القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 43 سورة البقرة - وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين

سورة البقرة الآية رقم 43 : سبع تفاسير معتمدة

سورة وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين - عدد الآيات 286 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 43 من سورة البقرة عدة تفاسير - سورة البقرة : عدد الآيات 286 - - الصفحة 7 - الجزء 1.

سورة البقرة الآية رقم 43


﴿ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱرۡكَعُواْ مَعَ ٱلرَّٰكِعِينَ ﴾
[ البقرة: 43]

﴿ التفسير الميسر ﴾

وادخلوا في دين الإسلام: بأن تقيموا الصلاة على الوجه الصحيح، كما جاء بها نبي الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وتؤدوا الزكاة المفروضة على الوجه المشروع، وتكونوا مع الراكعين من أمته صلى الله عليه وسلم.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين» صلوا مع المصلين محمد وأصحابه، ونزل في علمائهم وكانوا يقولون لأقربائهم المسلمين اثبتوا على دين محمد فإنه الحق.

﴿ تفسير السعدي ﴾

ثم قال: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ أي: ظاهرا وباطنا وَآتُوا الزَّكَاةَ مستحقيها، وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ أي: صلوا مع المصلين، فإنكم إذا فعلتم ذلك مع الإيمان برسل الله وآيات الله, فقد جمعتم بين الأعمال الظاهرة والباطنة, وبين الإخلاص للمعبود, والإحسان إلى عبيده، وبين العبادات القلبية البدنية والمالية.
وقوله: وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ أي: صلوا مع المصلين, ففيه الأمر بالجماعة للصلاة ووجوبها، وفيه أن الركوع ركن من أركان الصلاة لأنه عبّر عن الصلاة بالركوع، والتعبير عن العبادة بجزئها يدل على فرضيته فيها.


﴿ تفسير البغوي ﴾

وأقيموا الصلاة يعني الصلوات الخمس بمواقيتها وحدودها.
وآتوا الزكاة أدوا زكاة أموالكم المفروضة.
والزكاة مأخوذة من زكا الزرع إذا نما وكثر، وقيل: من تزكى أي تطهر، وكلا المعنيين موجود في الزكاة، لأن فيها تطهيراً وتنمية للمال.
واركعوا مع الراكعين أي صلوا مع المصلين: محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وذكر بلفظ الركوع لأنه ركن من أركان الصلاة، ولأن صلاة اليهود لم يكن فيها ركوع، فكأنه قال: صلوا صلاة ذات ركوع.
قيل: إعادته بعد قوله وأقيموا الصلاة لهذا، أي صلوا مع الذين في صلاتهم ركوع، فالأول مطلق في حق الكل، وهذا في حق أقوام مخصوصين.
وقيل: هذا حث على إقامة الصلاة جماعة كأنه قال لهم: صلوا مع المصلين الذين سبقوكم بالإيمان.

﴿ تفسير الوسيط ﴾

وبعد أن أمرهم - سبحانه - بأصل الدين الذي هو الإِيمان به وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم أردفه بركنين من أركانه العملية ، إذا قاموا بهما لانت قلوبهم للحق ، وانعطفت نفوسهم نحو خشية الله وحده ، فقال تعالى : ( وَأَقِيمُواْ الصلاة وَآتُواْ الزكاة واركعوا مَعَ الراكعين ) والمراد بإقامة الصلاة ، أداؤها مستوفية لأركانها وشرائطها وآدابها .
والمراد بإيتاء الزكاة دفعها لمستحقيها كاملة غير منقوصة .
والمعنى : عليكم يا معشر اليهود أن تحافظوا على أداء الصلاة ، التي هي أعظم العبادات البدنية ، وعلى إيتاء الزكاة التي هي أعظم العبادات المالية ، وأن تخضعوا لما يلزمكم في دين الله - تعالى - لأن في محافظتكم على هذه العبادات تطهيراً لقلوبكم ، وتأليفاً لنفوسكم ، وتزكية لمشاعركم ، ولأنكم إن لم تحافظوا عليها كما أمركم الله - تعالى - فسيلحقكم الخزي في الدنيا ، والعذاب في الأخرى .
هذا ، ونرى من المناسب أن نختم تفسير هذه الآيات الكريمة ، وبيان ما اشتملت عليه من توجيه سليم ، وتركيب بليغ ، بما قاله أبو حيان في تفسيره ، فقال قال - رحمه الله - :" وفي هذه الجمل - وإن كانت معطوفات بالواو التي لا تقتضي في الوضع ترتيباً - ترتيبٌ عجيب من الفصاحة ، وبناء الكلام بعضه على بعض ، وذلك أنه تعالى أمرهم أولا بذكر النعمة التي أنعمها عليهم ، إذ في ذلك ما يدعو إلى محبة المنعم ووجوب طاعته : ثم أمرهم بإيفاء العهد الذي التزموه للمنعم ، ثم رغبهم بترتيب إيفائه هو تعالى بعهدهم في الإِيفاء بالعهد ، ثم أمرهم بالخوف من نقمة إن لم يوفوا ، فاكتنف الأمر بالإِيفاء أمر بذكر النعمة والإِحسان ، وأمر بالخوف من العصيان .
ثم أعقب ذلك بالأمر بإِيمان خاص وهو ما أنزل من القرآن ، ورغب في ذلك بأنه مصدق لما معهم ، فليس أمراً مخالفاً لما في أيديهم ، لأن الانتقال إلى الموافق أقرب من الانتقال إلى المخالف ثم نهاهم عن استبدال الخسيس بالنفيس ، ثم أمرهم - تعالى - باتقائه ثم أعقب ذلك بالنهي عن لبس الحق بالباطل ، وعن كتم الحق ، فكان الأمر بالإِيمان أمراً بترك الضلال ، والنهي عن لبس الحق بالباطل ، وكتمان الحق تركاً للإِضلال .
ولما كان الضلال ناشئاً عن أمرين :إما تمويه الباطل حقاً ، إن كانت الدلائل قد بلغت المستمع ، وإما عن كتمان الدلائل إن كانت لم تبلغه ، أشار إلى الأمرين بلا تلبسوا وتكتموا ، ثم قبح عليهم هذين الوصفين مع وجود العلم ، ثم أمرهم بعد تحصيل الإِيمان ، وإظهار الحق بإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، لأن الصلاة آكد العبادات البدنية ، والزكاة آكد العبادات المالية ثم ختم ذلك بالأمر بالانقياد والخضوع له - تعالى - مع جملة الخاضعين الطائعين .
فكان افتتاح هذه الآيات بذكر النعم واختتامها بالانقياد للمنعم ، وما بينهما من تكاليف اعتقادية ، وأفعال بدنية ومالية ، وبنحو ما تضمنته هذه الآيات من الافتتاح والإِرداف والاختتام يظهر فضل كلام الله - تعالى - على سائر الكلام ، وهذه الأوامر والنواهي ، وإن كانت خاصة ببني إسرائيل في الصورة ، إلا أنها عامة في المعنى ، فيجب على كل مكلف في كل زمان ومكان أن يعمل به " .
وبعد كل هذه الأوامر والنواهي ، وبخهم الله - تعالى - وقرعهم على ارتكابهم لأمور لا تصدر عن عاقل .
وهي أنهم يأمرون الناس بالخير ولا يفعلونه ، فقال تعالى :( أَتَأْمُرُونَ الناس بالبر وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ .
.
.
)

