبس أي مستمتع قال :ألا إن بعد العدم للمرء قنوة وبعد المشيب طول عمر وملبساولبس الكعبة والهودج : ما عليهما من لباس ( بكسر اللام ) .
قوله تعالى : " بالباطل " الباطل في كلام العرب خلاف الحق ومعناه الزائل قال لبيد :ألا كل شيء ما خلا الله باطلوبطل الشيء يبطل بطلا وبطولا وبطلانا ذهب ضياعا وخسرا وأبطله غيره ويقال ذهب دمه بطلا أي هدرا والباطل الشيطان والبطل الشجاع سمي بذلك لأنه يبطل شجاعة صاحبه قال النابغةلهم لواء بأيدي ماجد بطل لا يقطع الخرق إلا طرفه ساميوالمرأة بطلة وقد بطل الرجل ( أي بالضم ) يبطل بطولة وبطالة أي صار شجاعا وبطل الأجير ( بالفتح ) بطالة أي تعطل فهو بطال واختلف أهل التأويل في المراد بقوله " الحق بالباطل " فروي عن ابن عباس وغيره لا تخلطوا ما عندكم من الحق في الكتاب بالباطل وهو التغيير والتبديل ، وقال أبو العالية قالت اليهود محمد مبعوث ولكن إلى غيرنا فإقرارهم ببعثه حق وجحدهم أنه بعث إليهم باطل .
وقال ابن زيد : المراد بالحق التوراة ، والباطل ما بدلوا فيها من ذكر محمد عليه السلام وغيره .
وقال مجاهد لا تخلطوا اليهودية والنصرانية بالإسلام ، وقاله قتادة ، وقد تقدم .
قلت : وقول ابن عباس أصوب ؛ لأنه عام فيدخل فيه جميع الأقوال والله المستعانقوله تعالى : وتكتموا الحق يجوز أن يكون معطوفا على تلبسوا فيكون مجزوما ويجوز أن يكون منصوبا بإضمار أن ، التقدير لا يكن منكم لبس الحق وكتمانه أي وأن تكتموه قال ابن عباس : يعني كتمانهم أمر النبي صلى الله عليه وسلم وهم يعرفونه .
وقال محمد بن سيرين نزل عصابة من ولد هارون يثرب لما أصاب بني إسرائيل ما أصابهم من ظهور العدو عليهم والذلة ، وتلك العصابة هم حملة التوراة يومئذ فأقاموا بيثرب يرجون أن يخرج محمد صلى الله عليه وسلم بين ظهرانيهم وهم مؤمنون مصدقون بنبوته فمضى أولئك الآباء وهم مؤمنون وخلف الأبناء وأبناء الأبناء فأدركوا محمدا صلى الله عليه وسلم فكفروا به وهم يعرفونه وهو معنى قوله تعالى فلما جاءهم ما عرفوا كفروا بهقوله تعالى : وأنتم تعلمون جملة في موضع الحال أي أن محمدا عليه السلام حق ، فكفرهم كان كفر عناد ولم يشهد تعالى لهم بعلم وإنما نهاهم عن كتمان ما علموا ودل هذا على تغليظ الذنب على من واقعه على علم وأنه أعصى من الجاهل ، وسيأتي بيان هذا عند قوله تعالى أتأمرون الناس بالبر الآية

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله تعالى: وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِقال أبو جعفر: يعني بقوله: " ولا تلبسُوا "، لا تخلطوا.
واللَّبْس هو الخلط.
يقال منه: لَبَست عليه هذا الأمر ألبِسُه لبسًا: إذا خلطته عليه (62) .
كما:-822 - حُدِّثت عن المنجاب، عن بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله: وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ [سورة الأنعام: 9] يقول: لخلطنا عليهم ما يخلطون (63) .
ومنه قول العجاج:لَمَّا لَبَسْنَ الْحَقَّ بِالتَّجَنِّيغَنِينَ وَاسْتَبْدَلْنَ زَيْدًا مِنِّي (64)يعني بقوله: " لبسن "، خلطن.
