قل - أيها الرسول - لمن أُرسلتَ إليهم: ما أُخوِّفكم من العذاب إلا بوحي من الله، وهو القرآن، ولكن الكفار لا يسمعون ما يُلقى إليهم سماع تدبر إذا أُنذِورا، فلا ينتفعون به.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«قل» لهم «إنما أنذركم بالوحي» من الله لا من قبل نفسي «ولا يسمع الصم الدعاء إذا» بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية بينها وبين الياء «ما ينذرون» هم لتركهم العمل بما سمعوه من الإنذار كالصم.
﴿ تفسير السعدي ﴾
أي: قُلْ ْ يا محمد، للناس كلهم: إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ ْ أي: إنما أنا رسول، لا آتيكم بشيء من عندي، ولا عندي خزائن الله، ولا أعلم الغيب، ولا أقول إني ملك، وإنما أنذركم بما أوحاه الله إلي، فإن استجبتم، فقد استجبتم لله، وسيثيبكم على ذلك، وإن أعرضتم وعارضتم، فليس بيدي من الأمر شيء، وإنما الأمر لله، والتقدير كله لله. وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ ْ أي: الأصم لا يسمع صوتا، لأن سمعه قد فسد وتعطل، وشرط السماع مع الصوت، أن يوجد محل قابل لذلك، كذلك الوحي سبب لحياة القلوب والأرواح، وللفقه عن الله، ولكن إذا كان القلب غير قابل لسماع الهدى، كان بالنسبة للهدى والإيمان، بمنزلة الأصم، بالنسبة إلى الأصوات فهؤلاء المشركون، صم عن الهدى، فلا يستغرب عدم اهتدائهم، خصوصا في هذه الحالة، التي لم يأتهم العذاب، ولا مسهم ألمه.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( قل إنما أنذركم بالوحي ) أي أخوفكم بالقرآن ، ( ولا يسمع الصم الدعاء ) قرأ ابن عامر بالتاء وضمها وكسر الميم ، " الصم " نصب ، جعل الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، وقرأ الآخرون بالياء وفتحها وفتح الميم ، " الصم " رفع ، ( إذا ما ينذرون ) يخوفون .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم أمر الله- تعالى- رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يوجه إلى هؤلاء المشركين إنذارا حاسما، فقال- تعالى-: قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ ...أى: قل يا محمد لهؤلاء المشركين: إنى بعد أن بينت لكم ما بينت من هدايات وإرشادات أنذركم عن طريق الوحى الصادق، بأن الساعة آتية لا ريب فيها، فلا تستعجلوا ذلك فكل آت قريب، وسترون فيها ما ترون من أهوال وعذاب.وقوله وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ توبيخ لهم وتجهيل.أى: ولا يسمع الصم دعاء من يدعوهم إلى ما ينفعهم، ولا يلتفتون إلى إنذار من ينذرهم وذلك لكمال جهلهم، وشدة عنادهم، وانطماس بصائرهم.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
وقوله : ( قل إنما أنذركم بالوحي ) أي : إنما أنا مبلغ عن الله ما أنذركم به من العذاب والنكال ، ليس ذلك إلا عما أوحاه الله إلي ، ولكن لا يجدي هذا عمن أعمى الله بصيرته ، وختم على سمعه وقلبه; ولهذا قال : ( ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون ) .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : قل إنما أنذركم بالوحي أي أخوفكم وأحذركم بالقرآن . ولا يسمع الصم الدعاء أي من أصم الله قلبه ، وختم على سمعه ، وجعل على بصره غشاوة ، عن فهم الآيات وسماع الحق . وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي ومحمد بن السميقع ( ولا يسمع ) بياء مضمومة وفتح الميم على ما لم يسم فاعله ( الصم ) رفعا أي إن الله لا يسمعهم . وقرأ ابن عامر والسلمي أيضا ، وأبو حيوة ويحيى بن الحارث ( ولا تسمع ) بتاء مضمومة وكسر الميم ( الصم ) نصبا ؛ أي إنك يا محمد لا تسمع الصم الدعاء ؛ فالخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - . ورد هذه القراءة بعض أهل اللغة . وقال : وكان يجب أن يقول : إذا ما تنذرهم . قال النحاس : وذلك جائز ؛ لأنه قد عرف المعنى .
﴿ تفسير الطبري ﴾
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء القائلين فليأتنا بآية كما أرسل الأولون: إنما أنذركم أيها القوم بتنزيل الله الذي يوحيه إلى من عنده، وأخوّفكم به بأسه.كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ ) أي بهذا القرآن.وقوله ( وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الأمصار: (ولا يسمع بفتح الياء من ( يَسْمَعُ) بمعنى أنه فعل للصمّ، والصمّ حينئذ من فرعون ، ورُوي عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه كان يقرأ ( ولا تُسْمعُ ) بالتاء وضمها، فالصمّ على هذه القراءة مرفوعة، لأن قوله ( ولا تُسْمِعُ ) لم يسمّ فاعله، ومعناه على هذه القراءة: ولا يسمع الله الصمّ الدعاء.قال أبو جعفر: والصواب من القراءة عندنا في ذلك ما عليه قرّاء الأمصار لإجماع الحجة من القرّاء عليه، ومعنى ذلك: ولا يصغي الكافر بالله بسمع قلبه إلى تذكر ما في وحي الله من المواعظ والذكر، فيتذكر به ويعتبر، فينزجر عما هو عليه مقيم من ضلاله إذا تُلي عليه وأُريد به، ولكنه يعرض عن الاعتبار به والتفكر فيه، فعل الأصمّ الذي لا يسمع ما يقال له فيعمل به.وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ ) يقول: إن الكافر قد صمّ عن كتاب الله لا يسمعه، ولا ينتفع به ولا يعقله، كما يسمعه المؤمن وأهل الإيمان.
﴿ قل إنما أنذركم بالوحي ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون ﴾