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين ) قال مقاتل : قوله تعالى لأهل الكتاب : ( وأقيموا الصلاة ) أمرهم أن يصلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم ( وآتوا الزكاة ) أمرهم أن يؤتوا الزكاة ، أي : يدفعونها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ( واركعوا مع الراكعين ) أمرهم أن يركعوا مع الراكعين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .يقول : كونوا منهم ومعهم .وقال علي بن طلحة ، عن ابن عباس : [ ( وآتوا الزكاة ) ] يعني بالزكاة : طاعة الله والإخلاص .وقال وكيع ، عن أبي جناب ، عن عكرمة عن ابن عباس ، في قوله : ( وآتوا الزكاة ) قال : ما يوجب الزكاة ؟ قال : مائتان فصاعدا .وقال مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، في قوله تعالى : ( وآتوا الزكاة ) قال : فريضة واجبة ، لا تنفع الأعمال إلا بها وبالصلاة .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير عن أبي حيان [ العجمي ] التيمي ، عن الحارث العكلي في قوله : ( وآتوا الزكاة ) قال : صدقة الفطر .وقوله تعالى : ( واركعوا مع الراكعين ) أي : وكونوا مع المؤمنين في أحسن أعمالهم ، ومن أخص ذلك وأكمله الصلاة .[ وقد استدل كثير من العلماء بهذه الآية على وجوب الجماعة ، وبسط ذلك في كتاب الأحكام الكبير إن شاء الله ، وقد تكلم القرطبي على مسائل الجماعة والإمامة فأجاد ] .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى : وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعينفيه أربع وثلاثون مسألة :الأولى : قوله تعالى : وأقيموا الصلاة أمر معناه الوجوب ولا خلاف فيه ، وقد تقدم القول في معنى إقامة الصلاة واشتقاقها وفي جملة من أحكامها ، والحمد لله .
الثانية : قوله تعالى : وآتوا الزكاة أمر أيضا يقتضي الوجوب والإيتاء الإعطاء آتيته أعطيته قال الله تعالى لئن آتانا من فضله لنصدقن وأتيته بالقصر من غير مد جئته فإذا كان المجيء بمعنى الاستقبال مد ومنه الحديث ( ولآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأخبرنه ) وسيأتي .
الثالثة : الزكاة مأخوذة من زكا الشيء إذا نما وزاد يقال زكا الزرع والمال يزكو إذا كثر وزاد ورجل زكي أي زائد الخير وسمي الإخراج من المال زكاة وهو نقص منه من حيث ينمو بالبركة أو بالأجر الذي يثاب به المزكي ويقال زرع زاك بين الزكاء وزكأت الناقة بولدها تزكأ به إذا رمت به من بين رجليها وزكا الفرد إذا صار زوجا بزيادة الزائد عليه حتى صار شفعا قال الشاعركانوا خسا أو زكا من دون أربعة لم يخلقوا وجدود الناس تعتلججمع جد وهو الحظ والبخت تعتلج أي ترتفع اعتلجت الأرض طال نباتها فخسا الفرد ، وزكا الزوج .
وقيل : أصلها الثناء الجميل ومنه زكى القاضي الشاهد فكأن من يخرج الزكاة يحصل لنفسه الثناء الجميل ، وقيل الزكاة مأخوذة من التطهير كما يقال : زكا فلان أي طهر من دنس الجرحة والإغفال ' فكأن الخارج من المال يطهره من تبعة الحق الذي جعل الله فيه للمساكين ، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى ما يخرج من الزكاة أوساخ الناس ، وقد قال تعالى خذ من أموالهم صدقه تطهرهم وتزكيهم بها .
الرابعة : واختلف في المراد بالزكاة هنا فقيل الزكاة المفروضة ؛ لمقارنتها بالصلاة ، وقيل صدقة الفطر قاله مالك في سماع ابن القاسم .
قلت : فعلى الأول وهو قول أكثر العلماء - فالزكاة في الكتاب مجملة بينها النبي صلى الله عليه وسلم فروى الأئمة عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس في حب ولا تمر صدقة حتى تبلغ خمسة أوسق ولا فيما دون خمس ذود صدقة ولا فيما دون خمس أواق صدقة وقال البخاري ( خمس أواق من الورق ) وروى البخاري عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر وما سقي بالنضح نصف العشر وسيأتي بيان هذا الباب في " الأنعام " إن شاء الله تعالى ويأتي في " براءة " زكاة العين والماشية وبيان المال الذي لا يؤخذ منه زكاة عند قوله تعالى خذ من أموالهم صدقة وأما زكاة الفطر فليس لها في الكتاب نص عليها إلا ما تأوله مالك هنا ، وقوله تعالى قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى والمفسرون يذكرون الكلام عليها في سورة " الأعلى " ، ورأيت الكلام عليها في هذه السورة عند كلامنا على آي الصيام ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر في رمضان ، الحديث .
وسيأتي فأضافها إلى رمضان .
الخامسة : قوله تعالى : واركعوا الركوع في اللغة الانحناء بالشخص وكل منحن راكع .
قال لبيد :أخبر أخبار القرون التي مضت أدب كأني كلما قمت راكعوقال ابن دريد : الركعة الهوة في الأرض لغة يمانية وقيل الانحناء يعم الركوع والسجود ويستعار أيضا في الانحطاط في المنزلة .
قالولا تعاد الضعيف علك أن تركع يوما والدهر قد رفعهالسادسة : واختلف الناس في تخصيص الركوع بالذكر فقال قوم جعل الركوع ؛ لما كان من أركان الصلاة عبارة عن الصلاة .
قلت : وهذا ليس مختصا بالركوع وحده ، فقد جعل الشرع القراءة عبارة عن الصلاة والسجود عبارة عن الركعة بكمالها فقال وقرآن الفجر أي صلاة الفجر وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدرك سجدة من الصلاة فقد أدرك الصلاة .
وأهل الحجاز يطلقون على الركعة سجدة وقيل إنما خص الركوع بالذكر ؛ لأن بني إسرائيل لم يكن في صلاتهم ركوع وقيل : لأنه كان أثقل على القوم في الجاهلية حتى لقد قال بعض من أسلم - أظنه عمران بن حصين - للنبي صلى الله عليه وسلم : على ألا أخر إلا قائما .
فمن تأويله على ألا أركع ، فلما تمكن الإسلام من قلبه اطمأنت بذلك نفسه وامتثل ما أمر به من الركوع .
السابعة : الركوع الشرعي هو أن يحني الرجل صلبه ويمد ظهره وعنقه ويفتح أصابع يديه ويقبض على ركبتيه ثم يطمئن راكعا يقول سبحان ربي العظيم ثلاثا وذلك أدناه .
روى مسلم عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة ب " الحمد لله رب العالمين " وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك .
وروى البخاري عن أبي حميد الساعدي قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر جعل يديه حذو منكبيه وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره الحديث .
الثامنة : الركوع فرض ، قرآنا وسنة ، وكذلك السجود لقوله تعالى في آخر الحج اركعوا واسجدوا .
وزادت السنة الطمأنينة فيهما والفصل بينهما وقد تقدم القول في ذلك وبينا صفة الركوع آنفا وأما السجود فقد جاء مبينا من حديث أبي حميد الساعدي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد مكن جبهته وأنفه من الأرض ونحى يديه عن جنبيه ووضع كفيه حذو منكبيه .
خرجه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح .
وروى مسلم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب .
وعن البراء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك .
وعن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد خوى بيديه - يعني جنح حتى يرى وضح إبطيه من ورائه - وإذا قعد اطمأن على فخذه اليسرى .
التاسعة : واختلف العلماء فيمن وضع جبهته في السجود دون أنفه أو أنفه دون جبهته ، فقال مالك : يسجد على جبهته وأنفه ، وبه قال الثوري وأحمد ، وهو قول النخعي .