وأما اللُّبس فإنه يقال منه: لبِسْته ألبَسُه لُبْسًا ومَلْبَسًا، وذلك الكسوةُ يكتسيها فيلبسها (65) .
ومن اللُّبس قول الأخطل:لَقَدْ لَبِسْتُ لِهَذَا الدَّهْرِ أَعْصُرَهُحَتَّى تَجَلَّلَ رَأْسِي الشَّيْبُ واشْتَعَلا (66)ومن اللبس قول الله جل ثناؤه: وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ .
[سورة الأنعام: 9]* * *فإن قال لنا قائل (67) وكيف كانوا يلبِسون الحق بالباطل وهم كفّار؟ وأيُّ حق كانوا عليه مع كفرهم بالله؟قيل: إنه كان فيهم منافقون منهم يظهرون التصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم ويستبطنون الكفر به.
وكان عُظْمُهم يقولون (68) : محمد نبيٌّ مبعوث، إلا أنه &; 1-568 &; مبعوث إلى غيرنا.
فكان لَبْسُ المنافق منهم الحقَّ بالباطل، إظهارَه الحقّ بلسانه، وإقرارَه بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به جهارًا (69) ، وخلطه ذلك الظاهر من الحق بما يستبطنه (70) .
وكان لَبْسُ المقرّ منهم بأنه مبعوث إلى غيرهم، الجاحدُ أنه مبعوث إليهم، إقرارَه بأنه مبعوث إلى غيرهم، وهو الحق، وجحودَه أنه مبعوث إليهم، وهو الباطل، وقد بَعثه الله إلى الخلق كافة.
فذلك خلطهم الحق بالباطل ولَبْسهم إياه به.
كما:-823 - حدثنا به أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، قوله: " ولا تلبِسُوا الحق بالباطل "، قال: لا تخلطوا الصدق بالكذب (71) .
824 - وحدثني المثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: " ولا تلبِسُوا الحقّ بالباطل "، يقول: لا تخلطوا الحق بالباطل، وأدُّوا النصيحةَ لعباد الله في أمر محمد صلى الله عليه وسلم (72) .
825 - وحدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج، قال مجاهد: " ولا تلبسوا الحق بالباطل "، اليهوديةَ والنصرانية بالإسلام (73) .
826 - وحدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال قال ابن زيد في قوله: " ولا تلبِسُوا الحقّ بالباطل "، قال: الحقّ، التوراةُ الذي أنزل الله على موسى، والباطلُ: الذي كتبوه بأيديهم (74) .
* * *القول في تأويل قوله تعالى ذكره: وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42)قال أبو جعفر: وفي قوله: " وتكتموا الحق "، وجهان من التأويل:أحدُهما: أن يكون الله جل ثناؤه نهاهم عن أن يكتموا الحق، كما نهاهم أن يلبسوا الحق بالباطل.
فيكون تأويل ذلك حينئذ: ولا تلبسوا الحق بالباطل ولا تكتموا الحق.
ويكون قوله: " وتكتموا " عند ذلك مجزومًا بما جُزِم به تَلْبِسُوا ، عطفًا عليه.
والوجه الآخر منهما: أن يكون النهي من الله جل ثناؤه لهم عن أن يلبسوا الحق بالباطل، ويكون قوله: " وتكتموا الحق " خبرًا منه عنهم بكتمانهم الحق الذي يعلمونه، فيكون قوله: " وتكتموا " حينئذ منصوبًا لانصرافه عن معنى قوله: وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ ، إذ كان قوله: وَلا تَلْبِسُوا نهيًا، وقوله " وتكتموا الحق " خبرًا معطوفًا عليه، غيرَ جائز أن يعاد عليه ما عمل في قوله: تَلْبِسُوا من الحرف الجازم.
وذلك هو المعنى الذي يسميه النحويون صَرْفًا (75) .
