القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 49 سورة القمر - إنا كل شيء خلقناه بقدر

سورة القمر الآية رقم 49 : سبع تفاسير معتمدة

سورة إنا كل شيء خلقناه بقدر - عدد الآيات 55 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 49 من سورة القمر عدة تفاسير - سورة القمر : عدد الآيات 55 - - الصفحة 530 - الجزء 27.

سورة القمر الآية رقم 49


﴿ إِنَّا كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَٰهُ بِقَدَرٖ ﴾
[ القمر: 49]

﴿ التفسير الميسر ﴾

إنَّا كل شيء خلقناه بمقدار قدرناه وقضيناه، وسبق علمنا به، وكتابتنا له في اللوح المحفوظ.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«إنا كل شيء» منصوب بفعل يفسره «خلقناه بقدر» بتقدير حال من كل أي مقدرا وقرئ كل بالرفع مبتدأ خبره خلقناه.

﴿ تفسير السعدي ﴾

إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ وهذا شامل للمخلوقات والعوالم العلوية والسفلية، أن الله تعالى وحده خلقها لا خالق لها سواه، ولا مشارك له في خلقهاوخلقها بقضاء سبق به علمه، وجرى به قلمه، بوقتها ومقدارها، وجميع ما اشتملت عليه من الأوصاف، وذلك على الله يسير،

﴿ تفسير البغوي ﴾

( إنا كل شيء خلقناه بقدر ) أي : ما خلقناه فمقدور ومكتوب في اللوح المحفوظ ، قال الحسن : قدر الله لكل شيء من خلقه قدره الذي ينبغي له .
أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين القرشي ، أخبرنا أبو مسلم غالب بن علي الرازي ، أخبرنا أبو [ معشر ] يعقوب بن عبد الجليل بن يعقوب ، حدثنا أبو يزيد حاتم بن محبوب ، أخبرنا أحمد بن نصر النيسابوري ، أخبرنا عبد الله بن الوليد العدني ، أخبرنا الثوري عن زياد بن إسماعيل السهمي عن محمد بن عباد المخزومي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : جاءت مشركو قريش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يخاصمونه في القدر فنزلت هذه الآية : " إن المجرمين في ضلال وسعر " إلى قوله : " إنا كل شيء خلقناه بقدر " .
أخبرنا أبو الحسن علي بن يوسف الجويني ، أخبرنا أبو محمد محمد بن علي بن محمد بن شريك الشافعي الخدشاهي ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن مسلم أبو بكر الجوربذي ، أخبرنا يونس بن عبد الأعلى الصدفي ، أخبرنا عبد الله بن وهب ، أخبرني أبو هانئ الخولاني عن أبي عبد الرحمن [ الحبلي ] عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ، قال : وكان عرشه على الماء " .
أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أخبرنا زاهر بن أحمد ، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي ، أخبرنا أبو مصعب عن مالك عن زياد بن سعد عن عمرو بن مسلم عن طاوس اليماني قال : أدركت ناسا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولون : " كل شيء بقدر الله " ، قال : وسمعت عبد الله بن [ عمر ] - رضي الله عنه - يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ، أو الكيس والعجز " .
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيبابي ، أخبرنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة ، أخبرنا يعلى بن عبيد ، [ وعبيد الله ] بن موسى وأبو نعيم عن سفيان عن منصور عن ربعي بن حراش عن رجل عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع : يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله بعثني بالحق ، ويؤمن بالبعث بعد الموت ، ويؤمن بالقدر - زاد [ عبيد الله ] : خيره وشره " .
ورواه أبو داود عن شعبة عن منصور وقال : عن ربعي عن علي ولم يقل : عن رجل ، وهذا أصح .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك مظاهر كمال قدرته وحكمته فقال: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ.
وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ.
وقوله: كُلَّ منصوب بفعل يفسره ما بعده، والقدر: ما قدره الله- تعالى- على عباده، حسب ما تقتضيه حكمته ومشيئته.
أى: إنا خلقنا كل شيء في هذا الكون، بتقدير حكيم، وبعلم شامل، وبإرادة تامة وبتصريف دقيق لا مجال معه للعبث أو الاضطراب، كما قال- تعالى-: وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ، وكما قال- سبحانه-: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ، وكما قال- عز وجل-: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً.
قال الإمام ابن كثير ما ملخصه: وقد استدل بهذه الآية الكريمة أئمة السنة، على إثبات قدر الله السابق لخلقه، وهو علمه بالأشياء قبل كونها.
وردوا بهذه الآية وبما شاكلها، وبما ورد في معناها من أحاديث على الفرقة القدرية، الذين ظهروا في أواخر عصر الصحابة.
ومن ذلك ما أخرجه الإمام أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجة عن أبى هريرة قال: جاء مشركوا قريش يخاصمون رسول الله صلى الله عليه وسلم في القدر، فنزلت: يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ، إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ .
والباء في قوله بِقَدَرٍ للملابسة.
أى: خلقناه ملتبسا بتقدير حكيم، اقتضته سنتنا ومشيئتنا في وقت لا يعلمه أحد سوانا .
.
.