قال أحمد : لا يجزئه السجود على أحدهما دون الآخر ، وبه قال أبو خيثمة وابن أبي شيبة .
قال إسحاق : إن سجد على أحدهما دون الآخر فصلاته فاسدة .
وقال الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز ، وروي عن ابن عباس وسعيد بن جبير وعكرمة وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، كلهم أمر بالسجود على الأنف .
وقالت طائفة : يجزئ أن يسجد على جبهته دون أنفه ، هذا قول عطاء وطاوس وعكرمة وابن سيرين والحسن البصري ، وبه قال الشافعي وأبو ثور ويعقوب ومحمد .
قال ابن المنذر : وقال قائل : إن وضع جبهته ولم يضع أنفه أو وضع أنفه ولم يضع جبهته فقد أساء ، وصلاته تامة ، هذا قولالنعمان .
قال ابن المنذر : ولا أعلم أحدا سبقه إلى هذا القول ولا تابعه عليه .
قلت : الصحيح في السجود وضع الجبهة والأنف ، لحديث أبي حميد ، وقد تقدم .
وروى البخاري عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة - وأشار بيده إلى أنفه - واليدين والركبتين وأطراف القدمين ولا نكفت الثياب والشعر .
وهذا كله بيان لمجمل الصلاة فتعين القول به والله أعلم وروي عن مالك أنه يجزيه أن يسجد على جبهته دون أنفه ، كقول عطاء والشافعي والمختار عندنا قوله الأول ولا يجزئ عند مالك إذا لم يسجد على جبهته .
العاشرة : ويكره السجود على كور العمامة ، وإن كان طاقة أو طاقتين مثل الثياب التي تستر الركب والقدمين فلا بأس ، والأفضل مباشرة الأرض أو ما يسجد عليه فإن كان هناك ما يؤذيه أزاله قبل دخوله في الصلاة ، فإن لم يفعل فليمسحه مسحة واحدة .
وروى مسلم عن معيقيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد قال ( إن كنت فاعلا فواحدة ) وروي عن أنس بن مالك قال : كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شدة الحر فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه .
الحادية عشرة : لما قال تعالى : اركعوا واسجدوا قال بعض علمائنا وغيرهم يكفي منها ما يسمى ركوعا وسجودا ، وكذلك من القيام ولم يشترطوا الطمأنينة في ذلك فأخذوا بأقل الاسم في ذلك وكأنهم لم يسمعوا الأحاديث الثابتة في إلغاء الصلاة قال ابن عبد البر : ولا يجزي ركوع ولا سجود ولا وقوف بعد الركوع ولا جلوس بين السجدتين حتى يعتدل راكعا وواقفا وساجدا وجالسا .
وهو الصحيح في الأثر وعليه جمهور العلماء وأهل النظر وهي رواية ابن وهب وأبي مصعب عن مالك .
وقال القاضي أبو بكر بن العربي : وقد تكاثرت الرواية عن ابن القاسم وغيره بوجوب الفصل وسقوط الطمأنينة وهو وهم عظيم ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها وأمر بها وعلمها .
فإن كان لابن القاسم عذر أن كان لم يطلع عليها فما لكم أنتم وقد انتهى العلم إليكم وقامت الحجة به عليكم روى النسائي والدارقطني وعلي بن عبد العزيز عن رفاعة بن رافع قال : كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فدخل المسجد فصلى ، فلما قضى الصلاة جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى القوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ارجع فصل فإنك لم تصل وجعل يصلي وجعلنا نرمق صلاته لا ندري ما يعيب منها فلما جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى القوم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم وعليك ارجع فصل فإنك لم تصل قال همام فلا ندري أمره بذلك مرتين أو ثلاثا فقال له الرجل ما ألوت فلا أدري ما عبت علي من صلاتي ؟ فقال صلى الله عليه وسلم إنه لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين ثم يكبر الله تعالى ويثني عليه ثم يقرأ أم القرآن وما أذن له فيه وتيسر ثم يكبر فيركع فيضع كفيه على ركبتيه حتى تطمئن مفاصله ويسترخي ثم يقول سمع الله لمن حمده ويستوي قائما حتى يقيم صلبه ويأخذ كل عظم مأخوذه ثم يكبر فيسجد فيمكن وجهه قال همام وربما قال جبهته من الأرض حتى تطمئن مفاصله ويسترخي ثم يكبر فيستوي قاعدا على مقعده ويقيم صلبه فوصف الصلاة هكذا أربع ركعات حتى فرغ ثم قال لا تتم صلاة أحدكم حتى يفعل ذلك .
ومثله حديث أبي هريرة خرجه مسلم وقد تقدم .
قلت : فهذا بيان الصلاة المجملة في الكتاب بتعليم النبي عليه السلام وتبليغه إياها جميع الأنام فمن لم يقف عند هذا البيان وأخل بما فرض عليه الرحمن ولم يمتثل ما بلغه عن نبيه عليه السلام كان من جملة من دخل في قوله تعالى فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات على ما يأتي بيانه هناك إن شاء الله تعالى روى البخاري عن زيد بن وهب قال رأى حذيفة رجلا لا يتم الركوع ولا السجود فقال ما صليت ولو مت لمت على غير الفطرة التي فطر الله عليها محمدا صلى الله عليه وسلم .
الثانية عشرة : قوله تعالى : مع الراكعين مع تقتضي المعية والجمعية ولهذا قال جماعة من أهل التأويل بالقرآن إن الأمر بالصلاة أولا لم يقتض شهود الجماعة فأمرهم بقوله مع شهود الجماعة وقد اختلف العلماء في شهود الجماعة على قولين فالذي عليه الجمهور أن ذلك من السنن المؤكدة ويجب على من أدمن التخلف عنها من غير عذر العقوبة وقد أوجبها بعض أهل العلم فرضا على الكفاية قال ابن عبد البر وهذا قول صحيح لإجماعهم على أنه لا يجوز أن يجتمع على تعطيل المساجد كلها من الجماعات فإذا قامت الجماعة في المسجد فصلاة المنفرد في بيته جائزة لقوله عليه السلام صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة أخرجه مسلم من حديث ابن عمر وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا .
وقال داود الصلاة في الجماعة فرض على كل أحد في خاصته كالجمعة واحتج بقوله عليه السلام : لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد خرجه أبو داود وصححه أبو محمد عبد الحق ، وهو قول عطاء بن أبي رباح وأحمد بن حنبل وأبي ثور وغيرهم .
وقال الشافعي : لا أرخص لمن قدر على الجماعة في ترك إتيانها إلا من عذر حكاه ابن المنذر وروى مسلم عن أبي هريرة قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له فلما ولى دعاه فقال هل تسمع النداء بالصلاة ؟ قال : نعم قال فأجب وقال أبو داود في هذا الحديث لا أجد لك رخصة .
خرجه من حديث ابن أم مكتوم وذكر أنه كان هو السائل وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سمع النداء فلم يمنعه من إتيانه عذر قالوا وما العذر قال خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلىقال أبو محمد عبد الحق : هذا يرويه مغراء العبدي والصحيح موقوف على ابن عباس من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له على أن قاسم بن أصبغ ذكره في كتابه فقال حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر وحسبك بهذا الإسناد صحة .
ومغراء العبدي روى عنه أبو إسحاق وقال ابن مسعود ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق وقال عليه السلام بيننا وبين المنافقين شهود العتمة والصبح لا يستطيعونهما قال ابن المنذر ولقد روينا عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا من سمع النداء فلم يجب من غير عذر فلا صلاة له منهم ابن مسعود وأبو موسى الأشعري وروى أبو داود عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد هممت أن آمر فتيتي فيجمعوا حزما من حطب ثم آتي قوما يصلون في بيوتهم ليست لهم علة فأحرقها عليهم هذا ما احتج به من أوجب الصلاة في الجماعة فرضا وهي ظاهرة في الوجوب وحملها الجمهور على تأكيد أمر شهود الصلوات في الجماعة بدليل حديث ابن عمر وأبي هريرة وحملوا قول الصحابة وما جاء في الحديث من أنه ( لا صلاة له ) على الكمال والفضل وكذلك قوله عليه السلام لابن أم مكتوم ( فأجب ) على الندب .