ونظيرُ ذلك في المعنى والإعراب قول الشاعر:لا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُعَارٌ عَلَيْكَ إَِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ (76)فنصب " تأتي" على التأويل الذي قلنا في قوله: " وتكتموا " (77) ، لأنه لم يرد: لا تنه عن خُلق ولا تأت مثله، وإنما معناه: لا تنه عن خلق وأنت تأتي مثله، فكان الأول نهيًا، والثاني خبرًا، فنصبَ الخبر إذ عطفه على غير شكله.
فأما الوجه الأول من هذين الوجهين اللذين ذكرنا أن الآية تحتملهما، فهو على مذهب ابن عباس الذي:-827 - حدثنا به أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، قوله: " وتكتموا الحق "، يقول: ولا تكتموا الحق وأنتم تعلمون.
828 - وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: " وتكتموا الحق "، أي ولا تكتموا الحق.
(78) .
وأما الوجه الثاني منهما، فهو على مذهب أبي العالية ومجاهد.
829 - حدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: " وتكتموا الحق وأنتم تعلمون "، قال: كتموا بعث محمد صلى الله عليه وسلم (79) .
830 - وحدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى بن ميمون، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد نحوه.
831 - وحدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد نحوه.
وأما تأويل الحق الذي كتموه وهم يعلمونه، فهو ما:-832 - حدثنا به ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: " وتكتموا الحق "، يقول: لا تكتموا ما عندكم من المعرفة برسولي وما جاء به، وأنتم تجدونه عندكم فيما تعلمون من الكتب التي بأيديكم.
(80)833 - وحدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس: " وتكتموا الحق "، يقول: إنكم قد علمتم أن محمدًا رسول الله، فنهاهم عن ذلك.
(81)834 - وحدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: " وتكتموا الحق وأنتم تعلمون "، قال: يكتم أهل الكتاب محمدًا صلى الله عليه وسلم، وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل (82) .
835 - وحدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
836 - وحدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: " وتكتموا الحقَّ وأنتم تعلمون "، قال: الحقُّ هو محمد صلى الله عليه وسلم (83) .
837 - وحدثني المثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: " وتكتموا الحق وأنتم تعلمون "، قال: كتَموا بعثَ محمد صلى الله عليه وسلم، وهم يجدونه مكتوبًا عندهم (84) .
838 - وحدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: تكتمون محمدًا وأنتم تعلمون، وأنتم تجدونه عندكم في التوراة والإنجيل (85) .
فتأويل الآية إذًا: ولا تخلطوا على الناس - أيها الأحبار من أهل الكتاب - في أمر محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به من عند ربه، وتزعموا أنه مبعوثٌ إلى بعض أجناس الأمم دون بعض، أو تنافقوا في أمره، وقد علمتم أنه مبعوث إلى جميعكم وجميع الأمم غيركم، فتخلطوا بذلك الصدق بالكذب، وتكتموا به ما تجدونه في كتابكم من نعته وصفته، وأنه رسولي إلى الناس كافة، وأنتم تعلمون أنه رسولي، وأن ما جاء به إليكم فمن عندي، وتعرفون أن من عهدي - الذي أخذت عليكم في كتابكم - الإيمانَ به وبما جاء به والتصديقَ به.
---------الهوامش :(62) في المطبوعة : "لبست عليهم الأمر .
.
.
خلطته عليهم" .
(63) الخبر : 822- لم أجده في مكان ، ولم يذكره الطبري في مكانه من تفسير هذه الآية في سورة الأنعام (7 : 98 بولاق) .
(64) ديوانه : 65 .
غني عن الشيء واستغنى : اطرحه ورمى به من عينه ولم يلتفت إليه .
(65) في المطبوعة : "وذلك في الكسوة .
.
.
" ، بالزيادة .
(66) ديوانه : 142 ، وفيه"وقد لبست" .
وأعصر جمع عصر : وهو الدهر والزمان .
وعني هنا اختلاف الأيام حلوها ومرها ، فجمع .