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

وقوله : ( إنا كل شيء خلقناه بقدر ) ، كقوله : ( وخلق كل شيء فقدره تقديرا ) [ الفرقان : 2 ] وكقوله : ( سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى ) [ الأعلى : 1 - 3 ] أي : قدر قدرا ، وهدى الخلائق إليه ; ولهذا يستدل بهذه الآية الكريمة أئمة السنة على إثبات قدر الله السابق لخلقه ، وهو علمه الأشياء قبل كونها وكتابته لها قبل برئها ، وردوا بهذه الآية وبما شاكلها من الآيات ، وما ورد في معناها من الأحاديث الثابتات على الفرقة القدرية الذين نبغوا في أواخر عصر الصحابة . وقد تكلمنا على هذا المقام مفصلا وما ورد فيه من الأحاديث في شرح " كتاب الإيمان " من " صحيح البخاري " رحمه الله ، ولنذكر هاهنا الأحاديث المتعلقة بهذه الآية الكريمة :قال أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان الثوري ، عن زياد بن إسماعيل السهمي ، عن محمد بن عباد بن جعفر ، عن أبي هريرة قال : جاء مشركو قريش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يخاصمونه في القدر ، فنزلت : ( يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر ) .وهكذا رواه مسلم والترمذي وابن ماجه ، من حديث وكيع ، عن سفيان الثوري ، به .وقال البزار : حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا الضحاك بن مخلد ، حدثنا يونس بن الحارث ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : ما نزلت هذه الآيات : ( إن المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر ) ، إلا في أهل القدر .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا سهل بن صالح الأنطاكي ، حدثني قرة بن حبيب ، عن كنانة حدثنا جرير بن حازم ، عن سعيد بن عمرو بن جعدة ، عن ابن زرارة ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه تلا هذه الآية : ( ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر ) ، قال : " نزلت في أناس من أمتي يكونون في آخر الزمان يكذبون بقدر الله " .وحدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا مروان بن شجاع الجزري ، عن عبد الملك بن جريج ، عن عطاء بن أبي رباح ، قال : أتيت ابن عباس وهو ينزع من زمزم ، وقد ابتلت أسافل ثيابه ، فقلت له : قد تكلم في القدر . فقال : أو [ قد ] فعلوها ؟ قلت : نعم . قال : فوالله ما نزلت هذه الآية إلا فيهم : ( ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر ) ، أولئك شرار هذه الأمة ، فلا تعودوا مرضاهم ولا تصلوا على موتاهم ، إن رأيت أحدا منهم فقأت عينيه بأصبعي هاتين .وقد رواه الإمام أحمد من وجه آخر ، وفيه مرفوع ، فقال :حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا الأوزاعي ، عن بعض إخوته ، عن محمد بن عبيد المكي ، عن عبد الله بن عباس ، قال : قيل له : إن رجلا قدم علينا يكذب بالقدر فقال : دلوني عليه - وهو أعمى - قالوا : وما تصنع به يا أبا عباس قال : والذي نفسي بيده لئن استمكنت منه لأعضن أنفه حتى أقطعه ، ولئن وقعت رقبته في يدي لأدقنها ; فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " كأني بنساء بني فهر يطفن بالخزرج ، تصطفق ألياتهن مشركات ، هذا أول شرك هذه الأمة ، والذي نفسي بيده لينتهين بهم سوء رأيهم حتى يخرجوا الله من أن يكون قدر خيرا ، كما أخرجوه من أن يكون قدر شرا " .ثم رواه أحمد عن أبي المغيرة ، عن الأوزاعي ، عن العلاء بن الحجاج ، عن محمد بن عبيد ، فذكر مثله . لم يخرجوه .وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن يزيد ، حدثنا سعيد بن أبي أيوب ، حدثني أبو صخر ، عن نافع قال : كان لابن عمر صديق من أهل الشام يكاتبه ، فكتب إليه عبد الله بن عمر : إنه بلغني أنك تكلمت في شيء من القدر ، فإياك أن تكتب إلي ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " سيكون في أمتي أقوام يكذبون بالقدر " .رواه أبو داود ، عن أحمد بن حنبل ، به .وقال أحمد : حدثنا أنس بن عياض ، حدثنا عمر بن عبد الله مولى غفرة ، عن عبد الله بن عمر ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لكل أمة مجوس ، ومجوس أمتي الذين يقولون : لا قدر . إن مرضوا فلا تعودوهم ، وإن ماتوا فلا تشهدوهم " .لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة من هذا الوجه .وقال أحمد : حدثنا قتيبة ، حدثنا رشدين ، عن أبي صخر حميد بن زياد ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " سيكون في هذه الأمة مسخ ، ألا وذاك في المكذبين بالقدر والزنديقية " .ورواه الترمذي وابن ماجه ، من حديث أبي صخر حميد بن زياد ، به . وقال الترمذي : حسن صحيح غريب .وقال أحمد : حدثنا إسحاق بن الطباع ، أخبرني مالك ، عن زياد بن سعد ، عن عمرو بن مسلم ، عن طاوس اليماني قال : سمعت ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كل شيء بقدر ، حتى العجز والكيس " .ورواه مسلم منفردا به ، من حديث مالك .وفي الحديث الصحيح : " استعن بالله ولا تعجز ، فإن أصابك أمر فقل : قدر الله وما شاء فعل ، ولا تقل : لو أني فعلت لكان كذا ، فإن لو تفتح عمل الشيطان " .وفي حديث ابن عباس : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له : " واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء ، لم يكتبه الله لك ، لم ينفعوك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء ، لم يكتبه الله عليك ، لم يضروك . جفت الأقلام وطويت الصحف " .وقال الإمام أحمد : حدثنا الحسن بن سوار ، حدثنا الليث ، عن معاوية ، عن أيوب بن زياد ، حدثني عبادة بن الوليد بن عبادة ، حدثني أبي قال : دخلت على عبادة وهو مريض أتخايل فيه الموت ، فقلت : يا أبتاه ، أوصني واجتهد لي . فقال : أجلسوني . فلما أجلسوه قال : يا بني ، إنك لما تطعم طعم الإيمان ، ولم تبلغ حق حقيقة العلم بالله ، حتى تؤمن بالقدر خيره وشره . قلت : يا أبتاه ، وكيف لي أن أعلم ما خير القدر وشره ؟ قال : تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وما أصابك لم يكن ليخطئك . يا بني ، إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن أول ما خلق الله القلم . ثم قال له : اكتب . فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة " يا بني ، إن مت ولست على ذلك دخلت النار .ورواه الترمذي عن يحيى بن موسى البلخي ، عن أبي داود الطيالسي ، عن عبد الواحد بن سليم ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن الوليد بن عبادة ، عن أبيه ، به . وقال : حسن صحيح غريب .وقال سفيان الثوري ، عن منصور ، عن ربعي بن خراش ، عن رجل ، عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع : يشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، بعثني بالحق ، ويؤمن بالموت ، ويؤمن بالبعث بعد الموت ، ويؤمن بالقدر خيره وشره " .وكذا رواه الترمذي من حديث النضر بن شميل ، عن شعبة ، عن منصور ، به . ورواه من حديث أبي داود الطيالسي ، عن شعبة ، عن منصور ، عن ربعي ، عن علي ، فذكره وقال : " هذا عندي أصح " . وكذا رواه ابن ماجه من حديث شريك ، عن منصور ، عن ربعي ، عن علي ، به .وقد ثبت في صحيح مسلم من رواية عبد الله بن وهب وغيره ، عن أبي هانئ الخولاني ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة " زاد ابن وهب : ( وكان عرشه على الماء ) [ هود : 7 ] . ورواه الترمذي وقال : حسن صحيح غريب .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