وقوله عليه السلام ( لقد هممت ) لا يدل على الوجوب الحتم ؛ لأنه هم ولم يفعل وإنما مخرجه مخرج التهديد والوعيد للمنافقين الذين كانوا يتخلفون عن الجماعة والجمعة يبين هذا المعنى ما رواه مسلم عن عبد الله قال ( من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن ، فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى ، وإنهن من سنن الهدى ، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم ، ولو تركتم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم لضللتم ، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف ) .
فبين رضي الله عنه في حديثه أن الاجتماع سنة من سنن الهدى وتركه ضلال ، ولهذا قال القاضي أبو الفضل عياض : اختلف في التمالؤ على ترك ظاهر السنن ، هل يقاتل عليها أو لا ، والصحيح قتالهم ; لأن في التمالؤ عليها إماتتها .
قلت : فعلى هذا إذا أقيمت السنة وظهرت جازت صلاة المنفرد وصحت روى مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه بضعا وعشرين درجة وذلك أن أحدهم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة لا يريد إلا الصلاة فلم يخط خطوة إلا رفع له بها درجة وحط عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد فإذا دخل المسجد كان في الصلاة ما كانت الصلاة هي تحبسه والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه يقولون اللهم ارحمه اللهم اغفر له اللهم تب عليه ما لم يؤذ فيه ما لم يحدث فيه .
قيل لأبي هريرة : ما يحدث ؟ قال : يفسو أو يضرط .
الثالثة عشرة : واختلف العلماء في هذا الفضل المضاف للجماعة هل لأجل الجماعة فقط حيث كانت أو إنما يكون ذلك الفضل للجماعة التي تكون في المسجد لما يلازم ذلك من أفعال تختص بالمساجد كما جاء في الحديث ، قولان والأول أظهر ؛ لأن الجماعة هو الوصف الذي علق عليه الحكم والله أعلم وما كان من إكثار الخطى إلى المساجد وقصد الإتيان إليها والمكث فيها فذلك زيادة ثواب خارج عن فضل الجماعة والله أعلم .
الرابعة عشرة : واختلفوا أيضا هل تفضل جماعة جماعة بالكثرة وفضيلة الإمام فقال مالك : لا وقال ابن حبيب : نعم ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كثر فهو أحب إلى الله رواه أبي بن كعب وأخرجه أبو داود وفي إسناده لين .
الخامسة عشرة : واختلفوا أيضا فيمن صلى في جماعة هل يعيد صلاته تلك في جماعة أخرى فقال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم إنما يعيد الصلاة في جماعة مع الإمام من صلى وحده في بيته وأهله أو في غير بيته وأما من صلى في جماعة وإن قلت فإنه لا يعيد في جماعة أكثر منها ولا أقل وقال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وداود بن علي جائز لمن صلى في جماعة ووجد أخرى في تلك الصلاة أن يعيدها معهم إن شاء ؛ لأنها نافلة وسنة وروي ذلك عن حذيفة بن اليمان وأبي موسى الأشعري وأنس بن مالك وصلة بن زفر والشعبي والنخعي وبه قال حماد بن زيد وسليمان بن حرب .
احتج مالك بقوله صلى الله عليه وسلم لا تصلى صلاة في يوم مرتين ومنهم من يقول لا تصلوا رواه سليمان بن يسار عن ابن عمر واتفق أحمد وإسحاق على أن معنى هذا الحديث أن يصلي الإنسان الفريضة ثم يقوم فيصليها ثانية ينوي بها الفرض مرة أخرى فأما إذا صلاها مع الإمام على أنها سنة أو تطوع فليس بإعادة الصلاة ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للذين أمرهم بإعادة الصلاة في جماعة ( إنها لكم نافلة ) من حديث أبي ذر وغيره .
السادسة عشرة : روى مسلم عن أبي مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه وفي رواية ( سنا ) مكان ( سلما ) وأخرجه أبو داود وقال قال شعبة فقلت لإسماعيل ما تكرمته قال فراشه وأخرجه الترمذي وقال حديث أبي مسعود حديث حسن صحيح والعمل عليه عند أهل العلم .
قالوا : أحق الناس بالإمامة أقرؤهم لكتاب الله وأعلمهم بالسنة وقالوا صاحب المنزل أحق بالإمامة وقال بعضهم إذا أذن صاحب المنزل لغيره فلا بأس أن يصلي به وكرهه بعضهم ، وقالوا السنة أن يصلي صاحب البيت قال ابن المنذر روينا عن الأشعث بن قيس أنه قدم غلاما وقال إنما أقدم القرآن وممن قال يؤم القوم أقرؤهم ابن سيرين والثوري وإسحاق وأصحاب الرأي قال ابن المنذر : بهذا نقول ؛ لأنه موافق للسنة وقال مالك يتقدم القوم أعلمهم إذا كانت حاله حسنة وإن للسن حقا ، وقال الأوزاعي يؤمهم أفقههم وكذلك قال الشافعي وأبو ثور إذا كان يقرأ القرآن وذلك ؛ لأن الفقيه أعرف بما ينوبه من الحوادث في الصلاة وتأولوا الحديث بأن الأقرأ من الصحابة كان الأفقه ؛ لأنهم كانوا يتفقهون في القرآن ، وقد كان من عرفهم الغالب تسميتهم الفقهاء بالقراء واستدلوا بتقديم النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه أبا بكر لفضله وعلمه وقال إسحاق إنما قدمه النبي صلى الله عليه وسلم ليدل على أنه خليفته بعده ذكره أبو عمر في التمهيد وروى أبو بكر البزار بإسناد حسن عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافرتم فليؤمكم أقرؤكم وإن كان أصغركم وإذا أمكم فهو أميركم قال لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من رواية أبي هريرة بهذا الإسناد .
قلت : إمامة الصغير جائزة إذا كان قارئا ثبت في صحيح البخاري عن عمر بن سلمة قال كنا بماء ممر الناس وكان يمر بنا الركبان فنسألهم ما للناس ؟ ما هذا الرجل ؟ فيقولون يزعم أن الله أرسله أوحى إليه كذا أوحى إليه كذا فكنت أحفظ ذلك الكلام فكأنما يقر في صدري وكانت العرب تلوم بإسلامها فيقولون اتركوه وقومه فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق فلما كانت وقعة الفتح بادر كل قوم بإسلامهم وبدر أبي قومي بإسلامهم فلما قدم قال جئتكم والله من عند نبي الله حقا ، قال : صلوا صلاة كذا في حين كذا فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا .
فنظروا فلم يكن أحد أكثر مني قرآنا لما كنت أتلقى من الركبان فقدموني بين أيديهم وأنا ابن ست أو سبع سنين وكانت علي بردة إذا سجدت تقلصت عني فقالت امرأة من الحي ألا تغطون عنا است قارئكم فاشتروا فقطعوا لي قميصا فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص وممن أجاز إمامة الصبي غير البالغ الحسن البصري وإسحاق بن راهويه واختاره ابن المنذر إذا عقل الصلاة وقام بها لدخوله في جملة قوله صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقرؤهم ولم يستثن ولحديث عمرو بن سلمة وقال الشافعي في أحد قوليه يؤم في سائر الصلوات ولا يؤم في الجمعة وقد كان قبل يقول ومن أجزأت إمامته في المكتوبة أجزأت إمامته في الأعياد غير أني أكره فيها إمامة غير الوالي وقال الأوزاعي : لا يؤم الغلام في الصلاة المكتوبة حتى يحتلم إلا أن يكون قوم ليس معهم من القرآن شيء فإنه يؤمهم الغلام المراهق وقال الزهري إن اضطروا إليه أمهم ومنع ذلك جملة مالك والثوري وأصحاب الرأي .