ولبس له أعصره : عاش وقاسى خيره وشره .
وتجلل الشيب رأسه : علاه .
(67) في المطبوعة : "إن قال .
.
.
" .
(68) في المطبوعة : "وكان أعظمهم .
.
.
" ، وهو تحريف قد مضى مثله مرارًا .
وعظم الشيء : معظمه وأكثره .
(69) في المطبوعة : "وإقراره لمحمد .
.
.
" .
(70) في المطبوعة : "بالباطل الذي يستبطنه" .
(71) الخبر : 823- في ابن كثير 1 : 152 ، والدر المنثور 1 : 64 ، والشوكاني 1 : 62 .
(72) الأثر : 824- في ابن كثير 1 : 152 .
(73) الأثر : 825- لم أجده عن مجاهد ، ومثله عن قتادة في ابن كثير 1 : 152 ، والدر المنثور 1 : 64 .
(74) الأثر : 826- في الدر المنثور 1 : 64 ، والشوكاني 1 : 62 .
(75) ذكر هذا الفراء في كتابه معاني القرآن 1 : 33-34 ، ثم قال : "فإن قلت : وما الصرف؟ قلت : أن تأتي بالواو معطوفًا على كلام في أوله حادثه لا تستقيم إعادتها على ما عطف عليها ، فإذا كان كذلك فهو الصرف ، كقول الشاعر : .
.
.
" وأنشد البيت وقال : "ألا ترى أنه لا يجوز إعادة"لا" في"تأتي مثله" ، فلذلك سمى صرفًا ، إذ كان معطوفًا ، ولم يستقم أن يعاد فيه الحادث الذي قبله" .
(76) هذا من الأبيات التي رويت في عدة قصائد .
كما قال صاحب الخزانة 3 : 617 .
نسبه سيبويه 1 : 424 للأخطل ، وهو في قصيدة للمتوكل الليثي ، ونسب لسابق البربري ، وللطرماح ، ولأبي الأسود الدؤلي قصيدة ساقها صاحب الخزانة (3 : 618) ، وليست في ديوانه الذي نشره الأستاذ محمد حسن آل ياسين في (نفائس المخطوطات) طبع مطبعة المعارف ببغداد سنة 1373ه (1954م) ، وهذا الديوان من نسخة بخط أبي الفتح عثمان بن جنى .
ولم يلحقها الأستاذ الناشر بأشتات شعر أبي الأسود التي جمعها .
(77) في المطبوعة : "وتكتموا ، الآية ، لأنه .
.
.
" ، وهو خطأ في قراءة ما في المخطوطة وهو : "وتكتموا إلا أنه لم يرد" .
(78) الخبران : 827 ، 828- لم أجدهما بنصهما في مكان ، وثانيهما في ضمن خبر ابن عباس الذي سلف تخريجه رقم : 819 ، وفي ابن كثير 1 : 152 ، والدر المنثور 1 : 63 .
(79) الأثر : 829- لم أجده في مكان .
(80) الخبر : 832- في ابن كثير 1 : 152 ، والدر المنثور 1 : 63 ، والشوكاني 1 : 61 .
(81) الخبر : 833- في الدر المنثور 1 : 64 ، والشوكاني 1 : 62 ، إلا قوله : "فنهاهم عن ذلك" وفي المطبوعة" .
.
.
رسول الله صلى الله عليه وسلم" .
(82) الأثر : 834- في ابن كثير 1 : 152 تضمينًا .
(83) الأثر : 836- في ابن كثير 1 : 152 تضمينًا ، وفي الدر المنثور 1 : 64 ، والشوكاني 1 : 62 .
(84) الأثر : 837- لم أجده في مكان .
(85) الأثر : 838- لم أجده بنصه في مكان .
وفي المطبوعة : "تكتمون محمدًا .
.
.
" .

﴿ ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون ﴾

قراءة سورة البقرة

المصدر : تفسير : ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم