فإنك -أيها الرسول- لا تسمع من مات قلبه، أو سدَّ أذنه عن سماع الحق، فلا تجزع ولا تحزن على عدم إيمان هؤلاء المشركين بك، فإنهم كالصم والموتى لا يسمعون، ولا يشعرون ولو كانوا حاضرين، فكيف إذا كانوا غائبين عنك مدبرين؟
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«فإنك لا تُسمع الموتى ولا تُسمع الصم الدعاء إذا» بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية بينها وبين الياء «ولَّوْا مدبرين».
﴿ تفسير السعدي ﴾
وهؤلاء لا ينفع فيهم وعظ ولا زجر فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ وبالأولى إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ فإن الموانع قد توفرت فيهم عن الانقياد والسماع النافع كتوفر هذه الموانع المذكورة عن سماع الصوت الحسي.
﴿ تفسير البغوي ﴾
"فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين".
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم سلى- سبحانه- نبيه عما لحقه منهم من أذى، بعد أن ذكر له جانبا من تقلب أحوالهم، فقال- تعالى-: فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى، وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ. أى: فاصبر- أيها الرسول- لحكم ربك، واثبت على ما أنت عليه من حق فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى إذا ناديتهم وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إذا ما دعوتهم أو وعظتهم.وقوله إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ بيان لإعراضهم عن الحق، بعد بيان كونهم كالأموات وكالصم.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
قول تعالى : كما أنك ليس في قدرتك أن تسمع الأموات في أجداثها ، ولا تبلغ كلامك الصم الذين لا يسمعون ، وهم مع ذلك مدبرون عنك ، كذلك لا تقدر على هداية العميان عن الحق ، وردهم عن ضلالتهم ، بل ذلك إلى الله تعالى ، فإنه بقدرته يسمع الأموات أصوات الأحياء إذا شاء ، ويهدي من يشاء ، ويضل من يشاء ، وليس ذلك لأحد سواه; ولهذا قال :
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرينقوله تعالى : فإنك لا تسمع الموتى أي وضحت الحجج يا محمد ; لكنهم لإلفهم تقليد الأسلاف في الكفر ماتت عقولهم وعميت بصائرهم ، فلا يتهيأ لك إسماعهم وهدايتهم . وهذا رد على القدرية .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52)يقول تعالى ذكره: (فَإنَّكَ) يا محمد، (لا تُسْمِعُ المَوتَى) يقول: لا تجعل لهم أسماعا يفهمون بها عنك ما تقول لهم، وإنما هذا مثل معناه: فإنك لا تقدر أن تفهم هؤلاء المشركين، الذين قد ختم الله على أسماعهم، فسلبهم فهم ما يُتلى عليهم من مواعظ تنزيله، كما لا تقدر أن تفهم الموتى الذين قد سلبهم الله أسماعهم، بأن تجعل لهم أسماعا.وقوله: (وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ) يقول: وكما لا تقدر أن تُسمع الصمّ الذين قد سلبوا السمع -الدعاء، إذا هم ولوا عنك مدبرين، كذلك لا تقدر أن توفق هؤلاء الذين قد سلبهم الله فهم آيات كتابه، لسماع ذلك وفهمه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله: (فَإنَّكَ لا تُسْمِعُ المَوْتَى) : هذا مثل ضربه الله للكافر، فكما لا يسمع الميت الدعاء، كذلك لا يسمع الكافر، (وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) يقول: لو أن أصمَّ ولى مدبرا ثم ناديته لم يسمع، كذلك الكافر لا يسمع، ولا ينتفع بما يسمع.
﴿ فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين ﴾