السابعة عشرة : الائتمام بكل إمام بالغ مسلم حر على استقامة جائز من غير خلاف إذا كان يعلم حدود الصلاة ولم يكن يلحن في أم القرآن لحنا يخل بالمعنى مثل أن يكسر الكاف من إياك نعبد ويضم التاء في أنعمت ومنهم من راعى تفريق الطاء من الضاد وإن لم يفرق بينهما لا تصح إمامته ؛ لأن معناهما يختلف ومنهم من رخص في ذلك كله إذا كان جاهلا بالقراءة وأم مثله ولا يجوز الائتمام بامرأة ولا خنثى مشكل ولا كافر ولا مجنون ولا أمي ولا يكون واحد من هؤلاء إماما بحال من الأحوال عند أكثر العلماء على ما يأتي ذكره إلا الأمي لمثله قال علماؤنا : لا تصح إمامة الأمي الذي لا يحسن القراءة مع حضور القارئ له ولا لغيره ، وكذلك قال الشافعي فإن أم أميا مثله صحت صلاتهم عندنا وعند الشافعي وقال أبو حنيفة إذا صلى الأمي بقوم يقرءون وبقوم أميين فصلاتهم كلهم فاسدة .
وخالفه أبو يوسف فقال صلاة الإمام ومن لا يقرأ تامة وقالت فرقة صلاتهم كلهم جائزة ؛ لأن كلا مؤد فرضه وذلك مثل المتيمم يصلي بالمتطهرين بالماء والمصلي قاعدا يصلي بقوم قيام صلاتهم مجزئة في قول من خالفنا ؛ لأن كلا مؤد فرض نفسه .
قلت : وقد يحتج لهذا القول بقوله عليه السلام ألا ينظر المصلي [ إذا صلى ] كيف يصلي فإنما يصلي لنفسه أخرجه مسلم وإن صلاة المأموم ليست مرتبطة بصلاة الإمام والله أعلم وكان عطاء بن أبي رباح يقول إذا كانت امرأته تقرأ كبر هو وتقرأ هي فإذا فرغت من القراءة كبر وركع وسجد وهي خلفه تصلي وروي هذا المعنى عن قتادة .
الثامنة عشرة : ولا بأس بإمامة الأعمى والأعرج والأشل والأقطع والخصي والعبد إذا كان كل واحد منهم عالما بالصلاة وقال ابن وهب لا أرى أن يؤم الأقطع والأشل ؛ لأنه منتقص عن درجة الكمال وكرهت إمامته لأجل النقص وخالفه جمهور أصحابه وهو الصحيح ؛ لأنه عضو لا يمنع فقده فرضا من فروض الصلاة فجازت الإمامة الراتبة مع فقده كالعين وقد روى أنس ( أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم يؤم الناس وهو أعمى ، ) وكذا الأعرج والأقطع والأشل والخصي قياسا ونظرا والله أعلم وقد روي عن أنس بن مالك أنه قال في الأعمى : ( وما حاجتهم إليه ؟ ! وكان ابن عباس وعتبان بن مالك يؤمان وكلاهما أعمى ، ) وعليه عامة العلماء .
التاسعة عشرة : واختلفوا في إمامة ولد الزنى فقال مالك أكره أن يكون إماما راتبا وكره ذلك عمر بن عبد العزيز وكان عطاء بن أبي رباح يقول له أن يؤم إذا كان مرضيا ، وهو قول الحسن البصري والزهري والنخعي وسفيان الثوري والأوزاعي وأحمد وإسحاق وتجزئ الصلاة خلفه عند أصحاب الرأي ، وغيره أحب إليهم وقال الشافعي : أكره أن ينصب إماما راتبا من لا يعرف أبوه ومن صلى خلفه أجزأه وقال عيسى بن دينار لا أقول بقول مالك في إمامة ولد الزنى وليس عليه من ذنب أبويه شيء ونحوه قال ابن عبد الحكم إذا كان في نفسه أهلا للإمامة قال ابن المنذر يؤم لدخوله في جملة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقرؤهم وقال أبو عمر ليس في شيء من الآثار الواردة في شرط الإمامة ما يدل على مراعاة نسب وإنما فيها الدلالة على الفقه والقراءة والصلاح في الدين .
الموفية عشرين : وأما العبد فروى البخاري عن ابن عمر قال : ( لما قدم المهاجرون الأولون العصبة موضع بقباء قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة وكان أكثرهم قرآنا .
) وعنه قال : ( كان سالم مولى أبي حذيفة يؤم المهاجرين الأولين وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد قباء ، فيهم أبو بكر وعمر وزيد وعامر بن ربيعة وكانت عائشة يؤمها عبدها ذكوان من المصحف .
) قال ابن المنذر وأم أبو سعيد مولى أبي أسيد ، وهو عبد نفرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم حذيفة وأبو مسعود .
ورخص في إمامة العبد النخعي والشعبي والحسن البصري والحكم والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي وكره ذلك أبو مجلز وقال مالك لا يؤمهم إلا أن يكون العبد قارئا ومن معه من الأحرار لا يقرءون إلا أن يكون في عيد أو جمعة فإن العبد لا يؤمهم فيها ويجزئ عند الأوزاعي إن صلوا وراءه قال ابن المنذر العبد داخل في جملة قول النبي صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقرؤهم .
الحادية والعشرون : وأما المرأة فروى البخاري عن أبي بكرة قال : لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس قد ملكوا بنت كسرى قال لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة وذكر أبو داود عن عبد الرحمن بن خلاد عن أم ورقة بنت عبد الله قال : ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها في بيتها قال وجعل لها مؤذنا يؤذن لها وأمرها أن تؤم أهل دارها ) قال عبد الرحمن ( فأنا رأيت مؤذنها شيخا كبيرا ) قال ابن المنذر : والشافعي يوجب الإعادة على من صلى من الرجال خلف المرأة وقال أبو ثور لا إعادة عليهم وهذا قياس قول المزني .
قلت : وقال علماؤنا : لا تصح إمامتها للرجال ولا للنساء وروى ابن أيمن جواز إمامتها للنساء .
وأما الخنثى المشكل فقال الشافعي : لا يؤم الرجال ويؤم النساء .
وقال مالك : لا يكون إماما بحال ، وهو قول أكثر الفقهاء .
الثانية والعشرون : الكافر المخالف للشرع كاليهودي والنصراني يؤم المسلمين وهم لا يعلمون بكفره .
وكان الشافعي وأحمد يقولان : لا يجزئهم ويعيدون وقاله مالك وأصحابه ؛ لأنه ليس من أهل القربة .
وقال الأوزاعي : يعاقب .
وقال أبو ثور والمزني لا إعادة على من صلى خلفه ولا يكون بصلاته مسلما عند الشافعي وأبي ثور .
وقال أحمد : يجبر على الإسلام .
الثالثة والعشرون : وأما أهل البدع من أهل الأهواء كالمعتزلة والجهمية وغيرهما فذكر البخاري عن الحسن : صل وعليه بدعته .
وقال أحمد : لا يصلى خلف أحد من أهل الأهواء إذا كان داعية إلى هواه وقال مالك : ويصلى خلف أئمة الجور ، ولا يصلى خلف أهل البدع من القدرية وغيرهم .
وقال ابن المنذر : كل من أخرجته بدعته إلى الكفر لم تجز الصلاة خلفه ومن لم يكن كذلك فالصلاة خلفه جائزة ولا يجوز تقديم من هذه صفته .
الرابعة والعشرون : وأما الفاسق بجوارحه كالزاني وشارب الخمر ونحو ذلك فاختلف المذهب فيه فقال ابن حبيب من صلى وراء من شرب الخمر فإنه يعيد أبدا إلا أن يكون الوالي الذي تؤدى إليه الطاعة فلا إعادة على من صلى خلفه إلا أن يكون حينئذ سكران قاله من لقيت من أصحاب مالك ، وروي من حديث جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال على المنبر لا تؤمن امرأة رجلا ولا يؤمن أعرابي مهاجرا ولا يؤمن فاجر برا إلا أن يكون ذلك ذا سلطان قال أبو محمد عبد الحق : هذا يرويه علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب والأكثر يضعف علي بن زيد وروى الدارقطني عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن سركم أن تزكوا صلاتكم فقدموا خياركم في إسناده أبو الوليد خالد بن إسماعيل المخزومي وهو ضعيف قاله الدارقطني وقال فيه أبو أحمد بن عدي كان يضع الحديث على ثقات المسلمين وحديثه هذا يرويه عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة وذكر الدارقطني عن سلام بن سليمان عن عمر عن محمد بن واسع عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعلوا أئمتكم خياركم فإنهم وفد فيما بينكم وبين الله قال الدارقطني عمر هذا هو عندي عمر بن يزيد قاضي المدائن وسلام بن سليمان أيضا مدائني ليس بالقوي قاله عبد الحق .