الثانية : قوله تعالى : إنا كل شيء قراءة العامة كل بالنصب .
وقرأ أبو السمال " كل " بالرفع على الابتداء .
ومن نصب فبإضمار فعل وهو اختيار الكوفيين ; لأن " إن " تطلب الفعل فهي به أولى ، والنصب أدل على العموم في المخلوقات لله تعالى ; لأنك لو حذفت " خلقناه " المفسر وأظهرت الأول لصار إنا خلقنا كل شيء بقدر .
ولا يصح كون خلقناه صفة لشيء ; لأن الصفة لا تعمل فيما قبل الموصوف ، ولا تكون تفسيرا لما يعمل فيما قبله .
الذي عليه أهل السنة أن الله سبحانه قدر الأشياء ; أي علم مقاديرها وأحوالها وأزمانها قبل إيجادها ، ثم أوجد منها ما سبق في علمه أنه يوجده على نحو ما سبق في علمه ، فلا يحدث حدث في العالم العلوي والسفلي إلا وهو صادر عن علمه تعالى وقدرته وإرادته دون خلقه ، وأن الخلق ليس لهم فيها إلا نوع اكتساب ومحاولة ونسبة وإضافة ، وأن ذلك كله إنما حصل لهم بتيسير الله تعالى وبقدرته وتوفيقه وإلهامه ، سبحانه لا إله إلا هو ، ولا خالق غيره ; كما نص عليه القرآن والسنة ، لا كما قالت القدرية وغيرهم من أن الأعمال إلينا والآجال بيد غيرنا .
قال أبو ذر رضي الله عنه : قدم وفد نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : الأعمال إلينا والآجال بيد غيرنا ; فنزلت هذه الآيات إلى قوله : إنا كل شيء خلقناه بقدر فقالوا : يا محمد يكتب علينا الذنب ويعذبنا ؟ فقال : أنتم خصماء الله يوم القيامة .
روى أبو الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن مجوس هذه الأمة المكذبون بأقدار الله إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم وإن لقيتموهم فلا تسلموا عليهم .
خرجه ابن ماجه في سننه .
وخرج أيضا عن ابن عباس وجابر قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صنفان من أمتي ليس لهم في الإسلام نصيب : أهل الإرجاء والقدر .
وأسند النحاس : وحدثنا إبراهيم بن شريك الكوفي قال حدثنا عقبة بن مكرم الضبي قال حدثنا يونس بن بكير عن سعيد بن ميسرة عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : القدرية الذين يقولون الخير والشر بأيدينا ليس لهم في شفاعتي نصيب ولا أنا منهم ولا هم مني .
وفي صحيح مسلم أن ابن عمر تبرأ منهم ولا يتبرأ إلا من كافر ، ثم أكد هذا بقوله : والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر .
وهذا مثل قوله تعالى في المنافقين : وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله وهذا واضح .
وقال أبو هريرة : قال النبي صلى الله عليه وسلم : الإيمان بالقدر يذهب الهم والحزن .

﴿ تفسير الطبري ﴾

وقوله ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) يقول تعالى ذكره: إنا خلقنا كل شيء بمقدار قدرناه وقضيناه, وفي هذا بيان, أن الله جلّ ثناؤه, توعد هؤلاء المجرمين على تكذيبهم في القدر مع كفرهم به.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس بن عبد الأعلى, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: ثنا هشام بن سعد, عن أبي ثابت, عن إبراهيم بن محمد, عن أبيه, عن ابن عباس أنه كان يقول: إني أجد في كتاب الله قوما يسحبون في النار على وجوههم, يقال لهم ( ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ ) لأنهم كانوا يكذّبون بالقَدَرِ, وإني لا أراهم, فلا أدري أشيء كان قبلنا, أم شيء فيما بقي.
حدثنا ابن بشار وابن المثنى, قالا ثنا عبد الرحمن بن مهدي, قال: ثنا سفيان, عن زياد بن إسماعيل السَّهْمِيّ, عن محمد بن عباد بن جعفر, عن أبي هريرة أن مشركي قريش خاصمت النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في القَدَر, فأنزل الله ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) .
حدثنا ابن بشار وابن المثنى وأبو كُرَيب, قالوا: ثنا وكيع بن الجرّاح, قال: ثنا سفيان, عن زياد بن إسماعيل السَّهميّ, عن محمد بن عباد بن جعفر المخزوميّ, عن أبي هريرة, قال: جاء مشركو قريش إلى النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يخاصمونه في القَدَرِ, فنزلت ( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ) .
حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا أبو عاصم, عن سفيان, عن زياد بن إسماعيل السهمي, عن محمد بن عباد بن جعفر المخزوميّ, عن أبى هريرة, بنحوه .
حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا حصين, عن سعد بن عبيدة, عن أبي عبد الرحمن السُّلَميّ, قال: ولما نزلت هذه الآية ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) قال رجل: يا رسول الله ففيم العمل؟ أفي شيء نستأنفه, أو في شيء قد فرغ منه؟ قال: فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: اِعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلقَ لَهُ, سنُيسِّرُهُ للْيُسْرَى, وَسَنُيَسِّرُهُ للعُسْرَى ".
حدثنا ابن أبي الشوارب, قال: ثنا عبد الواحد بن زياد, قال: ثنا خصيف, قال: سمعت محمد بن كعب القرظيّ يقول: لما تكلم الناس في القَدَرِ نظرت, فإذا هذه الآية أنزلت فيهم ( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ) .
.
.
إلى قوله ( خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) .
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو عاصم ويزيد بن هارون, قالا ثنا سفيان, عن سالم, عن محمد بن كعب, قال: ما نزلت هذه الآية إلا تعبيرا لأهل القدر (ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) .
حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن سالم بن أبي حفصة, عن محمد بن كعب القُرَظي ( ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ ) قال: نزلت تعييرا لأهل القَدَرِ.
قال : ثنا مهران, عن سفيان, عن زياد بن إسماعيل السَّهمي, عن محمد بن عباد بن جعفر المخزوميّ, عن أبي هريرة, قال: جاء مشركو قريش إلى النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يخاصمونه في القدر, فنزلت ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) .
قال: ثنا مهران, عن حازم, عن أسامة, عن محمد بن كعب القُرَظِيّ مثله.
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) قال: خلق الله الخلق كلهم بقدر, وخلق لهم الخير والشرّ بقدر, فخير الخير السعادة, وشرّ الشرّ الشقاء, بئس الشرّ الشقاء .
واختلف أهل العربية في وجه نصب قوله ( كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) فقال بعض نحويي البصرة: نصب كلّ شيء في لغة من قال: عبد الله ضربته; قال: وهي في كلام العرب كثير.
قال: وقد رفعت كلّ في لغة من رفع, ورفعت على وجه آخر.
قال ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) فجعل خلقناه من صفة الشيء; وقال غيره: إنما نصب كل لأن قوله خلقناه فعل, لقوله (إِنَّا), وهو أولى بالتقديم إليه من المفعول, فلذلك اختير النصب, وليس قيل عبد الله في قوله: عبد الله ضربته شيء هو أولى بالفعل, وكذلك إنا طعامك, أكلناه الاختيارُ النصب لأنك تريد: إنا أكلنا طعامك الأكل, أولى بأنا من الطعام.
قال: وأما قول من قال: خلقناه وصف للشيء فبعيد, لأن المعنى: إنا خلقناه كلّ شيء بقدر, وهذا القول الثاني أولى بالصواب عندي من الأوّل للعلل التي ذكرت لصاحبها.

﴿ إنا كل شيء خلقناه بقدر ﴾

قراءة سورة القمر

المصدر : تفسير : إنا كل شيء خلقناه بقدر