الخامسة والعشرون : روى الأئمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا ولك الحمد وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون .
وقد اختلف العلماء فيمن ركع أو خفض قبل الإمام عامدا على قولين : أحدهما : أن صلاته فاسدة إن فعل ذلك فيها كلها أو في أكثرها وهو قول أهل الظاهر وروي عن ابن عمر .
ذكر سنيد قال : حدثنا ابن علية عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي الورد الأنصاري قال صليت إلى جنب ابن عمر فجعلت أرفع قبل الإمام وأضع قبله فلما سلم الإمام أخذ ابن عمر بيدي فلواني وجذبني فقلت ما لك ؟ ! قال من أنت ؟ قلت : فلان بن فلان قال أنت من أهل بيت صدق فما يمنعك أن تصلي قلت : أوما رأيتني إلى جنبك قال قد رأيتك ترفع قبل الإمام وتضع قبله وإنه ( لا صلاة لمن خالف الإمام ) .
وقال الحسن بن حي فيمن ركع أو سجد قبل الإمام ثم رفع من ركوعه أو سجوده قبل أن يركع الإمام أو يسجد لم يعتد بذلك ولم يجزه ، وقال أكثر الفقهاء من فعل ذلك فقد أساء ، ولم تفسد صلاته ؛ لأن الأصل في صلاة الجماعة والائتمام فيها بالأئمة سنة حسنة فمن خالفها بعد أن أدى فرض صلاته بطهارتها وركوعها وسجودها وفرائضها فليس عليه إعادتها وإن أسقط بعض سننها ؛ لأنه لو شاء أن ينفرد فصلى قبل إمامه تلك الصلاة أجزأت عنه وبئس ما فعل في تركه الجماعة قالوا ومن دخل في صلاة الإمام فركع بركوعه وسجد بسجوده ولم يكن في ركعة وإمامه في أخرى فقد اقتدى وإن كان يرفع قبله ويخفض قبله ؛ لأنه بركوعه يركع وبسجوده يسجد ويرفع ، وهو في ذلك تبع له إلا أنه مسيء في فعله ذلك لخلافه سنة المأموم المجتمع عليها .
قلت : ما حكاه ابن عبد البر عن الجمهور ينبئ على أن صلاة المأموم عندهم غير مرتبطة بصلاة الإمام ؛ لأن الاتباع الحسي والشرعي مفقود وليس الأمر هكذا عند أكثرهم والصحيح في الأثر والنظر القول الأول فإن الإمام إنما جعل ليؤتم به ويقتدى به بأفعاله ومنه قوله تعالى إني جاعلك للناس إماما أي يأتمون بك على ما يأتي بيانه .
هذا حقيقة الإمام لغة وشرعا فمن خالف إمامه لم يتبعه ، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم بين فقال ( إذا كبر فكبروا ) الحديث فأتى بالفاء التي توجب التعقيب وهو المبين عن الله مراده ثم أوعد من رفع أو ركع قبل وعيدا شديدا فقال أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار أو صورته صورة حمار أخرجه الموطأ والبخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم ، وقال أبو هريرة إنما ناصيته بيد شيطان وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد يعني مردودا فمن تعمد خلاف إمامه عالما بأنه مأمور باتباعه منهي عن مخالفته فقد استخف بصلاته وخالف ما أمر به فواجب ألا تجزئ عنه صلاته تلك والله أعلم .
السادسة والعشرون : فإن رفع رأسه ساهيا قبل الإمام فقال مالك رحمه الله : السنة فيمن سها ففعل ذلك في ركوع أو في سجود أن يرجع راكعا أو ساجدا وينتظر الإمام وذلك خطأ ممن فعله ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه قال ابن عبد البر ظاهر قول مالك هذا لا يوجب الإعادة على فعله عامدا لقوله " وذلك خطأ ممن فعله " ؛ لأن الساهي الإثم عنه موضوع .
السابعة والعشرون : وهذا الخلاف إنما هو فيما عدا تكبيرة الإحرام والسلام أما السلام فقد تقدم القول فيه وأما تكبيرة الإحرام فالجمهور على أن تكبير المأموم لا يكون إلا بعد تكبير الإمام إلا ما روي عن الشافعي في أحد قوليه أنه إن كبر قبل إمامه تكبيرة الإحرام أجزأت عنه لحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء إلى الصلاة فلما كبر انصرف وأومأ إليهم أي كما أنتم ثم خرج ثم جاء ورأسه يقطر فصلى بهم فلما انصرف قال : إني كنت جنبا فنسيت أن أغتسل ومن حديث أنس ( فكبر وكبرنا معه ) وسيأتي بيان هذا عند قوله تعالى : ولا جنبا في " النساء " إن شاء الله تعالى .
الثامنة والعشرون : وروى مسلم عن أبي مسعود قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ليلني منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم قال أبو مسعود ( فأنتم اليوم أشد اختلافا ) .
زاد من حديث عبد الله وإياكم وهيشات الأسواق .
وقوله ( استووا ) أمر بتسوية الصفوف وخاصة الصف الأول وهو الذي يلي الإمام على ما يأتي بيانه في سورة " الحجر " إن شاء الله تعالى وهناك يأتي الكلام على معنى هذا الحديث بحول الله تعالى .
التاسعة والعشرون : واختلف العلماء في كيفية الجلوس في الصلاة لاختلاف الآثار في ذلك فقال مالك وأصحابه : يفضي المصلي بأليتيه إلى الأرض وينصب رجله اليمنى ويثني رجله اليسرى ، لما رواه في موطئه عن يحيى بن سعيد أن القاسم بن محمد ( أراهم الجلوس في التشهد فنصب رجله اليمنى وثنى رجله اليسرى وجلس على وركه الأيسر ولم يجلس على قدمه ) ، ثم قال : أراني هذا عبد الله بن عمر وحدثني أن أباه كان يفعل ذلك .
قلت : وهذا المعنى قد جاء في صحيح مسلم عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة ب " ( " الحمد لله رب العالمين ) ، وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك ، وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائما ، وكان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي جالسا ، وكان يقول في كل ركعتين التحية ، وكان يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى ، وكان ينهى عن عقبة الشيطان ، وينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع ، وكان يختم الصلاة بالتسليم .
قلت : ولهذا الحديث - والله أعلم - قال ابن عمر : إنما سنة الصلاة أن تنصب رجلك اليمنى وتثني اليسرى وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه والحسن بن صالح بن حي ( ينصب اليمنى ويعقد على اليسرى ) ، لحديث وائل بن حجر ، وكذلك قال الشافعي وأحمد وإسحاق في الجلسة الوسطى .
وقالوا في الآخرة من الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء كقول مالك لحديث أبي حميد الساعدي رواه البخاري قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا كبر جعل يديه حذو منكبيه وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره فإذا رفع استوى حتى يعود كل فقار مكانه فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة وإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب الأخرى وإذا جلس في الركعة الآخرة قدم رجله اليسرى ونصب اليمنى وقعد على مقعدته .
قال الطبري إن فعل هذا فحسن كل ذلك قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
الموفية الثلاثين : مالك عن مسلم بن أبي مريم عن علي بن عبد الرحمن المعاوي أنه قال : رآني عبد الله بن عمر وأنا أعبث بالحصباء في الصلاة ، فلما انصرف نهاني فقال اصنع كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع قلت وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ؟ قال : كان إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى وقبض أصابعه كلها وأشار بأصبعه التي تلي الإبهامووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى وقال : هكذا كان يفعل .
قال ابن عبد البر : ( وما وصفه ابن عمر من وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى وقبض أصابع يده تلك كلها إلا السبابة منها فإنه يشير بها ، ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى مفتوحة مفروجة الأصابع ، كل ذلك سنة في الجلوس في الصلاة مجمع عليه ولا خلاف علمته بين العلماء فيها وحسبك بهذا .
إلا أنهم اختلفوا في تحريك أصبعه السبابة فمنهم من رأى تحريكها ومنهم من لم يره وكل ذلك مروي في الآثار الصحاح المسندة عن النبي صلى الله عليه وسلم وجميعه مباح والحمد لله وروى سفيان بن عيينة هذا الحديث عن مسلم بن أبي مريم بمعنى ما رواه مالك وزاد فيه : قال سفيان : وكان يحيى بن سعيد حدثناه عن مسلم ثم لقيته فسمعته منه وزادني فيه قال هي مذبة الشيطان لا يسهو أحدكم ما دام يشير بإصبعه ويقول هكذا .
قلت : روى أبو داود في حديث ابن الزبير أنه عليه السلام ( كان يشير بإصبعه إذا دعا ولا يحركها ) وإلى هذا ذهب بعض العراقيين فمنع من تحريكها ، وبعض علمائنا رأوا أن مدها إشارة إلى دوام التوحيد وذهب أكثر العلماء من أصحاب مالك وغيرهم إلى تحريكها إلا أنهم اختلفوا في الموالاة بالتحريك على قولين ، تأول من والاه بأن قال : إن ذلك يذكر بموالاة الحضور في الصلاة ، وبأنها مقمعة ومدفعة للشيطان على ما روى سفيان ، ومن لم يوال رأى تحريكها عند التلفظ بكلمتي الشهادة وتأول في الحركة كأنها نطق بتلك الجارحة بالتوحيد والله أعلم .
الحادية والثلاثون : واختلفوا في جلوس المرأة في الصلاة فقال مالك هي كالرجل ولا تخالفه فيما بعد الإحرام إلا في اللباس والجهر وقال الثوري تسدل المرأة جلبابها من جانب واحد ورواه عن إبراهيم النخعي وقال أبو حنيفة وأصحابه تجلس المرأة كأيسر ما يكون لها وهو قول الشعبي تقعد كيف تيسر لها وقال الشافعي تجلس بأستر ما يكون لها .
الثانية والثلاثون : روى مسلم عن طاوس قال قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين ، فقال : ( هي السنة فقلنا له إنا لنراه جفاء بالرجل فقال ابن عباس بل هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم ) وقد اختلف العلماء في صفة الإقعاء فقال أبو عبيد : ( الإقعاء جلوس الرجل على أليتيه ناصبا فخذيه مثل إقعاء الكلب والسبع ) قال ابن عبد البر وهذا إقعاء مجتمع عليه لا يختلف العلماء فيه وهذا تفسير أهل اللغة وطائفة من أهل الفقه وقال أبو عبيد ، وأما أهل الحديث فإنهم يجعلون الإقعاء أن يجعل أليتيه على عقبيه بين السجدتين قال القاضي عياض والأشبه عندي في تأويل الإقعاء الذي قال فيه ابن عباس إنه من السنة الذي فسر به الفقهاء من وضع الأليتين على العقبين بين السجدتين وكذا جاء مفسرا عن ابن عباس من السنة أن تمس عقبك أليتك رواه إبراهيم بن ميسرة عن طاوس عنه ذكره أبو عمر قال القاضي وقد روي عن جماعة من السلف والصحابة أنهم كانوا يفعلونه ، ولم يقل بذلك عامة فقهاء الأمصار وسموه إقعاء .
ذكر عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه أنه رأى ابن عمر وابن عباس وابن الزبير يقعون بين السجدتين .
الثالثة والثلاثون : لم يختلف من قال من العلماء بوجوب التسليم وبعدم وجوبه أن التسليمة الثانية ليست بفرض ، إلا ما روي عن الحسن بن حي أنه أوجب التسليمتين معا .
قال أبو جعفر الطحاوي : لم نجد عن أحد من أهل العلم الذين ذهبوا إلى التسليمتين أن الثانية من فرائضها غيره .
قال ابن عبد البر : من حجة الحسن بن صالح في إيجابه التسليمتين جميعا - وقوله : إن من أحدث بعد الأولى ، وقبل الثانية فسدت صلاته - قوله صلى الله عليه وسلم : ( تحليلها التسليم ) .
ثم بين كيف التسليم فكان يسلم عن يمينه وعن يساره .
ومن حجة من أوجب التسليمة الواحدة دون الثانية قوله صلى الله عليه وسلم : ( تحليلها التسليم ) قالوا : والتسليمة الواحدة يقع عليها اسم تسليم .
قلت : هذه المسألة مبنية على الأخذ بأقل الاسم أو بآخره ، ولما كان الدخول في الصلاة بتكبيرة واحدة بإجماع فكذلك الخروج منها بتسليمة واحدة ، إلا أنه تواردت السنن الثابتة من حديث ابن مسعود - وهو أكثرها تواترا - ومن حديث وائل بن حجر الحضرمي وحديث عمار وحديث البراء بن عازب وحديث ابن عمر وحديث سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمتين .
روى ابن جريج وسليمان بن بلال وعبد العزيز بن محمد الدراوردي كلهم عن عمرو بن يحيى المازني عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان قال : قلت لابن عمر : حدثني عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كانت ؟ فذكر التكبير كلما رفع رأسه وكلما خفضه ، وذكر " السلام عليكم ورحمة الله " عن يمينه ، " السلام عليكم ورحمة الله " عن يساره .
قال ابن عبد البر : وهذا إسناد مدني صحيح ، والعمل المشهور بالمدينة التسليمة الواحدة ، وهو عمل قد توارثه أهل المدينة كابرا عن كابر ، ومثله يصح فيه الاحتجاج بالعمل في كل بلد ; لأنه لا يخفى لوقوعه في كل يوم مرارا .
وكذلك العمل بالكوفة وغيرها مستفيض عندهم بالتسليمتين ومتوارث عنهم أيضا .
وكل ما جرى هذا المجرى فهو اختلاف في المباح كالأذان ، وكذلك لا يروى عن عالم بالحجاز ولا بالعراق ولا بالشام ولا بمصر إنكار التسليمة الواحدة ولا إنكار التسليمتين بل ذلك عندهم معروف ، وحديث التسليمة الواحدة رواه سعد بن أبي وقاص وعائشة وأنس ، إلا أنها معلولة لا يصححها أهل العلم بالحديث .
الرابعة والثلاثون : روى الدارقطني عن ابن مسعود أنه قال : من السنة أن يخفي التشهد .
واختار مالك تشهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو : التحيات لله الزكيات لله الطيبات الصلوات لله ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
واختار الشافعي وأصحابه والليث بن سعد تشهد ابن عباس ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن ، فكان يقول : التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته .
السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله واختار الثوري والكوفيون وأكثر أهل الحديث تشهد ابن مسعود الذي رواه مسلم أيضا قال كنا نقول في الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام على الله السلام على فلان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إن الله هو السلام فإذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فإذا قالها أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم يتخير من المسألة ما شاء وبه قال أحمد وإسحاق وداود وكان أحمد بن خالد بالأندلس يختاره ويميل إليه وروي عن أبي موسى الأشعري مرفوعا وموقوفا نحو تشهد ابن مسعود ، وهذا كله اختلاف في مباح ليس شيء منه على الوجوب ، والحمد لله وحده فهذه جملة من أحكام الإمام والمأموم تضمنها قوله جل وعز واركعوا مع الراكعين وسيأتي القول في القيام في الصلاة عند قوله تعالى وقوموا لله قانتين .
ويأتي هناك حكم الإمام المريض وغيره من أحكام الصلاة ويأتي في " آل عمران " حكم صلاة المريض غير الإمام ويأتي في " النساء " في صلاة الخوف حكم المفترض خلف المتنفل ويأتي في سورة " مريم " حكم الإمام يصلي أرفع من المأموم إلى غير ذلك من الأوقات والأذان والمساجد ، وهذا كله بيان لقوله تعالى وأقيموا الصلاة وقد تقدم في أول السورة جملة من أحكامها ، والحمد لله على ذلك .

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)قال أبو جعفر: ذُكِر أن أحبارَ اليهود والمنافقين كانوا يأمرون الناس بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ولا يفعلونه، فأمرهم الله بإقام الصلاة مع المسلمين المصدِّقين بمحمد وبما جاء به، وإيتاء زكاة أموالهم معهم، وأن يخضعوا لله ولرسوله كما خضعوا.
839 - كما حُدِّثت عن عمار بن الحسن، قال: حدّثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن قتادة، في قوله: " وأقيموا الصلاةَ وآتُوا الزكاة "، قال: فريضتان واجبتان، فأدُّوهما إلى الله (86) .
وقد بينا معنى إقامة الصلاة فيما مضى من كتابنا هذا، فكرهنا إعادته (87) .
أما إيتاءُ الزكاة، فهو أداء الصدقة المفروضة.
وأصل الزَّكاة، نماءُ المال وتثميرُه وزيادتُه.
ومن ذلك قيل: زكا الزرع، إذا كثر ما أخرج الله منه.
وزَكتِ النَّفقة، إذا كثرتْ.
وقيل زكا الفَرْدُ، إذا صارَ زَوْجًا بزيادة الزائد عليه حتى صار به شفْعًا، كما قال الشاعر:كَانُوا خَسًا أو زَكًا مِنْ دُونِ أَرْبَعَةٍلَمْ يُخْلَقُوا, وَجُدُودُ النَّاسِ تَعْتَلجُ (88)وقال آخر:فَلا خَسًا عَدِيدُهُ وَلا زَكاكَمَا شِرَارُ الْبَقْلِ أَطْرَافُ السَّفَا (89)قال أبو جعفر: السفا شوك البُهْمَى، والبُهْمى الذي يكون مُدَوَّرًا في السُّلاء (90) .
يعني بقوله: " ولا زكا "، لم يُصَيِّرْهم شَفعًا من وَترٍ، بحدوثه فيهم (91) .
وإنما قيل للزكاة زكاة، وهي مالٌ يخرجُ من مال، لتثمير الله - بإخراجها مما أخرجت منه - ما بقي عند ربِّ المال من ماله.
وقد يحتمل أن تكون سُمِّيت زكاة، لأنها تطهيرٌ لما بقي من مال الرجل، وتخليص له من أن تكون فيه مَظْلمة لأهل السُّهْمان (92) ، كما قال جل ثناؤه مخبرًا عن نبيه موسى صلوات الله عليه: أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً [سورة الكهف: 74]، يعني بريئة من الذنوب طاهرة.
وكما يقال للرجل: هو عدل زَكِيٌّ - لذلك المعنى (93) .
وهذا الوجه أعجب إليّ - في تأويل زكاة المال - من الوجه الأوّل، وإن كان الأوّل مقبولا في تأويلها.
وإيتاؤها: إعطاؤُها أهلها.
وأما تأويل الرُّكوع، فهو الخضوع لله بالطاعة.
يقال منه: ركع فلانٌ لكذا وكذا، إذا خضع له، ومنه قول الشاعر:بِيعَتْ بِكَسْرٍ لَئِيمٍ وَاسْتَغَاثَ بِهَامِنَ الْهُزَالِ أَبُوهَا بَعْدَ مَا رَكَعَا (94)يعني: بعد مَا خضَع من شِدَّة الجهْد والحاجة.
قال أبو جعفر: وهذا أمرٌ من الله جل ثناؤه - لمن ذكر من أحبار بني إسرائيل ومنافقيها - بالإنابة والتوبة إليه، وبإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، والدخولِ مع المسلمين في الإسلام، والخضوع له بالطاعة؛ ونهيٌ منه لهم عن كتمان ما قد علموه من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، بعد تظاهر حججه عليهم، بما قد وصفنا قبل فيما مضى من كتابنا هذا، وبعد الإعذار إليهم والإنذارِ، وبعد تذكيرهم نعمه إليهم وإلى أسلافهم تعطُّفًا منه بذلك عليهم، وإبلاغًا في المعذرة (95) .
--------------الهوامش :(86) الأثر : 839- لم أجده في مكان .
(87) انظر ما مضى ص : 241-242 .
(88) اللسان (خسا) ، وفيه : "الفراء : العرب تقول للزوج زكا ، وللفرد خسا .
.
.
قال ، وأنشدتني الدبيرية .
.
.
" وأنشد البيت .
وتعتلج : تصطرع ويمارس بعضها بعضا .
(89) لرجل من بني سعد ، ثم أحد بني الحارث في عمرو بن كعب بن سعد .
وهذا الرجز في خبر للأغلب العجلي ، (طبقات فحول الشعراء : 572 / ومعجم الشعراء : 490 / والأغاني 18 : 164) ورواية الطبقات والأغاني : "كما شرار الرعى" .
والرعى (بكسر فسكون) : الكلأ نفسه ، والمرعى أيضًا .
والسفا : شوط البهمي والسنبل وكل شيء له شوك .
يقول : أنت في قومك كالسفا في البهمي ، هو شرها وأخبثها .
والبيت الأول زيادة ليست في المراجع المذكورة .
(90) البهمي : من أحرار البقول ، (وهي ما رق منها ورطب وأكل غير مطبوخ) ، تنبت كما ينبت الحب ، ثم يبلغ بها النبت إلى أن تصير مثل الحب ، ترتفع قدر الشبر ، ونباتها ألطف من نبات البر ، وطعمها طعم الشعير ، ويخرج لها إذا يبست شوك مثل شوك السنبل ، (وهو السفا) ، وإذا وقع في أنوف الإبل أنفت منه ، حتى ينزعه الناس من أفواهها وأنوفها .
وفي المطبوعة : "في السلى" بتشديد الياء ، وفي المخطوطة"في السلى" بضم السين وتشديد اللام .
والصواب ما أثبته ، والسلاء جمع سلاءة ، وهي شوكة النخلة ، وأراد بها سفا البهمي أي شوكها .
(91) قوله : "بحدوثه فيهم" ، أي بوجوده في هؤلاء القوم .
والعديد (في الرجز) ، من قولهم فلان عديد بني فلان : أي يعد فيهم وليس منهم : يريد أنه إذا دخل في قوم لم يعد فيهم شيئًا ، فإذا كانوا شفعًا ، لم يصيرهم دخوله وترًا ، وإذا كانوا وترًا لم يصيرهم شفعًا ، فهو كلا شيء في العدد .
يهجوه ويستسقطه .
(92) السهمان جمع سهم ، كالسهام : وهو النصيب والحظ .
(93) في المطبوعة : "بذلك المعنى" وليست بشيء .
(94) هذا البيت من أبيات لعصام بن عبيد الزماني (من بني زمان بن مالك بن صعب بن علي بن بكر بن وائل) رواها أبو تمام في الوحشيات رقم 130 (مخطوطة عندي) ، ورواها الجاحظ في الحيوان 4 : 281 ، وجاء فيه : "قال الزيادي" وهو تحريف وتصحيف كما ترى .
وهذه الأبيات من مناقضة كانت بين الزماني ويحيى بن أبي حفصة .
وذلك أن يحيى تزوج بنت طلبة بن قيس بن عاصم المنقري فهاجاه عصام الزماني وقال :أَرَى حَجْرًا تغيَّر واقشعرَّاوبُدِّل بعد حُلْو العيش مُرًّافأجابه يحيى بأبيات منها :ألا مَنْ مُبلغٌ عنِّى عِصَامًابأَنِّي سَوْفَ أَنْقُضُ مَا أَمرَّاهكذا روى المرزباني في معجم الشعراء : 270 ، وروى أبو الفرج في أغانيه 10 : 75 أن يحيى خطب إلى مقاتل بن طلبة المنقري ابنته وأختيه ، فأنعم له بذلك .
فبعث يحيى إلى بنيه سليمان وعمر وجميل ، فأتوه فزوجهن بنيه الثلاثة ، ودخلوا بهن ثم حملوهن إلى حجر ، (وهو مكان) .
وأبيات عصام الزماني ، ونقيضتها التي ناقضه بها يحيى ، من جيد الشعر ، فاقرأها في الوحشيات ، والحيوان ، والشعر والشعراء : 740 ، ورواية الحيوان والوحشيات"بِيعَتْ بوَكْسٍ قَليلٍ واسْتَقَلَّ بِهَا"الوكس : اتضاع الثمن في البيع .
وفي المخطوطة والمطبوعة"بكسر لئيم" ، وهو تحريف لا معنى له ، وأظن الصواب ما أثبت اجتهادًا .
والكسر : أخس القليل .
وقوله : "بيعت" الضمير لابنة مقاتل بن طلبة المنقري التي تزوجها يحيى أو أحد بنيه .
يقول : باعها أبوها بثمن بخس دنئ خسيس ، فزوجها مستغيثًا ببيعها مما نزل به من الجهد والفاقة ، فزوجها هذا الغنى اللئيم الدنيء ، ليستعين بمهرها .
(95) في المطبوعة : "وإبلاغا إليهم .
.
.
" بالزيادة .

﴿ وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين ﴾

قراءة سورة البقرة

المصدر : تفسير : وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين